ارشيف ل

العلامة عبدالله بن بيه في حوار مع CNN : الحل العسكري لن ينجح دون جهد فكري تنموي ومن الظلم إتهام الإسلام بالعنف

العلامة عبدالله بن بيه في حوار مع CNN    :

 

o     مايجري في الدول الاسلامية هي حروب أهلية حروب داخلية  قد تكون تستنجد بأسباب دينية

o     العلماء لا بد أن يشكلوا تيارا لمواجهة تيار العنف، لأن هذا التحدي هو تحدي وجودي.

o     علاج التطرف لن يكون إلا من الإسلام نفسه، ومن نفس اللغة التي يستعملها المتطرفون.

 

o     لايمكن أن نقول: العنف نشأ فقط بسبب الغلو، بل هناك  مظالم تاريخية، و أيضا أحيانا  عدم قدرة القيادات السياسية على ضبط بعض الأفراد،.وعدم قدرة التعليم على إيجاد صيغة فكرية ناضجة تتجنب العنف

 

o     العلماء يحتاجون إلى مراجعات فكرية فيما بينهم، ويحتاجون إلى فضاء ليعلنوا فيه فكرهم

 

o     العلماء وحدهم الذين يستطيعون أن يواجهوا هذه الأفكار،

o     تخصيص أهل السنة بوصف “ممارسة العنف” هو ظلم لهم، الآخرون أيضا عندهم عنف، لكنه عنف منظم، أي عليه رقابة من قياداتهم

o    الأمم المتحدة فشلت في أن تحل كثيرا من المشكلات، فشل الأمم المتحدة والعالم كله عن.إزالة المظالم، وفشله في التنمية الاقتصادية،  من أسباب العنف.

o    “أنا أفتيت بالحياة، ولا أفتي بالقتل”  وأعتقد أن استنكار الاحتلال الأمريكي و الإسرائيلي ليس فتوى بالقتل.

 

}النص الكامل{

للحوار مع العلامة ابن بيه الذي بثت CNN مقتطفات منه

 

في حوار مع قناة السي ان ان CNN  قال العلامة عبدالله بن بيه  – رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة- أن العالم الإسلامي يشهد عنفا شديدا، وهو في كثير من الأحيان عنف أعمى لا يميز  بين الأعداء والأصدقاء. وهذا العنف نتيجة ، ظروف متنوعة منها مظلوميات تاريخية، وفيها فقر وبطالة، وفيها حالة سياسية واجتماعية، وفيها عنصر ديني متطرف.

وفي جواب على سؤال عن الحروب التي يسميها أصحابها جهادا في الدول الاسلامية

أجاب العلامة ابن بيه : هذه الحروب المشتعلة في العالم الإسلامي، نحن لا نسميها جهادا، بمعنى أن مفهوم الجهاد لا ينطبق على هذه الحروب، وبالتالي العمل الذي نقوم به مع العلماء هو توضيح مفهوم الجهاد، لأن الجهاد له أسباب وشروط وموانع.

وأكد العلامة ابن بيه أن مايجري في الدول الاسلامية هي حروب أهلية حروب داخلية بين عناصر مختلفة قد تكون تستنجد بأسباب دينية، وميز الشيخ بين الاعتداء المحرم   و رد العدوان عن النفس الذي هو مشروع وفقا للشرائع السماوية والمواثيق الدولية.

 

وجوابا على سؤال عن انطباعه عن اقتباس الرئيس الامريكي أوباما جملة من كلامه أثناء خطابه امام الأمم المتحدة

 قال العلامة ابن بيه :  أعتقد أن أوباما استشهد بهذا في سياق السلام، ولم يستشهد به في سياق الحرب، بل هو يريد أن يقول: إن الإسلام دين سلام، وأن أحد علماء الإسلام قال: الحرب على الحرب، الحرب على الحرب معناه السلام ضد الحرب، وليس معناه الحرب، ليس معناه القتل، فهذا هو الذي قلته .وبناء على أن أوباما قاله في سياق جيد وهو سياق السلام، فلا بد أني متفق معه في هذا.

وفي جواب على سؤال عن كيفية مواجهة التيارات المتطرفة وهل يكون بتجفيف منابع التدين.  

قال العلامة ابن بيه : أن العلماء لا بد أن يشكلوا تيارا لمواجهة تيار العنف، لأن هذا التحدي هو تحدي وجودي.

وبين الشيخ أن علاج التطرف لن يكون إلا من الإسلام نفسه، ومن نفس اللغة التي يستعملها المتطرفون. ونرى أنه لن تكون الإجابة على التحدي من خارج الدين الإسلامي، بل ستكون من صميم الدين الإسلامي .

 

وفي جواب على سؤال عن مايزعم من أن العلماء منفصلين عن الشباب

 قال العلامة ابن بيه : هذا فيه جزء من الحقيقة، لكن أيضا له أسبابه أيضا، والعلماء هم أيضا يحتاجون إلى مراجعات فكرية فيما بينهم، العلماء يحتاجون إلى فضاء ليعلنوا فيه فكرهم، فهم  من جهة يحتاجون إلى مراجعة لعلمهم ونفسيتهم، ومن جهة أخرى يحتاجون إلى فضاء ليتحركوا فيه ليقدموا فيه رؤاهم، ليبحثوا فيه عن الحقائق، وليقدموها للجمهور،فالعلماء إلى حد ما أو بشكل ما عندهم شيء من العجز، لكنهم أيضا قادرون إذا هم تعبأوا، وهم وحدهم الذين يستطيعون أن يواجهوا هذه الأفكار،

وأكد العلامة ابن بيه أن الأعمال العسكرية لا تكفي لمواجهة هذه الأفكار المتطرفة. قائلا : يمكن أن تقضي اليوم على جماعة، لكن ستنبت جماعة أخرى، الحلول هي فكرية، هي مجتمعية، هي حلول شاملة، فلا بد أن يواكب العلماء هذا الوضع الجديد حتى يقدموا رؤيتهم، حتى يقدموا دواءهم من صيدلية الإسلام.

 

وذكر العلامة ابن بيه: أن مسألة العنف هي مسألة…ظرفية، و…تتطور في العالم…من مرحلة إلى أخرى، ومن شعب إلى آخر ومن بلد إلى آخر، ومن فلسفة إلى أخرى، قبل…40 سنة كان الناس يتحدثون عن العنف الشيوعي بناء على الفكر الماركسي، وفي أمريكا نشأت الماكارثية بناء على هذا العنف، وكان العدو للحضارة هو الشيوعية، قبل ذلك كان العدو للحضارة هو النازية القومية، .

 

وجواب على سؤال عن أن الغلو هو سبب العنف وفشوه بين أهل السنة في هذه الحقبة من التاريخ

 قال العلامة ابن بيه أنه لايمكن أن نقول: العنف نشأ فقط بسبب الغلو، بل هناك مظالم، مظالم تاريخية، وربما أحيانا عدم قدرة القيادات السياسية على ضبط بعض الأفراد،.وعدم قدرة التعليم أي المؤسسات التعليمية على إيجاد صيغة فكرية ناضجة تتجنب العنف رغم المظلوميات ورغم الإشكالات،

 

وحذر العلامة ابن بيه من تخصيص اتهام أهل السنة بالارهاب قائلا :العنف ليس خصيصا بالسنة، أريد أن أقول ذلك، الآخرون أيضا عندهم عنف، لكنه عنف منظم، أي عليه رقابة، منظم، إذن كون هذا الأمر ينسب للسنة هو ظلم لهم، وليس صحيحا، فالعنف عند السنة وعند غير أهل السنة، الفرق فقط هو أن عنف غير أهل السنة عنف مراقب، وعند أهل السنة عنف منفلت، فيوجد إرهاب في كل المذاهب وكل المشارب، في الإسلام وفي غير الإسلام.

ووصف ابن بيه الدين بالطاقة قائلا : الدين هو كالطاقة، إن استعملته للخير زرعت به الأرض، وإن استعملته للشر عملت به قنابل نووية، الدين هو هكذا، فعلينا ألا ننظر في اللحظة الحاضرة، اللحظة الحاضرة صحيح علينا أن نواجهها، لكن علينا ألا نحكم حكما عاما لنقول: إن أهل السنة هم هكذا دائما، أو الإسلام هو هكذا دائما، لا، ألا نحكم على دين من خلال لحظة من التاريخ، فهذه القضايا هي قضايا فصلية، موسمية، بناء على أسباب، هذه الأسباب منها مظلوميات،

 

ونبه الشيخ ابن بيه أن الأمم المتحدة فشلت في أن تحل كثيرا من المشكلات، فشل الأمم المتحدة والعالم كله عن…إزالة المظالم، وفشله في التنمية الاقتصادية، هذا أيضا من أسباب العنف.

وفي سؤال ختامي عن مايتهم به اليمين الأمريكي الشيخ من أنه أفتى بقتل الأمريكيين عام 2003 .

أجاب العلامة ابن بيه أنه لم يفت بقتل أحد، قائلا : “أنا أفتيت بالحياة، ولا أفتي بالقتل”  غير أن الشيخ قال :بأنه قد توجد ربما بعض القرارات في مؤتمرات تستنكر الاحتلال الأمريكي أو الإسرائيلي، وأعتقد أن استنكار الاحتلال ليس فتوى بالقتل.

 

 

 شاهد فيديو: التقرير الذي نشر مقتطفات من المقابلة

“ابن بيه” في مقدمة الشخصيات الأكثر تأثيرا في العالم 2014

 

  تقدّم رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد الدكتور عبد الله بن بيه بثلاث نقاط عن العام الماضي، ليحتل المرتبة 20 كأحد أبرز الشخصيات المسلمة تأثيراً في العالم، وفق تقرير أكثر 500 شخصية مسلمة من حيث التأثير العالمي في 2014 الذي يصدره سنوياً المركز الملكي للبحوث والدراسات الإسلامية بالعاصمة الأردنية “عمّان”، بالتعاون مع مركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي– المسيحي، بجامعة “جورج تاون“.

 

والدراسة التي تعدّ سنويًا منذ عام 2009 أوضحت تقدم تأثير العلامة عبدالله بن بيه، وبينت أن ترتيب د. ابن بيه في عام 2013 كان 23 وفي 2014 حل في المرتبة 20،

 

ابن بيه : مؤسس تعزيز السلم

ووصف المركز البحثي الوزير الموريتاني السابق “ابن بيه”، بأنه يستمد تأثيره من علمه وجهوده في التعليم والدعوة حيث يحضر الالف لمحاضراته، كما يتفرد باحترام أغلب المدارس الإسلامية له ولمكانته العلمية.

