رجل وهب لأبنائه دون بناته

السؤال
رَجُلٌ وَهَبَ أَرضاً واسِعَةً تَضُمُ الكَثِيرَ مِن المَزارِعِ لأَبنائهِ الذُكُورِ دُونَ الإناثِ.

وهوَ وَقتَها فِي كامِلِ أَهلِيَّةِ التَّصَرُّفِ. وبَعدَ وَفاتِهِ بَقِيَت الوَثائقُ مُفَرَّقَةً بَينَ الأبناءِ دُونَ أَن يُوَزِّعُوها. هَل يَجُوزُ لأَيِّ أَحَدٍ مِنَ الشُّركاءِ مَنعَ الآخَرِينَ مِن أَخذِ هَذِه الوَثائقَ لِدِراسَتِها ومَعرِفَةِ ما فِيها؟.

الجواب
بالنِسبَةِ لِما فَعَلَ الرَّجُلُ وأَنَّهُ مَلَّكَ أَولادَهُ دُونَ بَناتِهِ فَهَذا لا يَجُوزُ. وإن كانَ عِندَ بَعضِ العُلَماءِ تَمضِي هَذِهِ الهِبَةُ،

لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ نَهَى عَن الجَورِ فِي الهِبَةِ، أَلا يَجُورَ عَلى الأبناءِ. كَما فِي حَدِيثِ بَشِيرٍ والِدِ النُّعمانِ بنِ بَشِيرٍ فِإنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ لَمّا طَلَبَ مِنهُ أَن يَشهَدَ عَلى ذَلِكَ قالَ: إنِّي لا أشهَدُ عَلى جُورٍ.

فَلا يَجُوزُ لَهُ أَن يُعطِيَ بَعضَ أَولادِهِ وَيَحرِمَ الآخَرِينَ. بَلِ المَطلُوبُ مِنهُ أَن يُوَزِّعَ مالَهُ عَلى أَولادِهِ بِحَسَبِ التَّرِكَةِ؛ بِحَسَبِ تَوزِيعِ المِيراثِ. فَيُمكِنُ أَن يُعطِيَ للذَكَرِ مِثلَ حَظِّ الأُنثَيَينِ، هَذا لا مانِعَ مِنهُ. أَمّا أَن يَحرِمَ البَناتِ، فَحِرمانُ البَناتِ لا يَجُوزُ.

ولِهَذا؛ فَهَذِهِ الهِبَةُ يُمكِنُ أن يُذهَبَ إلى قاضٍ حَنبَلِيٍّ لِيُبطِلَها. طَبعاً؛ المالِكِيَّةُ سَيُمضُونَ الهِبَةَ لِبَعضِ الأَولادِ دُونَ البَعضِ وكَذَلكَ الشّافِعِيَّةُ. لَكِنَّ الحَنابِلةَ لا يُجِيزُونَ ذَلِكَ وهَذا هُو الأَقرَبُ للنَّصِ والأَولى.

أمّا بِالنِسبَةِ للوَثائقِ؛ فَهَذِهِ الوَثائقُ هي حَقٌّ لِجَمِيعِ الوَرَثَةِ. لَيسَت حَقّاً لأَحَدٍ مِنهُم دُونَ الآخَرِ.

فَيَجِبُ عَلى القاضِي الذي تُقامُ الدَّعوى أَمامَهُ أَن يَطلُبَ مِمَّن يَتمَسَّكُ بِهَذهِ الوثائقَ مِنَ الوَرَثَةِ أَن يُقَدِّمَها إلَيهِ لأنَّها حَقٌ للجَميعِ ولا يجُوزُ لأَحَدٍ مِنهُم أَن يَحتَكِرَها دُونَ الآخَرِينَ واللهُ أَعلَمُ.

Comments are closed.