مدرسة المقاصد بين القديم والحديث
قال الشيخ العلامة عبد الله ابن الشيخ المحفوظ بن بيَّه، حفظه الله، في كتابه القيّم ((مقاصد المعاملات ومراصد الواقعات)): ((إن مسألة التعلق بالمقاصد كثر فيها الحديث في القديم والحديث، وانقسم فيها الناس إلى طوائف، وعلى حد قسمة الشاطبي إلى ثلاث مدارس: مدرسة أعرضت عن المعاني وتمسكت بالظواهر والمباني، ومدرسة أعطت للظاهر حقه وللمعنى مستحقه، ومدرسة لم تر في الظاهر مستمسكًا، وهي التي سماها الشاطبي بالباطنية، وفي العصر الراهن تمظهرت في المدرسة الحداثية التي دعت إلى ركوب سفينة المقاصد، وهي دعوة للهروب من ديمومة مفاهيم الشريعة المستنبطة من الدلالات اللغوية، وتجريدها من المعاني التي فهمها الرعيل الذي تلقى الوحي، وذلك من خلال ما سماه بعض المعاصرين بالمقصد الجوهري الذي يضفي النسبية على كل معنى ليتلاءم معه، وهكذا تكون لكل عصر شرعته، ولكل زمن أحكامه، دون تمييز بين ثابت ومتغير، وموقت ومستقر.
ونحن اليوم أمام مدرسة رابعة تقول بالظواهر والمقاصد، لكنها تسيء في استعمالط الاثنين، أحيانًا جمودًا على الظواهر مع قيام الحاجة للتعامل مع المقاصد، وأحيانًا انصرافًا عن الظواهر بمقاصد زائفة وغير منضبطة، (…) إلا أن عدم الانضباط ناشئ عن فك الارتباط با لأدلة الأصولية التي أشرنا إلى بعضها)).
المصدر: مقاصد المعاملات ومراصد الواقعات، ص40-41، تأليف الشيخ العلامة عبدالله ابن الشيخ المحفوظ بن بيّه. مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الثانية 2010م.
إنجاز: د.مصطفى عكلي