البيان الختامي لمنتدى “تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة “
البيان الختامي لمنتدى “تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة “
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أبوظبي في 7 و8 جمادى الأولى 1435، الموافق 9 و10 مارس 2014.
بناء على حالة الاضطراب والاحتراب التي تسود مجتمعات كثيرة من الأمة الإسلامية، وما تخلفه كل يوم بل وكل ساعة من دماء وأشلاء، فلا يعرف القاتل فيم قتل ولا المقتول فيم سفك دمه، حتى صار دم الإنسان المكرم في سائر الملل أهون شيء في واقعنا، وصار الإرهاب تهمة ملازمة للإسلام والمسلمين.
ونظرا لاتساع نطاق استباحة حرمة الأنفس والأعراض والأموال في الأمة وفداحة مخلفاته على أمنها النفسي والاجتماعي واستنزافه لطاقاتها البشرية والاقتصادية مع غياب أي بصيص لنور الفرج ـ بموازين الأسباب البشرية ـ في آخر هذا النفق المظلم
واعتبارا لنذر بدأت تلوح في الأفق باحتمال تفتيت جسم الأمة وإعادة تقسيمها من جديد على أساس تجزيء المجزأ وتقسيم المقسم والعهد بذلك قريب في أطراف منها مع كثرة الطامعين والمتربصين وقابلية الأطراف المتصارعة إلى الاستقواء بمن يعينها ولو على حساب مصلحة الأمة ومصيرها.
وتقديرا لكون خفض حرارة جسم الأمة تفاديا لانفجارها أضحى واجبا شرعيا لا يحتمل التأجيل، وأن ما تحتاجه الآن هو أن يقوم فيها إطفائيون لا يسألون عمن أوقد الحرائق بل همهم الوحيد كيف يكون إطفاؤها؛حتى يتعافى جسد الأمة مما يهيضه ويرهقه وإلا فإن تنازع البقاء يؤدي إلى الفناء.
ولما كان داء الأمة الذي يهددها بالانفجار اليوم هو غياب السلم، مع أن نعمة السلم تضافرت نصوص الشريعة الثابتة وقواعدها الراسخة على كونها مقصدا أعلى وتواترت الأخبار على أن تحقيقها كان محور الممارسات النبوية ومجال تأصيلات أئمة الأمة الإسلامية.
وإدراكا لحقيقة أنه لم تعد هناك قوة في العالم قادرة على فرض السلم على أي مجتمع من المجتمعات إلا إذا تلمس طريقه إلى السلم باقتناع ذاتي من أبنائه ومبادرة جدية ومسؤولة من نخبه وحكمائه وعقلائه.
ورجاء أن تكون مبادرة يبتغى بها وجه الله والدار الآخرة ويتشوف أصحابها إلى أن يكونوا من أولي بقية ينهون عن الفساد في الأرض لا بحثا عن خصومات فكرية أو طائفية أو سياسية، بل إشفاقا ونصحا للأمة بكل مكوناتها من عواقب ما تقدم تفصيله.
واستحضارا للنصوص الشرعية التي تضافرت وتظاهرت على تحذير المسلمين من الاقتتال وسوابقه ولواحقه وعلى وجوب الإصلاح بينهم طلبا لتحقيق السلم وعظم قدره في مراتب الأعمال، كقوله سبحانه وتعالى “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم” – الأنفال 61، وقوله تعالى “ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا”- النساء 94، وقوله تعالى “لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما”- النساء: 114، وقوله تعالى “فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين”- الأنفال: 01، وقوله تعالى “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم” – آل عمران:104-105.
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم “ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا: بلى قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة لاأقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين“.
وقوله في معرض الثناء عن سبطه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما “إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين“
وبدعوة كريمة ورعاية منيفة من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، ورسالة من فضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد، وتعاون وتواصل مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب.
وتحت شعار قوله تعالى “ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة”- البقرة:208، التأمت في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة يومي 7 و8 جمادى الأولى 1435هـ الموافق 9 و 10 مارس 2014 ثلة من علماء الأمة ومفتيها ومفكريها ووزرائها ومسؤولي المؤسسات الدينية فيها في “منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة”، أول منتدى شرعي علمي حول السلم ينعقد في العالم الإسلامي، ليتداولوا الرأي في تشخيص أسباب الأزمة وفي سبل إيقاف نزيف الأمة.
وقد انتظمت بحوث المنتدى ومناقشاته في أربعة محاور كبرى هي:
1- القيم الإنسانية والعيش المشترك.
