العلامة ابن بيه: التنطع والغلوّ والتشدّد أول صفات المنحرفين

عبدالله الداني-جدة- عكاظ

اوضح الشيخ العلامة عبدالله بن بيه نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الصفات التي يعرف بها الارهابيون ولخصها في ثلاثة أمور حيث ذكر أنهم يتصفون بأخلاق يدينها الشرع وينكرها الشارع وهي : التنطع والغلو والتشدد.

وقال ابن بيه لقد نهى الإسلام عن التشدد في حديث أنس :” لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم”، ونهى الإسلام عن الغلو في الدين وهو المعبر عنه بالتطرف مستدلا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما عنه عليه الصلاة والسلام:” إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين”.

ونهى عن التنطع وهو كالغلو التجاوز للحدود في الأقوال والأفعال ففي حديث ابن مسعود:”هلك المتنطعون قالها ثلاثاً. هذه الألفاظ الثلاث تعني الابتعاد عن الاعتدال في الأفكار والأقوال وكل ذلك يخالف منهج الوسطية ويؤدي إلى التعصب والفتنة وهي مصطلحات يقابلها التطرف والأصولية .

جهات ثلاث وتطرق ابن بيه للجهات الثلاث التي عليها مسؤولية مباشرة في الوقاية والعلاج من هذا الفكر الضال فهي الأسرة والمؤسسات التعليمية والإعلام.

وقال : أما الأسرة التي هي المحضن الأول المؤثر في سلوك الناشئة فلها دورها البارز في التنشئة الصالحة التي تحمي أبناءها من الإنحراف الفكري والسلوكي إذ من المعروف أن التصورات الفكرية هي محرك الأرادة التي سرعان ما تتحول إلى سلوك عملي يتجاوز الفكرة إلى الأثر الفعلي.

وأضاف قائلا: إن الأسرة تتحمل مسؤولية عظيمة عن إصلاح الخلل وسد الثغرات الفكرية التي يعاني فيها الشباب في عصر العولمة وتدفق الأفكار المثيرة والمثورة التي ترهق الأنفس وتعرض الجرائم وتمجد القتل والقتال.

وشدد ابن بيه على جانب الأسرة وقال إنه يتوجب على كل أسرة أن تعلم أولادها كيف يميزون بين الحق والباطل وبين الظلام والضياء .

فالأسرة لها دور كبير في الوقاية وفي العلاج عندما تستشعر من ابنها نفوراً عن المجتمع وبعدا عن الجماعة فعليها أن تسلكه في طريق الصواب وتستعين بالجهات المختصة لمعالجة وضعه قبل أن يفوت الأوان ويتيه في سراديب الظلام الحالكة.

واستعرض ابن بيه دورالمؤسسات التعليمية فقال: إن لها دورها الفاعل في بلورة التصورات التي تمثل مقدمة لنشوء الإرادة للافراد والجماعات فبقدر ما تكون هذه المؤسسات إيجابية وفعالة ورائدة بقدر ما تخرج جيلا من الرواد ومن الأفراد الإيجابين والعقلانيين ويكتسب طلابها المناعة الفكرية والنفسية،وبقدر فشل العملية التربوية ووجود خلل في إيصال الفكرة السليمة والمعلومة الصحيحة يكون الضياع والفشل حليف خريجيها مما يجعلهم أكثر عرضة لتقبل الأفكار المنحرفة والانخراط في سلك المغامرات الإجرامية والممارسات العبثية.

وقال إن على المنظومة التعليمية من الإبتدائي إلى الجامعي مروراً بالمعاهد الفنية مسؤلية ومهمة يمكن اختصارها في أنها مهمة التواصل مع عالم الطالب النفسي والوجداني. وتحدث ابن بيه عن الجهة الثالثة وقال إنها الصحافة الوطنية المكتوبة والمسموعة والمرئية إذ أن هذه الجهة معنية بالتعاطي اليومي مع الحدث تقديماً وتعليقاً وتوضيحاً وشرحاً وتوجيهاً.

ووصف دورها بالحاسم معللا ذلك بأن الخبر أصبح كالخبز اليومي للأفراد وقال: إلا أن وضع الصحافة الوطنية في غاية الصعوبة بسبب سيل الإعلام الجارف الذي يبث الغث والسمين والخبيث والطيب والإفتراء والحقيقة ، ووصفها ايضا بأنها مزيج يجعل المتلقي يعيش في دوامة من الإحباط وفي بعض الأحيان من المغالطات إلا أن ذكاء الصحافي وإخلاصه لدينه ووطنه وقدراته ومواهبه وخبراته تسعفه في التعامل مع جمهوره وضمان الفوز في حلبة المنافسة الإعلامية التي لا ترحم و هذه الجهات الثلاث باختصار شديد بالإضافة إلى منابر المساجد ومنصات النوادي الثقافية الفكرية يمكن أن تشكل منظومة متناغمة متعددة الوسائل والآليات متحدة الأهداف والغايات لإيصال الرسالة الصحيحة والتصور السليم إلى أذهان الشباب حتى يستقيم سلوكهم ويعتدل ميلهم ويرشد زايغهم ويهتدي ضالهم ،وأن ذلك هو الرهان الذي يجب أن نربحه لتربح الأمة وينجح الشباب.

واختتم ابن بيه حديثه بقوله:هناك جهتا إسناد هي المجامع الفقهية ومؤسسات الإفتاء التي عليها أن تدحض بالحجة والبرهان الفكر المنحرف والسلوك المتطرف وترد على فتاوى الباطل وسفسطة المفتي الخفي ،وأما الجهة الثانية : فهي الجهات التي لا يختلف دورها في هذه القضية عن مهمتها في كل قضايا الإجرام فوظيفتها حماية المجتمع من الإجرام والمجرمين بالبحث عن المجرم وجمع أدلة الجريمة وجلب المجرمين أمام القضاء.

Comments are closed.