رد العلامة عبدالله بن بيه على استفتاء من علماء السودان
السؤال | |
رد على استفتاء من علماء السودان |
|
الجواب | |
الحمد لله رب العالمين اللهم صل وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نبدأ هذا الكلمة بالتحية المباركة الطيبة لإخواني في جمهورية السودان وأصحاب الفضيلة الإخوة العلماء الذين يشاركون في هذه الندوة واعتذر لهم بضيق وقتي وعجز جسمي عن الكتابة في هذه الموضوع . لكن مع ذلك سأقول كلمة مختصره ترجع إلى موافقة علماء السودان فيما كتبوا في هذه المسالة وذلك فيما يتعلق بأحكام الحاجة المنزلة منزلة الضرورة وهي حاجة عامة ترقى إلى ضرورة الأفراد. وفي هذا المجال اختصر لأذكر نصين فقط. الأول منهما لإمام الحرمين الجويني حيث يقول: والضرب الثاني: ما يتعلق بالحاجة العامة، ولا ينتهي إلى حد الضرورة، وهذا مثل تصحيح الإجارة؛ فإنها مبنية على مسيس الحاجة إلى المساكن مع القصور عن تملكها، وضِنَّة ملاكها بها على سبيل العاريَّة؛ فهذه حاجة ظاهرة غير بالغةٍ مبلغ الضرورة المفروضة في البيع وغيره، ولكن حاجة الجنس قد تبلغ مبلغ ضرورة الشخص الواحد، من حيث إن الكافة لو منعوا عما تظهر الحاجة فيه للجنس؛ لنال آحاد الجنس ضرارٌ لا محالة، تبلغ مبلغ الضرورة في حق الواحد، وقد يزيد أثر ذلك في الضرر الرَّاجع إلى الجنس ما ينال الآحاد بالنسبة إلى الجنس، وهذا يتعلق بأَحكام الإيالة، والذي ذكرناه مقدار غرضنا الآن([1]). -أحكام الإيالة يعني الايلوله يعني أي مئالات يعني هو من باب النظر إلى المالات – ولهذا أجاز مالك، -وهذا كلام آخر- الرد في الدرهم لقد كان مالك يمنعه. الرد في الدرهم أي أن تشتري شيئاً بنصف درهم ويرد إليك الذي اشتريت منه نصف درهم مثلا باعتبار أن ذلك يجمع بين الصرف والبيع. ثم رجع مالك عن ذلك قائلا والنص للباجي: واختلفَ قولُ مالك في الرجل يأتي دارَ السّكة فيدفع إليهم فضةً وزناً، ويأخذ منهم وزناً دراهمَ ويُعطيهم أجرةَ العمل. فقال مرة: أرجو أنْ يكون خفيفاً. وذكره ابن المواز ورواه عيسى عن ابن القاسم، ومنع ذلك عيسى بن دينار وحكاه ابن حبيب عن جماعة من أصحاب مالك، وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وجه رواية الجواز مع الكراهية ما احتج به من ضرورة الناس إلى الدراهم وتعذر الصرف إلاّ في ذلك الموضع مع حاجة الناس إلى الاستعجال وانحفاز المسافر للمرور مع أصحابه وخوفه على نفسه في الانفراد ويخاف إنْ غاب عنه ذهبه أنْ لا يعطاه ويمطل به والضرورة العامة تبيح المحظور. أما اليوم فقد صار الضرب بكل بلد واتسع الأمر فلا يجوز ووجه رواية المنع أنه لا يخلو أن يكون بيعاً أو إجارة، فإن كان بيعاً ففيه التفاضل في الذهب، وإن كان إجارة فهو إجارة وسلف وذلك غير جائز في الوجهين[2]. وضرورة الناس المذكورة – وهذا من كلامي- وكذلك الضرورة العامة إنما هي بمعنى الحاجة العامة؛ ولكن يُفهم من كلام أبي الوليد أنّ ما كان هذا سبيلُه من إثبات الأحكام من أجل الضرورة العامة بالاجتهاد يزول بزوال الوضع الذي أدى إليه. وليس كتلك الثابتة بنص الشارع. وقد استعمل مالك ذلك في الرد بالدرهم؛ قال مالك: كنا نمنعه ويخالفنا أهل العراق ثم أجزناه لضرورة الناس ولأنهم لا يقصدون به صرفاً، فكان سيدي ابن السراج رحمه الله يقول رجع مالك بالرد على الدرهم لقول غيره من أجل الضرورة وكلامه في المواق . وربما هناك شي جديد أضيفه وهو اقتراح أن تكون العملة التي يقترض بها مخالفة للعملة التي يقضى منها. حتى يكون من باب سلم العروض في غير مثلها. لأنَّ القول بعرضية الفلوس هو أصل مذهب الإمام أبي حنيفة وأحمد والشافعي أيضا في أصل مذهبه بناء على أن العلة قاصرة في الذهب والفضة. وهو أيضا مذهب جمع من السلف كالليثي وأبي سليمان وهو مذهب الظاهرية وابن عقيل من الحنابلة. فهذا القول بالعرضية وإن كنا لا نفتي به, فنرى أنه قد يكون مخرجاً في هذه الحالات؛ بأنّ لا يكون السلم مثلا في الجنيه سوداني مقابل الجنية سوداني وإنما سلم في الدولار إلى الجنيه السوداني أو العكس ليكون معتمدا على هذا القول وهو أيضا قول في مذهب مالك فلوس, نقودا( ….) كما قال الزقاق في المنهج وبالتالي يمكن الاستناد إليه إن لم نقل الاعتماد، الاستناد إليه في هذه الحالات من الحاجات المنزلة منزلة الضرورة والله أعلم.
[1]() الجويني، البرهان 2/923، تحقيق عبدالعظيم الديب، دار الأنصار القاهرة. [2] – الباجي المنتقى 4/259 |