(منطلقات و كلمات وتوصيات) تعليقاً على تصويت الشعب السويسري على حظر بناء المآذن
29/11/2009.
الحمدلله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله،
– إننا من منطلقات دينية و منطلقات إنسانية نتأسف لقرار الشعب السويسري بمنع رفع مآذن المساجد في الدولة السويسرية الفدرالية .
– نحن نرى في هذا القرار عقبة جديدة في طريق التعايش و الاندماج الايجابي بين مختلف الطوائف العرقية و الدينية في هذا البلد الذي يمثل في أذهان و وجدان الكثير من المسلمين و غيرهم أنموذجا و مثالا للتعايش الإنساني السعيد العابر على الأحكام المسبقة و النمطية التي تضمرها بعض الشعوب لبعضها.
– خيبة أمل في أرقى الديمقراطيات التي تدرس في الجامعات بوصفها الديمقراطية المباشرة الأفضل في العالم في مجال الممارسات الدستورية. أن تصدر هذه الديمقراطية قرارا غير ديمقراطي و غير دستوري. غير ديموقراطي باعتبار الديمقراطية تمثل نظام تكافئ الفرص للجميع و المساواة بين الجميع و تجاوز العرق و اللون و الدين في التعامل مع المواطن. وهو غير دستوري: باعتبار الدستور يكفل هذه المفاهيم (ويجعل منها سقفا للتعاون ).
لقد كانت سويسرا تمثل كل ذلك و لعلها لا تزال كذلك ذلك أملنا و أمنيتنا . لهذا فاننا سنوجه اربع كلمات.
1) إلى الشعب السويسري ذي التاريخ العريق في تسوية الخلافات العرقية و اللغوية لعله أن يراجع نفسه فقد قال حكيم عظيم : الرجوع إلى الحق خير من التمادي على الباطل و أن يتخذ قرارا آخر مشرفا يرفع رصيده الإنساني في المستقبل و لا يعيده إلى الوراء و يتناسب و تاريخه و يخدم مصالحه الحقيقية بعيدا عن فورة العاطفة و العنصرية .
2) إلى الحكومة السويسرية نوجه الشكر لموقفها المميز و إعرابها عن اختلافها مع التوجهات المتطرفة ودعوتنا للحكومة لاستعمال الوسائل الدستورية و القانونية المناسبة لمراجعة هذا القرار.
3) كلمة إلى أوروبا شكرا لأولائك الذين لا يزالون يتحلون بالمبادئ الأخلاقية و الإنسانية و الذين يدافعون عن حقوق الإنسان في ابسط تعبيراتها من منظمات و دول و بخاصة الاتحاد الأوروبي و الفاتيكان و الهيئات الأخرى و شكر خاص للقساوسة السويسريين. و اننا ندعو تلك المنظمات و الشعوب أن تلجم النزعات التي بدأت تطل برأسها في أوروبا من أطراف يمينية متعصبة تسعى لتأجيج الفتن و نشر الأحقاد التاريخية مما لا يساعد في انجاح مسيرة الحوار و إطفاء بؤر التوتر في العالم و هو ليس بحاجة الى إضافة بؤرة اخرى. و ندعوا ذوي النوايا الطيبة لإيجاد فضاء من التسامح و الوئام والتعايش البناء ليس في اوروبا و لكن في العالم كله، إننا ندعو العقلاء و الحكماء ان لا يكتفوا بالدعوات الخجولة بل أن يكونوا أكثر نشاطا وحيوية .
4) كلمة إلى المسلمين في سويسرا خصوصا و في أوروبا عموما نبارك في نضجكم و وعيكم و رشدكم و ندعوكم أن تتمثلوا قيم دينكم العظيم في الصبر و التسامح و المغفرة , (( ولمن صبر و غفر إن ذالك لمن عزم الأمور ))-سورة الشورى-
و لهذا فان توعية الأخوة و الأخوات بجملة من المبادئ يبدو ضرورة في الظرف الخاص و العام:
1) التحرك الإعلامي العاقل و الحكيم الذي يعتمد المفاهيم الإنسانية و حقوق المواطنة .
2) التحرك القانوني الذي يعتمد مبادئ العدالة و الدستور.
3) التحرك السياسي والشعبي الذي يستنجد بكل المواطنين و بالمنظمات الإنسانية و الدينية .
4) الابتعاد عن الإستفزاز بكل اشكاله مع التركيز على القضاء والإحتكام اليه و تذكير السويسريين بأن علم سويسرا يحمل أهم رمز ديني مسيحي هو الصليب و هو يرفرف في أنحاء العالم الاسلامي و لم يجد المسلمون حرجا في ذلك، و المسلمون يحبون الشوكولا و المناظر الخلابة السويسرية و لكن هذه المناظر قد تكون أجمل لو زاد عدد المآذن قليلا، فالمآذن لاترمز الى أي نية عدوانية و انما الى التوجه الى الباري جل و علا.
5) إنها فرصة لإبراز قيم التسامح و الأخوة الإنسانية في الإسلام، فالإسلام دين السلام و إلاهُـنا –جل و علا- هو السلام و هو يدعو الى دار السلام و علينا أن لانيأس من يقظة الضمير الانساني لدى المواطنين و لهذا فإن التاريخ يحدثنا عن نماذج من الكراهية استحالت الى مودة فالوطن الأوروبي في وقت من الأوقات ضاق فيه الكاثوليك ذرعا بالبروتستانت فاضطهدوهم، و ضاق الجميع بعد ذلك ذرعاً باليهود و ياتي الدور اليوم على المسلمين لكن الفطرة السوية في الإنسان تتغلب، و ربنا جل و علا يمنحنا التفاؤل بقوله: (عسى الله أن يجعل بينكم و بين الذين عاديتم منهم مودة و الله قدير و الله غفور رحيم). سورة الممتحنة.
و يقول: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم). سورة فصلت
كذلك وصيتنا لكم بأن تدفعوا بالتي هي أحسن قولاً و عملاً في حراك دائم يقدم الحجة بالحسنى و الود بدل الشحناء. والسلام عليكم ورحمة الله
أ.د.عبدالله عمر نصيف رئيس مؤتمر العالم الإسلامي رئيس مجلس أمناء المركز العالمي للتجديد والترشيد- لندن
العلامة عبد الله بن بيه رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد- لندن نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين