مقال : منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة .. رهان السلام في وجه دعاة الفتنة

سنوات عجاف تلك التي عاشتها المنطقة العربية، فيها خَرِس صوت السلم والأمان وعلا كعب مُشْعلي فتيل الحروب والأزمات. خلفت تلك السنين قتلى كثيرين وجرحى ومأسورين، لكنها تركت في النفوس أكثر مما تركت في الأبدان، فدعاية الحروب تبقى أكثر من ركامها، ولغة الكراهية لا تلتئم جراحها إلا بعد سنين..

سنين عددا احتاجتها المنطقة وسكانها، حتى أصاخ كثيرون لصوت داعي السلام، وسعى ساعي الإمارات العربية المتحدة إلى اتحاد جهود أطباء السلم والأمان، ومداوُو جروح الأمة ودعاة الوئام بين الأشقاء الفرقاء.

كان شهر مارس من العام 2014 تاريخا فارقا في مسار الأمة ، ففيه علا من جديد صوت العقل ودعوة السلم ، وسارت سفينة إصلاح البينِ انطلاقا من أراضي الإمارات وبرعاية من

رُبان السلم والسعادة، لتطفئ حريق المنطقة ولتتوجه بوصلة المصلحين فيها من مفكرين وعلماء إلى تحقيق السلام لتتمكن الشعوب من العيش في وئام عبر إطلاق منتدى عالمي لتعزيز السلم يضع ضمن أولوياته الدعوة للسلام و المحبة و الإعلاء من قيمة الإنسان و الاسهام في خلق فضاء رحب للحوار و التسامح.

و قد أطلق المنتدى في سبيل تحقيق أسسه مبادرات كان من أبرزها ، إعلان مراكش التاريخي لحقوق الاقليات الدينية في الديار الإسلامية و جائزة الإمام الحسن بن علي للسلم لتكريم أصحاب الأعمال العلمية و المبادرات العملية في صناعة ثقافة السلم. و موسوعة السلم “الإسلام دين السلام”  التي تروم إلى تقديم المنظور السلامي للسلم من حيث أبعاده المعرفية و الحضارية و الكونية. إضافة لحلف الفضول بين الأديان ليكون بمثابة الإحياء التاريخي غير المسبوق لروح حلف الفضول الذي زكاه الاسلام.

و لأن التميز لا سقف له، فلم يقف القائمون على منتدى تعزيز السلم عند هذا الحد بل استمروا في عقد مؤتمرات سنوية شارك فيها و أشاد بها الآلاف من العلماء و أصحاب الفكر و سدنة الحرف. و لا زالت الجهود متواصلة لعقد المؤتمر الخامس تحت شعار “حلف الفضول: فرصة للسلم العالمي”.

عشرات الورشات أطلقها المنتدى ليجسد من خلالها رسالته و رؤيته للسلم إضافة لعشرات المنشورات و مجلة خاصة بالسلم يقع مقرها في المملكة المغربية.

 

هذا الفضاءُ الجديد الذي يقوده العالم المجدد الشيخ عبد الله بن بيه  قام على أسس متينة أبرزها تأكيد أولوية السلم  حتى تسود الطمأنينة النفسية و الروحية بين أفراد المجتمع  و تمثل روح الإطفائي لإنقاذ الحريق و إخراج الغريق  في مجتمعاتنا التي تعج بالمآسي، ثم تعزيز دور العالِم بغية بناء حصون للسلام في القلوب و النفوس  و بث روح السكينة و نشر الفهم الصحيح للاسلام، إضافة لإحياء القيم الاسلامية كالحكمة و الرحمة و التعاون و التضامن و إصلاح ذات البين.

كلها أمور من شأنها أن تقود إلى ترسيخ مبادئ جديدة لا غلو فيه و لا تطرف، مبادئ تجعل من السلام شعارا و من أرض زايد وطنا.

بقلم: صلاح الدين السيّد

نقلا عن مركز الصحراء للدراسات

Comments are closed.