ارشيف ل
ملخص زيارة العلامة عبدالله بن بيه للمملكة العربية السعودية
رئيس وأعضاء #مجلس_الإمارات_للإفتاء يصلون جدة مساء الأمس في زيارة رسمية برئاسة معالي العلامة عبدالله بن بيه، وكان في استقبالهم في مطار الملك عبدالعزيز الدولي
معالي الشيخ د. #محمد_العيسى .
#خادم_الحرمين_الشريفين يستقبل معالي الشيخ عبدالله بن بيه رئيس #مجلس_الإمارات_للإفتاء وعدد من أعضاء المجلس، جرى خلال اللقاء استعراض أوجه التعاون بما يخدم العمل الإسلامي، ويسهم في نشر الوسطية والاعتدال. #السعودية #الإمارات
استقبل معالي الشيخ د.#محمد_العيسى أمين عام #رابطة_العالم_الإسلامي في مكتبه بمحافظة جدة رئيس مجلس الإفتاء بالإمارات العربية المتحدة معالي العلامة #عبد_الله_بن_بيه والوفد المرافق له من أعضاء المجلس . وقد بحث الجانبان عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
الأمين العام لمنظمة #التعاون_الإسلامي، الدكتور يوسف العثيمين يستقبل العلامة عبدالله بن بيه رئيس #مجلس_الإمارات_للإفتاء والوفد المرافق له في مقر المنظمة في #جدة
الدين والسلام والأمن – كلمة العالمة عبدالله بن بيه في قمة الامم المتحدة – جنيف
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على سيدنا محمد وآله وصحبه وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وسلم تسليما
كلمة في افتتاح القمة العالمية الثانية
الدين والسلام والأمن
معالي العلامة عبد الله بن بيه
رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة
رئيس مجلس الإمارات للإفتاء
أيها السادة والسيدات،
أيها المشاركون كل باسمه وجميل وسمه،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
Permettez-moi de remercier l’Association Internationale pour la Defense de la Liberté Religieuse et le Bureau de la prévention du génocide et de la responsabilité de protéger pour l’invitation à cette importante conference.
اسمحوا أولاً أن أشكر جمعية الدولية للدفاع عن الحرية الدينية، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة التطهير العرقي والحماية على الدعوة لهذا المؤتمر الهام.
إننا نجتمع اليوم للتفكير في التحديات التي تواجه حضارتنا الإنسانية المريضة، وهي تحدّيات يفرض إلحاحها وخطرها، على أطباء الحضارة من الفلاسفة ورجال الدين وأصحاب الفكر، المبادرة إلى الربط الدائم بين التفكير والفعل في آن واحد.
كلّ يوم تستيقظ البشرية على أنباء جريمة نكراء جديدة، بالأمس القريب شهد العالم مجزرة وحشية استهدفت مسجد النور في نيوزلندا، ثمّ تجدّدت الفجيعة بسلسلة تفجيرات شنيعة استهدفت دور العبادة في سيريلانكا، وقبل أشهر كان الدّور على معابد يَهوديّة في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية ليتلوه العمل المدان على الكنيس اليهودي في كاليفورنيا يوم أمس.
إنه الإرهاب العبثي يكشف في كلّ مرة عن حقيقته الهمجية، تحت مسميات مختلفة، تارة كراهية الإسلام، وتارة أخرى كراهية المسيحيين، وأحيانا باسم معاداة اليهود، كل العائلة الإبراهيمية في ذلك سواء، ولكن الحقيقة التي تختفي وراء ذلك وتوحّد جميع الإرهابيين هي كراهية الإنسان، واستغلال الأديان.
أيها السادة إنّ الإرهاب يدعونا إلى اليأس بعضنا من بعض، وتجاهل المشتركات الكثيرة التي تجمعنا نحن أبناء البشر، من قيم الفضيلة والأخوة، إنّه يدعونا إلى تنازع البقاء الذي يؤدّي إلى الفناء، وإنّ أقوى ما نواجهه به أن نبقي جذوة الأمل حية في القلوب، وأن لا ندع مرض اليأس العضال يستولي على النفوس، وأن نعي أننا مثلُ ركاب السفينة، تجمعنا وحدة المصير والمسار، فلا نجاة لبعضنا إلا بنجاة الجميع.
