ارشيف ل October, 2011

العلامة عبد الله بن بيه يفتتح الموسم الثقافي للأزهر “بحديث عن التجديد”

القاهرة – وكالات
أعلن  الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قراراً بإطلاق الموسم الثقافي الأول لمشيخة الأزهر الشريف لعام 2011 – 2012 يوم السبت القادم، وذلك في إطار الحراك الفكري والثقافي الذي يشهده الأزهر.

يلقى المحاضرة الافتتاحية لصالون الأزهر الثقافي العلامة عبد الله بن بيه رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد  تحت عنوان “حديث في التجديد.. أصول الفقه نموذجاً” صباح السبت المقبل بقاعة مؤتمرات الأزهر.

قيمة الحب في حقوق الإنسان

 

 

اعداد : الاستاذ طالب بن محفوظ                  

    صحيفة عكاظ


 

د.عبدالله المحفوظ بن بيه*

 

بتفعيل قيم الأخلاق الكريمة وليس فقط حقوق الإنسان التي تمثل الحد الأدنى الذي لا غنى عنه لتعايش البشرية: كالرأفة والرحمة والإيثار والتضامن ومساعدة المحتاج من الفقراء والعاجزين دون التفات إلى عرقهم أو دينهم أو أصولهم الجغرافية من شأن ذلك أن يقدم مفهوماً جديداً للإنسانية يتجاوز المبدأ المحايد لحقوق الإنسان المتمثل في المساواة وعدم الاكتراث بالاختلاف إلى الإيجابية في التعامل التي تشعر الآخر بدفء المحبة والأخوة. وهو يوافق الحكمة العربية المأثورة: عامل الناس بما تحب أن تعامل به. والحديث النبوي يشير إلى معان أعمق عندما يقول: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)

إنه يضيف قيمة «الحب» وقيمة “الأخوة الإنسانية” التي تشعر بوشيجة القربى. ليس ذلك التفسير من قبلي للمناسبة. فالعلماء قبل قرون من الزمن كابن رجب الحنبلي في شرحه للأربعين والشبراخيتي قالوا إن الأخوة في الحديث هي الأخوة الإنسانية  .

إن الحب قيمة جميلة لأن كل إنسان يحب أن يكون محبوباً بل قل أن تجد إنساناً يود أن يبغضه الآخرون ومن المفارقات أن بعضهم يحارب الآخرين بدعوى أنهم لا يحبونه إنه يخطئ الوسيلة كما قال صاحبنا الموريتاني  .
فإذا تحقق الحب من الجانبين انتفى العدوان إن الحب عواطف وسلوك وعنوان وإعلان ولهذا جاء في الحديث: (إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه بذلك)   

لماذا هو قيمة لأن كل الناس يعجبون به حتى من لم يسلك طريقه وذلك هو معيار القيمة لا يرضى أي شخص إلا أن يتصف بها فلا يرضى أحد إلا أن يكون عادلاً إلا أن يكون متسامحاً. إلا أن هذه القيم قد تذبل إذا لم تتعهد وتنمى بالتربية ولهذا يقول الشاعر  :
هي الأخلاق تنبت كالنبات                            إذا ُسقِيَت بماء المكرُمات

إن أهم قيمة يمكن أن تكون مفتاحاً لحل مشاكل العالم هي احترام الاختلاف بل حب الاختلاف بحيث ينظر إليه كإثراء كجمال كأساس لتكوين المركب الإنساني.

إنه بحسن إدارتنا للاختلاف وترقية الفضيلة –قانون الفضيلة- إلى جانب قانون حقوق الإنسان يمكن أن نضع أساساً لتفعيل القيم المشتركة ليكون الاختلاف انسجاماً والعداوة محبة طبقاً للآية (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) إنه قانون أخلاقي يثبته القرآن «الإحسان» يورث الإحسان والحب يعطي الحب.