 

 وذكر أن “ابن بيه” زار البيت الأبيض خلال عام 2013، مطالباً بحقوق الأقليات المسلمة في ميانمار،  وبتحرك دولي لحماية الشعب السوري، كما أنه تحالف مع مؤسس شركة “مايكروسوفت” بيل جيتس في حملة دولية  لمكافحة شلل الأطفال. كما أن العلامة ابن بيه أطلق أخيرا منتدى لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة يضم المئات من العلماء من كل الاتجاهات .

 

وذكر التقرير أن العلامة ابن بيه يتابعه الكثيرون من خلال موقعه على الانترنت والذي يحتوي أكثر من 116 فتوى.

 

 

شخصيات 2014

 

ويهدف الكتاب، الذي حمل عنوان “أكثر 500 شخصية مسلمة لعام 2014، إلى التعريف بأهمية الأسماء المتداولة في العالم الإسلامي، حيث يقوم برصدها في مختلف مجالات “السياسة، والدين، والمرأة، والإعلام”، وقال الناشرون: إنّهم يتشوفون في أن يصبح الكتاب نشرة سنوية.

واعترف الباحثون أن تحديد مدى التأثير أمر صعب لاسيما أن الإسلام ليس لديه تسلسل هرمي لرجال الدين بخلاف سائر الأديان، معتبرين أنَّ التأثير في العالم الإسلامي يستمد من مصدرين اثنين: العلم، والاحترام والثقة. وإنه من عوامل التأثير: السياسة والعلاقة بالعلوم الدينية– ولهذا السبب تصدر الكتاب قائمة بـ 50 شخصية إسلامية من الملوك والرؤساء والعلماء ورواد المؤسسات و”الشبكات” الدينية كان ترتيب ابن بيه فيهم العشرون..

 وفي المركز الأول تَمَّ اختيار الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود،  وجاء في المرتبة الثانية الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر بينما حل  رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان سادسا. والشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة السعودية في المرتبة الثانية عشرة. والشيخ سلمان العودة في المرتبة السادسة عشرة. 

 

 

في بيان لمنتدى تعزيز السلم : ابن بيه يدعو الشباب الذين حملوا السلاح على أمتهم إلى وقفة تفكر

أبوظبي – “الخليج “:


دعا فضيلة الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الشباب الذين حملوا السلاح على أمتهم فأرهقوا البلاد والعباد، واستعدَوا الأمم وأهدروا القيم، إلى وقفة تفكر وإصغاء إلى نصيحة من يريد للأمة الخير . وخاطب ابن بيه الشباب في بيان صادر عن منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بالكلمات الأربع الأولى من كتاب الله تعالى “وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد”، مشيراً إلى أن إهلاك الحرث والنسل والنساء فساد في الأرض لا يحبه الله تعالى، أما الكلمة الثانية فمن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم “ويلكم، (أو ويحكم)، انظروا، لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض”، موضحاً أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن التكفير والاقتتال .
في الكلمة الثالثة اورد ابن بيه كلمة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه “فمن بايع رجلاً على غير مشورة من المسلمين، فلا يتابع هو ولا الذي بايعه، تغرة أن يقتلا”، متسائلاً هل استشار من يريد أن يكون خليفة للمسلمين العالم الإسلامي، أم أنه يعرض نفسه ومن يبايعه للقتل؟
أما الكلمة الرابعة، فكانت لإمام السنة أحمد بن حنبل، رحمه الله تعالى، عندما خاطب اهل بغداد قائلاً “لا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم” وذلك عندما أرادوا الثورة على الخليفة العباسي الواثق عندما قال بخلق القرآن .
وأعرب رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، عن أمله في أن يتأمل الشباب هذه الكلمات وأن يراجعوا أنفسهم لأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي على الباطل، مضيفاً أننا لا نتجاهل المظالم وندعو بإلحاح لإزالتها، إلا أننا نعتقد أن فرص العدالة مع السلم أفضل من فرضها بالحرب، فيجب ان تتوقف الحروب الشعواء وتنكشف الفتنة العمياء في كل مكان لنربح الحياة ولا نخسر الدنيا والآخرة .
وأعاد التذكير بالبيان الصادر عن اجتماع منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في أبوظبي مارس/ آذار ،2014 الذي قال: إن مما تعيشه الأمة اليوم من فتن مرده إلى التباس مفاهيم شرعية لا غبار عليها في أذهان شريحة واسعة من المجتمعات المسلمة، كتطبيق الشريعة ودولة الخلافة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد وطاعة أولي الأمر، وهي مفاهيم كانت في الأصل سياجاً على السلم، وأدوات للحفاظ على الحياة ومظهراً من مظاهر الرحمة الربانية التي جاء بها الإسلام على لسان نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، فلما فهمت على غير حقيقتها، وتشكلت في الأذهان بتصور يختلف عن أصل معناها وصورتها، انقلبت إلى ممارسات ضد مقصدها الأصلي، وهدفها وغايتها، فتحولت الرحمة إلى عذاب للأمة، اكتوى به المذنب والبريء، واستوى في إشاعته العالم والجاهل .
وأوضح البيان أن من أسباب ذلك الالتباس، فك الارتباط بين خطاب التكليف وخطاب الوضع، حيث إن الأحكام الشرعية التكليفية – الوجوب والندب والحرمة والكراهة والجواز – محاطة بخطاب الوضع، والشروط والموانع، ومن مجموع خطابي التكليف والوضع يتشكل المفهوم الصحيح: فإذا فككنا الارتباط بين الأوامر والنواهي، وبين الشروط توفراً والأسباب وجوداً والموانع انتفاءً كانت الأحكام لاغية ومُخالفة للشرع، وبعبارة أوضح فك العلاقة بين تطبيق الأحكام وبين مقتضيات المكان والزمان ومآلات المصالح والمفاسد .
واشار البيان إلى أن من أسباب ذلك الالتباس غموض العلاقة بين الوسائل والمقاصد، فإن أي انفكاك في العلاقة بين المقاصد والغايات والوسائل والأدوات، يؤدي إلى مخالفة الشرع، إذ إن وسائل المقاصد السيئة سيئة، ولا يتوسل إلى المقاصد النبيلة إلا بوسائل نبيلة، فلا يمكن أن يتوسل بالإبادة والقتل لإقامة الحق والعدل، ولا بالظلم والانتقام، إضافة إلى ضمور القيم الأربع التي تقوم عليها الشريعة، وهي: الحكمة والعدل والرحمة والمصلحة .
وقال البيان إن مسؤولية العلماء والمرجعيات الدينية في هذه الفترة بالذات مسؤولية جسيمة، وإن التكلفة البشرية والإنسانية لما يقع في جسم الأمة الإسلامية الآن لا يجوز بحال أن يترك أي عاقل متفرجا؛ فكيف بمن أخذ الله عليهم ميثاق البيان؟ والحال أن كثيراً مما يقع يتذرع له بمبررات دينية، بدعوى تكفيرية أحياناً أو تخوينية أحياناً أخرى، أو بدعوى تطبيق أحكام الشريعة في ظروف الحروب كأنهم لم يسمعوا حديث بشر بن أرطاة الصحيح وغيره من الآثار المعروفة عند أهل العلم .
ونوه البيان بأن جهاد القتال هو دفاع عن حرية المعتقد، وأصل العلاقة مع غير المسلمين السلم، والجهاد في أصل تشريعه هو البحث عن “السلم الدائم”، ولهذا طلب من جميع المؤمنين أن يدخلوا في السلم وقد تنازل عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية، كما هو معروف، من أجل السلام، وأما الجهاد بمعنى الحرب، فقد كان في ظروف لا معاهدات فيها تجمع العالم ولا ميثاق، ولا توجد فيها وسيلة لإبلاغ الدعوة إلا بإسناد حربي، ولا توجد فيها حدود بين الدول إلا بالقوة أو بعد المسافة، ولا توجد فيها أسلحة إبادة شاملة، وقد تغيرت كل هذه المعطيات، فهل يمكن أن يدعو مسلم يفهم نصوص الشريعة ومقاصدها إلى القيام بغزو الأمم؟ إلا أن يكون مُختل العقل جاهلاً بحقائق الإسلام وواقع العالم ومفسداً في الأرض .
وشدد البيان على إن الخلافة رحمة وإجراء لإقامة الدين والمحافظة على الكليات الخمس: الدين والنفس والمال والنسل والعقل، فالخلافة الإسلامية صيغة ارتضاها الصحابة رضي الله عنهم لجمع المسلمين وتوحيد كلمتهم تحت نظام يقيم فيهم أحكام الشرع ويحمي نفوسهم وأعراضهم وأموالهم، لكن الخلافة ليست عقيدة؛ وإنما هي القضايا الفقهية التي تخضع لخطاب الوضع باعتبارها وسيلة من الوسائل قد يقوم مقامها غيرها من وسائل اتحاد الدول اليوم واندماجها وتكاملها؛ بل عاشت دول إسلامية قروناً عديدة منفصلة عن الخلافة مع إقامتها للدين وحرصها على الشرائع والشعائر والمحافظة على الأمن والسلام، ولا تزال، فالعبرة في شرعنا بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، ومن ثم فإنه لا موجب شرعياً للسعي إلى إقامة الخلافة – على فرض أنها متاحة ومتيسرة – بالقوة، فكيف بمن يسعى في الأرض فساداً ويقتل الأبرياء ويروع الضعفاء ويهدم المساجد ودور العبادة وينبش القبور؟ وما هدم الرسول صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار، كما يقول ابن القيم .
وحذر البيان شباب الأمة على وجه الخصوص من أن يكونوا وقوداً لنيران الفتنة والفساد في الأرض في الدنيا ووقوداً لنار جهنم يوم الحساب، وندعوهم أنْ يتثبتوا مما يلقى إليهم من دعاوى ووعود، وأن يتشبثوا بالمحكمات من دين الله وشرعه حتى لا يفتتنوا بالمتشابهات ويلتبس عليهم الحق بالباطل، وخاصة منهم من لا يحسن العربية ولا يفهم لغة القرآن، فلا يكفر مسلم إلا بقول أو فعل لا يحتمل أي تأويل .

