ارشيف ل

تصريح لصحيفة الإتحاد :  مسألة الاحتفال بالمولد النبوي( اختلف فيها العلماء) واختيارنا أنه أمر مستحسن

تصريح صحفي بمناسبة المولد النبوي الشريف 

العلامة عبدالله بن بيه  :

 مسألة الاحتفال بالمولد النبوي( اختلف فيها العلماء) واختيارنا أنه أمر مستحسن ومن عمل به محبة لرسول الله فقد عمل بخير

في تصريح صحفي بمناسبة المولد النبيوي الشريف قال العلامة عبدالله بن بيه – رئيس مجلس الإمارات للإفتاء – “أن المولد النبوي الشريف  هو حدث كبير و عادة تحتفي الامم بأمجادها و الاحداث العظيمة في تاريخها و لا يوجد أكبر أعظم من مولده صلى الله عليه وسلم  “

و أضاف العلامة ابن بيه “: وهو نعمة  أنعم الله بها على عباده وهو رحمة أيضا كما قال الله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ( [الأنبياء:107] والاحتفال بهذه الرحمة والاحتفاء بها من طبيعة الأشياء و لايوجد نص يخالف ذلك من كتاب ولاسنة . و ان كان بعض العلماء رأى غير ذلك. بسبب مسألة الاختلاف في تقسيم البدعة.”

وعن رأي العلامةعبدالله بن بيه  قال :

“ورأينا أنه عمل محمود . وهذا – أي الإحتفال –  الذي عليه الآن أكثر أقطار الأمة الاسلامية . ومن هذا المنطلق  يحتفى به ويحتفل  بالاجتماع لذكر مناقبه و الصلاة والسلام عليه . مالم يكن في  المجالس أمر غير محمود.”

وهذاهو  رأينا فيه وإن كنا لا نخاصم من يقول بغير هذا الرأي . وقد سبقنا كثير  من العلماء والذي نختاره أنه من البدع المستحسنة .

و كلما شهد الشرع باعتباره فإنه لايعتبر من البد المنكرة . و الاحتفاء بالمولد شهد الشرع بالاحتفاء به

فقد قال تعالى: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف: 157 )

التعزيز هو التوقير و التعظيم و من جملة تعظيمه الاحتفاء بمولده و أن يتذاكر الناس سيرته العطرة حتى يقتدوا بها و يتأسوا بها. فهذا امر مستحسن إن شاء الله و من عمل به محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم  فقد عمل بخير.

و في ختام  تصريحه هنأ العلامة عبدالله بن بيه الحكام و المحكومين  بمناسبة المولد النبوي “سائلا  الله تعالى أن يعيده على الأمة بالخير والمجد  السؤدد و السلام و الوئام”.

وهنا نص فتوى معالي العلامة عبدالله بن بيه – رئيس مجلس الإمارات للإفتاء –

السؤال : ما حُكمُ الاحتِفالِ بِعِيدِ المَولِدِ النَّبَوِيِّ وما يَتَرَتَّبُ عَليهِ مِن أَعمالٍ كَعُمرَةِ المَولِدِ النَّبَويِّ وزِيادَةِ الطاعَاتِ فِيهِ؟

وإذا كانَ ذَلِكَ بِدعَةً فَما قَولُنا فِي كَلامِ ابنِ حَجَر رَحِمَهُ اللهُ فِي إقرارِهِ لِتِلكَ الاحتِفالاتِ؟

الجواب

هذه المَسألةُ ـ عِيدُ المَولِدِ النَّبَوِيِّ ـ مَسأَلَةٌ اختَلَفَ العُلَماءُ فِيها. فَمِن قائلٍ بأَنَّها بِدعَةٌ مَكرُوهَةٌ حَتَّى وصل البَعضُ إلى التَّحرِيمِ.ومِن قائلٍ إنَّها بِدعَةٌ مُستَحسَنَةٌ.

والخِلافُ يِرجِعُ فِي الأَصلِ إلى تَقسِيمِ البِدعَةِ فَهُناكَ مَن قالَ بِالبِدعَة المُستَحسَنَةِ وهُم الشّافِعِيَّةُ وعَلى رَأسِهِم العِزُّ بنُ عَبدِ السَّلامِ والقَرافِيُّ ـ وهوَ مالِكِيٌّ ـ لَكِنَّه قالَ بِهَذِهِ المَسأَلَةِ وفَصَّلَها تَفصِيلاً طَويلاً. جَعَلَ ما يَشمَلُهُ دَلِيلُ النَّدبِ ودَلِيلُ الاستِحبابِِ مُستَحَبّاً وما يَشمَلُهُ دَليلُ الوجُوبِ يَكُونُ واجِباً فِي البِدعَةِ وما يَشمَلهُ دَلِيلُ الكَراهَةِ يَكُونُ مَكرُوهاً، إلى آخِرِهِ.

فَجَعَلَ البِدعَةَ تَنقَسِمُ إلى خَمسَةِ أَقسامٍ. هَذا التَقسِيمُ أَيضاً لَم يَقبَلهُ بعضُ العُلَماءِ. فقالُوا: إنَّ البِدعَةَ إذا أطلقت فهِيَ بِدعَةٌ مُستَقبَحَةٌ وجَعَلوا قَولَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ نِعمَتِ البَدعَةُ هَذِه فِي صَلاةِ التَّراويحِ بِدعَةً لَفظِيَّةً.