فهل لنا أن نأمل في تنمية جوانب الخير والقيم الإنسانية الخيرة المشتركة، إن سلوكنا الفاضل، وتسامحنا، وسخاءنا، وصدقنا، ووفاءنا، وأمانتنا من شأنه أن يقنع الآخر، وهو الإنسان الذي حمل نفس الإعجاب بتلك القيم أن يعاملنا بنفس المعاملة النبيلة، فالخير يدعو للخير، والسخاء يستدعي السخاء. إن إقناعنا للغير بسلوك سبيل الخير أهم قضية إنسانية. ونقتبس من أفلاطون قوله:إن خُلُق العالم هو تعبير عن غلبة الإقناع على القوة

وتتألف قيمة البشر من قابليتهم للإقناع، فهم يستطيعون أن يقنعوا ويقتنعوا بإظهارهم على مختلف الوسائل التي يمكن أن يُستعاض بإحداها عن الأخرى، فمنها الأحسن ومنها الأسوأ، والحضارة هي الحفاظ على النظام الاجتماعي بواسطة الإقناع الفطري الذي يتجسد باختيار الأفضل.


*
نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

 

قواطع وثوابت الخطاب الإسلامي

 

 

 

اعداد : الاستاذ طالب بن محفوظ                  

    صحيفة عكاظ

 

د.عبدالله المحفوظ بن بيه*

 

 

يقوم الخطاب الإسلامي على قواطع وثوابت علمت من الدين بالضرورة هي أساس الدين ودعائمه، كالألوهية والتوحيد والنبوة والرسالة ومكانة الإنسان في التشريع والكليات التي تحميه وتصوب حياته  .
هذه الثوابت يجب أن توظف كل الأساليب العلمية في بيانها وجمع الأمة حولها وتقديمها للبشرية مدعومة بالحجج العلمية والبراهين العقلية ليهدي الله تعالى بها من يشاء من عباده  
ولحسن حظنا وحظ الإنسانية ليس فيها ما يناقض العلم أو ينافي العقل، بل إن العلم والعقل خير معين على بيان صحة هذا الدين، فهل أحسنا العرض وأجدنا الإبرام والنقض  .

إن الخطاب الجديد في عصر العولمة والقرية الكونية وطغيان القيم المادية الخالية من كل قيم إلاهية أو إنسانية نبيلة، مما أوجد الإنسان الحسي أو الجسدي الذي يعيش لذاته مستغرقا في لذاته، فلا نبل ولا كرم ولا إيثار ولا تضامن ولا نظر في المآلات إلا مآلات الربح بلا روح والثروة بلا رائحة، إنه نذل لا غيرة له حسب ما يقول فوكوياما وهو الهلباجة في مفهوم الأعرابي وخلف الأحمر  .

فالخطاب الإسلامي متسامح، لأنه يقبل الاختلاف ويتسع لمختلف وجهات النظر والآراء، فلا إنكار في مختلف فيه كما أصلنا ذلك إذا كان اختلافا معتبرا ومن لا يستطيع إدراك طبيعة الاختلاف فليس من أهل الميدان ولا من فرسان الشان  .
والخطاب الإسلامي متصالح، لأنه لا يكفر من دخل الدائرة الكبرى إلا بناقض مجمع عليه قام عليه برهان قاطع .
والخطاب الإسلامي ميسر، لأنه يتوخى مصالح الناس ويراعى ضعفهم (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا)، والخطاب الإسلامي إنساني لأنه يرفع قيمة الإنسان.
والخطاب الإسلامي ثابت صلب في جوهره مرن في تعبيراته.
ومع ذلك فإن خطابنا بقواطعه وثوابته راسخ رسوخ الجبال الراسيات شامخ شموخ الأطواد المشمخرات، ولكنه في تفريعاته مائس مع رياح المصالح ميس فروع البان بنسائم الأسحار على وعساء الكثبان.
والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

*نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

للمزيد : 

الخطاب الإسلامي بين القواطع والاجتهاد

http://www.binbayyah.net/arabic/research/140

 

المقاصد والقضايا المتجددة

 

 

اعداد : الاستاذ طالب بن محفوظ                  

    صحيفة عكاظ

 

د.عبدالله المحفوظ بن بيه  *

 