520 عالماً يناقشون أوضاع الأمة

قال ابن بيه: لقد كان من دواعي انعقاد المنتدى الأول لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بأبوظبي هذه السنة (جمادى الأولى/ مارس) بمشاركة ما يزيد على 520 عالماً ومفكراً إسلامياً من مختلف أنحاء العالم الاجتماعُ على موقف موحد من أوضاع في غاية الخطورة تعيشها الأمة الإسلامية في هذه الفترة العصيبة من حياتها .
وتتمثل هذه الخطورة في خمسة أبعاد هي البعد النوعي المتمثل في درجة العنف غير المسبوق الذي لم يستثن أي نوع من الأسلحة بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل الذي يستعمله أبناء الوطن الواحد، بعضهم ضد بعض، البعد المكاني المتمثل في الاتساع والانتشار الجغرافي الذي شمل رقعة واسعة من البلاد العربية والإسلامية والمرشح لشمول مناطق أخرى، البعد الزمني، حيث إن هذه النزاعات أصبحت في استمرارها وديمومتها كأنها أمر معتاد لاتلوح له نهاية في الأفق، والبعد الفكري والنفسي، وهو بعد يغذي الأبعاد الثلاثة السالفة حيث أفرزت هذه الفتنة أشد الأفكار تطرفاً وأكثر الفتاوى شذوذاً وأشد الآراء تعصباً وتحريضاً فاشتعلت الساحة بكم هائل من فتاوى التكفير والتضليل والتفسيق والتبديع، واستبيحت الدماء ولم يعد للشرعية في الطاعة واحترام الدماء وتجنب شق عصا الأوطان مكان، واستبدلت بدعوى الجهاد في غير محله والنهي عن منكر بغير ضوابطه مما يؤدي إلى ما هو أنكر، وخامساً: البعد الدولي: كل ما سبق شوه صورة الإسلام عالمياً وكاد يوصف بأنه “دين إرهاب” وأنه ربما يُحاكم الإسلامُ وأهله تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .
وأشار إلى أن من توصيات هذا المنتدى التشديد على الضرورة الملحة والعاجلة لإعادة ترتيب البيت الإسلامي وإصلاح مكوناته أفراداً وجماعات ومؤسسات، والتأكيد على الحاجة الماسة إلى تقوية المناعة الذاتية للأمة ضد التطرف والعنف الناشئ داخلها كيفما كان اتجاهه ومصدره، وأنه آن الأوان لتتجه المجتمعات المسلمة أفراداً وجمعيات وتنظيمات سياسية وحكومات ودولاً إلى التعاون على البر والتقوى، وتقديم المصالح العليا للإنسان والأوطان على المصالح الخاصة، واعتماد الحوار والتوافق منهجاً وحيداً لتحقيق التنمية الشاملة .

الأقليات في ذمة المسلمين

أكد البيان أن اضطهاد الأقليات الدينية وكافة أشكال العدوان عليها مخالف لقيم ديننا الذي أوصى بالأقليات الدينية خيراً وجعلهم في ذمة المسلمين وتوعد من يظلمهم بسوء العاقبة ووفاء بتجربة الأمة التي لا نظير لها تاريخياً في التعايش والتسامح مع الأقليات، فضلاً عما تقتضيه أخوة الإنسانية والمواطنة من مساواة في الحقوق والواجبات، فأي اعتداء من أي نوع أو إكراه على تغيير الدين غير مقبول، والإسلام منه براء، وإسلام المكره لا يصح .
وقال البيان إن قيم الصراع والنزاع في غير حالة الدفاع عن النفس ورد العدوان ليست قيماً إسلامية ولو حاول البعض أن يكسوها لباس التقوى، إنها قيم دخيلة على ثقافتنا الإسلامية، فما كان التدمير أبداً في ثقافتنا الأصيلة أساساً للتعمير، بل نتيجة للجهل والتعصب وأثر للاحتقان ومشاعر الإحباط أو الانتقام، أما قيمنا فتقوم على بناء الثقة في النفوس والمحبة في القلوب ومدافعة الباطل بالحق من دون عدوان ومقابلة الإساءة بالصبر والصفح والغفران .
ورأى البيان أن المجتمعات المسلمة في أمس الحاجة إلى أن ترسخ فيها مقصدية السلم وأولويته من خلال قيم واضحة هي: القيم الإسلامية والإنسانية، ومن خلال توضيح فقه السلم والمصالحة بمفرداته وقواعده وجزئياته وكلياته، ليرجح التعايش والانسجام ويصحح انحراف المفاهيم في بعض الأفهام، ويروج للمحبة والوئام، ويكبح جماح التكفير والتشهير والخصام، لتسود ثقافة العقل والفقه واعتبار المصالح جلباً والمفاسد درءاً وسلوك الحكمة حتى يعيش المسلم بدينه في دنياه دون شعور بالاغتراب ولا تعرض للقلق والحرج والاضطراب .

الإعلام ومسؤولية الكلمة

دعا البيان العلماء والفلاسفة والأدباء والمبدعين ووسائل الإعلام ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي إلى تحمل مسؤولية الكلمة وتقدير آثارها على التعايش والوئام، وإلى الانخراط في تعزيز ثقافة السلم في المجتمعات المسلمة، كما دعا المراجعات الفكرية على مستوى المناهج والبرامج لتدقيق النظر في الواقع وموكب ضروراته وإكراهاته وأفكاره وأدواته، وتعميق الدراسات الشرعية علماً وفهماً وتدبراً وتفكراً وتأويلاً وتعليلاً وتنزيلاً لمراجعة النصوص في منطوقاتها ومفهوماتها ورد جزئياتها إلى كلياتها، وإعادة الاعتبار للاختلاف المعتبر في المذاهب .
وقال إنه لا تغيير ولا تبديل بل تأصيل وتنزيل طبقاً لمناهج البحث المتوفرة، وعندئذ سندرك سعة الشريعة ورحمتها وشموليتها وحكمتها، إن الحلول ستكون من رحم الشريعة وروحها ومقاصدها، إنه مجهود عاجل وعلى العلماء ورجال الدين أنْ يواجهوه بشجاعة وبوضوح لإنقاذ أمتنا من حروب لا أول لها ولا آخر، كما أن على الساسة والمعنيين أنْ يرفعوا المظالم، وعلى الهيئات العالمية أنْ تكون أكثر عدلاً وحساسية تجاه ما يجري في هذه المنطقة .

مظلوميات متبادلة وحق يراد به باطل

أكد بيان منتدى تعزيز السلم أنه بدعوى الشرك على أهل التوحيد، وبدعوى مظلوميات متبادلة، وحق يراد به باطل، وباطل يلبس قميص الحق؛ اتسع على الناس – بمن فيهم المنتسبون إلى العلم – فضاء الشبه والاشتباه، ولم تأل كثير من وسائل الإعلام جهداً في خلط الأوراق، فارتبكت الأفهام وزلت الأقدام، ومن ثم فلا عذر للعلماء والحكماء في عدم القيام بواجب البيان والنصح للأمة لإطفاء نار الفتن وحقن الدماء متضامنين مع الحق متعاونين على البر والتقوى .
وأوضح البيان أن الجهاد ليس مرادفاً للقتال، فليس كل جهاد قتالاً، وليس كل قتالٍ جهاداً، إذ باستقراء النصوص الشرعية، يتضح أن الجهاد يشمل كل القربات، فبر الوالدين جهاد “ففيهما فجاهد”، وطاعة الله تعالى جهاد، ومن ذلك حديث: “والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله وجل”، لهذا فنحن ندعوكم لجهاد لا شك فيه، يدخلكم الجنة ويباعدكم عن النار ذكر الله تعالى وإعمار المساجد والإحسان إلى الناس وعمارة الأرض، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية إن الجهاد يشمل كل القربات والأعمال الصالحات، بما في ذلك التجارة والصناعة، كما في اختيارات البعلي، فما أحوج أمتكم اليوم إلى سواعدكم وعقولكم وطاقاتكم منتظمة في سلك المصالح مندمجة في التنمية .

الأحكام الشرعية من اختصاص ولي الأمر

 

نوه البيان بأن كثيراً من الأحكام الشرعية لم ينط الشارع إقامته بالأفراد ولكنه من اختصاص ولي الأمر أو من نصبه ولي الأمر لذلك، ومنها الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالنهي عن المنكر في بعض الحالات غير متأكد من مآلاته وهذا يحتاج إلى اجتهاد لا يحققه أي كان، وفي بعض الحالات قد يؤدي إلى منكر أعظم منه والنهي عنه هنا يصبح محرماً على الأفراد، وكذلك بالنسبة للجهاد .
فمن يحارب الدولة المعتدية في الخارج ويُجَيش الجيوش، ومن يحارب البغاة في الداخل هو الحاكم، كما يقول القرافي المالكي في فروقه، وهو يتحدث عن تصرفاته، ملاحظاً أن هذا النوع من التصرفات لا يجوز للأفراد أن يتعاطوه، وإنما يقوم به الحاكم، ومن ثم فإن انتصاب بعض الجماعات لتغيير المنكر بالقوة، أو لإعلان الجهاد يؤدي إلى فتنة وفساد عريض .

ما هذه بطريق الجنة – نصيحة للشباب وبيان للنخب

 

{نصيحة وبيان} 

نصيحة للشباب .. 

  “ما هذه بطريق الجنة”

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الرحمة ورسول الحكمة وعلى آله الأطهار وصحابته الأبرار صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين؛

أيها الشباب، الذين حملتم السلاح على أمتكم فأرهقتم البلاد والعباد واستعديتم الأمم وأهدرتم القيم، ندعوكم لوقفة تفكر وإصغاء إلى نصيحة من يريد للأمة الخير.

وبين يدي هذا البيان نقدم أربع كلمات:

أولاهن من كتاب الله تعالى  )وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ((البقرة 205)  هل هلك الحرث والنسل والشيوخ والنساء؟ أليس ذلك فساداً في الأرض لا يحبه الله تعالى؟

الثانية من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وَيْلَكُمْ، أَوْ وَيْحَكُمْ، انْظُرُوا، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». من آخر خطبه عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع.

يقول العلماء أي يكفر بعضكم بعضاً يرميه بتهمه الكفر ليقتله. {يلاحظ استعمال كلمة “ويلكم” أو “ويحكم” وهي كلمة تحذير شديد، قل أن يستعملها عليه الصلاة والسلام.} أليس هذا التكفير والاقتتال هو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم. 

