أمراض زماننا طالت كل القطاعات بما فيها الفتوى

موقع الفقه اليوم.

أكّد الشّيخ عبد الله بن بيه– نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- أنّ الفتوى في هذا الزّمان أصبحت كالزّمان نفسه، حيث نعيش زمانًا منفلتًا وفي كل المجالات وفي الميادين، ليس هذا لخصوصية الفتوى، ولكن أيضا في مجالات أخرى، مجالات الإعلام والسياسة والاقتصاد، كلها مجالات فيها انفلات، والفتوى ليست بريئة من هذا الانفلات، و يمكن أن نصنفها إلى ثلاثة أنواع، هناك فتوى من نوع الملابس الجاهزة، يعني من جاء يجدها معلقة كما يقول ابن رشد سماها بالشّخص الذي ليس خفافًا، يبيع الأخفاف، ولكنه لا يصنع الأخفاف، فإذا جاءه من لا يطابق قدمه ولا يلائم خفًا عنده فإنه لا يستطيع أن يوجده، هذه فتوى وراثية، لا أقول معلبة، لكنها على كل حال جامدة،

وكما يقول القرابي: الجمود على النّصوص أبدًا ضلال وإضلال.

وقال: هذه يمكن اعتمادها عندما يقول بها، ولكن من لا يقول بها من أمثالنا، فإنه لا يمكن اعتمادها؛ لأنها لم تنظر إلى البعد الزماني والمكاني، حتى ولو اعتمدها أئمة وعلماء سابقون، واستندوا فيها إلى أدلة صحيحة من الكتاب والسنة ؟ ففي ذلك الوقت كانت ملائمة؛ لأن الزمان كان ملائمًا.

وأضاف لبرنامج ” الشريعة والحياة” الذي أذاعته فضائية الجزيرة في الحلقة التي أُذيعت تحت عنوان “صناعة الفتوى”، وهناك صنف آخر وهو فتوى منزلقة ومنفلتة، وهي أيضًا من نوع تحت الطلب، بمعنى أن المطلوب تقديم فتوى بحسب المطلوب، وهذا يقع في مجالات المصارف والبنوك، عادة تأتي فتاوى في غاية التيسير إلى حد أنها تخرج من جلد الفتوى الأصلية.

وقال: إن الصنف الثالث هو فتوى تجمع بين الثّبات وبين التّغير وهذا نرى أنه هو الوسطية الصحيحة؛ لأنّ الفتوى لابد أن تشتمل أو تُبنى على ثلاثة عناصر، عنصر النّصوص، وعنصر المقاصد، أي المصالح والمفاسد، وعنصر الزّمان، أي الملابسات وأحوال الزّمان، أحوال الزمان هي البعد الزماني، والبعد المكاني، والبعد الإنساني.. مشددًا على ضرورة أن تأخذ بعين الاعتبار كل هذه، فإذا لم تأخذ الفتوى بعين الاعتبار كل هذه الأبعاد، فإنها تكون ناقصة وعرجاء.

وقال ابن بيه: إنّ الخلل اليوم في صناعة الفتوى، هو في عدم احترام المعايير. معايير الفتوى، نحترم جزئيات في مقابل الكليات، نحترم الدليل ونحترم التنزيل؛ لأنّ الدليل غير التنزيل، تنزيل الدليل على الواقعة ليس الدليل، الدليل قد يكون محايدًا، أو قد يكون حكمًا شرعيًا، ولكن هل هذا الحكم الشرعي يصلح لأن ينزل على هذه القضية أو لا يصلح أن ينزل عليها ؟ ولهذا هناك مرحلة الدليل ومرحلة التنزيل، الجهل بأي منهما أو عدم تطبيقهما أو عدم معرفتهما معرفة سليمة هذا يؤدي إلى خلل.