وهَذا ما يَقُولُه تَقِيُّ الدِينِ بنُ تَيمِيَّةَ والشّاطِبِيُّ فِي كِتابِهِ ( الاعتِصامِ ).وكَثِيرٌ مِن العُلَماء مَن المالِكِيَّةِ والحنابِلَةِ يَتَّجِهُونَ هَذا الاتِجاهَ.

وقَضِيَّةُ المَولِدِ أَلَّفَ فِيها بَعضُ العُلَماءِ كَالسِيوطِيُّ تَأييداً وأَلَّفَ فِيها بَعضُ العُلَماءِ تَفنِيداً، فَلا أَرى أَن نُطِيلَ فِيها القَولَ وأن نُكثِرَ فِيها الجدل.

فَحاصِلُ الأَمرِ؛ أَنَّ مَن احتفل به فسرد سيرته صلى الله عليه وسلم والتذكير بمناقبه العِطرة احتفالاً غير مُلتَبِس بِأَيِّ فِعلٍ مَكرُوهٍ مِن النّاحِيَةِ الشَرعِيَّةِ ولَيسَ مُلتَبِسَاً بِنِيَّةِ السُنَّةِ ولا بِنِيَّةِ الوجُوبِ فإذا فَعَله بِهَذِهِ الشُّروطِ التي ذَكَرتُ؛ ولَم يُلبِسه بِشَيءٍ مُنافٍ للشَّرعِ، حباً للنبي صلى الله عليه وسلم فَفِعلُهُ لا بَأسَ بِهِ ـ إن شاءَ اللهُ ـ وهو مُأجَورُ فقد ذَكَرَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَةَ، قالَ: إنَّهُ مَأجُورٌ على نيته؛ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي ( اقتَضاءِ الصِّراطِ المُستَقِيمِ ) أَمّا مَن تَركَ ذَلِكَ أيضاً يُرِيدُ بِذَلِكَ مُوافَقَةَ السُنَّةَ وخَوفاً مِن البِدعَةِ فَهَذا أَيضاً يُؤجَرُ ـ إن شاءَ اللهُ ـ فَالأَمرُ لَيسَ كَبِيراً ولَيسَ مُهَوِّلاً ولا يَنبَغِي أَن نَزِيدَ فِيهِ عَلى ما يَقتَضِيهِ الحالُ.

فَهُناكَ بَعضُ الأَقطارِ الإسلامِيَّةِ التي تَحَتَفِلُ بِالمولد وتَقُومُ بِبَعضِ الطّاعاتِ فِي الأَيّامِ المُفَضَّلَةِ واختَلَفَ العُلَماءُ فيها بَينَ مَن كَرِهَها وبَينَ مَن أَجازَها كَما ذَكَرَ كُلَّ ذَلِكَ الزَّقّاقُ فِي مَنهَجِهِ وغيره مِن كُتُبِ المالِكِيَّةِ الذِينَ أَفاضوا فِي هَذهِ المَسأَلةِ وفِي تَفصِيلِ البِدعَةِ وهَل المُحدَثاتُ بِدعَةٌ مكروهة أو أنها تنقسم إلى أقسام كما ذهب إليه القرافي، فَالمَسأَلَةُ فِيها خِلافٌ. وَنَظرَتُنا للمُصالَحَةِ بَينَ المُسلِمِينَ بِمُحاوَلَةِ تَحجِيمِ هَذهِ الخِلافاتِ هِيَ دائماً نَظرَةٌ مُيَسِّرَةٌ.

وهَذا التَّيسِيرُ لَيسَ مُنطَلِقاً مِن فَراغٍ فَهوَ تَيسِيرٌ يَرجِعُ للكِتابِ والسُنَّةِ وما أَمَرَ به النَّبِيُّ صَلى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ مِن إصلاحِ ذاتِ البَينِ. فَانطِلاقاً مِن المَقاصِدِ الأَصلِيَّةِ للشَرعِ؛ فإذا وجِدَ خِلافٌ مُعتَبَرٌ فِي مَسأَلَةٍ راعَينا ذَلِكَ الخِلافَ ولَيسَ ذَلِكَ تَمييعاً كَما يَزعُمُ البَعضُ ولَيسَ انحِلالاً.

بَل هوَ مُراعاةٌ لِخِلافٍ مُنضَبِطٍ بأَدِلَّةُ شَرعِية غير واضِحَةً فِي جانِبٍ ولَيسَت مُفَنِّدَةً للجانِبِ الآخَرِ تَفنيداً كافِياً. فَهيَ عِبارَةٌ عَن ظَواهِرَ؛ عِبارَةٌ عَن أَمرٍ لَم يَكُن مَعمُولاً بِهِ حَدَثَ عَمَلٌ بِهِ، البَعضُ أَقامَ الدَلِيلَ عَلى هَذا العَمَلِ والبَعضُ الآخَرَ نَفى هَذا العَمَلَ. فَنَقُولُ: كُلٌ ـ إن شاءَ اللهُ ـ عَلى خَيرٍ إذا لَم يَلبِس عَمَلَهُ بِظُلمٍ ويَلبِس عَمَلَهُ بِنِيَّةٍ غَيرِ صَحِيحَةٍ واللهُ سُبحانَهُ وتَعالى أَعلَمُ.