الثالثةكلمة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَلاَ يُتَابَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِي بَايَعَهُ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلاَ“. آخر خطبة له، صحيح البخاري.

هل استشار من يريد أنْ يكون خليفة للمسلمين العالم الإسلامي أم أنه يعرض نفسه ومن يبايعه للقتل، أليس هذا ما حذر منه أمير المؤمنين من الإفتيات  على الناس؟ 

الرابعةكلمة لإمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى لأهل بغداد: لا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم وانظروا في عاقبة أمركم“. لما ارادوا الثورة على الخليفة العباسي الواثق عندما قال بخلق القرآن. أليس هذا من سفك الدماء الذي حذر منه الإمام أحمد أهل بغداد؟

نرجوكم من موقع الشفقة أنْ تتأملوا في هذه الكلمات المضيئة، وأنْ تراجعوا أنفسكم فالرجوع إلى الحق خير من التمادي على الباطل.

إننا لا نتجاهل المظالم وندعو بإلحاح لإزالتها، إلا أننا نعتقد أنَّ فُرص العدالة مع السلم أفضل من فرضها بالحرب، يجب أن تتوقف الحروب الشعواء وتنكشف الفتنة العمياء في كل مكان؛ لنربح الحياة ولا نخسر الدنيا والآخرة.     

نسأل الله تعالى للجميع الهداية والتوفيق -آمين.-

 

 

 بيان للأمة ونخبها..

بيان للتذكير والتفكير، لماذا؟

لقد كان من دواعي انعقاد المنتدى الأول لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بأبوظبي هذه السنة (جمادى الأولى1435 هـ / مارس 2014م) بمشاركة ما يزيد عن (250) عالماً ومفكراً إسلامياً من مختلف أنحاء العالم الاجتماعُ على موقف موحد من أوضاع في غاية الخطورة تعيشها الأمة الإسلامية في هذه الفترة العصيبة من حياتها.

وتتمثل هذه الخطورة في خمسة أبعاد:

أولا : البعد النوعي المتمثل في درجة العنف غير المسبوق الذي لم يستثن أي نوع من الأسلحة بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل الذي يستعمله أبناء الوطن الواحد بعضهم ضد بعض.

ثانيا: البعد المكاني المتمثل في الاتساع والانتشار الجغرافي الذي شمل رقعة واسعة من البلاد العربية والإسلامية والمرشح لشمول مناطق أخرى،

ثالثا: البعد الزمني؛ حيث إن هذه النزاعات أصبحت في استمرارها وديمومتها وكأنها أمر معتاد لا تلوح له نهاية في الأفق.

رابعاً: البعد الفكري والنفسي؛ وهو بعد يغذي الأبعاد الثلاثة السالفة حيث أفرزت هذه الفتنة أشد الأفكار تطرفا وأكثر الفتاوى شذوذا وأشد الآراء تعصباً وتحريضاً. فاشتعلت الساحة بكم هائل من فتاوى التكفير والتضليل والتفسيق والتبديع، واستبيحت الدماء ولم يعد للشرعية في الطاعة واحترام الدماء وتجنب شق عصا الأوطان مكان، واستبدلت بدعوى الجهاد في غير محله والنهي عن منكر بغير ضوابطه مما يؤدي إلى ما هو أنكر.

خامساً: البعد الدولي: كلُّ ما سبق شوه صورة الإسلام عالميا وكاد أن يوصف بأنه “دين إرهاب” وأنه ربما يُحاكم الإسلامُ وأهلُه تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وقد كان من توصيات هذا المنتدى التشديد على الضرورة الملحة والعاجلة لإعادة ترتيب البيت الإسلامي وإصلاح مكوناته أفرادا وجماعات ومؤسسات، والتأكيد على الحاجة الماسة إلى تقوية المناعة الذاتية للأمة ضد التطرف والعنف الناشئ داخلها كيفما كان اتجاهه ومصدره، وأنه آن الأوان لتتجه المجتمعات المسلمة أفراداً وجمعيات وتنظيمات سياسية وحكومات ودولاً إلى التعاون على البر والتقوى، وتقديم المصالح العليا للإنسان والأوطان على المصالح الخاصة، واعتماد الحوار والتوافق منهجاً وحيداً لتحقيق التنمية الشاملة.

وقد تسارعت الأحداث في الشهور والأسابيع الأخيرة وازدادت وتيرة الحروب العبثية والتدميرية ولم تستثن أية شريحة من السكان ولا أي دين من الأديان؛ لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك عواقب ومآلات ما حذر منه المنتدى والحاجة الماسة إلى تفعيل ما تضمنته بحوث المشاركين فيه ومناقشاتهم من اقتراحات وتوصيات.

ومن ثم فإن المنتدى يريد اليوم أنْ ينبه من جديد ويذكّر كل من يشفق على حال الأمة ويتشوف إلى إصلاح ما بها على ما يلي:

أ/ إنَّ مسؤولية العلماء والمرجعيات الدينية في هذه الفترة بالذات مسؤولية جسيمة، وإن التكلفة البشرية والإنسانية لما يقع في جسم الأمة الإسلامية الآن لا يجوز بحال أن يترك أي عاقل متفرجا؛ فكيف بمن أخذ الله عليهم ميثاق البيان؟ . والحال أن كثيرا مما يقع يتذرع له بمبررات دينية، بدعوى تكفيرية أحياناً أو تخوينية أحياناً أخرى، أو بدعوى تطبيق أحكام الشريعة في ظروف الحروب كأنهم لم يسمعوا حديث بشر بن أرطاة الصحيح وغيره من الآثار المعروفة عند أهل العلم. وبدعوى الشرك على أهل التوحيد، وبدعوى مظلوميات متبادلة، وحق يراد به باطل، وباطل يلبس قميص الحق؛ فاتسع على الناس -بمن فيهم المنتسبون إلى العلم- فضاء الشبه والاشتباه، ولم تأل كثير من وسائل الإعلام جهداً في خلط الأوراق، فارتبكت الأفهام وزلت الأقدام.

ومن ثم فلا عذر للعلماء والحكماء في عدم القيام بواجب البيان والنصح للأمة لإطفاء نار الفتن وحقن الدماء متضامنين مع الحق متعاونين على البر والتقوى )وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(،

ب/ إن جزءاً كبيراً مما تعيشه الأمة اليوم من فتن مرده إلى التباس مفاهيم شرعية لا غبار عليها في أذهان شريحة واسعة من المجتمعات المسلمة . كتطبيق الشريعة ودولة الخلافة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد وطاعة أولي الأمر…وهي مفاهيم كانت في الأصل سياجاً على السلم وأدوات للحفاظ على الحياة ومظهراً من مظاهر الرحمة الربانية التي جاء بها الإسلام على لسان نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم. فلما فهمت على غير حقيقتها، وتشكلت في الأذهان بتصور يختلف عن أصل معناها وصورتها، انقلبت إلى ممارسات ضد مقصدها الأصلي وهدفها وغايتها، فتحولت الرحمة إلى عذاب للأمة اكتوى به المذنب والبريء واستوى في إشاعته العالم والجاهل.

وإن من أسباب ذلكم الالتباس:

1-      فك الارتباط بين خطاب التكليف وخطاب الوضع: إن الأحكام الشرعية التكليفية – الوجوب والندب والحرمة والكراهة والجواز- محاطة بخطاب الوضع، وهو الأسباب والشروط والموانع، ومن مجموع خطابيّ التكليف والوضع يتشكل المفهوم الصحيح: فإذا فككنا الارتباط بين الأوامر والنواهي، وبين الشروط توفراً والأسباب وجوداً والموانع انتفاءً، كانت الأحكام لاغية ومُخالفة للشرع. .

وبعبارة أوضح فك العلاقة بين تطبيق الأحكام وبين مقتضيات المكان والزمان ومئالات المصالح والمفاسد.

2-     غموض العلاقة بين الوسائل والمقاصد: إن أي انفكاك في العلاقة بين المقاصد والغايات والوسائل والأدوات يؤدي إلى مخالفة الشرع؛ إذ إن وسائل المقاصد السيئة سيئة، ولا يتوسل إلى المقاصد النبيلة إلا بوسائل نبيلة. فلا يمكن أن يتوسل بالإبادة والقتل لإقامة الحق والعدل ولا بالظلم والانتقام.   

3-      ضمور القيم الأربع التي تقوم عليها الشريعة، وهي: الحكمة والعدل والرحمة والمصلحة.

ت/ إن الجهاد ليس مرادفاً للقتال، فليس كل جهاد قتالاً وليس كل قتالٍ جهاداً؛ إذ باستقراء النصوص الشرعية، يتضح أن الجهاد يشمل  كل القربات: فبر الوالدين جهاد “ففيهما فجاهد”، وطاعة الله تعالى جهاد، ومن ذلكحديث: “والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله وجل” .

لهذا فنحن ندعوكم لجهاد لا شك فيه يدخلكم الجنة ويباعدكم عن النار ذكر الله تعالى وإعمار المساجد والإحسان إلى الناس وعمارة الأرض. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية إن الجهاد يشمل كل القربات والأعمال الصالحات، بما في ذلك التجارة والصناعة، كما في اختيارات البعلي.

فما أحوج أمتكم اليوم على سواعدكم وعقولكم وطاقاتكم منتظمة في سلك المصالح مندمجة في التنمية.   

أما جهاد “القتال”فهو دفاع عن حرية المعتقد)الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ– الحج 40 (.

وأصل العلاقة مع غير المسلمين السلم () والجهاد في أصل تشريعه هو البحث عن “السلم الدائم” ولهذا طلب من جميع المؤمنين أن يدخلوا في السلم )يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ- البقرة : 208 (، وطلب منهم عندما يرون أي بادرة للسلم أن يقبلوها، ) وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ – الأنفال: 61( . وقد تنازل عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية، كما هو معروف، من أجل السلام. 

أما الجهاد بمعنى الحرب فقد كان في ظروف لا معاهدات فيها تجمع العالم ولا ميثاق، ولا توجد فيها وسيلة لإبلاغ الدعوة إلا بإسناد حربي، ولا توجد فيها حدود بين الدول إلا بالقوة أو بعد المسافة ولا توجد فيها أسلحة إبادة شاملة.

وقد تغيرت كل هذه المعطيات، فهل يمكن أن يدعو مسلم يفهم نصوص الشريعة ومقاصدها إلى القيام بغزو الأمم؟ إلا أن يكون مُختل العقل جاهلاً بِحقائق الإسلام وواقع العالم ومفسد في الأرض.