وعن ضوابط الفتوى وسط زخم الفضائيات، والمواقع الإلكترونية التي تتعاطى مع الشّأن الإسلامي، قال: ابن بيه من الصعب جدًا ضبطها إلا إذا ضبطت المنهجية، فعلينا أن نُروج لمنهجية الفتوى، هذه المنهجية تبدأ بأصول الفتوى، مشيرًا إلى أن أصول الفتوى هي الكتاب والسنة، وما يستنبط منهما حسب عبارة الشافعي، ولكن ما هي جوانب الاستنباط، وآفاق الاستنباط ؟ يجيب الغزالي، بأنها صيغتهما، منظومهما، وفحواهما، ومفهومهما، ومعناهما، ومعقولهما، ويجيب على هذا بدقة أيضًا الشاطبي عن كيف، يقول: إن الاجتهاد إذا كان في دلالات الألفاظ فإنه يحتاج إلى علوم اللغة العربية، دلالات الألفاظ هو ما تدل عليه ألفاظ الشارع، وهذه الدلالات كثيرة قد تكون حقيقة وقد تكون مجازًا، قد يكون حقيقة شرعية، قد يكون حقيقة عرفية، قد يكون حقيقة وضعية، ثم إنه قد يكون نصًا أو يكون مفهومًا أو يكون إشارة، قد يكون أمرًا قد يكون نهيًا، قد يكون مجملا قد يكون بيانًا، فلابد من معرفة دلالات الألفاظ بدقة وترتيبها وتمايزها ليجعل كل دلالة في مستقرها ومستودعها، وإذا كان في المصالح والمفاسد، فإنه يرجع إلى المقاصد فهذا علم آخر، علم المقاصد، لأن الفتوى تحتاج إذا كانت دلالة الألفاظ إلى معرفة اللغات ومعرفة مدلولاتها، إذا كانت في المقاصد والمفاسد أي في معقول النّص فإنه يرجع إلى المقاصد التي تتم بالمصالح والمفاسد، لكن الشاطبي يضيف بعدًا ثالثًا، أما تنزيلها على الواقع فإن هذا من باب تحقيق المناط وهو يحتاج إلى اجتهاد ثانٍ، هذا الاجتهاد لا يقوم به الفقيه شرطًا، قد يقوم به الطبيب، قد يقوم به الصانع .

وأضاف: فمثلا في التاريخ الفقهي، الحامل المقرب هي من المحاجير، يحجر علينا؛ لأنها مريضة مرضا مخوفا اليوم ماذا تقول إن كنت في سويسرا مثلا ؟ سيقولون ليس شيئًا، ليس حتى أخف من شوكة، إذاً الطبيب هو الذي يحقق المناط ليحكم الفقيه ليقول هذه تتمتع بصحتها كسائر الناس ولا يحجر عليها في مالها ولا في نفسها، المرض ذات الجنب أو السل كان مرضا مخوفا في نصوصنا الفقهية هو مرض مخوف وبالتالي صاحبه من المحاجير يحجر عليه، اليوم تحقيق المناط ترجع إلى الطبيب.

وأضاف: وهناك قضايا اقتصادية كانت ينظر إليها نظرة معينة، لكن اليوم بأوضاعه الاقتصادية الصكوك مثلا التي هي تقابل السندات لأن الصكوك تمثل الموجودات الحقيقية والسندات تمثل أموالا ربوية لأنها نقود تلد نقودا، ليتعرف الفقيه على هذا لا بد أن يحقق المناط الاقتصادي، فالواقع بكل تضاريسه وبكل ملابساته وكل أبعاده الزمنية والمكانية يحتاج إلى تحقيق مناط.

فهي ثلاثة أمور، دلالات ألفاظ ومقاصد وواقع، دون هذا المركب لا يمكن للفتوى أن تكون سليمة من كل وجه بخاصة إذا كانت في قضايا معقدة تحتاج إلى وجهات النظر المختلفة، إذاً الفقيه لا يمكن أن يستبد بها أو يرجع فقط إلى نصوص ليرى أن السل مرض مميت وأن صاحبه يحجر عليه ولا تجوز تصرفاته وكل أعماله مردودة، لا يمكن، ارجع إلى الطبيب اسأله ما الذي طرأ، البنسلين ما الذي أتى به ؟ المضادات الحيوية، هناك أشياء جديدة هذه طبعا مجالات فسيحة جدا وفي هذا المجال تحقيق المناط أمر في غاية الأهمية ويجب أن يلجأ عليه.

وأضاف: كثير من الفقهاء والمجامع الفقهية يقولون: إن التضخم لا يؤثر ما في ذمتي لكن التضخم أمر جديد والتضخم الجامح والنقود لم تعد هي الذهب والفضة وإنما أصبحت النقود لا قيمة لها بنفسها فيعني الليرة اللبنانية الذي ثبت في ذمتي منها هل يمكن أن نقدم له فقط الذي ثبت في ذمتي وهو لا يساوي شيئا ؟ هذه الأمور يحتاج فيها إلى أن نتعرف على مناخات التضخم وأنه أصبح مثل الجارحة .

