إعطاء ولي الأمر عهد الأمان للكفار

السؤال
هل يجوز لولي الأمر إعطاء الكفار عهد الذمة، وأن يدخلوا تحت حماية المسلمين، مع أنهم قدِموا لبلادنا ونيتُهم قتلُ مسلمين آخرين؟

وجزاكم الله خيرًا.

الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل:أولاً: ينبغي أن نقرر من باب النصح للمسلمين أمورًا، منها أن الأمان والعهد يجوز للإمام – أي ولي أمر المسلمين- أن يعطيه لجميع الكفار أو بعضهم؛ لأن الإمام هو المسؤول عن النظر والمصلحة، وهو نائب عن الجميع في جلب المنافع ودفع المضار، وهذا ما لا خلاف فيه، يمكن أن يراجع في هذا كتاب المغني لابن قدامة، وتفسير القرطبي، وغيرهما، والإمام هنا هو ولي أمر المسلمين، ولا يشترط أن يكون قائمًا صائمًا؛ بل يكفي أن يكون حاكمًا ببيعة أو ولاية عهد أو تغلُّب، هذا هو مذهب أهل السنة، فمثل هذا الإمام يمكن أن يعطي أمانًا، ولا حد لهذا الأمان بوقت، بل يرجع إلى اجتهاده وما يرى أنه مصلحة، هذا هو الإيضاح الأول الذي أردنا أن نوضحه.

الأمر الآخر هو: أن ولي أمر المسلمين عندما يعطي أمانًا فإنه ينبغي أن نحمله على أنه إنما أعطاه لمصلحة؛ لأن الناس محمولون على السلامة وعلى الأمانة، وليسوا محمولين على العدوان، فينبغي أن نظن بهم أنهم إنما فعلوا ذلك لمصلحة قد تخفى على الناس، قد لا تكون متاحة أو متضحة لكل الناس، فهي إما مصلحة تُجلب أو مفسدة تُدرأ، فلنحمل إذًا فِعْلَ ذلك على هذا.

الأمر الثالث: إذا افترض أن ما ذكره السائل لم يقل: يقتلون. وإنما قال: ينوون قتل مسلمين آخرين. فهذا لا يجوز لولي الأمر، لكنه في نفس الوقت لا يبيح للسائل أن يخرج على ولي الأمر، ويعلنها حربًا على المسلمين وعلى غير المسلمين، ولهذا نتساءل: ما نتيجة الأمان؟ هو منع القتل والقتال، فنصيحتنا لهذا السائل أن يشتغل فيما يعنيه، في عبادة الله سبحانه وتعالى، والسعي في أمور دينه ودنياه، وألا يُدخل نفسه أو غيره بمسلسل أو في دوامة لا تجر إلا إلى خراب الدين والدنيا، وضياع الآخرة والدنيا، هذه نصيحتنا له،

ونرجو أن تكون لوجه الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى يقول: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). و”مَن رأَى مِنكم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ….” أخرجه مسلم (49).

ما معنى: لم يستطع؟ معناها: إذا كنت عندما تغير الأشياء بيدك تجر إلى ويلات فغيره بلسانك، وإذا كان – أيضًا- لسانك سيجر إلى فساد وإلى ضياع فعليك أن تغير بقلبك، بخاصة الأمور التي قد لا تطلع عليها، وأنت قلت: ينون قتل المسلمين، فمن خبَّرك بأنهم ينوون؟، فهذه أمور ننصح شبابنا، وننصح المسلمين جميعًا بأن يتريثوا فيها، وألا يركبوا رؤوسهم، وألا يظنوا فيها الظنون، وألا يُدخلوا أنفسهم في مسلسل العنف ودوامة الخراب الذي يخرب بيوت المسلمين، وقد لا يضر الكافرين كثيرًا؛ لأن المسلمين يقتل بعضهم بعضًا، ويقتلون المستأمنين الذين حرم الله قتلهم، وعصم الله دماءهم، وحرمها على المسلمين.

هذه نصيحتنا. والله سبحانه وتعالى أعلم. .

Comments are closed.