ج/ إن كثيرا من الأحكام الشرعية لم ينط الشارع إقامته بالأفراد ولكنه من اختصاص ولي الأمر أو من نصبه ولي الأمر لذلك، ومنها الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فالنهي عن المنكر في بعض الحالات غير متأكد من مآلاته وهذا يحتاج إلى اجتهاد لا يحققه أي كان وفي بعض الحالات قد يؤدي إلى منكر أعظم منه والنهي عنه هنا يصبح محرما على الأفراد. وكذلك بالنسبة للجهاد فمن يحارب الدولة المعتدية في الخارج ويُجَيش الجيوش، ومن يحارب البغاة في الداخل هو الحاكم، كما يقول القرافي المالكي في فروقه، وهو يتحدث عن تصرفاته، ملاحظا أن هذا النوع من التصرفات لا يجوز للأفراد أن يتعاطوه وإنما يقوم به الحاكم. ومن ثم فإن انتصاب بعض الجماعات لتغيير المنكر بالقوة أو لإعلان الجهاد يؤدي إلى فتنة وفساد عريض .

ح / إنَّ الخلافة رحمة وإجراء لإقامة الدين والمحافظة على الكليات الخمس: الدين والنفس والمال والنسل والعقل. 

إن الخلافة الإسلامية صيغة ارتضاها الصحابة رضي الله عنهم لجمع المسلمين وتوحيد كلمتهم تحت نظام يقيم فيهم أحكام الشرع ويحمي نفوسهم وأعراضهم وأموالهم. لكن الخلافة لست عقيدة ؛  وإنما هي القضايا الفقهية التي تخضع لخطاب الوضع باعتبارها وسيلة من الوسائل قد يقوم مقامها غيرها من وسائل اتحاد الدول اليوم واندماجها وتكاملها؛ بل عاشت دول إسلامية قرونا عديدة منفصلة عن الخلافة مع إقامتها للدين وحرصها على الشرائع والشعائر والمحافظة على الأمن والسلام، ولا تزال. فالعبرة في شرعنا بالمعاني لا بالألفاظ والمباني. ومن ثم فإنه لا موجب شرعي للسعي إلى إقامة الخلافة -على فرض أنها متاحة ومتيسرة- بالقوة، فكيف بمن يسعى في الأرض فسادا ويقتل الأبرياء ويروع الضعفاء ويهدم المساجد ودور العبادة وينبش القبور؟ وما هدم الرسول صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار. كما يقول ابن القيم.

خ /إنَّ اضطهاد الأقليات الدينية وكافة أشكال العدوان عليها مخالف لقيم ديننا الذي أوصى بالأقليات الدينية خيراً وجعلهم في ذمة المسلمين وتوعد من يظلمهم بسوء العاقبة ووفاء بتجربة الأمة التي لا نظير لها تاريخيا في التعايش والتسامح مع الأقليات فضلا عما تقتضيه أخوة الإنسانية والمواطنة من مساواة في الحقوق والواجبات . فأي اعتداء من أي نوع أو إكراه على تغيير الدين غير مقبول، والإسلام منه براء )لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين( وإسلام المكره لا يصح.   

د / إن قيم الصراع والنزاع في غير حالة الدفاع عن النفس ورد العدوان ليست قيماً إسلامية ولو حاول البعض أن يكسوها لباس التقوى. إنها قيم دخيلة على ثقافتنا الإسلامية؛ فما كان التدمير أبدا في ثقافتنا الأصيلة أساسا للتعمير؛ بل نتيجة للجهل والتعصب وأثرا للاحتقان ومشاعر الإحباط أو الانتقام. أما قيمنا فتقوم على بناء الثقة في النفوس والمحبة في القلوب ومدافعة الباطل بالحق دون عدوان ومقابلة الإساءة بالصبر والصفح والغفران)وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ- البقرة:190( ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ ٱلسَّيِّئَةَۚ- المؤمنون:96(، )وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ – القصص: 54(.

ذ / إن المجتمعات المسلمة في أمس الحاجة إلى أن ترسخ فيها مقصدية السلم وأولويته من خلال قيم واضحة هي: القيم الإسلامية والإنسانية،ومن خلال توضيح فقه السلم والمصالحة بمفرداته وقواعده وجزئياته وكلياته؛ ليرجح التعايش والانسجام ويصحح انحراف المفاهيم في بعض الأفهام، ويروج للمحبة والوئام، ويكبح جماح التكفير والتشهير والخصام، لتسود ثقافة العقل والفقه واعتبار المصالح جلبا والمفاسد درءا وسلوك الحكمة حتى يعيش المسلم بدينه في دنياه دون شعور بالاغتراب ولا تعرض للقلق  والحرج والاضطراب.

ومن ثم فإننا نجدد الدعوة للعلماء والفلاسفة والأدباء والمبدعين ولوسائل الإعلام ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي إلى تحمل مسؤولية الكلمة وتقدير آثارها على التعايش والوئام، وإلى الانخراط في تعزيز ثقافة السلم في المجتمعات المسلمة.

              وندعو إلى المراجعات الفكرية على مستوى المناهج والبرامج لتدقيق النظر في الواقع وموكب ضروراته وإكراهاته وأفكاره وأدواته، وتعميق الدراسات الشرعية علماً وفهماً وتدبراً وتفكراً وتأويلاً وتعليلاً وتنزيلاً؛ لمراجعة النصوص في منطوقاتها ومفهوماتها ورد جزئياتها إلى كلياتها، وإعادة الاعتبار للاختلاف المعتبر في المذاهب.

          فلا تغيير ولا تبديل بل تأصيلا وتنزيلاً طبقاً لمناهج البحث المتوفرة. وعندئذ سندرك سعة الشريعة ورحمتها وشموليتها وحكمتها. إنَّ الحلول ستكون من رحم الشريعة وروحها ومقاصدها.

          إنه مجهود عاجل وعلى العلماء ورجال الدين أنْ يواجهوه بشجاعة وبوضوح لإنقاذ أمتنا من حروب لا أول لها ولا آخر. كما أنَّ على الساسة والمعنيين أنْ يرفعوا المظالم ، وعلى الهيئات العالمية أنْ تكون أكثر عدلاً وحساسية تجاه ما يجري في هذه المنطقة.

  وأخيراً، فإننا نحذر شباب الأمة على وجه الخصوص من أن يكونوا وقوداً لنيران الفتنة والفساد في الأرض في الدنيا ووقودا لنار جهنم يوم الحساب، وندعوهم أنْ يتثبتوا مما يلقى إليهم من دعاوى ووعود، وأن يتشبثوا بالمحكمات من دين الله وشرعه حتى لا يفتتنوا بالمتشابهات ويلتبس عليهم الحق بالباطل، وخاصة منهم من لا يحسن العربية ولا يفهم لغة القرآن. فلا يكفَّر مسلم إلا بقول أو فعل لا يحتمل أي تأويل، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم مجرد سباب المسلم فسوقاً وقتاله كفراً، وعصم الله تعالى النفس البشرية مطلقا )وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَق – الإسراء:33 ( ، وجعل قتل النفس الواحدة كقتل البشرية جمعاء ) أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا(، وفي الحديث: ” لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

 

عبدالله بن بيه

رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة

حرر بــــأبوظبي – يوم  19 ذو القعدة 1435 هـ/ 14 سبتمبر 2014م


انظر ورقة المؤتمر[1]

انظر البيان الختامي للمنتدى الأول لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة.[2]

انظر البيان الختامي للمنتدى الأول لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة.[3]

– صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب: الجهاد بإذن الوالدين، الحديث: 3004.

– رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داوود في سننه عن فضالة بن عبيدوهو حديث حسن، رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/54) رقم 24 ؛ وصححه ابن حبان في صحيحه (11/204)؛ وأحمد في المسند  رقم : 2400.

– يراجع في ذلك كتاب الشيخ عبد الله بن بيه”الإرهاب: التشخيص والحلول”.

– إعلام الموقعين عن رب العالمين، 3/12، لابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد عبد السلام إبراهيم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1-1411هـ/1991م.

– الفروق، لأبي العباس أحمد بن ادريس القرافي، 1/206،  عالم الكتب، د.ت.

رواه البخاري في كتاب الديات، باب قول الله تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا) وأحمد في المسند (مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما)…[9]

الإمام عبد الله بن بيّه ومهمة الإطفاء

في كل عصر من عصور الإنحطاط و في كل حقبة من حقب الظُّلْمَةِ تتساقط الأقنعة المزيفة تباعا و تتهاوى عروش صنعها الهوس النفعي و يتبدل الأمن خوفا و الغنى فقرا و الطهارة رجسا و العافية هما و غما ,لكن في المقابل يظل القابضون على الجمر المتسنمون هام الترقي , العارفون بالله ضياء كون مدلهم الخطوب ينيرون الطريق و يرشدون , يصنعون من الحق ثوب ستر للمبتلين , يُعلِّمون الناس البر و صلة الأرحام بعد أن تكالبت عليهم المصائب و قُطِّعت الأرحام .

 

إن ما يعيشه عالمنا اليوم من إنحطاط شأن الإنسان المسلم و هوَانِ حرمته و دمه و إستباحة ماله و عرضه ليس إلا ترجمة حيّة لما وصل إليه الخطاب الديني من خلط في المفاهيم و تشابك بين العواطف و النصوص و تداخل بين السفلي و العلوي من شؤون الإختصاص …
دين الله ليس دين تنازع و لا دين تقاتل و لا دين تناحر , دين الله إسلام و تسليم و إنقياد لأوامر الله في السراء و الضرار , لا تبدل ضوابطه أمزجة الخلق التي تهفوا  لمآرب السلطة و الكسب و لا تلوي نصوصه ضواغط الشارع العبثية التي تحتكم للضجيج و الألوان و صناعة الفوضى.


لقد غرق العالم الإسلامي في عصرنا هذا في إشكالات كبرى صنعت فيها الفتوى كما يصنع الموت و دفنت فيها الرحمة كما يدفن الشهيد , فأطلقت النار من بنادق العلماء في المساجد و المنابر و أصدرت شهادات الوفاة من مكاتب الدعوة , فطالت العلماء أيادي السفهاء , هدمت المساجد على رؤوس المصلين , دفنت آثار الحياة تحت أصوات التكبير التي تؤازر السواطير في تقطيع الرؤوس و رُجِمت الأخلاق و جُلدت الكرامة بسياط الجهل في الشوارع و الأزقة في حضرة اليأس من الخلاص ….