إن صبر أوروبا يختبر اليومَ، أمام السّفن التي تَمْخُر البِحار تحمل المئات من الجياع الذين طردتهم الحروب الغبيّة والإرهاب المجنون.
بروح التسامح التي تتجاوز منطق الاعتراف إلى أفق التعارف، تستقبل الإنسانية غدا مشرقا، يفتح فيه بعضها لبعض حضنه، ليرى كل واحد في الآخر أخا له، نظيرا له في الخلق وشريكا في الوطن، فلا يضيق به صدرا ولا أرضا، فما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيقُ.
إن واجبنا أن نحافظ على هذه الروح، روح التسامح المفعم بالأمل والإيمان، حتى أمام أحلك الأزمات، وتنامي حركات تبني فكرها على فرض التناقض بينها وبين الغير، وتدعوا إلى المفاصلة الدينية وصدام الحضارات، وكذلك بروز الخطابات الإقصائية ذات النبرة العالية والتعابير الساخطة. كل هذا المشهد المتغيّر الحالك لا يمكن أن ينسينا الجانب المضيء، حيث لم تزل غالبية الإنسانية شرقا وغربا، تؤمن بإمكانية العيش المشترك، وتتصدّى لخطاب العنف والكراهية.
سادتي سيداتي، أيها الحضور،
لقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة إلى تبنّي رُؤية حضارية قائمة على قيم السماحة والتسامح، تقدّم المقاربات الحية والمبادرات القويّة في هذا الصّدَد على مختلف الصُّعُد وفي المحافل الدولية والإقليمية بجسارة وكفاءة، ووثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعت في أبوظبي شاهد على هذه الجهود المميزة.
ومن أبوظبي انطلقت دروب السلام التي اختطها منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، حيث دعا منذ تأسيسه إلى رفض كل اضطهاد يوجّه إلى أقلية دينية أو عرقية أو ثقافية، ونبذ استغلال الدين في هذه الأعمال الشنيعة التي لا يبرّرها عقل أو يقرُّها دين.
وفي هذا السّياق عقدنا في مدينة مراكش يوم 25 يناير 2016 مؤتمر ” حقوق الأقليات الدينية في المجتمعات المسلمة: الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة” بمشاركة عدد معتبر من علماء المسلمين وبحضور شهود من الديانات الأخرى ومن الأقليات المعنية .
وصدر عن المؤتمر إعلان مراكش التاريخي لحقوق الأقليات باتفاق ومصادقة جميع الحضور من العلماء المسلمين وبمباركة القيادات الدينية من غير المسلمين، الذين كانوا شهودا، ومن بينهم ممثلون عن الأقباط واليزيديين والصابئة المندائيين والنصارى الآشوريين وغيرهم.
وقد حرَص المؤتمر أن يبين بقوة أن اضطهاد الأقليات الدينية وكافة أشكال العدوان التي يقترفها الإرهابيون مخالفة لقيم الإسلام الذي أقر للأقليات الدينية حقوقها الدينية والثقافية والسياسية، في وقت لم تكن البشرية قد عرفت مثل هذا النوع من التسامح الموثّق بصحيفة المدينة من قبل خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
وقد استهدفنا المصالحة بين الهوية الدينية والهوية الوطنية، فلا نرى أن قوة الانتماء إلى الهوية الدينية تؤدي إلى انهيار روح المواطنة بل نرى أن الانتماء الديني قد يمثل حافزا لتجسيد المواطنة وتحييد سلبيات تأثير عامل الاختلاف الديني عليها.
إن أهم مقومين من مقومات المواطنة في إعلان مراكش هما مقوم المساواة في الواجبات والحقوق المتساوية، ومقوم الاعتراف بالتعددية وإقرار الحرية الدينية ،حيث جاء في البند الثاني من الإعلان في سياق التذكير بالمبادئ الكلية والقيم الجامعة التي جاء بها الإسلام: “إن تكريم الإنسان اقتضى منحه حرية الاختيار: (لا إكراه في الدين) (ولو شاء ربُّك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)”، وجاء في البند 13 في سياق ذكر الأسس المرجعية للمواطنة المتضمنة في صحيفة المدينة المنورة، ما نصُّه: “إن السياق الحضاري المعاصر يتوافق مع وثيقة المدينة لأنها تقدم للمسلمين الأساس المرجعي المبدئي للمواطنة، إنها صيغة مواطنة تعاقدية ودستور عادل لمجمتع تعددي أعراقا وديانة ولغة، متضامن، يتمتع أفراده بنفس الحقوق، ويتحمّلون نفس الواجبات، وينتمون رغم اختلافهم إلى أمة واحدة”.