ربيع أقبل فانثر فيه أزهارا

 

ربيع أقبل فانثر فيه أزهارا بل اثنر الدر دمع العين مدرارا
بل انثر الروح في سوح مكللة بسندس الخلد إجلالا وإكبارا
ذكرى يعطر هذا الكون ان عبرت عبيرها و تشع الأرض أنوارا
ذكرى الذي أسفرت عن نور غرته بشائر الحق والاحسان اسفارا
بله القريض و ماحاكت جهابذة في وصفه كان الا واكثارا
قل ماتشاء فما توفي محاسنه سحائب المدح تهطالا وامطارا
زر في ربيع وهنئ كل زائره حبا لأحمد ان قد زار مزدارا
   
عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيه

المواطنة الشاملة : موضوع للبحث – بقلم معالي الشيخ عبدالله بن بيه

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِّ وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وعلى جميع إخوانه من النبيين وسلِّم تسليما،

 

المواطنة الشاملة: موضوع للبحث (  نسخة بي دي اف )

معالي العلامة عبد الله بن بيه

رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة

رئيس مجلس الإمارات للإفتاء

 

أيها السّادة الأفاضل،

أيها الأخُ رئيس الجلسة،

أصحاب السعادة والفضيلة والنيافة والاحترام،

 أيها المشاركون ،، كلٌّ باسمه وجميل وسمه،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

سأحاول أن أسهم في مفتتح اجتماعنا هذا بكلمات قليلة ورسائل مختصرة،

الكلمة الأولى في بيان منطلق مشاركة منتدى تعزيز السلم والتعريف بإعلان مُراكش، والكلمة الثانية حول مقومات المواطنة في إعلان مراكش، والكلمة الثالثة حول المبادئ المؤطرة لحقوق المواطنة ، والكلمة الرابعة  حول شتم المقدس وضرورة مراجعة مفهوم حرية التعبير.

 

ولكن دعوني أوّلا أرحّب بالسادة المشاركين في هذا الاجتماع وأشكر القائمين عليه، فهو اجتماع هامٌّ ومتعلق بموضوع حيوي وحساس، هو موضوع المواطنة الشاملة، ويطيب لي أن أعرب عن سروري بحضور هذه النخبة وبحلول ولتون بارك ضيفا على دولة الإمارات العربية المتّحدة.

 

إننا نتَوَخّى من خلال هذه اللقاءات أن نخرج بتصور مؤصل للمواطنة الشاملة، مستمد من النصوص الدينية ومراع للسياق الحضاري المعاصر المتمثل في الدساتير الوطنية والمواثيق الدّولية.

 

كما سنعمل على تشخيص العراقيل والتحدّيات التي تحول دون تحقيق هذا المفهوم الشامل للمواطنة  والعقبات التي تعترضه في بلدان الشرق الأوسط.

 

إن اهتمامنا في منتدى تعزيز السلم بالمواطنة ليس وليد الساعة بل يعود إلى سنوات عندما شرعنا في مشروع من عدة حلقات تفكيرية ارتكزت على دراسة قضية الأقليات وإطارها العام المتثمل في مفهوم المواطنة، وقد بدأنا هذه المسيرة في أوج حراك الاحتجاجات في بعض البلدان  العربية وما تلاها من أوضاع متردية وواقع مضطرب سالت فيه دماء كثيرة واشتعلت فيه جذوة الكراهية وعلا فيه صوت العنف، وكان للأقليات الدينية في بعض البلدان الإسلامية المتوترة نصيبها من القتل والاستعباد والتهجير وأشكال مختلفة من امتهان الكرامة الإنسانية، وإن كان الأذى شمل الجميع، بل ربما نالت منه بعض الأكثريات نصيبا كبيرا ومسها منه قرح عظيم.

 

وبعد إنشاء منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في سنة 2014 بدأ الإعداد  هنا في أبوظبي حيث توجت مسيرة ورشات التفكير بمؤتمر ” حقوق الأقليات الدينية في المجتمعات المسلمة: الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة” الذي تم عقده في مدينة مراكش يوم 25 يناير 2016 بالاشتراك والتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية. وقد جمع هذا المؤتمر عددا معتبرا من علماء المسلمين والرسميين ممثلين لجلّ دول العالم الإسلامي.

 

وصدر عن المؤتمر إعلان مراكش التاريخي لحقوق الأقليات باتفاق ومصادقة جميع الحضور من العلماء المسلمين وبمباركة القيادات الدينية من غير المسلمين، الذين كانوا شهودا، ومن بينهم ممثلون عن الأقباط واليزيديين والصابئة المندائيين والنصارى الآشوريين وغيرهم.

 

وقد حرص المؤتمر أن يبين بقوة وحزم أن اضطهاد الأقليات الدينية وكافة أشكال العدوان عليها التي يقترفها الإرهابيون مخالفة لقيم الإسلام الذي أقر للأقليات الدينية حقوقها الدينية والثقافية والسياسية، في وقت لم تكن البشرية قد عرفت مثل هذا النوع من التسامح الموثّق بصحيفة المدينة من قبل خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم كما تؤكّده مراجع السيرة النبوية.

