حوار مع موقع الشرفة حول ماردين

 

علاّمة ماردين يدعو الشباب المسلم لرفض الدعوات غير الشرعية للجهاد 

 

 

عبد الوهاب الصالح من الرياض  لموقع الشرفة 

   
2010-04-12
 

اجتمع الشهر الماضي عدد من العلماء والمفكرين المسلمين في مدينة ماردين في تركيا للطعن في تفسير فتوى عمرها 700 عاماً لطالما استخدمها المتطرفون لتبرير أعمال العنف ضد المسلمين وغير المسلمين    . 




 

وأصدر العلماء    إعلاناً جاء فيه أن التصنيف التقليدي للعالم بين “دار للإسلام” و”دار للكفر” لا يتكيف مع الواقع المعاصر. وقالوا إن العالم اليوم لا يمكن تقسيمه بهذا الشكل وأن الجماعات المتطرفة قد أخطأت في تفسير فتوى ابن تيمية    . 




 

من جهته، قال العلاّمة الموريتاني الشيخ عبدالله بن بيه، الرئيس التنفيذي للمركز العالمي للتجديد والترشيد في لندن     (GCRG) “كان ذلك خطأ في فهم الجهاد والولاء والبراء والعولمة.” وقد قام ابن بيه، الذي رعى مؤتمر ماردين، بتأسيس المركز مع الدكتور عبدالله نصيف، نائب رئيس مجلس الشورى السعودي سابقاً، وبعض المسلمين من كل أنحاء العالم    . 




 

بن بيه تحدث في مقابلة مع “الشرفة”عبر الهاتف من منزله في جدة عن أبزر ما ورد في “إعلان ماردين”. وهذا نص الحوار    : 




 

الشرفة     : إلى ماذا هدف المؤتمر؟ وماذا عن أهمية مكان انعقاده؟    




 

العلامة ابن بيه   : من “ماردين” المكان انطلقنا إلى كل مكان. ومن شيخ الإسلام “ابن تيمية” ومن سبعة قرون انطلقنا إلى كل القرون. وجمعنا كل العلماء من كافة الاختصاصات والمذاهب ومناقشة كل هذه الملابسات، حيث كان المغول والتتار يحتلون هذه المناطق وكانت دولة المماليك في الجانب الآخر مع شيخ الإسلام    . 




 

وقد أفتى ابن تيمية فتوى ملخصها “فكرة الدار المزدوجة” التي لها وجهان ولا يمكن أن تعتبر ماردين دار حرب أو سلم، هي دار مركبة، فهناك من التتار وليسوا مسلمين وهناك أهل ماردين من المسلمين. وقد قدمت هذه الفتوى بتوازن للتعامل مع الفريقين. شيخ الإسلام اقترح وصفا لهذه المنطقة واعتبر سبقاً حينها    . 




 

ولكن بعض الناس في بداية السبعينات “أخطأوا التأويل وما أصابوا في التنزيل”، فجعلوا الدار غير معصومة وكل الدور في العالم لا تحترم فيها الأموال والدم وكان ذلك خطاء في فهم الجهاد والولاء والبراء والعولمة    . 




 

الشرفة     : بالنسبة لكم، ما أبرز ما ورد في “إعلان ماردين”؟    




 

العلامة ابن بيه     : أبرز ما وصلنا إليه أن الدار في الوقت الحاضر مع الوضع العالمي لا تخضع إلى التقسيمات التي كانت قائمة في ذلك العصر. تلك التقسيمات لم تكن من باب “التوقيف” وإنما من باب “التوظيف” بمعنى أنها تقسيمات “وظيفية للدار” وكان العرب يقسمونها “دار إسلام” و”دار كفر” وهذا لم يكن تصنيفا من الشرع الذي لم يأمر بهذا، وإنما كان توصيفا وظيفيا لتلك الفترة. ورأينا الوضع العالمي يعتمد على المواثيق الدولية. ونقول بأن العولمة الجديدة لا تصنف دارا عن أخرى بمعني دار للمسلمين ودار للكفار، فالمسلمون في كل مكان في العالم، وهذه العناصر الجديدة بإمكانها تغيير فكرة التقسيم الذي كان معمولا بها في الماضي. ولهذا نحن عدلنا عن اسم “الدار” إلى “فضاء” للتسامح، فالعالم هو ذلك الفضاء    . 




 

وعلينا أن نعيد إذا صح التعبير قراءة المواثيق على ضوء الشريعة، ونلاحظ بأن الفصل 51 من ميثاق الأمم المتحدة يتحدث عن الحرب والسلام وهو قريب جداً من نصوص الشريعة الإسلامية    . 