بحر المقاصد لا يزال زاخرا يتجدد عطاؤه وبخاصة في القضايا المتجددة، وذلك في اتجاهين  
قضايا لم يقم موجبها في الزمن الماضي، ولم تظهر الحاجة إليها: فقام في هذا الزمان كما أشار إليه الشاطبي في إحداث الصحابة أحكاما في قضايا لم يكن مقتضاها قائما في زمنه عليه الصلاة والسلام ولم يكن من نوازل زمانه كما يقول الشاطبي، كجمع المصحف وتدوين العلم وتضمين الصناع ــ حسب عبارته  
وقضايا قام موجبها فاختلف فيها العلماء، لكن مقتضيات رجحان المصالح أو ترجح المفاسد في هذا الزمان اقتضت الأخذ بالقول المرجوح  
وهذا مذهب واضح وطريق لاحب نجده عند العلماء من مختلف المذاهب يأخذون زمانا بقول هو أرجح من حيث الدليل والأخذ به عزيمة واحتياط، ثم يهجرونه في وقت لاحق لعموم البلوى وعسر الاحتراز والمشقة وفوات المصلحة ودرء المفسدة  
كما فعل الأحناف في أخذهم ردحا من الزمن بقول الأئمة، وعدلوا عن ذلك لمقتضيات الزمان، كجواز الاستئجار على تعليم القرآن والعلوم الشرعية، وإجازتهم امتناع المرأة من الارتحال مع زوجها؛ لأن أهل الزمان قد فسدوا، والكثير من قضاياهم من هذا النوع، وجعلوا بعض الخلاف خلاف زمان لا اختلاف دليل وبرهان 
أما المالكية فإنهم أصلوا لقاعدة جريان العمل فراجعوا مذهب مالك على ضوئها في بلاد الغرب الإسلامي، فكان لكل قطر عمل يختلف فيه عن عمل القطر المجاور كعمل فاس وقرطبة وتونس، فأعملوا ضعيف الأقوال وأهملوا راجحها إذا ترجحت المصالح وماسوا مع رياح المقاصد الغوادي والروائح، وحكموا بتقديم الضعيف على القول الصحيح لعروض سبب من جلب مصلحة أو درء مفسدة.


*
نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 


 

الحوار وثقافة الاختلاف

 

 

اعداد : الاستاذ طالب بن محفوظ                  

    صحيفة عكاظ

 

عبدالله المحفوظ بن بيه  *

الاختلاف بين أهل الحق سائغ وواقع، وما دام في حدود الشريعة وضوابطها فإنه لا يكون مذموماً؛ بل يكون ممدوحاً ومصدراً من مصادر الإثراء الفكري، ووسيلةً للوصول إلى القرار الصائب، وما مبدأ الشورى الذي قرره الإسلام إلا تشريعاً لهذا الاختلاف الحميد “وشاورهم في الأمر”، فكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابَه، ويستمع إلى آرائهم، وتختلف وجهاتُ نظرهم في تقرير المُضي في حملة بدر ونتائج المعركة، وكان الاختلاف من الموقف من الأسرى .
فعندما استشارهم في المضي قدماً لنزالِ المشركين بعد أن تبين كثرة جيوشهم بالنسبة للمسلمين كان النبي صلى الله عليه وسلم ينصت إليهم وما ليمَ أحدٌ على رأي أبداه أو موقف تبناه وما تعصب منهم أحد ولا تحزب، بل كان الحقُّ غايتَهم والمصلحةُ رائدَهم.
وقد يقرُّ النبي صلى الله عليه وسلم كلاً من المختلفين على رأيه الخاص ، وبدون أن يبدي أي اعتراض أو ترجيح ، كما في مسألة أمره عليه الصلاة والسلام بصلاة العصر في بني قريظة، فقد صلاها بعضهم بالمدينة ولم يصلها البعض الآخر إلا وقت صلاة العشاء ، ولم يُعنف أحداً منهم كما جاء في الصحيحين
وموضوعات الاختلاف كثيرة جداً ، ولكنها تحسم بالحوار وبالتراضي بالرجوع إلى رأي البعض، ويسجل لعمر رضي الله عنه كثرة رجوعه إلى آراء إخوته من الصحابة واعترافه أمام الملأ بذلك قائلاً: امرأةٌ أصابت ورجلٌ أخطأ. وتأصيله للقاعدة الذهبية وهي: “أن الاجتهادَ لا يُنقض بالاجتهاد” وهي قاعدة تبناها العلماءُ فيما بعد ، فأمضوا أحكام القضاة التي تخالف رأيهم واجتهادهم، حرصاً على مصلحة إنهاء الخصومات وحسم المنازعات، وهي مصلحة مقدمة في سلم الأوليات على الرأي المخالف، الذي قد يكون صاحبه مقتنعا به.

*نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

العلامة عبدالله بن بيه في جامعة الإمام : عند التعامل مع الواقع نحاول أن يكون فقهنا حلا لمشكلاته بدلا من أن يكون أحد إشكالاته.

تحت رعاية معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل نظم مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة صباح اليوم الأحد بمبنى المؤتمرات بالجامعة محاضرة بعنوان (فقه الواقع والمتوقع-تأصيلاً وتفريعاً) ألقاها معالي العلامة عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيّة.

وقال فضيلته أننا في عصر بلغ من التقدم والتطور أوجه ولكن شريعتنا الإسلامية مطهرة وصالحة في كل زمان ومكان وبين فضيلته أن  أن الواقع لا يكون دائما واضحا وضوح الفجر الصادق؛ ولكنه قد يكون مغلفا بغلالة من غسق ظلام الشك والتشاكك تفتقر إلى تسليط مصابيح الفكر مفعمة بضياء التجربة والخبرة لتبديد حلك الظلمة بنور اليقين الساطع والحقيقة الواضحة.

وعرف العلامة  ابن بيه  الواقع أنه  واقع الشيء إذا تحقق أو الوجود الحقيقي في مقابل الوهم والخيال، بينما المتوقع هو قرين الواقع ويعني استناد الإحكام إلى المستقبل ، أما الواقعة فهي النازلة الشديدة،وأننا إذا أردنا أن نعرف واقع شي يجيب أن نجيب على الأسئلة الخمسة أو بعضها وهي ماذا،لماذا،وأين،ومتى،وكيف.

وتسائل العلامة عبد الله بن بيه عن نوع الواقع، الذي يبحث عنه الفقيه ولماذا يبحث؟ مجيبا على ذلك بقوله : ” إنه الواقع الذي يحقق العلاقة بين الأحكام وبين الوجود المشخص لتكون كينونتها حاقة فيه أي ثابتة ثبوتاً حقيقيا يتيح تنزيل خطاب الشارع على هذا الوجود سواء كان جزئيا أو كليا فرديا أو جماعيا”

وبعد أن عرف معالي الشيخ ابن بيه التوقع قسمه الى اربعة اقسام وهي:

– توقع كواقع وهو إناطة حكم شرعي لحدث مستقبلي في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

– توقع له علاقة سببية بتصرفات المكلفين فيبني المفتي فتواه على ما يحقق مصلحة أو يدرأ مفسدة في المستقبل

– توقع افتراضي أو افتراض لمسائل غير واقعة، وقد لا تكون متوقعة قريبا لإصدار أحكام اجتهادية فيها؛

– التوقع الذي يسمى الترقب عند المقري والزقاق وغيرهما.

 

وتناول فضيلته تحقيق المناط وهو البحث عن الواقع وبذلك فهو وسيلة لتنزيل الأحكام الشرعية على الوقائع ومحقق المناط يجب أن يكون يقظا، وعلى علم أولا بأنه ليس كل فعل مطلوب بأصله ولا بد أن يوازن بين المصلحة المتأدية من هذا الفعل وبين المفسدة التي قد تترتب عليه.

 

ورشح العلامة عبد الله بن بيه  مجالات تحقيق المناط في فقه الواقع والتوقع  وهي المجال الاجتماعي  والاقتصادي ومجال الأقليات الإسلامية .


وبين فضيلته  إنَّ هذه الأمة بحاجة ماسة لمراجعة مضامين شريعتها في كليها وجزئيها؛ لتعيش زمانها في يسر من أمرها، وسلاسة في سيرها، في مزاوجة بين مراعاةالمصالح الحقة ونصوص الوحي الأزلية.

وشهدت المحاضرة تفاعل الحضور من الأساتذة وطلاب الدراسات العليا.

قدم المحاضر عميد مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة الأستاذ الدكتور عياض بن نامي السلمي الذي رحب بفضيلة الشيخ في رحاب الجامعة وقدم نبذة عن سيرته وبين أن الهدف من المحاضرة توسيع دائرة الحراك الثقافي وتصحيح بعض المفاهيم وما يصيبها من الغبش.