 

وقد جاء الإعلان يجلي القيم الإسلامية والأسس المنهجية لواجب التعايش السعيد والتعامل الحسن مع سائر أتباع الديانات ويستنهض فعاليات المجتمعات المسلمة ويستحثها نحو خلق تيار مجتمعي عريض لحماية الأقليات الدينية في البلدان المسلمة ويسعى هذا الإعلان أيضا بتأثيره المجتمعي إلى حض الأفراد والمجموعات والدول على ابتكار الصيغ والمبادرات التي تعزز ثقافة التعايش وحماية الأقليات.

 

وقد دعا الإعلان علماء ومفكري المسلمين إلى العمل لتأصيل مبدأ المواطنة الذي يستوعب مختلف الانتماءات بالفهم الصحيح والتقويم السليم للموروث الفقهي والممارسات التاريخية وباستيعاب المتغيرات التي حدثت في العالم، حيث انتهى العهد الامبراطوري ودخلت المجتمعات المسلمة ضمن إطار ما صار يعرف بالدولة القطرية أو الدولة الوطنية.

 

وكذلك لم تعد الولاءات في الوقت الراهن دينية حصرا، بل أصبحت ولاءات مركبة ومعقدة تتحكم فيها عوامل متداخلة لاتنفصل عن بعضها كما ظهرت النزعة الفردية بحيث لم تعد الجماعة مؤطرة لفعل الفرد في بعض البيئات، ثم وجود المواثيق الدولية والقانون الدولي مؤطرا للعلاقة بالآخر، وكذلك التعددية الثقافية والعرقية والدينية في كل قطر بسبب العولمة، وبروز ثقافة الحريات عاملا مؤثرا وفاعلا في الواقع، وبناء نظام حقوق الإنسان وسيلة لعيش الأقليات بين ظهراني الأكثرية.

 

كل هذه المتغيرات قد ارتقت بالمواطنة إلى مرتبة كُلّي الزّمان حيث غَدَتْ تتمثّل في ميثاقين يحكمان الواقع، ميثاق داخلي، وهو دستور البلاد الذي يمثل عقدا بين كل المواطنين، وميثاق عالمي وهو ميثاق الأمم المتحدة ولواحقه، كإعلان حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية.

 

 

ما هي مقومات المواطنة الشاملة في إعلان مراكش؟

لقد كانت المواطنة في المفهوم التاريخي تقوم على العرق أو الدّين أو التاريخ المشترك أو على عنصر نقاء النسب الذي يؤدي إلى تقسيم المواطنين إلى درجات كمـا كان عند الرومـان أو العرب في عصر الجاهلية.

 

وعلى العكس من ذلك نحت المواطنة في السياق المعاصر منحى تعاقديا في إطار تعدُّدي أو ما يسمِّيه هابرماس بالمواطنة الدستورية، أي شعور الفرد بانتمـائه إلى جمـاعة مدنية مؤسسة على عقد مواطنة يسوي بين الجميع.

 

المواطنة بهذا المعنى مفهوم جديد وهو عبارة عن علاقة متبادلة بين أفراد مجموعة بشرية تقيم على أرض واحدة، وليست بالضرورة منتمية إلى جد واحد، ولا إلى ذاكرة تاريخية موحدة، أو دين واحد، إطارها دستور ونظم وقوانين تحدد واجبات وحقوق أفرادها، إنها شبه جمعية تعاونية ينتمي لها بصفة طواعية أفرادها بشكل تعاقدي، فالذي ينضم اليوم إليها له نفس الحقوق التي كانت لأقدم عضو، فلافرق بين الأول والأخير والأصيل والدخيل.

 

وبالجملة فإن المواطنة رباط أو رابطة اختيارية معقودة في أفق وطني يحكمه الدستور، والمواطنة تتسامى على الفئوية لكنها لا تلغيها، والمطلوب أن تتواءم معها وتتعايش معها تعايشاً سعيداً.

 

لقد سَعْينا من خلال إعلان مراكش إلى تأصيل هذا المفهوم الجديد للمواطنة انطلاقا من صحيفة المدينة المنورة بوصفها أساسا صالحا للمواطنة التعاقدية في المجتمعات الإسلامية، وخيارا يرشّحه الزمن والقيم للتعامل مع كلي العصر لتفعيل المشترك الإنساني وتحييد عناصر الإقصاء والطرد، فهي اتفاق أتى من غير حرب ولا قتال ولا عنف ولا إكراه، اتفاق تداعت إليه أطرافه طواعية للالتفاف حول المبادئ التي تضمنها ضمن دائرة التفاعل الإيجابي مع الواقع ومع مكوّنات مجتمع المدينة، وتحقيق السلم الاجتماعي القائم على الاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات، والقبول بما يفرضه التنوع من اختلاف العقائد والمصالح وأنماط الحياة، مع وجود مرجعية حاكمة يفيء إليها الجميع حال التنازع والاختلاف.

 

إننا بذلك نترجم لغة الدين إلى لغة الفضاء العمومي حسب عبارة هابرماس، لغة الحياة المدنية والقانون، ونستعير من نصوص التاريخ لإنزالها على العصر الحاضر، مع الاحتفاظ لكل عصر بلغته وببيئته الزمانية والمكانية، نستنطق النصوص الدينية ونجمع متفرقاتها ونغوص إلى الحكم والمقاصد ونأول طبقا لضوابط الاستنباط ومسالك التأويل، ونقارن بينها وبين ما وصلت إليه البشرية من آراء ومبادئ تخدم المصالح الإنسانية وتؤمّن الكليات الخمس، ذلك هو منهجنا في البحث. {يراجع الإعلان}.

