المقاصد والقضايا المتجددة

 

 

اعداد : الاستاذ طالب بن محفوظ                  

    صحيفة عكاظ

 

د.عبدالله المحفوظ بن بيه  *

 

بحر المقاصد لا يزال زاخرا يتجدد عطاؤه وبخاصة في القضايا المتجددة، وذلك في اتجاهين  
قضايا لم يقم موجبها في الزمن الماضي، ولم تظهر الحاجة إليها: فقام في هذا الزمان كما أشار إليه الشاطبي في إحداث الصحابة أحكاما في قضايا لم يكن مقتضاها قائما في زمنه عليه الصلاة والسلام ولم يكن من نوازل زمانه كما يقول الشاطبي، كجمع المصحف وتدوين العلم وتضمين الصناع ــ حسب عبارته  
وقضايا قام موجبها فاختلف فيها العلماء، لكن مقتضيات رجحان المصالح أو ترجح المفاسد في هذا الزمان اقتضت الأخذ بالقول المرجوح  
وهذا مذهب واضح وطريق لاحب نجده عند العلماء من مختلف المذاهب يأخذون زمانا بقول هو أرجح من حيث الدليل والأخذ به عزيمة واحتياط، ثم يهجرونه في وقت لاحق لعموم البلوى وعسر الاحتراز والمشقة وفوات المصلحة ودرء المفسدة  
كما فعل الأحناف في أخذهم ردحا من الزمن بقول الأئمة، وعدلوا عن ذلك لمقتضيات الزمان، كجواز الاستئجار على تعليم القرآن والعلوم الشرعية، وإجازتهم امتناع المرأة من الارتحال مع زوجها؛ لأن أهل الزمان قد فسدوا، والكثير من قضاياهم من هذا النوع، وجعلوا بعض الخلاف خلاف زمان لا اختلاف دليل وبرهان 
أما المالكية فإنهم أصلوا لقاعدة جريان العمل فراجعوا مذهب مالك على ضوئها في بلاد الغرب الإسلامي، فكان لكل قطر عمل يختلف فيه عن عمل القطر المجاور كعمل فاس وقرطبة وتونس، فأعملوا ضعيف الأقوال وأهملوا راجحها إذا ترجحت المصالح وماسوا مع رياح المقاصد الغوادي والروائح، وحكموا بتقديم الضعيف على القول الصحيح لعروض سبب من جلب مصلحة أو درء مفسدة.


*
نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 


 

Comments are closed.