كيف يرى العلامة ابن بيه النزاع اليوم على صورة الإسلام بين مرجعيات مختلفة؟ و كيف يمكن تجاوز وضع التشرذم ؟
س: هناك نزاع اليوم على صورة الاسلام بين مرجعيات مختلفة حركية وتقليدية، وأدى هذا النزاع إلى بروز فهوم متطرفة وخطيرة؛ كيف يمكن تسكين علاقات المسلمين المعاصرين بمفهوم معرفي للإسلام ينزع عنه التأويلات المتخلفة أو المتطرفة؟
جواب العلامة عبدالله بن بيه :
نعتقد أن تجاوز وضع التشرذم المرجعي الذي تعيشه الأمة صار حاجة ماسة بل ضرورة حاقة ، وهو وضع يتجلى فيما أشرتم إليه من صراع التأويلات وتنافس الخطابات المتمانعة التي يدعي كل واحد منها احتكار التمثيل الشرعي للأمة والتأويل الصحيح للدين، وقد تطور هذا التنافس من حالة نزاعات مذهبية واصطفافات ايديولوجية إلى أن أصبح يغذي حروبا أهلية أهلكت الإنسان والأوطان ولم تقم وزنا ولا اعتبارا للأديان.
إن الخروج من هذا الوضع يحتم على جميع المرجعيات المختلفة العمل على إبراز القواسم المشتركة ووضع منطقة للقبول تتيح حدا أدنى من الاعتراف المتبادل والتواصل، بما يسمح للنخبة الواعية أن تذيب مقولات الأطراف في بوتقة مفهوم معرفي حقيقي للإسلام يقوم على الكليات الشرعية ويعكس روح الإسلام التوافقية والمصلحية التي لا تناقض في جوهرها ولا اختلاف في أصلها (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا).
إن الامتناع عن هذا التناقض والتعارض هو الذي يسدّ الباب أمام “تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين”، ويضمن إمكانية مستوى مقبول من التنسيق في إيجاد الآليات العملية لتوصيل هذا المفهوم المعرفي المؤصل.
وخلاصة القول أنه أمام التحديات الكبرى والتهديد الوجودي للأمة على مستوى الدول وعلى مستوى المجتمعات وهو تهديد يطاول وحدة دولها وتماسك مجتمعاتها بل يطاول مجرد بقاءها فإنه لا مكان للخصومات المذهبية وللمناوشات الفروعية فالخطب جلل وطم طوفانه السهل والجبل ويصدق فينا تساؤل الشاعر:
صاحِ هل يحتال في دفع العصا * من أظلته الحُسامات القُضُب