 

إن أهمّ مقوّمين من مقومات المواطنة في إعلان مراكش هما:

  • مبدأ الاعتراف بالتعددية وإقرار الحرية الدينية : حيث جاء في البند الثاني من الإعلان في سياق التذكير بالمبادئ الكلية والقيم الجامعة التي جاء بها الإسلام، ” إن تكريم الإنسان اقتضى منحه حرية الاختيار: (لا إكراه في الدين) (ولو شاء ربُّك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)”، وجاء في البند 13 في سياق ذكر الأسس المرجعية للمواطنة المتضمنة في صحيفة المدينة المنورة، ما نصُّه: ” إن السياق الحضاري المعاصر يتوافق مع وثيقة المدينة لأنها تقدم للمسلمين الأساس المرجعي المبدئي للمواطنة، إنها صيغة مواطنة تعاقدية ودستور عادل لمجمتع تعددي أعراقا وديانة ولغة، متضامن، يتمتع أفراده بنفس الحقوق، ويتحمّلون نفس الواجبات، وينتمون رغم اختلافهم إلى أمة واحدة”.

من خلال هذا المبدأ استهدف إعلان مراكش المصالحة بين الهوية الدينية والهوية الوطنية، حيث يرى البعض أن قوة الانتماء إلى الهوية الدينية تؤدي إلى انهيار روح المواطنة، ويفترض تعارضا ذاتيا بين الولاء للدين والولاء للوطن، وخاصة في المجتمعات الهشة ذات الطوائف المتعدّدة حين تضعُف سلطة الدولة فتطغى سلطة الهوية الدينية، وتفيء كلُّ طائفة إلى حاضنتها الدينية التي تضمن لها نوعا من الحماية النفسية وحتّى الوجودية.

 

لقد كان الاهتمام في إعلان مراكش متوجّها إلى قلب المعادلة ليكون الانتماء الديني حافزا لتجسيد المواطنة وتحييد سلبيات تأثير عامل الاختلاف الدّينيّ عليها.

 

 فإذا كان الولاء للدين أمرا مسلما به عند كل مُتدين، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنه يطرد الولاء للوطن بمفهوم المواطنة الذي أشرنا إليه؛ فليس بينهما تنافٍ.

 

مبدأ الواجبات المتبادلة والحقوق المتساوية: مما يقتضي الإيجابية في العلاقة، والبعد عن الاختلاف، والشعور بالشراكة في المصالح. وقد جاء في البند 15 ما نصّه: ” إن صحيفة المدينة المنورة تضمنت بنودها كثيرا من مبادئ المواطنة التعاقدية كحرية التدين وحرية التنقل والتملُّك ومبدإ التكافل العام ومبدإ الدفاع المشترك، ومبدإ العدالة والمساواة أمام القانون (وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته…)، (وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم، وأنه لا يأثم امرؤٌ بحليفه، وأن النصر للمظلوم)”.

 

بهذه المقاربة الجديدة ترتقي المواطنة إلى المؤاخاة، وتنتقل من الوجود المشترك إلى الوجدان المتشارك. لتكون المواطنة بذلك بوتقة تنصهر فيها كل الانتمـاءات، وبقدر الانسجام والانتظام بين هذه العناصر في الجمـاعة يجد المواطن نفسه والجمـاعة مكانتها.

 

وانطلاقا مما تقدم فإن هذه المقاربة تتغيى هدفين:

 

الهدف الأول: السلم الاجتماعي

إن من مكامن القوة في هذا التصور الذي  أبرزه إعلان مراكش هو الربط الواصب بين المواطنة وإطارها الناظم والمتمثل في مقصد السلم.

 

فبدون سلام لا حقوق، لأن فقدان السلم فقدان لكل الحقوق بما فيها حق المواطنة، فالسلام هو الحق الأول والمقصد الأعلى الذي يحكم على كل جزئيات الحقوق، فلا يمكن أن نتصور مواطنة بالمعنى الذي نبحث عنه في بيئة متشنجة.

 

فبالسلم تسود الطمأنينة النفسية والروحية والسكينة بين أفراد المجتمع لتنعكس على العلاقات بين الأفراد والجماعات، ليكون السلم الاجتماعي حالة من الوفاق تتمظهر في التضامن والتعاون لإيصال النفع إلى الجميع ودرء الضر عن الجميع ، وتتجلى في اللغة والسلوك والمعاملة، فلاعنف في اللغة  ولا اعتداء في السلوك ولا ظلم في المعاملة.

 

فالسلم يوجد بيئة الحب والسعادة والانتماء إلى الأمة والوطن والانخراط في مصالحه، وهو قبل كل شيئ مصالحة مع الذات قبل أن يكون مصالحة مع الغير .

 

فلاسبيل إلى تحقيق مواطنة شاملة إلا من خلال استراتيجية السلم.

 

إن هذا المبدأ الذي نرفعه في منتدى تعزيز السلم، مبدأ عام صادق في كل البيئات ، فلايختص ببيئة دون أخرى ولايقتصر على مجتمع دون آخر، ولكنه في عالمنا العربي والإسلامي أظهر والحاجة إليه أمس والوعي به أكثر إلحاحا.