2- تصحيح المفاهيم
3- الفتوى في زمن الفتن.
4- إسهام الإسلام في السلم العالمي.
وعكفت البحوث التي ناهزت الثلاثين والمناقشات مسترشدة بالكلمة التوجيهية لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وكلمة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، والكلمة التأطيرية للعلامة الشيخ عبدالله بن بيه على تحليل الأصول الفكرية والحالة الثقافية التي أفرزت التلاشي التدريجي لقيم السلم والتعايش في الأمة مع تلمس سبل العلاج بتحرير المفاهيم وتصحيح التصورات بناء على نصوص الشرع ومقاصده وتراث الأمة في تأصيل السلم تنظيرا وتنزيلا ورصيد البشرية وحكمتها في هذا المجال.
وقد خلص المنتدى بتوفيق الله عز وجل إلى النتائج والتوصيات التالية:
أولا: في مفهوم السلم المتشوف إليه:
السلم حالة تسود فيها الطمأنينة النفسية والروحية والسكينة بين أفراد المجتمع لتنعكس على العلاقات بين الأفراد والجماعات، ليكون السلم الاجتماعي حالة من الوفاق تضمن بالدرجة الأولى الكليات الخمس ومكملاتها، وهي المحافظة على الدين والنفس والأموال والأعراض والعقول.
وتتمظهر في التضامن والتعاون لإيصال النفع إلى الجميع ودرء الضر عن الجميع وتتجلى في اللغة والسلوك والمعاملة، فلا عنف في اللغة ولا اعتداء في السلوك ولا ظلم في المعاملة.
ثانيا: في الوعي بخطورة الوضع الحالي للأمة:
1- التحذير من انفجار الأمة مما يوجب على الجميع التنازل والتحاور تخفيفا لحرارة جسدها.
2- التشديد على الضرورة الملحة والعاجلة لإعادة ترتيب البيت الإسلامي وإصلاح مكوناته أفرادا وجماعات ومؤسسات.
3- التأكيد على الحاجة الماسة إلى تقوية المناعة الذاتية للأمة ضد التطرف والعنف الناشئ داخلها كيفما كان اتجاهه ومصدره.
4- التذكير بأن المسلمين كانوا يواجهون التحديات والتهديدات بتماسكهم الداخلي واعتصامهم بحبل الله جميعا وأن انخرام الوحدة وتشتت الصفوف وشيوع الكراهية وهدر الأرواح والأموال يزيد المسلمين ضعفا فوق ما هم عليه من ضعف علمي واقتصادي ويغري بهم الطامعين والمتربصين.
ثالثا: في المفاهيم صحيحها وسقيمها:
1- إننا في عصر قيم كبرى تتداول وتوظف لتكون عامل بناء وتشييد أو لتصير معول هدم وتبديد. ومن ثم كان العكوف على تحرير المفاهيم وتصحيحها وإزالة الالتباس عنها مدخلا لا غنى عنه للعلاج.
2- إن جزءا كبيرا مما تعيشه الأمة اليوم من فتن مرده إلى التباس مفاهيم شرعية لا غبار عليها في أذهان شريحة واسعة من المجتمعات المسلمة كتطبيق الشريعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد وطاعة أولي الأمر…..
3- إنّ المفاهيم المتقدم ذكرها كانت في الأصل سياجاً على السلم وأدوات للحفاظ على الحياة ومظهرا من مظاهر الرحمة الربانية التي جاء بها الإسلام على لسان نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم. فلما فهمت على غير حقيقتها وتشكلت في الأذهان بتصور يختلف عن أصل معناها وصورتها انقلبت إلى ممارسات ضد مقصدها الأصلي وهدفها وغايتها، فتحولت الرحمة إلى عذاب للأمة اكتوى به المذنب والبريء واستوى في إشاعته العالم والجاهل.
4- إن من أسباب ذلكم الالتباس:
أ- فك الارتباط بين خطاب التكليف وخطاب الوضع.وبما أن خطاب الوضع هو الأسباب والشروط والموانع التي تكيف تنزيل خطاب التكليف؛ فإن هذا الأخير لا يتصور في الواقع إلا منزلا على خطاب وضع.
ب- غموض العلاقة بين الوسائل والمقاصد.
ت- ضمور القيم الأربعة التي تقوم عليها الشريعة، وهي: الحكمة والعدل والرحمة والمصلحة.
5- إن التربية والتعليم هما مستقبل الأمة وأملها لأن ما تكتوي بناره اليوم هو حصيلة تفشي الأمية من جهة وعجز نظمنا التربوية من جهة ثانية عن إخراج المسلم الذي يبحث عن الحكمة أنى وجدت، ويحمل رسالة الحب لعيال الله، ويوقن أن الرأي قبل شجاعة الشجعان.