إن من مكامن القوة في هذا التصور الذي أبرزه إعلان مراكش هو الربط الواصب بين المواطنة وإطارها الناظم والمتمثل في مقصد السلم. فلاسبيل إلى تحقيق المواطنة الحاضنة للتنوّع، إلا من خلال استراتيجية السلم.
تلك هي المقاربة التي نعتقد نجاعتها وهي التي بها ترتقي المواطنة إلى المؤاخاة وتنتقل من الوجود المشترك إلى الوجدان المتشارك.
وختاماً أشكركم على استماعكم وأتمنى لمؤتمرنا النجاح والتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله.
العلامة عبدالله بن بيه يفوز بجائزة السلام الدولية في جنيف
منحت الجمعية العالمية للدفاع عن الحرية الدينية التابعة للأمم المتحدة في جنيف “الجائزة الدولية لسفير الحريات الدينية” للشيخ عبدالله بن بيّه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي ورئيس منتدى تعزيز السلم، وهي من أهم الجوائز التي تمنح سنويا تكريما للشخصيات الدولية التي أسهمت بشكل كبير وفعال في مجال الحرية الدينية وتعزيز ثقافة السلام والتعايش بين الأديان.
جاء هذا التكريم في إطار أعمال القمة العالمية الثانية حول الدين والسلام والأمن، المنعقدة في الفترة من 29 أبريل الجاري إلى الأول من مايو المقبل في مقر الأمم المتحدة بجنيف، وسط حضور نوعي لرجال الدين والأكاديميين وخبراء دوليين في مجال حقوق الإنسان.
ويأتي فوز الشيخ بن بيه بالجائزة لهذه السنة تقديرا واعترافا دوليا بجهوده الجليلة والمستمرة في تأصيل خطاب السلم والتسامح في الإسلام وتفعيله في مبادرات ناجحة مثل “إعلان مراكش” و”قافلة السلام” و”حلف الفضول”، ومن خلال إشرافه ودعمه لجهود المصالحة في عدد من الدول التي تشهد حروبا أهلية وصراعات دموية وحركات متطرفة.
وقد عرف عن الشيخ بن بيه دفاعه عن حقوق الأقليات المسلمة في الدول الأوروبية، وسعيه لتقديم خطاب متوازن يشجع الإدماج الإيجابي بهذه الأقليات ضمن نسيجه المجتمعي.
كما قام الشيخ بن بيه بمبادرات علمية وعملية لحماية حقوق الأقليات غير المسلمة في الدول المسلمة، وقد توجت هذه الأعمال بصدور “إعلان مراكش” مطلع عام 2016، الذي حظي بتقدير وإشادة دولية واسعة من طرف صناع القرار والقادة الدينيين، كان آخرها تنويه البابا فرانسيس بهذا الإعلان خلال زيارته الأخيرة للمملكة المغربية.
وكان الشيخ عبد الله بن بيه قد سبق أن فاز بجائزة الحرية الدينية كأول رجل دين لعام 2016، التي يمنحها متحف الصحافة والإعلام الأكبر في العالم “نيوزيام” في واشنطن، لأبرز الشخصيات التي عرفت بدورها في دعم حرية التعبير والدفاع عن الحرية الدينية في العالم.
(انتهى)
بن بيه ورؤية العالَم – بقلم الدكتور يوسف حميتو
![]() |
د/ يوسف حميتو
مدير إدارة البحث والنشر – مركز الموطأ
|
من طبيعة المشاريع التصحيحية ارتباطها بروح العصر حسب تعبير هيجل، وهي الروح التي تفرضها طبيعة الزمان والمكان وما غلب عليهما من سمات. لكن التعامل مع هذه الروح، أيضا -ودائما حسب هيجل- يستلزم أن تمتلك هذه المشاريع نظرة للعقل ترى خلف الأحداث، وذلك لتكون أكثر لصوقا بدنيا الناس، وأكثر واقعية في منهجية التعامل مع ما يجري فيها من أحداث. فروح العصر حسب الاصطلاح الهيجلي هي التي تحدد ما ينبغي أن نفهمه، وكيف نفهمه، وكيف نتعامل معه بعد فهمه. وطبيعة هذه الروح لا تنحصر بالزمان والمكان، وهذا ما يؤكد شموليتها ومعقوليتها، كونُها لا تختص بمجتمع دون مجتمع، ولا أمة دون أخرى، بل هي الحاضر في كل تجليات الوجود الإنساني.
