لا حرج في تلبية دعوة غير المسلمين إلى أعيادهم وخصوصا في بلاد الأقليات
أيّد العلامة الدكتور عبدالله بن بيه رأي الشيخ قيس المبارك في شأن جواز تلبية دعوة غير المسلمين لحضور أعيادهم، مستشهداً برأي شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه القضية، مطالباً بإنزال الواقع الجديد على حياة المسلمين اليوم.
وكان رأي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ قيس المبارك في شأن تلبية دعوة غير المسلمين لحضور أعيادهم أثار جدلاً في الوسط الديني في السعودية، باعتباره لا يعبر عن رأي غالبية، ويخالف منهاجهم في التعامل مع قضايا الولاء والبراء والتعامل مع غير المسلم.
وكان المبارك قال: «إنه مباح إذا قُصد من ورائه إدخال الفرحة عليهم، وتأليف قلوبهم على الإسلام». ويبدو أن هذا الخلاف ليس وليد الأمس، فقبله بسنوات أعلن نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين الدكتور عبدالله بن بيه رأيه في جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، معززاً رأيه بتأييد ابن تيمية لهذا الرأي في رسائله، إذ قال: «إن تهنئة غير المسلمين مختلفٌ فيها بين العلماء. وفي مذهب الإمام أحمد ثلاث روايات بالمنع والكراهة والجواز. وهذه الرواية الأخيرة هي اختيار الشيخ تقي الدين بن تيمية لما في ذلك من المصلحة، وهي التي نختارها، فتجوز تهنئتهم وتعزيتهم وعيادة مرضاهم. نصَّ على هذه الروايات في هذه الحالات كلها المرداوي في الإنصاف، وما يذكر عن ابن تيمية في بعض الكتب الأخرى قد لا يتفق مع اختياراته الموثقة».
وقال الشيخ ابن بيه لـ «الحياة»: «رأيي في هذه المسألة هو في سياق الحديث عن الأقليات وأوضاعهم الخاصة، فعليهم أن يندمجوا في مجتمعاتهم بما لا يذيب شخصيتهم وهويتهم، وليس في هذا الأمر حدٌ معين، لأن الأعياد خرجت عن كونها دينية إلى أن أصبحت جزءاً من العلاقات الإنسانية».
وأوضح ابن بيه أن أمر المشاركة في هذه الأعياد معقود بـ «النية»، إذا لم يكن القصد مشاركة دينية، إنما من باب المصالح وتأليف القلوب. وأضاف: «ليس هناك نص من الشارع يحرم ذلك، لكن المشاركة في الطقوس أو الصلاة معهم هو الأمر المحرم الذي قد يُودي بصاحبه إلى الكفر».
ويرى ابن بيه أن مشاركتهم بالحضور وتقديم الهدية لهم هو «أمر جائز، كون مناسبات أعياد الميلاد خارجة من إطارها الديني»، لكن إهداء شجرة الميلاد بحسب رأيه «محرم، لأنه تشبه بهم».
ودعا العلامة عبدالله بن بيه علماء الأمة إلى «تحقيق المناط»، وهو إنزال الحكم على الواقع الجديد، فالمسلمون في فرنسا تحكمهم هوية «المواطنة» وليس الدين، مستشهداً بقول ابن القيم: «من لم يحقق المناط على الزمان والمكان فقد ضلَّ وأضلَّ».