العلامة ابن بيه : المسلمون بحاجة إلى قراءة جديدة للواقع في ضوء النصوص الشرعية
افتتح مؤتمر فقه الواقع والتوقع بمحاضرة تأطيرية للمؤتمر القاها العلامة عبد الله بن بيه رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد عبدالله بن بيه حول بيان الواقع والتوقع متسائلاً لماذا نهتم بالواقع؟ موضحاً انه للاجابة نقدم نصين فيهما حث على التعرف على الواقع وتأكيد انبناء الأحكام عليه, قال ابن القيم: ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق الا بنوعين من الفهم : احداهما فهم الواقع والفقه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والامارات والعلامات حتى يحيط به علماً ، والنوع الثاني : فهم الواجب في الواقع, وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله صلي الله عليه وسلم في هذا الواقع. ثم يطبق احداهما على الاخر, فمن بذل جهدة واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجراً , فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه في الى معرفة حكم الله ورسوله , كما توصل شاهد يوسف بشق القميص من دبر الى معرفة براءته وصدقه , وكما توصل سليمان صلى الله عليه وسلم بقوله: ائتوني بالسكين حتى أشق الولد بينكما” . إلى معرفة عين الأم , وكما توصل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بقوله للمرأة التي حملت كتاب حاطب لما انكرته : لتخرجن الكتاب أو لنجردنك ، إلى استخراج الكتاب منها.
إلى أن قال : ومن تأمل الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافحة بهذا ، ومن سلك غير هذا اضاع على الناس حقوقهم ونسبه إلى الشريعة التي بعث الله بها رسوله .
وتساءل بن بيه ما هو الواقع الذي يجب فهمه والفقه فيه واستنباط علم حقيقته ؟ وأجاب بقوله حسب عبارة ابن القيم ــ انه يعني الإحاطة بحقيقة ما يحكم عليه من فعل أو ذات أو علاقة أو نسبة ليكون المحكوم به وهو الحكم الشرعي المشار إليه بالواجب فالواقع مطابقاً لتفاصيل هذا الواقع ومنطبقاً عليه.
وقال إننا اليوم بحاجة إلى قراءة جديدة للواقع في ضوء الشرع للتذكير بالكليات التي مثلت لبنات الاستنباط بربط العلاقة بين الكليات وبين الجزئيات، وهي جزئيات تنتظر الألحاق بكلي أو استنتاج كلي جديد من تعاملات الزمان واكراهات المكان والأوان ، أو توضيح علاقة كلي كان غائماً أو غائباً في ركام العصور وغابر الدهور مشيراً إلى أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يظلان النبراس الدائم ، والينبوع الدافق، بهما يستضاء في ظلمة الدياجير، ومنهما يستقي في ظمإ الهواجر، بأدوات أصوليه مجربة، وعيون معاصرة مستبصرة موضحاً الاستنباطات الفقهية القديمة كانت في زمانها مصيبة, ولا يزال بعضها كذلك, والاستنباطات الجديدة المبنية على اساس سليم من تحقيق المناط هي صواب, – أيضاً – فهي إلى حد ما كالرياضيات القديمة التي كانت تقدم حلولاً صحيحة , والرياضيات الحديثة التي تقدم حلولاً سليمة ومناسبة للعصر مضيفاً أن الواقع الجديد يقترح صورة مغايرة للصورة التي نزلت فيها الأحكام الجزئية, ومعنى قولنا الجزئية أن الأحكام الكلية التي يستند إليها التنزيل تشمل الصورة القديمة والحديثة مشيراً إلى أن الواقع اليوم , مختلفاً عن الواقع القديم .فالكل حينئذ يحكم على الجزئي وذلك دون مناقشة أصل وجوب جهاد الطلب إختصاراً على الباحث.
وأضاف إن الظروف الواقعية والمصالح الإنسانية هي المعيار الذي – بالاستقراء – كان حاكماً في التصرفات مندرجاً في المقاصد الكلية التي تكرر الانسحاب الكلي أو الجزئي أو النفير العام كما تقرره كل الأمم وجميع الحضارات ولو اختلفت النوايا والاخلاقيات والمراتب والعواقب.