 

الشرفة     : إلى أي جماعة تم توجيه هذا الإعلان؟    




 

العلامة ابن بيه   : في اعتقادي ما قصدناه هو إثارة حوار ونقاش. فالإثارة كما نقول في الفقه قبل الإنارة، نحن نتبنى “التأصيل والتوصيل” بمعنى نؤصل إلى قضية ما من طرف العلماء ونوصل هذا الفكر إلى الآخرين، ونطمح للتصالح في الساحة الإسلامية التي تشهد حروباً، ونعمل على وجود حياة استجابة لدعوة النبي محمد، وندعو بأن تحيا الأمة ويكون لها عقل  .




هناك ضعف في العقل والرشد ونسعى لإيجاد فقه معاصر للنظر في الجذور التاريخية، لمحاولة إسقاط بعض تلك الأحكام على الوضع الحالي، لو وصلت الأمة إلى الحد الأدنى من الاتفاق  .




الشرفة   : من خلال تعايشكم مع العلماء المسلمين، كيف ترون تعاملهم مع فتوى ماردين؟ 




العلامة ابن بيه   : لقد اختلفت من شخص لآخر، وكان الاختلاف واضحاً حينما طرحنا فكرة التحريف في شيخ الإسلام ابن تيمية. هناك تحريفٌ في الفتوى المطبوعة. وكان رد الفعل واضحاً حول كلمة “يقاتلون” وليس “يتعاملون”، فوجدنا بأن الأدلة الدامغة من خلال الشيخ “ابن مفلس” وهو أحد تلامذة الشيخ ابن تيمية المباشرين وأعلمهم في الفقه الحنبلي ذكر بأن الفتوى “يتعاملون” وليس “يقاتلون” وهي موجودة كذلك في “الفتاوى النجدية” وقد وجدنا الأدلة الدامغة التي تقول بأنه “يعامل” وليس “يقاتل”، فكلمة يقاتل ليست صحيحة وهي مربط فرس في الفتوى التي يعتمد عليها من يدعون الجهاد.




الشرفة : هل هناك أمل أن من أخطأ في التأويل أن يعود عن هذا الخطأ؟ وكيف ترون ظهور حالات في العالم الإسلامي تدعو إلى نبذ مفهوم الدولة المعاصرة والتمسك بقراءات متشددة للشريعة؟




العلامة ابن بيه : لا أتوقع أن نجد عودة بالطريقة التي نطمح لها، لكننا نجد بأن بعض العلماء راجعوا بعض الأفكار وقاموا بتحديث رؤاهم خصوصا فيما يخص دولة المواطنة. ونحن نرى بأن دولة المواطنة فكرة صحيحة ومقبولة شرعا.

وهي قد لا تؤثر في الدوائر التي تخلّ بالأمن، لكنها تؤثر في المنابع التي تمدها بالفكر وإن كانت تختلف معها في العمل، ولا أريد أن أحكم على أحد.




بعض الآراء التي تفسر تفسيراً ظاهرياً لبعض النصوص الشرعية من الكتاب والسنة أو تأخذ بأقوال العلماء بتفسير ظاهري لها، قد تؤدي إلى قتال غير شرعي أو غير منطقي وغير قانوني.




الشرفة : الإعلان أكد عدم الجواز للفرد المسلم ولا لجماعة من المسلمين إعلان حرب أو دخول في جهاد قتالي من تلقاء أنفسهم. ما هي توصيتكم لمن يقاتل تحت راية هذا النوع من الجهاد؟




العلامة ابن بيه : نحن نرجو أن يتعقل شبابنا وأن لا يقدم الآخرون ذريعة لهم للدخول في هذه الحروب. ونحن نريد أن نكون إطفائيين لهذه الحرائق التي تعلن على أمتنا الإسلامية، وليس لها عقلاً أو شرعاً. نحن ضد كل تلك الحروب التي تعلن هنا وهناك والقتال بدون قيادة سياسية ورأي ولاية الأمر غير مقبول. علينا ترجيح ميزان العقل والمصلحة والنصوص الحقيقية، وعلينا أخذ مقاربة فكرية جديدة للعالم الإسلامي. نحن أناس يقترحون فقط، كما نطمح إلى التعاون مع الخطاب السلمي والتيار العاقل في العالم الإسلامي الذي يؤمن بالحقوق والواجبات.

Comments are closed.