6- إن الوضع الأمثل والأعدل هو حرص أولياء الأمور على قيم العدل والكرامة الإنسانية ما وسعهم ذلك وتفهم النخب العلمية والفكرية والسياسية لإكراهات أولياء الأمور ما وسعهم ذلك لأن هذا أضمن وأبقى وسيلة للسلم.
7- إنه يلزم التذكير دفعا لأي شكل من أشكال الالتباس بأن سعي المسلمين في بلدانهم لإقامة الدين كله وإصلاح ما فسد من أحوالهم أمر مشروع باق ما بقي التكليف؛ شرط مراعاة ضوابط الشرع نفسه في فقه التنزيل.
8- إن حقوق المسلمين التي أوجبها لهم الشرع أو ضمنتها لهم الدساتير والقوانين هي حقوق ثابتة ما لم تحل دونها أولويات السلم وشروط الشرع نفسه في تحصيل الحقوق.
9- إن السلم من أعلى مقاصد الشريعة الإسلامية لكونه ضامنا لحفظ كل المقاصد الضرورية وما يتفرع عنها من مراتب المصالح؛ وهو ما نطقت به نصوص الشرع وشهدت له التصرفات النبوية وسار عليه الصحابة رضوان الله عليهم ومن اقتفى أثرهم من السلف الصالح. ومن ثم فإن الإذعان لأولوية السلم على غيره من المصالح فريضة شرعية قبل أن تكون اعتبارا بالتجارب الإنسانية واستفادة من الحكمة البشرية.
10- إذا كانت المطالبة بالحق حقا، فإن البحث عن السلام أحق.
11- إنه لا حقوق بدون سلام: لأن فقدان السلم هو فقدان لكل الحقوق؛ بما فيها الحق في الوجود! فالسلام هو الحق الأول والمقصد الأعلى الذي يحكم على كل جزئيات الحقوق.
12- إن منظومة السلم: فقهاً وقيماً ومفاهيم، لا تستهدف غمط الحقوق ولكنها تتغيى الوصول إليها بطرق أكثر سدادا ووسائل أقرب رشاداً، أقله أن الوقت الذي يضيع في المحاربة والمغالبة لو استعمل بشكل عقلاني في جو {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ- فصلت:34} لأعطى نتائج باهرة ترضي كل الأطراف؛ وقد تحظى برضا الله سبحانه وتعالى؛ لأنها صانت الدماء والأموال والأعراض وقللت الكراهية وألفت بين القلوب.
13- إن كل المفاهيم التي يستند عليها في غير حالة الدفاع الشرعي عن النفس لتسويغ مشروعية العنف والاقتتال بين المسلمين كتطبيق الأحكام الشرعية وتغيير المنكر والجهاد وقتال البغاة… مما هو داخل في خطاب التكليف هي مفاهيم ضبطها الشرع نفسه بخطاب الوضع أي بضوابط التنزيل والتطبيق حتى لا تكر على مقصد السلم بالإبطال. فمن أراد تطبيق الشرع فليحذر من فصل خطاب التكليف عن خطاب الوضع.
14- إن حسن النية لا يسوغ التوسل إلى الهدف -مهما كان نبيلا- بالاحتراب ونشر البغضاء والشحناء؛ لأن الهدف النبيل يجب أن تكون وسيلته نبيلة، فلا يجوز التذرع بالوسائل السيئة للوصول إلى مقاصد حسنة في اعتقاد المتذرع.
15- إن الإسلام وضع فقهاً متكاملاً لحل النزاعات بالوسائل السلمية العاقلة. تتمثل مفرداته في كتاب الصلح . والصلح مُعَاقَدَةٌ يرتفع بها النِّزَاعُ بين الخصوم، ويُتوصَّل بها إلى الموافقة بين المختلفين.وهو باب عظيم في كل كتب الفقه الإسلامي.
16- إن المنظومة الحوارية التي اشتمل عليها التراث للوصول إلى نوع من الرضى والتراضي من قبيل الحوار لإبرام «عقد الصلح» وما أحيط به من الضمانات بالإضافة إلى توسيع مجالات توظيفه ليشمل كل ما يمكن أن يتصور من نزاع وخلاف بدءا من الخلاف العائلي إلى النزاعات الدولية، بمختلف الأدوات من تحكيم أو إبراء أو عفو، يمكن أن تعتبر من أغنى المنظومات التشريعية والأخلاقية.