ولئن كان هيجل ينطلق في تقريره لروح العصر من رؤيته الفلسفية التي تتناسب مع واقع ألمانيا في زمنه، فإن من حظ المجتمعات الإسلامية أنها تمتلك مرجعية أقوى وجودا وأبعد امتدادا لقضية روح العصر أو ما يسميه العلماء المسلمونبواجب الوقت الذي يجد شرعيته في عدد كبير من النصوص الدينية الإسلامية، وفي كثير مما حملته كتب التراث الإسلامي المفترى عليه جهلا به وبملهمات مقترحات حلول بعض أزمات الواقع المعاصر الكامنة في طياته.
ومن حظ المجتمعات المسلمة الذي يمتد إلى غيرها أن يوجد بين علمائها اليوم من يستحضر أهمية واجب الوقت في بعديه: المحلي والعالمي، ويجعله ثمرة لمشروع فكري وتصحيحي تبلور في إطار مؤسسي يحمل اسم “منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة”، والذي نحتفي بذكرى تأسيسه الخامسة على أرض الإمارات العربية المتحدة يوم 09 مارس 2014.
كثيرون هم أؤلئك الذين يجهلون الامتداد الزمني للمنتدى كفكرة ومضمون ومنهج، ويربطونه باعتبارات فسادها يغني عن إفسادها كما يقول الأصوليون، ويكفي تأمل بسيط بعين الإنصاف في المسار الفكري لمعالي العلامة عبد الله بن بيهرئيسِ مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي ورئيس منتدى تعزيز السلم على مدى أزيد من ثلاثين سنة ليفضي إلى أن المنتدى كان استجابة لواقع ملح اقتضى الحفر المعرفي في أصول وبنية خطاب منحرف عن جادة الوسطية فرض نفسه على المجتمعات المسلمة نتيجة مجموعة من العوامل المعقدة والمتشابكة، والذي تميز بثلاث سمات:
– اختلال في منهجية تأصيل المفاهيم الشرعية خاصة تلك التي تتعلق بالمخالف ديانة واعتقادا.
– غياب تصور صحيح لمنهجية تنزيل المفاهيم الشرعية على الواقع، والمؤسف أن هذا الغياب شمل فئة النخبة التي كان من المفروض أن تكون حامية حمى المنهجية السليمة في التعامل مع الدين ونصوصه ومفاهيمه.
– ضمور القيم الأربعة الكبرى للشريعة الإسلامية (الرحمة – العدل – الحكمة- المصلحة)، والتي من المفروض أن تكون القيم المؤطرة للتعامل مع واقع الإنسان فردا وجماعة ومجتمعات.
هذه الموجبات الثلاث، هي التي أسهم التفاعل الإيجابي معها في التأسيس للنظرة العقلية التي ينظر من خلالها العلامة عبد الله بن بيه إلى ما وراء الأحداث التي عرفتها المجتمعات المسلمة في العقد الأخير، وهي النظرة التي شكلت جزءا من رؤيته للعالم، أو ما أسميته في وقت سابق ب“براديغم السلم”، فمن خلال هذه النظرة يطرح علامتنا رؤيته للعالم مقابل براديغمات تتمسك بها عقليات إما أنها تتبنى عقيدة المغالبة والصراع الدائم داخل المجتمعات المسلمة وخارجها، وإما تتبنى منطق التقوقع في ركام التاريخ وتتغطى بغباره وتعيش في دهاليزه سواء كانت مجتمعات مسلمة أم مجتمعات مسلمة تعيش وسط و مجتمعات غير مسلمة لكنها لا تزال تحمل فكرة الغربة الدينية وعداوة المخالف الذي تعيش على أرضه وبسلطة قوانينه.
