نص كلمة العلامة عبدالله بن بيه في افتتاح #مؤتمر_أمريكا_والعالم_الإسلامي في نيويورك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة و السلام على سيدنا محمد النبي الخاتم وعلى إخوانه من النبيين.
أيها السادة و السيدات،
يسعدني أن أشكر منظمي هذا المؤتمر الذي يأتي في وقت حرج يواجه فيه العالم مخاطر وجودية يمكن أن تؤذن بنهاية هذه المسيرة الإنسانية.
إن العلاقات الإسلامية الأمريكية مبنية -وينبغي أن تبقى كذلك- على القيم الإنسانية المشتركة التي يرشحها العقل ويزكيها الشرع.
هذه القيم التي تمثل جوهر التعايش بين البشر هي قيم الرحمة والحكمة والمصلحة والعدل، الحكمة التي ترفض الجنون، والمصلحة التي تنبذ المفاسد، والعدل الذي لا يرضى بالظلم من أي نوع كان، والرحمة التي تشمل كل إنسان بل كل كائن في هذا الكون الذي وهبه الله لنا جميعاً.
هذه القيم تتوافق بطبيعتها مع تعليمات الدين الإسلامي وكل الأديان التي تمثل طاقة هائلة يمكن أن تبني وتعمر ويمكن أن تهدم وتدمر.
إننا في منتدى تعزيز السلم نؤمن بأن أفضل طريقة للتعاون والتعايش هي التعارف، انطلاقاً من قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾*.
إن الخوف من الآخر سببه دائماً الجهل بالآخر ، هذا الجهل الذي كثيراً ما يستغله المغرضون لترويج العداء والكراهية.
ومن هذا المنطلق فقد قمنا في هذه السنة: بالمشاركة في إفطار صلاة الشكر التي نظمها التجمع الإنجيلي وحضرها الرئيس الأمريكي.
كما استقبلنا قافلة السلام الأمريكية والتي تمثل رجال دين من العائلة الابراهيمية قدموا من مختلف الولايات المتحدة الأمريكية، وقد قمنا باستقبالهم في مقر المنتدى في أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تؤمن بقيم الحوار وتشجع كل مبادرة في اتجاه نشر التعايش والتسامح.
إن التواصل الحضاري وحوار القيم نعتبره الدواء الناجع لحضارة مريضة كما عبر عن ذلك نيتشه عندما قال إن الحضارة تمرض كما يمرض الناس ودواؤها الفلاسفة، إن حضارتنا العالمية اليوم مريضة ودواؤها الحوار والتعارف والتعاون .
ومن منطلق هذا التوجه فإننا نحيي هذا المؤتمر الهام الذي أخذت زمام المبادرة فيه رابطة العالم الإسلامي، تلك المؤسسة الإسلامية العريقة التي تمثل منصة للحوار ومنبراً لتبادل الأفكار, ويقودها باقتدار معالي الشيخ الدكتور محمد عبدالكريم العيسى.
إن لمقر الرابطة مكانة رمزية هامة، فالمملكة العربية السعودية هي قطب الجاذبية في العالم الإسلامي, حيث مهوى أفئدة أكثر من مليار مسلم وهي تمثل تراكما تاريخياً ليس للديانة الإسلامية فحسب، وإنما للعائلة الإبراهيمية الكبرى حيث كانت قبل أربعة آلاف سنة إحدى محطات أبينا إبراهيم عليه السلام بعد رجوعه من سياحته الكبرى لينتهي به المطاف إلى الأرض المباركة فلسطين، إن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين تحمل هذه القيم الإنسانية والدينية وهي جديرة باللقاء مع الولايات المتحدة الأمريكية التي قدمت نماذج للانفتاح على القيم، فكلنا نتذكر كلمة توماس جيفرسون أحد أكبر الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية التي رحب فيها بكل الأديان في أمريكا شاملاً المسلمين في ذلك الوقت المبكر جداً من العلاقات الدولية.
وختاماً أشكركم جميعاً وأتمنى لأعمال مؤتمرنا هذا التوفيق والنجاح.
عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيه
رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة