تعريف “الآخر” بين الفلاسفة و الإسلام – العلامة عبدالله بن بيه
“في الإسلام ليس الآخر هو اللاوجود أو المعدوم كما لدى أرسطو، إذ هو المقابل الفلسفي للموجود être / autre، كما أنه ليس -كما لدى هيغل- النقيض الذي ينبغي الهيمنة عليه لتستكمل “الذات” وعيها بنفسها في صراع حتمي لإثبات الذات، ولا هو – كما لدى سارتر – الجحيم الذي يسلب الذات حريتها وكمالها الأصليَّين.
إن الآخر في رؤية الإسلام قد أجمل التعبير عنه الإمام عليٌّ رضي الله عنه بقوله: “الناس صنفان: أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق”، فالآخر هو الأخُ الذي يشترك معك في المعتقد أو يجتمع معك في الإنسانية.”
ويتجلى هذا بسُمُوٍّ في تقديم الإسلام الكرامة الإنسانية بوصفها أول مشترك إنساني، لأن البشر جميعا على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم ومعتقداتهم كرّمهم الله عز وجل بنفخة من روحه في أبيهم آدم عليه السلام، (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا). (سورة الإسراء الآية 70) الكرامة الإنسانية سابقة في التصوّر والوجود على الكرامة الإيمانية.
وهكذا، يُشَدِّد الإسلام في التصور الكلي للآخر على وحدة النوع والمساواة في الكرامة الإنسانية، والبحث عن تنمية المشتركات ونبذ معايير التفاضل إلا بالخير والتقوى، وهو ما يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلّم (يأيها الناس إن ربّكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى).