حوار حول اللقاء الحادي عشر للجنة الحوارالاسلامي-الكاثوليكي

حاوره: سعد بن أحمد

9/5/1426 / 16/06/2005

                     

 احتضنت العاصمة الإيطالية روما خلال هذا الأسبوع الدورة الحادية عشرة للحوار الإسلامي المسيحي ، والذي تنظمه لجنة الاتصال بين المنظمات الإسلامية والكنائس الغربية بشكل دوري منذ أكثر من عقد من الزمن .

ويسعى الجانب الإسلامي من هذا الحوار إلى تقديم الصورة الحقيقية والناصعة للإسلام ، باعتباره الرسالة السماوية الخاتمة ، وذلك انطلاقا من ضرورة الحوار مع الآخر، وقياما بواجب التبليغ ، لتقديم البرهان وإقامة الحجة . 

حول أعمال هذا اللقاء ونتائجه .. وكذلك منطلقات وأهداف الحوار الإسلامي المسيحي كان” لشبكة الإسلام اليوم “هذا اللقاء مع فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن بيه أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ، ورئيس لجنة الحوار الإسلامي .


 شاركتم خلال هذا الأسبوع في الحوار الحادي عشر للقاء الإسلامي المسيحي بروما .. كيف تقيمون هذا اللقاء ؟ 

هناك لجنة اتصال بين الكنائس وبين المنظمات الإسلامية ، وهذه اللجنة تجتمع لبحث ومناقشة بعض الموضوعات ، وترشح بعض الموضوعات للنقاش . وكان الموضوع المقترح لهذه السنة هو موضوع العلاقة بين الدين والمجتمع والدين والدولة ، وكان علي أن أقدم بحثاً عن علاقة الدين بالدولة ، وزميل آخر يقدم بحثا عن الدين والمجتمع ، وفي مقابلنا أيضاً اثنان من المسيحيين من النصارى قدما أيضاً بحوثاً في نفس الموضوع هذا.


ماذا عن الأرضة المشتركة لهذا الحوار ؟ وهل هناك اتفاق على خطوط عامة على أساسها يتم هذا الحوار؟

هذه الحوارات هي لقاءات سنوية تبحث في العلاقات الإنسانية تبحث في قضايا السلام والتعايش ونحو ذلك وتبحث في بعض القضايا التي قد تهم الأطراف المشاركة فيها . لأن هذا الموضوع الآن هو موضوع مهم جداً في أوربا حيث إن بعض الدول الأوربية عندها مواقف من الديانات الجديدة التي دخلت ، بناء على أن هذه الدول هي دول متدينة كسويسرا مثلاً قانونها ينص على أنها دولة دينية أي مسيحية ، وكذلك النرويج و الدانمارك . فوجود ديانات جديدة في هذه البلاد طرح بعض المشاكل كما ً في فرنسا عندما منعت الحجاب والرموز الإسلامية ، طرح أيضاً السؤال : ما هي العلاقة بين الدولة والدين ؟ مع أن هذه الدول تقول إنها دول علمانية وبالتالي لا علاقة لها بالدين ، فالدين فيها أمر شخصي – كما يقولون – أو يخص الفرد فقط . ثانياً هم يطرحون أسئلة بالنسبة للعالم الإسلامي .. لماذا بعض الدول تتشبث بأن تتولى تسيير الشؤون الدينية ؟ لماذا لا يترك الدين أمراً شخصياً رباطاً – كما يسمونه – بين الله وبين العبد ولا علاقة للسلطة به ؟ فهذه هي الإشكاليات والأرضية المشتركة التي على أساسها يجري الحوار بهدف البحث عن حلول لهذه الإشكاليات ، وما هو موقع الدين في العالم المعاصر الذي نعيش فيه ؟ وغيرها من القضايا ..


كيف تقيمون مستوى المشاركة الإسلامية في هذا الحوار مقارنة بمستوى تمثل الظرف الآخر أيضاً الطرف المسيحي؟

المشاركة الإسلامية كانت جيدة جداً لأن د. عبد الله نصيف هو رئيس المؤتمر العالمي الإسلامي والدكتور عبد العزيز التويجري رئيس المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم ، والدكتور حامد الرفاعي الأمين العام لمنتدى الحوار الإسلامي ، والأستاذ الشريف الأمين العام لاتحاد المنظمات الإسلامية ، والعبد الضعيف رئيس لجنة الحوار الإسلامي المسيحي .. وشخصيات أخرى عديدة 


فضيلة الشيخ قدمتم خلال هذا اللقاء محاضرة تحت عنوان الدين والدولة كيف كانت ردود فعل الجانب المسيحي على محاضرتكم؟