17- إن قواعد فقه السلم وكلياته هي:
أ- النظر في المالات والعواقب
ب- درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
18- اعتبار ترتيب التفاوت في المصالح وتفاوت المفاسد فيقدم الأهم على المهم.
19- إن فروض الكفايات تنقسم إلى ما يجوز لعامة الناس أن يقوموا به وما لا يجوز لهم أن يقوموا به، وهو أحكام الولاية العامة المنوطة بأولي الأمر كإقامة الحدود والتعزيرات وإعلان الحرب والسلام بين الأمم، ومختلف التدابير العائدة على المجتمع بالفائدة.
20- إن الجهاد في أصله وسيلة للسلم ، وهو شامل لكل القربات ، وماض إلى يوم القيامة بأنواعه المختلفة( جهاد الدفع وجهاد العلم والمال وجهاد النفس…) لكن جهاد الطلب بمفهوم غزو امم اخرى ليس مقبولا في عصرنا لزوال القوة المادية المانعة من الاتصال بالناس ودعوتهم إلى الخير.
رابعا: في سبل العلاج:
1- إنه آن الأوان أن تتجه المجتمعات المسلمة أفرادا وجمعيات وتنظيمات سياسية وحكومات ودولا إلى التعاون على البر والتقوى وتقديم المصالح العليا للإنسان والأوطان على المصالح الخاصة، واعتماد الحوار والتوافق منهجا وحيدا لتحقيق التنمية الشاملة.
2- الدعوة إلى انفتاح جميع التيارات على بعضها البعض وبناء جسور التواصل ليعبر منها الجميع إلى السلام.
3- التأكيد على التلازم الطردي بين البيئات الثلاث، بيئة السلم وبيئة الحوار وبيئة التسامح.
4- إعادة تثبيت سلطة المرجعية في الأمة باستعادة العلماء مكانتهم وريادتهم داخل المجتمعات المسلمة وقيامهم بواجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المنضبط بضوابط الشرع نائين بأنفسهم عن أي صراع أو تخندق فكري أو سياسـي ليكون صوتهم معبرا عن الأمة بكل مكوناتها وتكون كلمتهم محل تقدير وتوقير إن لم تكن محل إجماع.
5- إن الديمقراطية ليست غاية وهدفا في حد ذاتها بل وسيلة في البيئات المتهيئة لها لتدبير اختلاف المشارب الفكرية والمشاريع السياسية ومن ثم فإن واجب دعاة الإصلاح أن يضعوا نصب أعينهم تحقيق العدل والمساواة دون تقديس للآليات مستحضرين السياقات التاريخية والبيئات والأعراف الخاصة بمجتمعاتهم حتى لا تصبح الديمقراطية في بعض المجتمعات دعوة إلى الحرب الأهلية.
6- بيان خطورة استنباط الأحكام من النصوص الشرعية والمدونات الفقهية مجردة عن حيثياتها وملابساتها للشرائح المتعلمة من الأمة وتوجيهها إلى وزن الرجال بميزان الحق لا وزن الحق بميزان الرجال.
7- إيلاء عناية خاصة لثقافة السلم في المجتمعات المسلمة بعد أن ضمرت وضعفت وخلا الجو لثقافة العنف والاقتتال وانتزاع الحقوق بكل الوسائل مهما بلغت تكلفتها البشرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
8- إحياء فقه السلم المبثوث في بطون أمهات الفقه الإسلامي من كتب مجردة أو نوازل وفتاوى، وتطوير هذا الرصيد باستخراج أصوله وقوعده وضوابطه لاستثماره والبناء عليه وتجديده.
9- بناء مشروع تربوي متماسك وملائم للعصر ينطلق من مقومات الأمة ومصادرها ويعلي من قيم التعايش السلمي والوئام والتسامح واحترام التنوع والاختلاف.
10- ترسيخ الوازع التربوي في النظم التربوية وتصحيح الصورة النمطية التي تحصر الدين والشريعة في الوازع العقابي والسلطة التنفيذية.
11- إعطاء الأولوية في نشر ثقافة السلام وبث قيم الوئام للناشئة وللشباب ودعوتهم إلى الانخراط الفعلي في نشر ثقافة السلم في المجتمعات المسلمة وبلورة مقومات خطاب جديد يناسب احتياجاتهم لأنهم من جهة الأقل حصانة ضد خطاب الكراهية والعنف ومن جهة ثانية أمل الأمة في تغيير ما بنفسها.
