المؤسسات الخيرية لا بديل عنها

إن الجمعيات الخيرية هي عبارة عن جمعيات ترعى العمل الخيري للمجتمعات البشرية بشكل منظم وطوعي من منطلق أخلاقي وليس بغرض ربحي هذه هي المميزات والأوصاف التي تميز الجمعيات الخيرية عن مؤسسات الضمان الاجتماعي الحكومية وغيرها من الهيئات التي تخدم المجتمع .

إن الخدمات التي تقوم بها الجمعيات الخيرية تهدف إلى الصالح العام للإنسانية وتقدم المساعدة للفقراء والمعوزين وتوفر الرعاية الصحية للمرضى ويواسي العجزة وتوفر المساكن للمساكين والمدارس لطلبة العلم والورشات لتشغيل العاطلين وترصد الأوقاف لتشجيع الاكتشافات العلمية وتشجيع العلماء .

إن هذه الأعمال تعتبر رافداً لا غنى عنه في المجتمعات المتحضرة لمواجهة ضرورات المجتمع وحاجات التنمية إلى جانب دور الحكومات .


هذه مقدمة ضرورية لفهم وظيفة الجمعيات الخيرية بصفة عامة أما بالنسبة للجمعيات الخيرية في الإسلام فإنها جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الإسلامي لأنها متجذرة في تراثه ومنبثـقة عن قيمه ومبادئه وانطلاقاً من هذا فإن المؤسسات الخيرية لا بديل عنها .

وللأسباب التالية :

أولا : إن المسلمين ملزمون أفراداً وجماعات بنص القرآن الكريم بتقديم جزء من أموالهم في أوجه الخير كل سنة سواء كانت هذه الأموال تجارية أو ثروة زراعية أو حيوانية أو معدنية( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) سورة المعارج .

فهو حق واجب عليهم وليس أمراً اختيارياً فالزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام بعد شهادة التوحيد والصلاة .

ذلك هو المعطى الأول الذي يجب أن يفهمه من يضع علامات استفهام أمام عمل الجمعيات .

وتطبيقياً فإنه عليه الصلاة والسلام وأصحابه أنشأوا أوقافاً لفائدة المحتاج وابن السبيل.

كما يقول مالك رحمه الله تعالى : هذه أوقافهم مشيراً إلى أوقافهم في المدينة المنورة.

واقتفى إثرهم المسلمون على مر التاريخ فتنوعت الأوقاف وبنيت أكبر الجامعات والمشافي منها وقامت على الأيتام والأرامل والمعوزين وهذا أمر معروف في التاريخ الإسلامي ومنه عرف الأوربيون الوقف “الترست” عند احتكاكهم بالمسلمين في القرون الوسطى .

ثانياً: لقد نشأ عن ذلك علاقات تضامنية بين طبقات المجتمع أغنياء وفقراء أبعدت شبح الثورات التي عرفتها مجتمعات أخرى لا تقيم وزنا للأعمال الخيرية .

ثالثا: إن الأعمال الخيرية عريقة في التاريخ الإسلامي وكانت عامل توازن واستقرار في المجتمعات الإسلامية .

رابعاً: إن الجمعيات الخيرية تعمل في شفافية كاملة وهي جمعيات تتعامل مع الجمهور في وضح النهار فلا يمكن أن تنحرف كما لا يمكن للخير أن يكون شراً .

خامساً: لقد قامت الجمعيات الخيرية في المملكة العربية السعودية وفي بعض البلاد الأخر بخدمات جلى لصالح المسلمين وغير المسلمين في مداواة المرضى وتعليم الجهال وتنظيم ورشات العمل للعاطلين وتعاونت مع الهيئات الخيرية الغربية التي شهدت لها بالنجاح في العمل الإنساني في البوسنة وافغانستان وأفريقيا .

وهذه الخدمات الإنسانية لا يمكن أن تصبح بين عشية وضحاها متهمة ولو فرض أن فرداً أو أفرادا انحرفوا فإن مسئولية ذلك تقع عليهم وحدهم وليس على المؤسسات الخيرية الإسلامية فضلا عن الأمة الإسلامية والإسلام بذاته .

إن هذه النظرة التعميمية السريعة لا يمكن إلا أن تكون ظالمة لأنها لا تبنى على معطيات دقيقة وحقيقية بل إنها نوع من الرجم بالغيب والتخمين وممارسة هواية التجريح في الإسلام والمسلمين من جهات لا تخفى مراميها ولا تجهل مقاصدها ومغازيها .

وإن الرد على ذلك لا يكون في التقاعس عن عمل الخير أو التجافى عن المعروف وإنما في تكوين المؤسسات الخيرية الواضحة الأهداف البناءة النافعة للمجتمع .

وفي تقديري : أن المؤسسة الخيرية للأمير عبد الله لوالديه لتوفير السكن اللائق للمواطنين ومدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية وغيرهما إنما تمثل الرد العملي على الحملة المغرضة الجائرة على المملكة العربية السعودية .

وأخيراً فكيف يتهم العمل الخيري الإسلامي من الدول الغربية التي تتباهى زعيمتها الولايات المتحدة الأمريكية بأنها رائدة العمل الخيري وأنها مركز العمل الخيري( foundaTion center )

وفي سنة989 1م بلغت المؤسسات الخيرية أكثر من 32 ألف مؤسسة خيرية بلغت ممتلكاتها 137مليار دولار من أعرقها مؤسسة روكفلر 1902م ومؤسسة كارنيجى 1906م ومؤسسة فورد 1936م ومؤسسة جونسون 1936م إلى غيرها من المؤسسات التي تعمل في شتى أوجه العمل الإنساني من التعليم والرعاية الصحية والتبشير وتشجع الحكومة الفيدرالية هذه المؤسسات بإعفائها من الضرائب وهي مؤسسات مجال عملها هو العالم كله.

في ضوء ما تقدم فأن العمل الخيري والمؤسسات الخيرية لا بديل عنها وعلى العكس من الإشاعات فإنها عامل توازن واستقرار وقبل ذلك عبادة لله تعالى وترجمة لرسالة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم التي جاءت لعبادة الحق بالحق والرحمة بالخلق وعلى هذه المؤسسات أن تظل نشطة في شفافية كاملة ووضوح لا يشوبه غموض حتى تبرهن للعالم أجمع عن أصالة العمل الخيري في هذه الديار وفي الديار الإسلامية بعيدا عن الشبهات والتهم الباطلة بالإرهاب التي تحاول الدعايات الكاذبة أن تعممها لا على المؤسسات الخيرية فقط ولكن على الإسلام والمسلمين.

إذا محاسني اللاتي أدل بها كانت ذنوبي فقل لي كيف اعتذر.

Comments are closed.