و الحالة هذه يظل دين الله هو الملجأ الذي يهرب منه طالبوا السلطة و يتذمر منه فاقدوها ظنا منهم أن تعاليم الدين السمحة تخضع لوسائل التملص و تبيح مفطرات التلصص في حالة من مشادة الدين و مغالبة الأهواء , لكن الله سبحانه و تعالى يأبى ذلك في نصوص وحيه و سنن الحياة التي لا يدرك شؤونها إلا العارفون به سبحانه , ممن جعلهم حماة لهذا الدين يجوبون عوالمه سبرا و تأصيلا و تفصيلا و إنزالا و إستنباطا آخذين بمنهج الإدراك و التحري في سكينة و حرص على هداية الناس و حقن دمائهم و إطفاء حرائقهم و تضميد جراحهم , لينعم الله تعالى على هذه الأمة في هذا الزمان بالإمام الرباني عبد الله بن بيّه , الذي حمل إلى المتنازعين مشروع السلم و الصلح و الهداية فكان معززا بدستور فيه تجديد و ترشيد و خضوع لأوامر الله و إحتكام لشريعته بعيدا عن التعصب و الغلو و التطرف ………


لا يختلف إثنان من العارفين بالدين الإسلامي في عصرنا الحالي على مكانة الإمام عبد الله بن بيه و جهوده العالمية المتبنية نهج الإصلاح و التقارب و التلاحم البشري حول شريعة الإسلام السمحة التي جاءت رحمة للعالمين , و من الواضح أيضا تلك الجهود و المواقف التي ميزت الإمام في تعامله مع الفتن التي حلت بدار الأمة في عصرنا الحالي و ما آلت إليه من هدم و قتل و تشريد و إنتفاءِِ للقيم الإنسانية و إرتكاس للحضارة البشرية , و في هذا السياق يشخص الإمام المشكلة و يضعها في سياقها التاريخي و أبعادها العلمية و الإجتماعية مجيبا على كثير من علامات الإستفهام التي يختلط فيها الفهم حتى على كبار المتحمسين فيقول في كتابه “تنبيه المراجع على فقه المقاصد , (الصفحة 9) :


ما هي المشكلة ؟
إنها وضع فكري يسيطر على نفوس الأمة و عقولها و يطبع سلوكها , و يعطل مسيرتها , و يكبل خطاها , و يصرف طاقتها في قنوات العدم الذي لا ينتج إلا عدماََ : لقيام التمانع السلبي بين دعوتين أولاهما , حداثية تبحث عن منتج مقلد , و مفهوم هلامي تبريري , تجعل منه مقدمة ضرورية و معبراََ و ممراََ إجباريا لكل عمل نهضوي , فحكمت بالتوقف ما لم يُلبَّ شرطها و يتقدَّم رهطُها .
و دعوى دينية لا تسمح لواقع بالإسهام في مسيرة التطوير و سيرورة التغيير ما لم تنخله بغربالها , و تكسوه بجلبابها , و يستجيب لطلابها , تتجاهل الواقع و تعيش في القواقع , حمل بعض منتجيها فقها و ليسوا بفقهاء فحكموا بالجزئي على الكلي و تعاملوا مع النصوص بلا أصول فأمروا و نهوا و هدموا و بنوا .تراكم تاريخي عمره قرون أسهم فيه الإستعمار الغربي للبلاد الإسلامية , فاستولى على الزمان و المكان و الإنسان , بمعنى أنه استولى على التاريخ و أصبح غيرهم “الغربيين” خارج الزمن ثقافة و فكرا و إبداعاََ .
ما جعل الشريعة خارج المجال اليومي للحياة , أي خارج الممارسة في الواقع في أغلب الأقطار , الأمر الذي حرم الأمة من أن تقوم بجهد ذاتي بأيدِِ راشدة و عليمة في تطوير موروثها بناء على تجارب الحياة و إكراهاتها فانزوى الفقه عملياّّ إلى مجال الأحوال الشخصية , و انبرى للإجابة في غمرة الأحداث – ربما بحسن نية و سلامة طوية – ثلة تظن أنها بقفزة يمكن أن تغير الإنسان و تعيد عقارب ساعة الزمان .
إلا أن لدى بعض هؤلاء خللا ناشئاََ عن قصور في التأصيل , و ضمور في الفقه , و عدم التزام بالمنهجية و عدم فهم للواقع , ظاهريةٌ في التفسير و جهل بالحكم و التعليل , و تجاهلٌ للواقع عند التنزيل , فقدموا فتاوى تتضمن فروعا بلا قواعد و جزئيات بلا مقاصد , تجانب المصالح و تجلب المفاسد , ما أوجد حالة من الفوضى الفكرية تطورت إلى نزاعات و خصومات كلامية سرعان ما استحالت إلى حروب حقيقية بالذخيرة الحية فسفكت الدماء المعصومة و استبيحت الحرمات المصونة في مشهد غابت فيه الحكمة و انتزعت – من قلوب الأطراف المنخرطة فيه – الرحمة فأردنا أن نهيب بالجميع لتحكيم العقل و الشرع .  ( إنتهى الإستشهاد )

 

هي إذاََ حالة من عدم الطمأنينة بل من الفوضى يتداخل فيها سياسي لا ديني بديني يفتقر سياسة الدين فكان لزاما على الإمام أن يجد للعامة مثلي مخرجا من حالة التشرذم التي نعيشها في ظل فتاوى المعسكرات , فقدم نموذجه الفارع في دور العلماء حينما قال : “إن مسؤولية المرجعيات الدينية كبيرة في هذه الفترة بالذات – و إن التكلفة البشرية و الإنسانية لا يمكن أن تترك أي شخص متفرجا – بل يجب علينا أن نكون إطفائيين , و الإطفائي لا يسأل عمن بدأ و إنما يحاول أن يطفئ الحريق ” .
بالفعل إنه حريق لم يسلم منه أخضر و لا يابس , حريق يلتهم الكرامة الإنسانية و يسري في هشيم الأخلاق , يهدم البنيان و يخطف حياة الجميع و يسرق من الكل شأن نفسه في حالة من الضياع فاقت التصورات , و أربكت المشاعر على جميع المستويات , يستدعي مهمة إطفاء على مستوى الإمام عبد الله بن بيّه

عبدالله بن بيه .. نشر القيم الإسلامية السمحة

رضا البواردي – أبوظبي

سخّر 75 عاماً من عمره في نشر مبادئ الإسلام السمحة، وترسيخ قيم الدين الحنيف، حمايةً للمجتمعات من الأفكار المغلوطة والهدامة وصوناً لتماسكها واعتدالها .. رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وعضو مجلس حكماء المسلمين في أبوظبي الدكتور العلامة عبدالله بن بية .
ولد بن بية عام 1935 في مدينة تمبدغة جنوب شرق الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ونشأ في كنف والده القاضي العلامة المحفوظ بن بية، مُتلقياً العلم منذ نعومة أظفاره على يد نخبة من علماء شنقيط المعروفين.


شغل العلامة بن بية الكثير من المناصب المهمة في بلده الأم، كرئيس مصلحة الشريعة في وزارة العدل، ونائب رئيس محكمة الاستئناف، ونائب رئيس المحكمة العليا، فضلاً عن رئيس قسم الشريعة الإسلامية في المحكمة العليا، ووزير التعليم الأساسي والشؤون الدينية، و«العدل والتشريع»، و«المصادر البشرية».ويعمل حالياً رئيس مجلس أمناء ورئيس مجلس إدارة المركز العالمي للتجديد والترشيد في لندن.
يرى العلامة بن بية أن فرص ترسيخ السلم تفوق بكثير احتمالات الحروب التي لا تنتج إلا الدمار والفناء، مؤمناً بقيمة الرسالة الإسلامية في إشاعة التسامح والوسطية ونبذ العنف والتطرف.
ويشغل عضوية العديد من المجالس والمجامع والاتحادات الدولية، وهو دكتور الدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز.

ألف مراجع عدة حول معاملات الأموال، وحقوق الإنسان في الإسلام، وشروط صناعة الفتوى، وظاهرة الإرهاب.

 

 

العلامة ابن بيه يستقبل الأمين العام لمركز الملك عبدالله للحوار

استقبل العلامة عبدالله بن بيه في منزله بجدة غرب السعودية معالي الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار الأستاذ فيصل بن معمر. وقد دار النقاش حول الشراكة بين المركز ومنتدى منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الذي يرأسه العلامة ابن بيه من أجل خدمة قضايا الامة العربية والإسلامية وجمع كلمتها وإطفاء الحرائق في جسدها .

تنبيه المراجع على تأصيل فقه الواقع

دار الموطأ للنشر – أبوظبي
2018
الطبعة الثالثة
فقه – فقه الواقع – أصول فقه

يقارب رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد الشيخ الدكتور عبدالله بن بيه بين دفتي إصداره الجديد «تنبيه المراجع على تأصيل فقه الواقع»، قضية التجديد في الفقه الإسلامي، والحاجة المتنامية إليه في زمن تداعيات الربيع العربي. ويمثل الكتاب أحد روافد فكر التجديد، الذي ينتهجه الكاتب ضمن جهوده المتواصلة لفض حالة الاشتباك المزمن بين النصوص الدينية ودلالاتها وطريقة قراءتها من جهة، والمستجدات المتسارعة للعصر الحديث، التي تتأثر وتؤثر في الواقع وتملي عليه متطلبات جديدة من جهة أخرى. ويبدو أن الكتاب موجه بشكل أساسي إلى النخب الثقافية والفكرية، إذ أنه يتمتع بلغة رصينة تحمل ثقلا في المضمون وأسلوب الطرح.

وتكمن أهمية العمل في أنه يلامس مشكلة فوضى اجتزاء النصوص والاجتهادات العبثية والأخذ بمعانيها الظاهرة، وتحميل الواقع نصوصا أو أحكاما؛ دون اعتبار للمقاصد الرئيسية للإسلام، أو النظر إلى كليات الأمور، وأصول استنباط الأحكام، وتقديم المصالح، وأولها السلم، لدى عرض القضايا على ميزان المصالح والمفاسد. كما يقدم رؤى تستند إلى منهج الاستدلال الكلي في تحليل الواقع القائم، تبعد القارئ عن الفروع لتنحى به نحو الأصول في مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتشريع وتشكيل الاقتصاد والمجتمع.