خامسا: في الـوسـائـل:
1- الاستفادة من جميع الاستراتيجيات الهادفة إلى نشر ثقافة وقيم السلم ومما راكمته البشرية بخبرتها الطويلة من وسائل وآليات حل النزاعات كمؤسسات التحكيم والوساطة الدولية.
2- استثمار كل الوسائل المتاحة لنشر ثقافة السلم والوئام (كتب ومجلات وكتيبات ونشرات وقنوات إعلامية ومواقع إلكترونية وتجمعات شبابية وجمعيات ومنتديات).
3- دعوة وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي إلى تحمل مسؤولية الكلمة وتقدير آثارها على التعايش والوئام وإلى الانخراط في تعزيز ثقافة السلم في المجتمعات المسلمة.
4- دعوة المثقفين والأدباء والمبدعين إلى الانخراط في دعم رسالة هذا المنتدى وإلى الإسهام في تعزيز ثقافة السلم والتعايش في المجتمعات المسلمة.
5- الاستفادة من الحصيلة العلمية للبحث الأكاديمي الشرعي فيما يتعلق بفقه السلام والوئام والمصالحة (حصر الدراسات وتصنيفها وتقويمها ونشر ما يستحق النشر منها).
6- الاستفادة من المبادرات الناجحة في تحقيق السلم في المجتمعات المسلمة.
7- الانفتاح على فضاء الجامعات ومعاهد البحث، ودعوة المشرفين على البحوث إلى توجيه طلبتهم إلى الكتابة في موضوع السلم وطرق تعزيزه في المجتمعات المسلمة خاصة والعالم عامة.
8- تشجيع البحث الميداني في مجال التعرف على العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية التي تشكل تربة خصبة لترعرع ثقافة الإقصاء والصراع والعنف.
الـتـوصيـات:
1- الشروع في تأسيس مجلس إسلامي لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة يضم ثلة من ذوي الحكمة من علماء المسلمين وخبرائهم ووجهائهم ليسهموا في إطفاء حرائق الأمة قولا وفعلا. ونقترح أن يسمى “مجلس حكماء المسلمين” وأن تعد لوائحه التنظيمية خلال شهر رمضان المقبل بحول الله.
2- عقد منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة سنويا ونقترح أن تحتضنه أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة.
3- نشر أعمال هذا المنتدى لتكون إسهاما في ترسيخ ثقافة السلم في المجتمعات المسلمة.
4- عقد لقاءات وندوات في البيئات الإسلامية الأحوج إلى استيعاب نتائج هذا المنتدى، حتى تكون مقدمة لتحويل ما جلاه من مقاصد وقيم وقواعد إلى ثقافة يعيش في ظلها المسلمون، ويلتمس فيها غيرهم حلولا لنيران انقسام المجتمع وصدامه واقتتاله، التي لا تكاد تخبو في منطقة من العالم حتى تشتعل في أخرى.
5- تخصيص جائزة سنوية لأفضل الدراسات العلمية في موضوع السلم.
6- تخصيص جائزة سنوية لأفضل مبادرة وإنجاز في مجال تحقيق السلم في المجتمعات المسلمة.
7- إصدار مجلة أكاديمية منتظمة تعنى ببحوث السلم في المجتمعات المسلمة.
8- تأسيس جهاز إعلامي مسموع ومرئي ومكتوب، لا ينشغل بردود الأفعال بل يؤصل لمفاهيم السلم وقيمه في الأمة بتوضيحها وتبسيطها بالحكمة والموعظة الحسنة.
9- تأسيس فرق من الشباب المسلم المتشبع بدينه، المتشرب لثقافة السلم، مهمتها القيام بزيارات لكل أنحاء العالم بما فيها مناطق التوتر المسلمة وغير المسلمة لمخاطبة الشباب برسالة السلم والتعايش، مع تزويد هذه الفرق بوثائق واضحة ودقيقة حتى لا تنقل رسائل مغلوطة.
وفي ختام أعمال هذا المنتدى المبارك لا يسع المشاركين إلا أن يتوجهوا بخالص الشكر وجزيل الثناء ووافر التقدير لدولة الإمارات العربية المتحدة على ضيافتها الكريمة وتوفيرها كافة وسائل العمل وظروف التداول الحر للآراء ووجهات النظر، ويتوجهون بالتضرع لله عز وجل أن يحفظ قائد هذا البلد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لبلده وشعبه وأمته، وأن ينعم عليه بموفور الصحة والعافية، وأن يتغمد الله الشيخ زايد بواسع رحمته ويجعل ثواب هذا المنتدى المبارك في صحائف حسناته.