لقد فرضت النظرة العقلية للعلامة بن بيه نفسها على أنشطة المنتدى، باعتبارها مسلكا من مسالك الكشف عن الواقع ومآلاته، وإطارا يجعل من التاريخ وخاصة التاريخ الإسلامي جزءا من حل مشاكل وإشكالات الواقع لا سببا من أسبابها، فالتاريخ حاضر بقوة في رؤية العالَم في فكر العلامة بن بيه، إذ يرى فيه أنه رافد عظيم الأهمية بكم هائل من النماذج التي يمكن استلهامها وإحياؤها لتقديم مشاريع حلول لأزمات العالم التي قد يكون الدين عاملها المهيمن ومسعر الحروب والصراعات، والدليل مبادرة إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية التي تأسست على صحيفة المدينة المنورة، وإعلان واشنطن لتحالف القيم وإعلان أبوظبي لحلف الفضول اللذين تأسسا على حلف الفضول العربي الذي كان قبل الإسلام وزكته النبوة المحمدية.
لذلك، فإن النظرة العقلية لما وراء الأحداث عند الشيخ بن بيه تثبت أنه لا يتنكر لتاريخ الأمة الإسلامية، ولا لرمزيته في وعيها المهزوز، وإنما يحاول أن ينأى بكثير من الفئات عن فهمه وتفسيره السطحي الذي يجعل الأمة تغيب عن مقام الفاعلية والشهود الحضاري.
إن رؤية العالَم لدى العلامة بن بيه والتي تجمع بين النظرة الدينية والنظرة العقلية لما وراء الأحداث تحاول:
1- أن تنظم وتؤطر “مبدأ الحق” بجعل السلم بيئة لكل الحقوق لا يتعداها ولا يغني عنها، وهو من أجل ذلك يقوي ويدعم نظرته العقلية لما وراء الأحداث بالنظرة الشرعية الممثلة في المنهجية الأصولية الأصيلة التي هي جوهلا روايته للإسلام ورؤيته للواقع، وهي منهجية تعتمد بعدين: “موقعة النصوص والمفاهيم”، و“موضعتها بنفس الروح في البيئات الزمانية والبشرية“، وهي النظرة التي من بين تمثلاتها صناعة المفاهيم، لأن المنطق العقلي والشرعي يوجبان أن أي مشكلة تحتاج مفهوما يلتصق بها لا يمكن حلها بعيدا عنه، وهو ما يتطلب أحيانا تصحيحا للمفهوم أو إعادة صياغته بما يراعي المتغيرات الطارئة التي تؤثر فيه. وبما أن بعض المفاهيم قد تكون هي نفسها المشكلة لا لعيب فيها وإنما بسبب الفهم السطحي أو الاجتزائي لها، أو بسبب المتغيرات التي قد توجب فقدان بعض جزئياتها التي قام بناؤها عليها، أو تفرض انضمام جزئيات أخرى مؤثرة عدم مراعاتها في تنزيل المفاهيم يؤول إلى نتائج معاكسة للمقاصد التي من أجلها كانت وتأسست.
2- أن تستبق أزمة أخرى ستنشأ إذا لم يبادر علماء الدين ورجال الدين في الملل الأخرى والفلسفات الروحية إلى العناية بها، فهو يدرك تمام الإدراك قضية عودة الناس إلى مساءلة الدين بعد أن أحبطتهم الحداثة وأصابتهم شظايا الفشل الأخلاقي للعولمة، وتنامي خطر التدمير الذاتي الذي ولدته التكنولوجيا ، ومن ثم يدرك الحاجة الملحة لأن يتدخل علماء ورجال الدين ليكونوا عامل جذب للسلام من خلال العمل في دائرة المشتركات الإنسانية وترسيخ ثقافة التسامح المتكافئ.
تفاصيل استقبال العلامة عبدالله بن بيه لإمام مسجد النور في كرايستشيرش بنيوزيلندا
استقبل رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، الشيخ عبد الله بن بيه، أمس، إمام مسجد النور في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا الشيخ جمال فودة، وذلك بحضور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، ومحمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.
ورحّب بن بيه بإمام مسجد النور مجدداً تعازيه لشعب نيوزيلندا في حادث كرايستشيرش الإرهابي، ومشيداً بتعامل حكومة نيوزيلندا الاحترافي مع الأحداث.
