سعادة الدكتور حامد الرفاعي

 

الشيخ عبد الله رغم أنه حجة  في المذهب المالكي إلا أنك تراه على إحاطة كبيرة  ودقيقة بكل مذاهب الفقه الإسلامي وإذا جلست معه تعالج   قضية من قضايا العالم الإسلامي لا تكاد تحس أن هذا الرجل يتحدث بمذهبية إنه   ينحاز لمصلحة الأمة ويبحث عن حلِّ لهذه المصلحة من خلال تراثنا الفقهي المتكامل وهذه القضية قلما تجدها عند عالم في تاريخنا المعاصر وللأسف إن كثيراً من علمائنا حجزوا أنفسهم في جدران مذهبيتهم أو حتى في جدران فرع مدرسي من فروع مذهبية فكان هذا الشتات الذي ترون على الساحة الإسلامية .


الشيخ عبد الله بن بيّه بدبلوماسيته الرائعة وسياسته المتمرسة كان دائما  بفضل الله تعالى – وقد رافقته في كثير من الأسفار – ذاك الرجل الذي إذا تحدث أصغى إليه الجميع لأنه يتحدث من القلب إلى القلوب .

في أفغانستان كنت كذلك برفقته  برفقة متواضعة وأؤكد على كلمة المتواضعة لأنني متدرب إلى جنبه وإلى جنب نشاطه  وقدراته وكفاءاته وكان بفضل الله تعالى أن استفدت كثيراً طرح طروحات كثيرة على الساحة الأفغانية وكان كل مرة يقدم لهم أطروحة ونظرية وحلاً فبدأنا – أو بدأ فضيلة الشيخ ونحن إلى جانبه- في نظرية التوحيد ونظرية اتحاد ونظرية تنسيق ثم أخيراً – وبعد أن تعب وتعبنا إلى جانبه – طرح نظرية تنظيم الخلاف وهذه النظرية لها تفصيلاتها ولها فلسفتها عنده.


كنت أتمنى أن يكون عندي وقت لأطرح بعض الجوانب التي لمستها واقتبستها وتعلمتها في مدرسة معالي الشيخ وأختم حديثي بطرفة  صغيرة في إحدى أسفاري بصحبة الشيخ – الذي كان يعتاد أن يسافر بدون استعداد متميز للسفر ويحتذي في قدميه الزحافة الموريتانية- فكنا في الدرجة الأولى وأثناء نزول الطائرة يبدو أن هذه الزحافة انزلقت فدخلت تحت المقاعد والوفد رسمي والجهات الرسمية تنتظر رآني الدكتور عبد الله نصيف أبحث تحت المقاعد فقال عم تبحث ؟ فقلت له حذاء الشيخ فوضع الدكتور عبد الله الشنطة من يده – وهو الجوال المتمرس في البحث -فبدأ يبحث تحت المقاعد فوجد الزحافة قد انزلقت إلى آخر مقعد فانتزع الحذاء تكريما للشيخ عبد الله بن بيه   وانحنى معالي الدكتور عبد الله نصيف تحت قدم الشيخ فوضع  الحذاء فقال الشيخ : عفواً أستغفر الله  فيرد معالي الدكتور نصيف : إنه يشرفنى أن  أكون خادماً للعلماء وأنت على رأس هؤلاء العلماء.

 

 

Comments are closed.