وعن سؤال بعض الناس في قضايا ربما تكون معروفة بداهة أرجع ابن بيه السبب في ذلك إلى فضول في ناس يريدون أن يسألوا عن كل شيء، لكن من جهة أخرى يوجد جهل الأبجديات الشرعية، مثلا هناك ما يسمى بالاستصحاب، طهارة الأعيان أصل، الحرية أصل، براءة الذمة أصل، يعني هذه تسمى القواعد الأصلية، لا تكليف إلا بنص، هذه القواعد الأصلية المفروض أن كل أحد يعرفها المفروض أن الشخص لا يسأل عن مثل هذه الأشياء لأنها معروفة، يسأل عما وقع فيه التغيير من الأصل إلى غيره، فهنا نرى أن ثقافة الناس ناقصة، لكن هذا الانفلات أو هذه الأسئلة الكثيرة حقيقة ليست في مجال الفتوى فقط، بل إن الانفلات في كل المجالات وموكب التخلف يسحب عربات كثيرة منها هذا، وتساءل لماذا العالم الإسلامي لا يصنع طائراته، كل هذا العالم الإسلامي كل هذا المليار لا يصنع المراكيب التي يركب عليها، لا يصنع السيارات، هذه أمراض تطول كل القطاعات بما فيها قطاع الفتوى.

وقال ابن بيه: إنّ الجميع يتحملون هذه الأوضاع ولا يتحمله أحد، كما يقولون ( الجميع مذنبون ) والجميع أبرياء، هذه المرحلة من أوضاع العالم الإسلامي هي مرحلة حرجة وهي مرحلة يجب أن نتجاوزها، وهذا يطول كل العوالم، عوالم الأشخاص وعوالم الصناعة وعوالم العقل، فالعقل المسلم يحتاج إلى مهندس، إلى هندسة ليخرجه من التخلف، والتخلف كما قلت ليس مختصا بقطاع وليس مختصا بناحية من النواحي ولا بقضية من القضايا، وإنّما هو تخلف شامل.

وقال: الصوماليون يقتتلون يقولون نقتلهم نريد الجنة إذا كنتم تطلبون الجنة فقد ضللتم سبيلها، يعني يقولون نقاتلهم على أن يطبقوا الشريعة، يطبقون الشريعة على أحياء أم على أموات؟ الناس يموتون، رحم الله عمر لما أوقف الحدود عام الرمادة لأن الناس جياع، لافتا إلى أن هذا النوع من الفتاوى المشددة التي تؤدي إلى سفك الدماء دليل كبير على تخلفنا عقليا، تخلف ديني، تخلف في فهم مقاصد الشريعة، في فهم النصوص لأن هذه النصوص لا يمكن تنزيلها إلا لمن عرف مقاصد الشريعة حتى يمكن أن ينزل النصوص على محلها.

وقال ابن بيه: إن بعض المفتين قد لا يعي تماما الوضع الحالي للعالم الذي أصبح قرية صغيرة، وأصبحت المنتجات التي ينتجها الآخر يصدرها إليك ليس فقط تصدير سلع ولكن معها نظمها وقوانينها التي تحكمها، فإذا صدرت طائرة تصدر معها الإيجار (leasing) ويصدر معها التأمين ويصدر الإيجار المنتهي بالتمليك، هو لا يصدر السلع وإنما يصدر مع السلع أيضا النظم، نظم التبادل والتعامل التي توجد في أرضه وبالتالي قد يكون العالم أو الفقيه قد يكون عاجزا عن استيعاب هذا، فيجيب بما سنح له ولكن قد يكون أيضا عالما بذلك الحق أن عندنا في مجالات متعددة ظهر بعض الفقهاء وبخاصة في مجال المصرفية الإسلامية هؤلاء أحسنوا صنعا بإنشائهم للصكوك، لهندسة الصكوك ولكثير من المعاملات التي قدموها ولكن أساؤوا صنعا في قصورهم أحيانا عن معاملات تجيزها الشريعة، وأحيانا أخرى في اجترائهم على معاملات تخرج النظام الإسلامي عن حقيقته وعن خصائصه وبالتالي يفقد خصائصه، فهناك شطط و إفراط وتفريط، فعلينا أن نحاول أن نقف في الوسط حتى لا نقع في الإفراط ولا في التفريط. وعمّا يفعله المسلم العادي أمام سيولة الفتاوى وأمام تناقض الفتاوى،