ويقدم بن بيه إطلالة على أسس فهم الواقع وتشكيل السلطة، طارحا مقاربة تشكيل السلطات في المجتمع الغربي، الذي يعتبر المغالبة أصلا والصراع الفكري والطبقي والاقتصادي بمختلف أشكاله وسيلة، كما يمثلها هيغل في فلسلفة «التدمير من أجل التعمير»، بغض النظر عن مفهوم المصالح والمفاسد. أما مقتضيات القيم الإسلامية، فإنها تفضل المصالحة على المكافحة، وترشح الوسائل التي تتلاءم مع المصالح وتحافظ على الأنفس والأموال والابتعاد عن الحروب الأهلية.

ويتمتع الكتاب بتنوع الأفكار ومقاربة قضية التجديد من مختلف الجوانب المحيطة بها، مستشهدا بمجموعة واسعة من آراء الفقهاء والمفكرين والفلاسفة العرب والمسلمين والغربيين، القدامى والحاليين. كما يقدم إضاءة على منهجية التعامل مع النصوص في المواءمة بين مقتضيات الوحي ومدلولات الوحي، والانتقال بذلك إلى قراءة عقلانية للواقع. فكثير ممن ينهضون بإحداث التغيير من أهل الثورات يعانون من قصور ثلاثي يشمل إدراك الواقع، وفهم تأثير الواقع في الأحكام الشرعية في الجملة، وكذلك التعامل مع منهجية استنباط الأحكام بناء على العلاقة بين النصوص والمقاصد وبين الواقع.

ويهتم الثلث الأول من الكتاب بالنظر إلى الواقع وأصول التعامل معه، وتحقيق المناط بفقه الواقع والتوقع، عبر تجديد وتحديث للفقه ومراجعة العديد من الأحكام على مر التاريخ لتلائم الزمان، وهو ما يطلق عليه «التحيين»، مستشهدا بقاعدة «جريان العمل» لدى المالكية، التي جددت فيها مئات المسائل الفقهية؛ استنادا إلى الظروف المكانية والزمنية

العلامة عبد الله بن بيه يعقد لقاء تشاوريا مع علماء موريتانيا

نظم فضيلة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم ورئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد الليلة البارحة بمقر المركز بنواكشوط حفل استقبال على شرف كوكبة من العلماء الموريتانيين الأجلاء  .ويحرص العلامة ابن بيه على مثل هذه اللقاءات التي توفر الفرصة لإجراء أحاديث مع إخوته العلماء حول مستجدات العصر وما تطرحه من اشكالات فقهية   والتذاكر معهم في مستجدات المسائل والنوازل.

العلامة عبدالله بن بيه يصل الى نواكشوط استجابة لدعوة رسمية لحضور تنصيب رئيس الدولة

 

إستجابة لدعوة رسمية يصل العلامة عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيه -رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد ورئيس منتدى تعزيز السلم – مساء اليوم الجمعة الى مطار نواكشوط الدولي لحضور تنصيب الرئيس الموريتاني الفائز في الانتخابات لفترته الثانية . كما سيتخلل الزيارة المختصرة لقاءات بعلماء موريتانيا ووجائها للتذاكر حول المواضيع ذات الإهتمام المشترك.

تأسيس مجلس “حكماء المسلين “

أعلن مساء اليوم في ابوظبي انطلاق “مجلس حكماء المسليمن” بحضور العلامة عبدالله بن بيه والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر . ويقول مؤسسوا هذا المجلس أنه يهدف الى “ايقاف لعبة الموت والاقتتال في العالم الإسلامي” كما يهدف الى ” لم الشمل وترسيخ قيم التعايش السعيد واعادة ترتيب البيت الإسلامي”.

وفي البيان الختامي ذكر المؤسسون أنهم يضعون  نصب أعينهم ما هو آت:

1- امتثال نصوص الشرع الداعية إلى إقرار السلم.

2- تأصيل مفهوم السلم، وشن الحرب على الحرب.

3- تثبيت منظومة السلم فقهاً وقيماً ومفاهيم وقواعدوثقافة.

4- تلمس الطريق إلى السلم باقتناع ذاتي من أبناء الأمةالإسلامية ومبادرة جدية ومسؤولة من نخبها وحكمائهاوعقلائها للم شتات الأمة وترسيخ قيم التعايش المشتركوالسعيد، وإعادة ترتيب البيت الإسلامي.

5- التجرد من أية عوامل ذاتية تجعل أعضاء المجلس طرفاً في أي صراع سياسي أو ديني أو عرقي.

6- تقوية مناعة الأمة وخاصة شبابها ضد خطاب العنفوالكراهية.

7- تصحيح وتنقيح المفاهيم الشرعية وتنقيتها مما علقبها من شوائب انحرفت بها عن مقاصدها النبيلة.

8- استعادة الوضع الاعتباري لمرجعية العلماء وتأثيرها المشرف في تاريخ الأمة الإسلامية.

9- إحياء الوازع الديني والتربوي في جسد الأمةومكوناتها.

10- إيقاف لعبة التدمير.

 

وينفي مصدر مقرب من المجلس أن يكون انشاؤه ردا على اية منظمات قائمة او انحيازا لطرف معين . ويؤكد أن المجلس يختط خط اصلاح ووفاق وليس خط ااحتراب او نزاع .

 

ومن بين المؤسسين للمجلس نائب رئيس مجلس الشورى السعودي الأسبق الدكتور عبدالله نصيف والدكتور حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء المصرية.

مجلس حكماء المسلمين – بيان التأسيس

مجلس حكماء المسلمين – بيان التأسيس

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه:

 

شهدت أرض الإمارات العربية المتحدة المباركة يومي 08و09 جمادى الأولى 1435هـ، 09 و10 مارس 2014م، وبتكرم من قادة هذا البلد الكريم أعمال المنتدى تعزيزالسلم في المجتمعات المسلمة، وذلك ترسيخاً لما كرس له حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- حياته من سعي لإقرار السلم في العالم، والسعي نحوالتعارف والتآلف والتعايش السعيد.

لقد اتفق جميع المشاركين على أن جسد الأمة الإسلامية لم يعد يتحمل ارتفاع درجة حرارته التي ما فتئت تتصاعد نتيجة تزايد حدة الاحتراب والاقتتال بين مكوناتالمجتمعات المسلمة، واجتمعت كلمتهم على حاجة الأمة إلى إطفائيين همهم إطفاء الحرائق، وإلى مُخفضات حرارة تمنع جسد الأمة من الانفجار، واعين وعياً تاماً أن هؤلاء الإطفائيين لا يمكنهم أن يقوموا بمهمتهم إلا إذا ضمهم كيان يشتغلون في ظله من أجل تحقيق مساعيهم و غاياتهم النبيلة التي هي نفسها غايات ومقاصد الشارع التي تتمثل في أن يُحفظ على الناس دينهم وأنفسهم ودماؤهم، مستشعرين أن ما يعطيه السلم لا يساويه ما تنتجه الحروب، وأن الحقوق هي آكد وأثبت وأقوى في ظلال السلم منها في ظل الاحتراب والاقتتال، مدركين أن الأمةلا يمكنها أن تصبح شريكا في صنع القرار في ظلال صراعاتها الداخلية التي تمزقها، وفي ظل تمكن خطاب الفتنة والكراهية، وفي ظل الواقع الذي أصبحت فيه لعبةالموت أمرا معتادا، وصار فيه تنازع البقاء المُفني هدفا لدى الكثير من أبنائها.

لذلك، وتنفيذا لما خرج به المؤتمرون المشاركون في المنتدى من توصيات والتزاماً بمقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، وبتعاونٍ بين الأزهر الشريف ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، يُعلَنُ بتوفيق وفضل منالله سبحانه وتعالى في يوم 21 رمضان 1435هـ عنتأسيس مجلس حكماء المسلمين، كأول كيان مؤسسيجامع لحكماء الأمة الإسلامية.

 

وإذ يتأسس هذا الكيان على هدى وتقوى من الله، فإنالمؤسسين يضعون نصب أعينهم ما هو آت:

 

1- امتثال نصوص الشرع الداعية إلى إقرار السلم.

2- تأصيل مفهوم السلم، وشن الحرب على الحرب.

3- تثبيت منظومة السلم فقهاً وقيماً ومفاهيم وقواعدوثقافة.

4- تلمس الطريق إلى السلم باقتناع ذاتي من أبناء الأمةالإسلامية ومبادرة جدية ومسؤولة من نخبها وحكمائهاوعقلائها للم شتات الأمة وترسيخ قيم التعايش المشتركوالسعيد، وإعادة ترتيب البيت الإسلامي.

5- التجرد من أية عوامل ذاتية تجعل أعضاء المجلس طرفاً في أي صراع سياسي أو ديني أو عرقي.

6- تقوية مناعة الأمة وخاصة شبابها ضد خطاب العنفوالكراهية.

7- تصحيح وتنقيح المفاهيم الشرعية وتنقيتها مما علقبها من شوائب انحرفت بها عن مقاصدها النبيلة.

8- استعادة الوضع الاعتباري لمرجعية العلماء وتأثيرها المشرف في تاريخ الأمة الإسلامية.

9- إحياء الوازع الديني والتربوي في جسد الأمةومكوناتها.

10- إيقاف لعبة التدمير.

 

وقد صادق المجتمعون على اختيار أبو ظبي، عاصمة دولة الامارات العربية المتحدة، مقراً رسمياً للمجلس شاكرين ومقدرين لدولة الامارات وللقيادة الحكيمة ترحيبهم الكريم بهذا الاختيار.

سائلين المولى جل وعلا أن يمن عليهم بالصحة العافية والأمن والأمان.