وأكد ضرورة العمل على محاربة خطاب الكراهية ونشر قيم الحب والخير والسلام التي تخاطب الفطرة السليمة بوصفها أساس الدين الإسلامي، مشيراً إلى أن الأعمال الإرهابية، أياً كان مصدرها، تتنافى والفطرة السليمة، فالإرهاب لا دين له.
وأضاف أن نهج دولة الإمارات الذي أرسى دعائمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه – وتمضي عليه قيادة الدولة الرشيدة، يقوم على تعزيز التسامح، ويؤمن بالقيم الأصيلة وفهم روح العصر. وتابع: «لن نتخلى عن مسلمي نيوزيلندا، ولن نحجم عن ما ينفعهم، ولن نقصر في حقهم».
حرص
وأكد بن بيه حرص دولة الإمارات على تعزيز قيم التسامح والسلم من خلال مؤسساتها المختلفة، وأبرزها منتدى تعزيز السلم والمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة ومجلس حكماء المسلمين.
شكر
من جانبه، قدم إمام مسجد النور في كرايستشيرش الشكر لدولة الإمارات على موقفها المشرف مع مسلمي بلاده عقب الحادث المأساوي الذي تعرضوا له على أيدي الإرهاب الغاشم.
وأوضح أن الإمارات كانت سباقة في الاطمئنان على أوضاع مسلمي نيوزلندا عقب حادث كرايستشيرش مباشرة، مشيراً إلى أن أول اتصال تلقاه عقب الحادث، كان من السفير الإماراتي لدى نيوزيلندا.
وكان وفد من دولة الإمارات برئاسة معالي الدكتور علي راشد النعيمي، زار، في 20 مارس الماضي، مدينة كرايستشيرش التي شهدت الهجوم الإرهابي الدموي على المسجدين أثناء صلاة الجمعة، ما أودى بحياة العشرات.
ومثلت الزيارة تعبيراً عن التضامن الكامل الذي أعلنته دولة الإمارات قيادة وشعباً مع شعب وحكومة نيوزيلندا، والوقوف معها تجاه كل ما تتخذه من إجراءات لحفظ أمنها واستقرارها وسلامة المقيمين على أراضيها. وأشاد الوفد بالجهود التي بذلتها الحكومة النيوزيلندية برئاسة جاسندا أرديرن، رئيسة الوزراء.
أهمية ودوائر الوحدة : بين المثال والواقع
* هذا النص جزء من بحث بعنوان : الوحدة الإسلامية في مواجهة تيارات التطرف و خطاب الكراهية
…
أهمية ودوائر الوحدة : بين المثال والواقع- بقلم العلامة عبدالله بن بيه
الكلمة الأولى: عن الوحدة أهميتها ودوائرها
ولعلنا هنا لا نحتاج إلى إطالة الرشاء لنبرهن على أهمية الوحدة ومكانتها بالنسبة للمجتمعاتعامة والمجتمعات المسلمة خاصة، فهو أمر معروف وعلى أطراف الثُّمام.
ونكتفي بالتذكير بأنّ الوحدة مفهوم إسلامي عظيم، يشمل جميع دوائر الوجود الإنساني، ويغطي جميع العلاقات الفردية والجماعية والدولية، فالإسلام هو دين التوحيد ودين الوحدة، وحدة الشعور والشعائر.
إنّ هذه الوحدة لها أسسها ولها دوائرها:
فأساس الوحدة هو روح الأخوة الإسلامية: (إنّما المؤمنون إخوة) والمحبة: (لا تدخلون الجنّة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابّوا)، الحبّ قيمة من أعظم القيم وشيمة من أمثل الشيم فهو وحده الذي يقوّي روح التّواصل وينسج لحمة التضامن والتكافل ويعطي بعداً وجدانياً لعملية التبادل.
وأما دوائر الوحدة التي تتجلّى فيها مظاهرها، فمتعددة تعدد مجالات حياة الفرد والجامعة، وهي على درجات يؤكّد بعضها بعضا ويكمّله،
فمن أشملها دائرة التضامن والتكامل، التي تتسع لتغطي جميع أنحاء التعاون المأمور به بين المسلمين وبين جميع البشر، في سبيل الخير والمصلحة، والتي تنطلق من مستوى وحدة الشعور والاشفاق “كالجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد”، لتتجسّد من خلال التكتلات الاقتصادية والثقافية والسياسية.