دارت مناقشات ساخنة حول هذا الموضوع مع الجانب المسيحي ، فالمسألة يمكن أن نلخصها في أن المصطلحات الإسلامية تختلف عن المصطلحات لدى الطرف الآخر، والمسارات التاريخية تختلف كذلك ، بالإضافة للاختلاف العميق في الثقافة . هذه الاختلافات مؤثرة بالتأكيد ، فنحن نعتقد أن الدولة ضرورة للدين لأن الدين عندنا هو الوحي ، وقد اشتكى رئيسهم المطران “جيرالد “من هذا الطرح عندما قلت إن الدين هو مجموعة العقائد والقواعد والأحكام التفصيلية التي تنظم علاقة الإنسان بربه وبأبناء جنسه وبالكون عامة .. وهو يقول لا .. الدين ليس وحيا وإنما هو رباط ، ونحن نقول إن الرباط أثر وليس هو الأصل ، وإنما الأصل هو الوحي . فهذا هو الجو العام لهذه المناقشات .. تنزل المناقشات أحيانا إلى قضية المسلمين في أوربا، كما تتطرق للعديد من الإشكاليات التي ترتبط بواقع المسلمين في بلدانهم الأصلية أو في الغرب ، وهي الإشكاليات التي نجيب عنها بفضل وتوفيق من الله تعالى.


يرى البعض أن المشاركين في هذا الحوار من الجانب المسيحي ليس لهم تأثير يذكر في مجتمعاتهم الغربية ، وبالتالي لا نجد تأثير لهذا الحوار على أسلوب التعاطي بين المسلمين والمسيحيين .. ما تعليقكم على ذلك؟

في الحقيقة أنا اعتقد أن هؤلاء قد يؤثرون إذا أرادوا ذلك ، المسألة هل الطرف الآخر على درجة من الإخلاص أو من الجدية في علاقته أو في حواره مع الطرف الإسلامي ؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه وأما الطرف المسيحي فقد ضم العديد من الشخصيات الهامة جنسيات أمريكية وأروبية ومن أنحاء مختلفة من العالم لها صوتها ولها تأثيرها إذا اقتنعت بشيء يمكن أن تعلنه وأن تذيعه وبخاصة إذا استمعت لوجهة النظر الإسلامية وهي وجهة نظر دائماً مقنعة وواضحة بفضل الله . ولكن الجدية هي الأمر الذي نحتاج إليه . نحتاج أن نقتنع أن الجانب الآخر يتسم بالجدية الضرورية لهذا الحوار .. يعني هذا سؤال مهم لمستقبل علاقتنا معهم ، ونحن نرى أن الحوار هو واجب ديني الله سبحانه وتعالى أمر به أصلا يقول تعالى :” وجادلهم بالتي هي أحسن ” ويقول تعالى : “ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ” فالحوار عندنا من أصول الدين وليس أمراً موسمياً ، ولا نقدمه رهباً ولا رغباً ، ولكن نقدمه لأنه من ضرورات العلاقات البشرية ، كما أنه من ضرورات الدعوة لهذا الدين الذي هو الدين الخاتم .


هل حقق الحوار الإسلامي المسيحي وهو اليوم في دورته الحادية عشرة أي هدف من الأهداف المرجوة منه في نظركم؟

الأهداف هذه لا تتحقق دفعة واحدة أو مرة واحدة ، وإنما هي عبارة عن تراكمات .. هذه التراكمات قد تحقق شيئاً من التفاهم ، قد تدل على الأقل على استعداد الطرف الإسلامي دائماً لأن يهدي وجهة النظر النافعة والصالحة لحل مشاكل الكوكب الأرضي الذي نعيش عليه ، أما أن نقول إن الأهداف قد تحققت فأنا لا أعتقد أن هذه الحوارات وصلت إلى أهداف ملموسة ومحسوسة ، لكنها وصلت إلى بعض الأهداف في توضيح بعض المفاهيم و تحقيق التعارف ، وهذا التعارف مطلوب للتعريف بهذا الدين ، والله سبحانه وتعالى يقول: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) واجب علينا لإقامة الحجة والبرهان ، وهذه الحجة علينا أن نحملها معنا لنقدمها إلى الطرف الآخر ولنبلغها للآخرين ، ونحن نتعايش هنا منذ أربعمائة سنة كما قلت في مداخلتي على ضفاف البحر الأبيض المتوسط هم في العدوة الأخرى ونحن في هذه العدوة ، والمفروض أنه قد حصل التعارف بيننا ، وأن يكونوا قد فهموا عنا ، ومع ذلك ما زالت لديهم عقدة “الإخوة ” كما سماها الفرنسي موزار ، فهم يرون في الدين الإسلامي الكثير مما هو أصل الرسالة المسيحية ولذلك عندهم عقدة من هذا الدين ، ونحن نرجو أن تزول هذه العقدة لأننا نسعى فقط لتقديم الحقيقة . 

Comments are closed.