تلخيص للمحاضرة التأطيرية التي القاها العلامة عبد الله بن بيه في افتتاح ورشة “”الاجتهاد بتحقيق المناط فقه الواقع والتوقع”

 

قال العلامة الشيخ عبد الله بن بيه وهو يجيب عن سؤال “لماذا تحقيق المناط في القضايا الفقهية” إن “القضايا الفقهية التي تمثل للمسلمين المنظومة التعبدية والقانونية التي تحكم النسق السلوكي والمعياري في حياة الفرد والجماعة – يجب أن تواكب مسيرة الحياة التي تشهد تغيرات هائلة وتطورات مذهلة من الذرة إلى المجرة، في شتى المجالات ومختلف المظاهر والتجليات، من أخمص قدم الأمة إلى مفرق رأسها في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية، والعلاقات الدولية للتمازج بين الأمم، والتزاوج بين الثقافات إلى حد التأثير في محيط العبادات والتطاول على فضاء المعتقدات  “.

وفي ندوة بالرباط حول “الاجتهاد بتحقيق المناط فقه الواقع والتوقع” يومي 2 و3 شعبان موافق 4 و5 يوليو، قسم العلامة بين فريقين  :


فريق أيس من المنظومة الفقهية فأشاح بوجهه عنها وخطف بصره بالتنوير والتحديث الغربي، وذلك التنوير الذي عرفه الفليسلوف الألماني كانط بأنه تفكير بلا سقف لا يهديه كتاب ولا يرشده قسيس ولا توصف له وجبة غذاء، وذلك التحديث الذي يشير -عند ماكس فيبير- إلى جملة من سيرورات تراكمية يشد بعضها بعضا.
أما الفريق الثاني المقابل فهو مجموعة لم تفهم النصوص إلا بعض الظواهر، تحاول أن تعيش في الماضي على حساب الحاضر والمستقبل، فقل علمها وضاق فهمها وخمدت لديها ملكة الاجتهاد.

وأضاف بن بيه أننا اليوم بحاجة إلى قراءة جديدة للتذكير بالكليات التي مثلت لبنات الاستنباط بربط العلاقة بين الكليات والجزئيات، وهي جزئيات تنتظر الإلحاق بكلي أو استنتاج كلي جديد من تعاملات الزمان وإكراهات المكان والأوان، أو توضيح علاقة كلي كان غائما أو غائبا في ركام العصور وغابر الدهور.

وعرف العلامة ابن بيه المناط بأنه “القنطرة الواصلة بين حكم معروف العلة وبين مناط موصوف وبين محل مشخص معين لتحقيقها، لجعلها حاقة، أي ثابتة تترتب عليها الأحكام المنوطة بتلك العلة، والمحل قد يكون ذاتا حسية فيعمل على الحس فيها، لإصدار حكم بتحقيق مناط الحكم ثم ترتيب الأحكام عليها“.

وشدد بن بيه على أن “المطلوب الآن، بالإضافة إلى الأنواع والأشخاص والأعيان، أن نحقق المناط في أوضاع الأمم ومقتضيات الزمان والمكان.

وتناول بن بيه الخلاف المسجل بين أعضاء المجامع الفقهية، مرجعا السبب إلى تفاوت بين الباحثين في قضية التصور والتشخيص أكثر مما يرجع إلى اختلاف في فهم النصوص الفقهية، فالخلاف يكمن في علاقة المسألة بتلك النصوص تبعا للزاوية التي ينظر منها الفقيه من خلالها.

ولتفادي هذه الإشكالات حث العلامة ابن بيه  الاقتصاديين الوضعيين والأطباء وغيرهم من أصحاب الصنائع والتخصصات على بذل الجهد لإيصال كل العناصر التي يتوفرون عليها إلى زملائهم الشرعيين ليحقق هؤلاء المناط لتنزيل الحكم على واقع العقد وعلى حقيقة الذات.

 

Comments are closed.