قال عبد الله بن بيه: المسلم عليه أن يقلد العالم الذي يرى أنه أهل للتقليد؛ لأن الفتوى هي تبيين حكم شرعي عن دليل لمن سأل عنه وزاد بعضهم أن تكون أهله عن دليل. هذا يجعل المسلم عليه أن يسأل عن الدليل إذا كان لا يثق بالمفتي. ثانيا: على المسلمين أن يتعلموا أمر دينهم حتى يستطيعوا التمييز بين الطيب والخبيث وبين الغثّ والسمين، وكما قال علي رضي الله عنه، تزعم أنك على الحق وفلان وفلان على الباطل، قال يا هذا إنك رجل ملبوس عليك، اعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال، اعرف الحق تعرف من يأتيه، فلو تعلم الناس وكانت لهم ثقافة لعلموا من يتوجهون إليه، لتعرفوا على العالم الذي بإمكانه أن يجيبهم ولتجنبوا الدجاجلة إذا كان هناك دجاجلة، ولاستطاعوا من خلال دراستهم لسيرة الناس ولعلمهم ولأعمالهم أن يميزوا العلماء .

وأضاف: طبعا هذا إشكال بالنسبة للعوام في ظل هذا التضخم الفتوى – إذا صح التعبير – أو الانفلات خلال القنوات فهذا ذنب الإعلام وذنب هذا الزمان لكن مع ذلك علينا أن نتحرى، علينا أن نحاول إبراز شخصيات من أهل العلم، نطلب من الناس أن يرجعوا إليها وأن تكون مصدرا للفتوى كما كان في الزمن الأول، كما كان مالك وأحمد وأبو حنيفة والشافعي هؤلاء برزوا في الفتوى، برّزهم الناس، لم يكن تبريزا من الحكومات ولكن من الناس، شهد لهم الناس بأنهم من أهل العلم، وبالتالي لا ينفلت عالم دون أن تكون له هذه الشهادة من الناس، وأضاف قال مالك لتلميذه ما أفتيت حتى شهد سبعون شيخا لي، قال أجسرت عليها، يقول لابن القاسم أجسرت على الفتوى، فهذا النوع من الشهادة ومن القبول العلمي يجب أن يكون حاضرا في أذهاننا. وعن تأثير الإعلام الفضائيات في صناعة وجوهر الفتوى؟

قال ابن بيه: المفروض ألا تؤثر لأنها وسائل ولكنها في الحقيقة أثرت، الوسائل أصبحت كأنها أهدافا وكأنها مقاصد، يريدون طبخا سريعا، وبالتالي هذا الطبخ السريع يمر بهذه الفتاوى التي أحيانا تكون من أجل معارضة شخص ما، يفتي واحد في الإنترنت ويشيع ويعتبر أن الكذبة إذا كبرت وتكررت أصبحت أقرب إلى الحق كما كان يرى هتلر، فيرى هذا وينشر الفتاوى، هي أثرت لا شك في ذلك لكن الأمر هو في تعليم وتثقيف الناس.

وعن كيفية تحرير الفتوى من المصالح السياسية والشخصية، قال عبد الله بن بيه: علينا أن ننظر إلى الفتوى كفتوى، أنا ضربت مثلا بالصومال لأنه أسهل أن أضرب مثلا بالصومال، فالناس الآن يقتتلون يقولون لأنهم لا يطبقون الشريعة من أجل مسألة الولاء والبراء، وهم يطلبون الرئاسة – وهذا حقهم – لكن أن يقولوا باسم الدين فعلينا أن ننظر إلى الفتوى باسم الدين، وأن نقول إن جهادكم هذا ليس صحيحا بناء على معطيات وعلى نصوص شرعية؛ لأنهم جهلوا الدليل وتجاهلوا التأويل وأخطؤوا في التنزيل.

وعن الفتوى والتاريخ، قال ابن بيه: ” في هذا المجال في مجال الفتاوى بعض الفتاوى كان تاريخا، بمعنى أنها كانت مواقف في التاريخ، فتوى الإمام أحمد في مسألة خلق القرآن، فتوى الإمام مالك في مسألة أيمان البيعة، وهذه الفتاوى كانت مواقف أثرت في التاريخ، في هزيمة المعتزلة بجهة الإمام أحمد وفي أيضا إيقاف شطط السلطان الذي كان يحلف الناس بالمصحف.