 

 

وقع عليه :

 

           معالي العلامة الدكتور الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة

          فضيلة الدكتور الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف

          معالي الدكتور عبدالله نصيف رئيس مؤتمر العالم الإسلامي ونائب مجلس الشورى السعودي سابقا

          الدكتور حسن الشافعي عضو هيئة كبار علماء الأزهر ورئيس مجمع اللغة العربية في مصر

          معالي الدكتور محمد قريش شهاب وزير الشؤون الدينية سابقا في إندونيسيا

          الشيخ الدكتور إبراهيم الحسيني رئيس هيئة الإفتاء بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في نيجيريا

          الدكتور أبو لبابة الطاهر حسين رئيس جامعة الزيتونة سابقا في تونس

          الدكتور أحمد الحداد كبير مفتين مدير دائرة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي

          الدكتور عبدالحكيم شارمن جاكسون أستاذ بجامعة كاليفورنيا الجنوبية

          الدكتور عبدالرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر

          الأمير الدكتور غازي بن محمد بن طلال رئيس مجلس أمناء مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي في الأردن

          الدكتورة كلثم المهيري أستاذ في معهد دراسات العالم الإسلامي بجامعة زايد

          القاضي محمد تقي الدين العثماني نائب رئيس دار العلوم في باكستان

          معالي الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف سابقا في مصر

 

 

//.. على أن تحدد بقية الأعضاء بما لا يزيد عن 40 عضوا.

العلامة ابن بيه متحدثا في يوم زايد للعمل الانساني : ينبغي ربط الأجيال بالقيم الرفيعة التي كان عليها أسلافهم .

شهد العلامة عبد الله بن بيه مساء الأحد الموافق 19 من رمضان ، احتفالية ” يوم زايد للعمل الإنساني” في جامع الشيخ زايد الكبير برعاية وزارة شؤون الرئاسة وبالتعاون مع مركز جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي والهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.

 

وقال فضيلة الشيخ عبدالله بن بيه إن  ذكرى رحيل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هي ذكرى عبرة ووقوف مع الذات والتاريخ، وهذه العبرة قد تكون وقفة مع النفس حتى تتعلم الأجيال من الأخلاق العطرة والحكمة العظيمة التي كان يتصف بها الزعماء والمؤسس المغفور له الشيخ زايد   . 

وأكد العلامة ابن بيه على أهمية ربط الأجيال بالقيم الرفيعة التي كان عليها أسلافهم . وعن المناسبة السنوية “يوم زايد للعمل الانساني ” قال معالي الشيخ انها انها ذكرى تتجدد ومنهج يتجسد. 

وذكر العلامة ابن بيه أن كل انسان عبارة عن منهج وعن مسيرة منشدا قول الشاعر :

وإنما المرء حديث بعده ** فكن حديثا حسنا لمن وعى

وأضاف العلامة ابن بيه أنه من مفردات منهج الشيخ زايد السماحة والسلام و الأصالة والإنفتاح .وقال العلامة ابن بيه ان الشيخ زايد كان سمحا ولا يحب الاحتراب ولا الخصومات.

 

كما أثنى العلامة ابن بيه على سرعة مبادرة الإمارات بتقديم الإغاثة للمحاصرين في غزة الذين يتعرضون للإعتداءات الهمجية من قوات الاحتلال.وارسال مستشفى ميداني مع الأطباء .

 

هذا وقد شهد الأمسية   سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان  و معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع والدكتور حمدان مسلم المزروعي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف ومعالي الدكتور محمد مختار جمعة مبروك وزير الأوقاف المصري والدكتور مطر الكعبي مدير عام الهيئة وأصحاب الفضيلة العلماء ضيوف رئيس الدولة وحشد من كبار الشخصيات في الدولة والإعلاميين والمدعوين والمصلين.

 

 

في حوار “في الصميم ” العلّامة ابن بيّه: العلماء “إطفائيون”والإنشطار الطائفي داء قاتل للأمة

قال العلّامة الموريتاني الشيخ عبد الله بن بيّه، إن الجهاد في الوالدين والطاعات وحفظ القرآن جهادٌ يقيني، أما الجهاد في الشام والعراق فهو جهادٌ فيه شك، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن “الجهاد هو ذروة سنام الإسلام؛ لكنه اذا تحوّل إلي قتل الناس وحروبٍ مستمرة؛ فلم يعد جهاداً  “.

 

وهاجم ابن بيّه فتاوى الجهاد اليوم؛ بسبب افتقارها إلى الفقه وعدم النزول إلى أرض الواقع، ووصف ابن بيّه العلماء بأنهم “إطفائيون، لا يسألون مَن أشعل الحريق؛ بل كيف يطفئونه“.

 

جاء ذلك خلال استضافته ببرنامج “في الصميم”، مع الإعلامي عبد الله المديفر، حيث اعتبر العلّامة عبد الله بن بيّه، الاقتتال الداخلي بأنه حربٌ عبثية حتى لو لبست لباس التقوى، وقال “عبد الله بن عمر يرى أن جهاد الطلب مستحبٌ لتأمين الحدود، وابن تيمية كان يري أن كل جهاد النبي – صلي الله عليه وسلم – كان دفاعاً؛ لأنه – عليه السلام – كان يتوقع هجوماً في زمن لا توجد فيه معاهداتٌ، وفي آخر معاركه – صلى الله عليه وسلم – في غزوة تبوك وقّع ثلاث مُعاهدات، فالإسلام سن المعاهدات حتي ينهي الحروب“.

 

ورأى العلّامة ابن بيّه، أن مواثيق وقوانين الأمم المتحدة التي تبحث عن السلام هي تتفق مع روح الإسلام ومع ما يُريده، ولا يختلف كثيراً عن مفهوم الجهاد في الإسلام، فالميثاق الأممي يذكر أن أيّ دولةٍ إذا اعتُدي عليها فهي من حقها ردّ الاعتداء، وقال “نرى أن السلم أقرب لروح الإسلام وأضمن للحقوق من الاحتراب”، مستشهداً بحلف الفضول الذي وافق عليه الرسول – صلى الله عليه  – في الجاهلية، وهو جاء من أجل نصرة المظلومين.

 

وشدّد ابن بيّه على أن العقائد والأصول القطعية مثل أركان الإيمان الستة لا ينبغي فيها الاختلاف والتفرق، مشيراً إلى أن السلف كانوا يتأولون ولكن لم يكونوا يُوغلون ولا يكثرون “فمبدأ التأويل في الفروع لا غبار عليه“.

 

ودعا الشيخ، الأمة أن تُحجّم من الخلافات مشدداً على وجوب توحّد الأمة “حيث يجب أن تتحرك في تيار عام لمصلحة الديار والأوطان والإسلام”، ورأى أن الأمة ستتضرّر كثيراً من الانشطارات الطائفية والفكرية، كما طالب بأن “تنهزم كل الأطراف لوجه الله تعالى، وأن الوطن ليس له وحده وإنما هو للجميع، فالإسلام دين سلام لا دين حرب“.

 

ونوّه ابن بيّه بأن اجتماعه مع مستشاري الرئيس الأمريكي أوباما في البيت الأبيض؛ باعتباره عالماً معتدلاً، كان فيما يهم المنطقة في نطاق السلم والخير، وتساءل ابن بيّه “هل نحن في العالم الإسلامي نستطيع أن نكون شركاء في السلم العالمي ما دمنا نعيش في حالة احترابٍ واقتتالٍ بيننا“.

 

وطالب الشيخ، العلماء “أن يرتفعوا إلى مستوى المسؤولية ليكونوا شركاء في صناعة السلام، وقال: قلت ذلك للعلماء في نيجيريا وبريطانيا، يجب ألا تظلوا على الهامش فيجب أن يُسهموا في مجهودات السلام“.

 

وأشار إلى أن استعمال القوة في الشريعة والقانون هو حكرٌ على الحكام والدولة والسلطة، وطالب العلماء بأن يبذلوا النصيحة للشباب كي يصرفوا طاقاتهم وقوتهم في العمل النافع وفي أبواب الخير.

 

واعترف ابن بيّه بأن “بعض الفقهاء منقطعون عن الواقع مما يؤدي بهم إلى الجهل بالسياسة فيحكمون على واقعٍ دون النظر في البيئة التي تنطبق عليها الأحكام”، وذكر الشيخ أن مكان العالم هو حيث توجد المصلحة.

 

ورأى الشيخ أن الثورات في الدول العربية نتيجة “شارع ” لا “مشروع”، مشيراً إلى أن تلك الثورات هدمت، لكنها لم تكن لديها خطة للبناء ولم تكن لها قيادات فكرية، ولفت إلى أنه لم يكن ضدّ الثورات “لكن ضدّ نتائجها؛ لكون الثورات عمياء و”جرّافة” تجرف كل مَن أمامها دون تمييز“.

 

وقال الشيخ “أستغرب تغييبنا مفهوم السلم الذي يعد من المفاهيم الأصيلة في الثقافة الإسلامية”، وأضاف “الحرب لا تحقّق العدل وإنما تحقّق القتل، لذلك سُميت المعاهدات التي توقف الحرب فتحاً.

 

وأضاف العلّامة ابن بيّه أننا “لن نستطيع أن نقدم لفلسطين أكثر من الكلمات ما دام البيت الإسلامي يعيش الآن في حالة فرقةٍ واحترابٍ“.

 

 

العلامة ابن بيه في حوار بصراحة : أقول للحكام أعدلوا ولا تهمشوا دور العلماء والشباب و اتصلوا بالفقراء والمعوزين

أكد العلامة عبدالله بن بيه – رئيس منتدى السلم- أن التيارات التى تدعو إلى العنف والتى تمارس العنف هى تيارات خرجت عن الضبط الدينى والضبط العقلى، مشيرا إلى أن الإقتتال الداخلي باسم الجهاد وإصدار الفتاوى باسم الجهاد خطر كبير يهدد الأمة  .

وأضاف العلامة الكبير فى حوار عبر قناة سكاى نيوز مع الاعلامية زينة يازجى، أن الاقتتال الداخلى فى الدولة الواحدة لا يسمى جهادا، لأن الجهاد هو مسئولية الدولة وليس الأفراد  . ولكن من اعتدي عليه فله أن يدافع عن نفسه.

وأوضح أن فهمنا للآخر ينبغى أن يُصحح وعلى المرجعيات الدينية إشاعة فكر السلام لا فكر الحرب، لافتًا إلى أن التدخل الأجنبى فى بلادنا سببه الضعف الذى يعانيه البيت الإسلامى.حيث قال العلامة ابن بيه : “إذا كان البيت الإسلامي ليس محصنا فإن الآخر لن يحرم نفسه من التدخل” .

 وفي رده على سؤال عن مالذي يقوله لحكام المسلمين , أجاب العلامة ابن بيه : أقول للحكام : أعدلوا ولا تهمشوا دور العلماء والشباب و اتصلوا بالفقراء والمعوزين.

يمكنك مشاهدة الحوار كاملا من هنا : فيديو حوار بصراحة مع العلامة ابن بيه