 

الهدف الثاني: المحافظة على النظام العام

 

إن الحقوق المقوّمة للمواطنة لابد عند تنزيلها من مراعاة سياقاتها المكانية والزمانية ومآلاتها، بحيث يحرص على تحقيق الموازنة بين الحقوق الجمعية والحقوق الفردية وبحيث يحافظ على النظام العام.

 

النظام العام في اصطلاح القانونيين هو ” أمر يتعلق بتحقيق مصلحة عامة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تتعلَّق بنظام المجتمع الأعلى” وهو مبدأ يختلف من نظام إلى آخر ومن حضارة إلى أخرى باعتباره راجعا إلى النظام الأعلى للمجتمع ولهذا عبّر عنه بعض القانونيين بأنه مبدأ غامض وأن هذا الغموض متعمّد ليتيح للسلطات المعنية تقدير الحاجة إلى التدخل مثلا، فهو غموض يؤسس للمرونة التي يقصد المقنن إليها لتحقيق المصلحة المتوخّاة.

 

وإلى النظام العام أحال إعلان حقوق الإنسان في الفصل 29 الذي جاء بمثابة الفصل المقيد لإطلاق الفصول التي سبقته، ونصه :  “

  • على كلِّ فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نموّا حرا كاملا.
  • يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقرّرها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها، ولتحقيق المقتضيات العادلة للنام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي. “

 

إن هذه القيود جديرة بأن تكون موضوع دراسة، وأن توخذ بعين الاعتبار عندما يكون الانتهاك المزعوم لحقوق الإنسان يستند إلى القانون الوطني والشرعة المطبقة في البلد المعين، فهل بالإمكان والحالة هذه أن نعتبر الأحكام الصادرة طبقا لتشريع بلد ما من الجهات القضائية المخولة دون أن يشوب إجراءاتها أي خلل أن نعتبر تلك الأحكام تعسفية؟، وبعبارة أخرى فإن التعسف لا يثبت إلا في حالة مخالفة تلك الأحكام لمقتضيات القانون المحلي.

 

حرية التعبير وشتم المقدس

ومن هنا نشدّد على ضرورة مراجعة كثير من المفاهيم المرتبطة بالمواطنة كمفهوم حرية التعبير، على ضوء هذين الهدفين، باعتبارهما مؤطرين لتنزيل هذه المفاهيم في البيئات المختلفة تنزيلا لا يعود على المواطنة بالإبطال والإخلال.

 

فلا بد من ربط عنوان الحريات الدينية بالسلم الاجتماعي، وربط مبدأ حرية التعبير، الذي أصبح مبدأ مقدّساً في الحضارة السائدة بمبدأ المسؤولية عن نتائج التعبير.

 

إنه من الملائم العمل على أن تكون القوانين ناشئة لمعالجة البيئة التي تراد لها،وليست مستنسخة عن أوضاع أخرى تلغي الخصوصيات والتفاوت بين المجتمعات وتغفل التراكمات التاريخية والمجتمعية. لهذا فإن الدعوة إلى حرية تدنيس المقدس هي من هذا الصنف من حرية التعبير الموهومة والمحرّضة على العنف والكراهية، والمؤذنة بالإساءة على النظام العام للمجتمعات وبالتالي باختلال السلم المجتمعي.  لا يمكن أن تكون حرية التعبير هي حرية شتم رموز الإنسانية الذين نؤمن بأن معنى الوجود وصل إلينا من خلالهم (الأنبياء). لقد كان فردريك نيتشه هذه المرة أكثر بصيرة حين يقول في كتابه “ما وراء الخير والشر: (إن الذين أوجدوا القيم في حياة البشرية قلة في التاريخ  ومنهم موسى وعيسى ومحمد).

 

إن شتم المقدس لا يمكن أن يعتبر وجها من وجوه حريّة التعبير، لأن المسيء لا يتغيّى من خلاله إلا إيذاء الآخرين والإساءة إليهم، وليس يقصد به تحقيق خير أو نفع له أو لغيره، ولئن كان البعض يستشكل الموضوع من حيث اعتبارية التقديس ونسبيته، بحيث لا يرى في شتم المقدّس ما يستوجب التجريم، فإننا نرى أن شتم الرموز المقدسة لدى بعض المواطنين هو في الحقيقة شتم وإيذاء لهؤلاء المواطنين وتعدٍ على حقهم في احترام معتقداتهم، فهو فعل عبثي صادر عن إرادة أثيمة وقصد سيء، قد يكون للبحث عن بطولة غير مستحقة لأنها تؤول إلى حروب وفتن، وقد يكون للبحث عن دور الضحية رياء.

 

وهكذا على الرّغم من تعدّد المقاربات التي تناولت مفهوم حرية التعبير : قانونياً وأخلاقياً وفلسفياً، لايزال مفهوماً غائماً يثير من الإشكالات ما يستوجب من أهل الاختصاص أن يعيدوا فيه النظر، لبيان حدوده وضبط متعلقاته وجلاء الغموض الذي يشوبه باعتبار  علاقة هذا المبدإ بالسلم الاجتماعي، وباعتبار المعيارية القانونية المتثملة في علاقته بالنظام العام.