كما أنّ منها دائرة لزوم الجماعة ومعناها الجماعة الفقهية -عند بعضهم- وهذا من أصول دليل الاجماع خلافا للنظام ومن معه من نفاة الإجماع الذين ادعوا أن المقصود هو الجماعة الإيالية أو السياسة بالمعنى الاصطلاحي والتي سمّاها الطوفي “الهيئة الاجتماعية”.
لمشاهدة المحاضرة :
الكلمة الثانية: الوحدة بين المثال والواقع
وهذه الدوائر والمستويات كلّها مطلوبة إلا أنّ الإسلام يضع مثالاً لكنّه يتعامل مع واقع ومصالح ومفاسد التي تطرأ على البشرية، فالمثال يتجلى في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا) وقوله: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).
ذلك هو المثال ولكن المثال مؤطّر عند التنزيل بمُقتضيات الواقع والإمكان.
فالوحدة وإن كانت مطلباً شرعياً ومقصداً عظيماً ومثالاً يطمح إليه في خدمة الدين والدنيا، إلا أنها ينبغي أن تكون اختيارية وطواعية، وينبغي أن يُراعى في التدرج إليها السياقات الزمانية والمكانية والإنسانية.
ان مفهوم الوحدة لا يعني بالضرورة أن يكون المسلمون في كيان واحد، ولا يجوز إعلان الحروب وإلحاق الضرر بالناس من أجل ذلك.فالاقتتال من أجل توحيد الأمة يكرُّ على الأصل بالإبطال ويجرُّ الصحيح الى الاعتلال والإعلال.
فالخلافة مثلاً هي أمر مصلحي وليس تعبدياً، قال الجويني – وهو من العلماء الدستوريين: ( ثم الغاية القصوى في استصلاح الدين والدنيا ربطُ الإيالات بمتبوع واحد إن تأتى ذلك، فإن عسر ولم يتيسر تعلق إنهاء أحكام الله تعالى إلى المتعبدين بها بمرموقين في الأقطار والديار)، وقال ابن الأزرق المالكي : (إن شرط وحدة الإمام بحيث لا يكون هناك غيره لا يلزم مع تعذُّر الإمكان).
ومن ثمّ فإن أولئك الذين يقاتلون من أجل إقامة خلافة في الأرض تغيب عنهم المقاصد الشرعية وطبيعة العصر ومقتضيات النّهي والأمر، فكيف يتوسل إلى مصلحة بأعظم مفسدة؟ ولهذا فإنَّه في محلّ الاختلاف يلجأ إلى المجمع عليه ويتمسّكُ به، فحرمة الدماء أمر لا مرية فيه والانتقال عن هذا الأصل المجمع عليه يحتاج إلى قيام أسباب أكيدة وانتفاء موانع عنيدة وتوفر شروط عنيدة، فهذه مكونات خطاب التكليف التي لا ينفك عنها أية تكليف حتى الإيمان حسب عبارة القرافي في التنقيح، فإذا علمنا عدم توفرها أو جهلنا قيامها فلا يصح تنزيل هذه الأحكام.
وعند جهل بعض هدى الخمس ما العمل اليوم كمثل أمس
كما قال علامتنا النابغة الغلاوي -رحمه الله تعالى- وهو يتحدث عن شروط إجراء العمل .
وعلى هذا دلّت الممارسة التاريخية للأمة، حيث تعدّدت دول الإسلام وتعدد أئمتهم وسلّم ذلك العلماء.
فأفق الوحدة المنشود لا يمكن أن يكون مبررا لسلب الدولة الوطنية حقها في الشرع والشرعية والمشروعية. فالدول الوطنية في عالمنا الإسلامي اليوم مع اختلاف أشكالها وصورها، هي نظم شرعية لها من المشروعية ما كان للإمبراطوريات الكبرى التي كانت قائمة في التاريخ بناء على قانون المصالح والمفاسد الذي تدور حوله أحكام الشرع.
….
* هذا النص جزء من بحث بعنوان : الوحدة الإسلامية في مواجهة تيارات التطرف و خطاب الكراهية
لنشاهدة المحاضرة كاملة :