هناك فتاوى كثيرة جدا في التاريخ كانت تمثل تاريخا، هناك فتاوى كانت تعكس التاريخ كانت مرآة للتاريخ، مثلا عندنا في بلاد الأندلس لما أراد يوسف بن تاشفين أن يفرض الضرائب قال في مدينة اسمها مرسية قالوا، فوضوا عالما يتكلم عنهم فقال لا بد أن تحلف هنا على المنبر بأن بيت المال ليس فيه شيء فتعفف يوسف ولم يحلف، رضي الله عنه، وهناك فتاوى كثيرة منها الوقف الذي كان في قرطبة وكان يستفيد منه المسافرون فجاء أناس فأرادوا أن يستفيدوا من الوقف، وقف المرضى فقالوا أنتم لستم من أهل قرطبة، ترافعوا إلى القاضي، القاضي أفتى بأن هؤلاء لما أقاموا أربعة أيام يستفيدون من الدنانير التي كانت تعطى .. يعني هذا ضمان اجتماعي بمعنى أن قرطبة في ذلك الزمن عندها ضمان اجتماعي لمرضاها من مواطني قرطبة وأن المواطنين الآخرين إذا أقاموا أربعة أيام لهم الحق في الاشتراك بهذا، وأضاف والعملة التي كانت ترد إلى تونس في القرن الثامن وهي عملة مغشوشة اختلف العلماء.

وسيد عيسى الأوغاديني، أفتى بأن هذه العملة تبقى على غشها حتى لا تضيع أموال الناس وأفتى نظيره ابن عرفة بأن هذه العملة تزال حتى تكون العملة صحيحة فرجح قول ابن عرفة.

وعن السبب في التجرؤ على الفتوى أرجع ابن بيه: السبب في ذلك إلى عدم الورع، لأن “أجرأكم على الفتية أجرأكم على النار” كما ورد في الحديث المرسل وبالتالي مالك كان يخاف من هذا ولهذا قال له كيف أقول للناس جئت إلى عالم المدينة، قال قل لهم عالم المدينة لا يدري، فالإمام مالك كان شديد الحرج في هذا وكان يوجه الفتية إلى غيره، وأبو حنيفة كان يناقش في تلاميذه أرأيت لو وقع ثم في النهاية ينتهون إلى نتيجة لم يكن يستقل برأيه دونهم، فالفتوى لها خطر كبير؛ لأنها تعتدي على الأموال، وعلى الأعراض، وبالتالي يمكن أن تعتدي ويمكن أن تصلح، فالفتوى هي ميزان إذا أحسنا الوزن.

وعن الفتوى والمصرفية قال ابن بيه: أرى أنّ المصرفية الإسلامية الآن في هذه الفترة بالذات، تجعلنا أمام تحدٍّ وأمام فرصة تاريخية؛ لأنّ الغربيين وأنا كنت بفرنسا قبل أسبوع، وكنا مع وزير الاقتصاد الفرنسي، الغربيين الآن يبحثون عن التّعامل بالمصرفية الإسلامية في ديارهم ويفتحون لها الأبواب، فتحت لبريطانيا وفرنسا تدرس، عندها مشكلة الرقابة الشرعية تريد رقابة موحدة (standard) لأنها لا تريد رقابات مختلفة، في نفس الوقت وجدنا أن المصرفية الإسلامية قدمت خدمة أو الفقهاء قدموا خدمة بتقديمهم للمصرفية الإسلامية، ولكن في نفس الوقت أوجدوا إشكالات فادحة؛ لأن المعايير التي قدموها فيها أخطاء شرعية فيما يتعلق بما يسمى بالنشاط الأساسي للشركة، معناه أن الشركة تكون لها نشاطات غير شرعية نشاطات ربوية فيما يتعلق بمعيار الكثرة والقلة وهو معيار ليس صحيحا، يعني قدموا وحتى في التورّق بعضهم أجاز التورق ولم يجز التورق فقط بل أجاز التورق أيضا للطعام وهذا مخالف لإجماع المسلمين يعني المعايير التي قدمها الإخوان جزاهم الله خيرا لم يستشيروا فيها كل الناس بل كانت الحاجة الملحة للمؤسسات التي يعملون فيها دافعا لهم أن يقدموا هذه الأقيسة التي قدموها هي أقاييس منقوضة، النقض هو أن تتخلف بالجزئيات وهذه هي تخلف فيها كل الجزئيات، فالأشكال التي ركبوها ليست صحيحة، نحن في الحقيقة عندنا منهجية جيدة في التعامل مع النصوص في التعامل مع المقاصد في التعامل مع الواقع، وفي معقول النص في التعامل مع الأسس.

Comments are closed.