بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم، على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
اجتمعت لجنة تحري هلال ذي الحجة يوم الثلاثاء 29/ذي القعدة/1446هـ الموافق 27/مايو/2025م، برئاسة معالي رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي العلامة عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيه، وحضور جميع الأعضاء، وبعد ثبوت رؤية الهلال لدى اللجنة ثبوتا شرعيا، أصدرت قرارها بأن يوم الأربعاء هو الأول من شهر ذي الحجة 1446هـ، الموافق 28 مايو 2025م، وعليه يكون يوم الجمعة 10/ذي الحجة/1446هـ الموافق 06/06/2025م هو يوم عيد الأضحى المبارك، وإنَّ مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي انطلاقًا من مهامه واختصاصاته التي أناطتها به القيادة الرشيدة في الدولة، واستجابةً لسؤال الكثير من النَّاس عن حكم صلاة الجمعة إذا اجتمعت مع العيد في يوم واحد، أصدر البيان الآتي:
أولاً: نسأل الله تعالى أن يبارك لنا في العشر الأوائل من ذي الحجة، وأن يعيننا فيها على القيام بصالح الأعمال، وأن يجعلنا من عباده الصالحين.
ثانيًا: إنَّ مسألة إقامة صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد مسألةٌ خلافيةٌ بين العلماء، والذي يُفتي به مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي إقامة كلٍّ منهما في وقتها ووفق سنتها؛ وذلك للأدلة الشرعية التالية:
- قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون) [الجمعة: 9].
ووجه الاستدلال أنَّ الآية قد أمرت بالسعي للجمعة عند النداء للصلاة، وهذا الأمر يعمّ سائر الجمع، ولا يخصص إلا بدليل قطعي، والأدلة الواردة في إسقاط الجمعة عمن صلى العيد تبقى جميعها ظنية الثبوت ظنية الدلالة.
- عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ؛ قَالَ: وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ“. متفق عليه. وهذا صريح في أن الرسول ﷺ صلى كلا منهما في وقتها، ولم يرد عنه أنَّه لم يصلِ الجمعة لأنَّه اكتفى بصلاة العيد.
- إنَّ صلاة الجمعة هي من أعظم فرائض الإسلام، وهي الصلاة الوحيدة التي أجمع العلماء على أنَّ حضورها جماعةً فرض عين على المكلف بها إذا لم يكن له عذر يبيح له التخلف، أمَّا صلاة العيد فحكمها عند أهل العلم دائر بين السنية والوجوب العيني أو الكفائي؛ ومن القواعد الأصولية المقررة أنَّ الفرض لا يسقط بما هو أقل مرتبة في حكم الشرع.
- إنَّ ما أفتى به مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي هو قول جمهور العلماء، وهو مذهب مالك، وإليه ذهب أبو حنيفة، والشافعي، وهو رواية عن أحمد.
- إنَّ الأدلة الشرعية الواردة في هدي النبي ﷺ بشأن الترخيص لمن حضر صلاة العيد بأن يصلي الظهر بدلاً عن الجمعة، لم تغب عمّا اختاره المجلس وفقًا لما جرى عليه العمل ورجحه الدليل، وإنَّ جميع هذه الأدلة قد أجاب عنها العلماء ووضحوا المقصود منها، ويمكن الرجوع في ذلك إلى مواضعه من كتب الفقه وشروح الحديث، علمًا أنَّه من أخذ بالقول الآخر للعلماء الذين رأوا الرخصة بترك الجمعة لمن صلى العيد وصلى الظهر بدلاً عنها في البيت فلا حرج عليه في ذلك، وإن صلاها جمعةً مع الإمام أخذًا بالعزيمة فهو الأولى؛ خروجًا من الخلاف واستصحابًا للأصل.
- إنَّ الجمعة في كل الأقوال لا تسقط عن الإمام على الصحيح بل يصليها بمن حضر معه، لما روى أبو هريرة عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ”.
ثالثًا: يدعو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي عموم المسلمين أن يتزودوا بالتقوى والإيمان، وأن يتخذوا العيد فرصةً لصلة الرحم، وإصلاح ذات البين، وتحقيق السلام ونشر الوئام بين الناس، كما يوصي المجلس بالحرص على الإحسان إلى الفقراء والمساكين، وإدخال السرور على اليتامى والأرامل والمحتاجين، لتكتمل فرحتنا بالعيد.
رابعًا: يتوجه مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي إلى الله تعالى بالدعاء أن يعيد هذه الأيام المباركة باليمن والبركات على دولة الإمارات قيادةً وشعبًا، وعلى المجتمعات العربية والمسلمة، وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركة، إنَّه سميعٌ مجيبٌ.
|