 

والأمثلة على تقييد الحريات بمبدإ النظام العام في التراث القضائي الغربي كثيرة، ففي سنة 1995 منعت الحكومة البريطانية عرض فيلم “رُؤَى النشاوى” لمخرجه وينكروف لأنها اعتبرته فيلما قادحا في شخص سيدنا المسيح عليه السلام وأكدته محاكم المملكة المتحدة، فما كان من المخرج صاحب الفيلم إلا أن رفع دعوى أمام محكمة حقوق الإنسان الأوروبية باعتبار الحظر الذي فرضته الحكومة البريطانية منافيا لحرية التعبير والحق في نشر الآراء.

 

وبعد نظر المحكمة في الدعوى أيدت موقف الحكومة البريطانية باعتبار الفيلم المذكور مقذعا ومتجاوزا للحدود المسموح بها في تناول موضوع مقدّس وفقا للقانون البريطاني في ذلك الوقت.

 

إن المحكمة راعت في هذا القرار رقم 19/1995/525/611 الصادر بتاريخ 25 نوفمبر 1996م. تصور ها للنظام العام الذي هو نتيجة لموقف حضاري محدد يعتبر فيه سيدنا المسيح عليه السلام مقدسا طبقا للقيم الدينية للمسيحيين والمسلمين أيضا.

 

وفي قضية مشابهة أكدت المحكمة الأروبية فيي منتصف شهر أكتوبر الماضي سلامة أحكام القضاء النمساوي في قضية شتم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معللة هذا القرار (رقم 360/2018 ) بأن الدعاوى المسيئة لايمكن أن تدخل في نطاق حرية التعبير، حيث إنها تمس حقوق المواطنين الآخرين في احترام معتقداتهم الدينية وتهدد السلم الديني في المجتمع النمساوي.

 

ولا يسعنا هنا إلا أن نثمن هذه القرارات باعتبار أنها تسهم في تعزيز السلم العالمي ونشر المحبة والتسامح في العالم، وهي بالتأكيد تُمَثِّل سوابق قضائية عاقلة سيكون على محاكم الغرب أن تأخذها بعين الاعتبار في هذا النوع من القضايا.

وكذلك ينبغي التنويه  بسياسة دولة الامارات في ترسيخ مبادئ المواطنة التي تتسم بالواقعية في مراعاة خصوصية السياق المحلي وبوضوح الهدف، ويتجلّى ذلك بوضوح في سنّها القانون الاتحادي رقم 2 سنة 2015، والذي يتعلق بمكافحة التمييز وخطاب الكراهية وازدراء الأديان ويعمل على تحصين المجتمع وحمايته من خطابات الكراهية والتحريض على العنف وزعزعة السكينة والسلم الاجتماعي.

 

وفي الختام،

فإن هذه جملة من الأفكار حاولت من خلالها أن أقرأ بسرعة بعض ما ورد في إعلان مراكش وأن أُلِحّ على الهمِّ الخاص بالأمن والسلم الاجتماعي والمجتمعي الذي بدونه لن تكون المواطنة سعيدة ولا سديدة، بل قد يصبح الوطن حلبة للصراع وساحة للنزاع، بل ربما ميدانا للدماء والأشلاء. إن الأخلاق الرفيعة وروح التسامح والمودة والوئام وسعة الصدر واتساع الفكر  هي التي تُحَصّن الأوطان وتجعل المواطنة مثابةً للإكرام والإحسان.

 

لذلك نرجو أن تتسع صدوركم لآراء قد لا يتفق معها بعضُكم ولكنها بالتأكيد تبحث عن السلام.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقال : منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة .. رهان السلام في وجه دعاة الفتنة

سنوات عجاف تلك التي عاشتها المنطقة العربية، فيها خَرِس صوت السلم والأمان وعلا كعب مُشْعلي فتيل الحروب والأزمات. خلفت تلك السنين قتلى كثيرين وجرحى ومأسورين، لكنها تركت في النفوس أكثر مما تركت في الأبدان، فدعاية الحروب تبقى أكثر من ركامها، ولغة الكراهية لا تلتئم جراحها إلا بعد سنين..

سنين عددا احتاجتها المنطقة وسكانها، حتى أصاخ كثيرون لصوت داعي السلام، وسعى ساعي الإمارات العربية المتحدة إلى اتحاد جهود أطباء السلم والأمان، ومداوُو جروح الأمة ودعاة الوئام بين الأشقاء الفرقاء.

كان شهر مارس من العام 2014 تاريخا فارقا في مسار الأمة ، ففيه علا من جديد صوت العقل ودعوة السلم ، وسارت سفينة إصلاح البينِ انطلاقا من أراضي الإمارات وبرعاية من

رُبان السلم والسعادة، لتطفئ حريق المنطقة ولتتوجه بوصلة المصلحين فيها من مفكرين وعلماء إلى تحقيق السلام لتتمكن الشعوب من العيش في وئام عبر إطلاق منتدى عالمي لتعزيز السلم يضع ضمن أولوياته الدعوة للسلام و المحبة و الإعلاء من قيمة الإنسان و الاسهام في خلق فضاء رحب للحوار و التسامح.

