هل يجوز السؤال أين الله؟وهل هو عال فوق عباده؟ وهل هذا من التجسيم؟

السؤال
هَل يَجُوزُ أَن نَسألَ بِقَولِنا: أَينَ اللهُ؟ وهَل هُوَ عالٍ فَوقَ عِبادِهِ؟، أَم أَنَّ ذَلِكَ مِنَ التَّجسِيمِ والعِياذُ باللهِ؟.

وما مَوقِفُنا مِن القائلين بِعَدَمِ جَوازِ هَذا السُّؤالِ؟. وأَنَّ اللهَ جَلَّ جَلالُهُ مُنَزَّهٌ عَن كُلِّ مَكانٍ وأَنَّ مَن عَمِلَ ذَلِكَ فَهوَ مُجَسِّمٌ مُبتَدِعٌ؟.

الجواب
إنَّ اللهَ سُبحانَهُ وتَعالى وَصَفَ نَفسَهُ بِالعُلوِّ فَقالَ ( سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الأَعلى ) وقالَ ( هُوَ العَلِيُّ ) قالَ ( إنَّهُ العَلِيُّ القَدِيرُ ).

فَعُلوُّ اللهِ سُبحَانَهُ وتَعالى لا يَتَمارى فِيهِ أَحدٌ ولا يَجُوزُ لِمُسلِمٍ أَن يَقُولَ سِوى ذَلِكَ. أَمّا أَن تَقُولَ كَيفَ؟ فَهَذا لَيسَ مَطلوباً مِنكَ.

قَد وَرَدَ حَدِيثُ آحادٍ وهوَ أَنَّ أَمَةً جاءَ بِها سَيُّدها لِيعَتِقَها إلى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَليه وسَلَّمَ فَقالَ لَها: أَينَ الله؟.

وَرَدَ هَذا الحَدِيثُ؛ حَدِيثُ آحادٍ ولَم يَرِد فِي أَيِّ مَكانٍ آخَر أَنَّهُ صَلّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ سَأَلَ أَحَداً هَذا السُّؤالَ ولا أَنَّ أَحَداً مِنَ السَّلَفِ كان يَسأَلُ هَذا السُّؤالَ. فَمِثلُ هَذِهِ الأَسئلَةِ لَيسَت مَطلُوبَةً ولَيسَت مَرغُوبَةً.

فَعَلَيكَ أَن تَقرأَ آياتِ الإثباتِ وآياتِ النَّفيِ؛ آياتِ إثباتِ العُلوِّ كَما هِي وآياتِ النَّفي ( لَيسَ كَمِثلهِ شَيءٌ ) وأَلا تَخُوضَ فِي مِثلِ هَذا. هَذا لَيسَ مِنَ الأُمُورِ العَمَلِيَّةِ. إنَّ اللهَ يَسأَلُكَ عَن أَعمالِكِ ولا يَسأَلُكَ عَن ذاتِهِ يَومَ القِيامَةِ.

فَعَلَيكَ أَن تُؤمِنَ بِها فَهَذا مَذهَبُ سَلَفِ الأُمَّةِ الذي لا شَكَّ فِيهِ كَما يَقُولُ الطُوفِيُّ: مَذهَبُ الإمامِ أَحمَدَ وسائرُ عُلَماءِ أَعيانِ السَّلَفِ إمرارُها كَما هِيَ مَعَ السَّكُوتِ.

فَلا يَقُولُ أَحَدٌ شَيئاً كَما يَقُولُ أَبُو نُعَيمٍ شَيخُ البُخاريَّ، وذَكَرَ هَذا الحافِظ ابنُ كَثِيرٍ عِنَدَ تَفسِيرِ قَولهِ تَعالى فِي سُورَةِ الأَعرافِ ( ثُمَّ استَوى عَلى العَرشِ يُغشِي اللَيلَ النَّهارَ ) يَقُولُ: نُمِرُّها كَما هِيَ مَعَ تَنْزِيهِ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى عَمّا يَتَبادَرُ إلى الأَذهَانِ؛ هَذا كَلامُ أَبِي نُعَيمٍ شَيخِ البُخارِيِّ وشَيخِ الإمامِ أَحمَدَ وشَيخِ يَحيى بنِ معين.

فَالخِلافُ حَولَ هَذا وإثارَةُ الجَدَلِ حَولَ المَكانِ وحَولَ الزَّمانِ؛ هَذا أَمرٌ لَم يَكُن مِن صَنِيعِ السَّلَفِ وهوَ مُخالِفٌ لَما عَلَيهِ السَّلَفُ.

فَلا تَقُل شَيئاً، اقرَأها كَما هِيَ فَقَط. وعَلَيكَ أَن تُؤمِنَ كَما آمَنَ السَّلَفُ دُونَ زِيادَةٍ ولا نُقصانٍ. واقرَأ فِي الإثباتِ عُلوَّ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى فَأَنتَ تَقُولُ فِي صَلاتِكَ: سُبحانَ رَبِيَ الأعلى. واقرَأ فِي النَّفي ( لَيسَ كَمِثلهِ شَيءٌ وهوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ).
وهَذا المَطلُوب مِنكَ ولا تُجادِل فِي هَذا واللهُ أَعلَم.

Comments are closed.