و قد أطلق المنتدى في سبيل تحقيق أسسه مبادرات كان من أبرزها ، إعلان مراكش التاريخي لحقوق الاقليات الدينية في الديار الإسلامية و جائزة الإمام الحسن بن علي للسلم لتكريم أصحاب الأعمال العلمية و المبادرات العملية في صناعة ثقافة السلم. و موسوعة السلم “الإسلام دين السلام”  التي تروم إلى تقديم المنظور السلامي للسلم من حيث أبعاده المعرفية و الحضارية و الكونية. إضافة لحلف الفضول بين الأديان ليكون بمثابة الإحياء التاريخي غير المسبوق لروح حلف الفضول الذي زكاه الاسلام.

و لأن التميز لا سقف له، فلم يقف القائمون على منتدى تعزيز السلم عند هذا الحد بل استمروا في عقد مؤتمرات سنوية شارك فيها و أشاد بها الآلاف من العلماء و أصحاب الفكر و سدنة الحرف. و لا زالت الجهود متواصلة لعقد المؤتمر الخامس تحت شعار “حلف الفضول: فرصة للسلم العالمي”.

عشرات الورشات أطلقها المنتدى ليجسد من خلالها رسالته و رؤيته للسلم إضافة لعشرات المنشورات و مجلة خاصة بالسلم يقع مقرها في المملكة المغربية.

 

هذا الفضاءُ الجديد الذي يقوده العالم المجدد الشيخ عبد الله بن بيه  قام على أسس متينة أبرزها تأكيد أولوية السلم  حتى تسود الطمأنينة النفسية و الروحية بين أفراد المجتمع  و تمثل روح الإطفائي لإنقاذ الحريق و إخراج الغريق  في مجتمعاتنا التي تعج بالمآسي، ثم تعزيز دور العالِم بغية بناء حصون للسلام في القلوب و النفوس  و بث روح السكينة و نشر الفهم الصحيح للاسلام، إضافة لإحياء القيم الاسلامية كالحكمة و الرحمة و التعاون و التضامن و إصلاح ذات البين.

كلها أمور من شأنها أن تقود إلى ترسيخ مبادئ جديدة لا غلو فيه و لا تطرف، مبادئ تجعل من السلام شعارا و من أرض زايد وطنا.

بقلم: صلاح الدين السيّد

نقلا عن مركز الصحراء للدراسات

الإعلان عن تاريخ وموضوع الملتقى السنوي لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة2018‬  

أعلن منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، تنظيم الملتقى العالمي الخامس للمنتدى بعنوان “حلف الفضول.. فرصة للسلم العالمي” في العاصمة الإماراتية أبوظبي من ٥ إلى ٧ ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٨.‬

‫وجاء الإعلان خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده المنتدى بحضور الدكتور محمد مطر الكعبي الأمين العام لمنتدى تعزيز السلم، وحمزة يوسف رئيس جامعة الزيتونة وعضو مجلس الإمارات للإفتاء في الولايات المتحدة الأمريكية، والدكتورة أماني لويس عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم.‬

‫ويطمح منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة إلى أن يكون ملتقاه السنوي الخامس نقلة نوعية في مسار الشراكة والتعاون بين الأديان السماوية على ترسيخ قيم التعايش والتعارف والتضامن والمحبة التي تعد أقوى ضمانة لاستتباب السلم في العالم، ‫كما يتطلع إلى أن يكون حلف الفضول الجديد إطارا يستوعب كل العاملين والساعين إلى وقف المبادرات المدمرة والهادمة للمجتمعات.

يذكر أن منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة منتدى عالمي أسسه الشيخ عبدالله بن بيه، وتحتضنه دولة الإمارات العربية المتحدة برعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي.

ويسعى المنتدى إلى تأكيد أوَّلِية السلم؛ باعتباره الضامن الحقيقي لسائر الحقوق، ويُسهم في إيجاد فضاء رحب للحوار والتسامح؛ كما يُعزِّز دوْر العلماء في نشر الفهم الصحيح، والمنهجية السليمة للتدين، ويُحيي قيَم الرحمة والحكمة والمصلحة والعدل.

أمير المدينة المنورة يكرم معالي الشيخ عبد الله بن بيه لجهوده في التجديد الفقهي و نشر العلم

المدينة المنورة في 31 أكتوبر/ وام / كرم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة المدينة المنورة معالي الشيخ عبد الله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء رئيس منتدى تعزيز السلم تقديرا لعطائه العلمي التجديدي ولجهوده في نشر السلام في العالم.

جاء التكريم بمناسبة مشاركة معالي الشيخ عبد الله بن بيه في الدورة الثالثة والعشرين للمجمع الفقهي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي الذي يقام في الفترة من 28 إلى 1 نوفمبر 2018 تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.

حضر التكريم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن خالد الفيصل نائب أمير منطقة المدينة المنورة وعدد من الأمراء والوزراء والمسؤولين ونخبة كبيرة من العلماء والفقهاء حول العالم.

يذكر أن الدورة الـ”23″ تتناول موضوعات معاصرة تشمل زواج الصغيرات وختان الإناث وأثر عقد الزوجية على ملكية الزوجين واستكمال أحكام المفطرات في مجال التداوي وأحكام الحلال والإعسار والإفلاس في الشريعة الإسلامية وأحكام الغلبة والتبعية في المعاملات المالية وأحكام التحوط فيها ومعالجة بعض أحكام الصكوك الإسلامية بالإضافة إلى استعراض لدراسة الوسائل الفكرية والعلمية المناسبة للتصدي لظاهرة الإرهاب التي تندد بهت الشريعة أيما تنديد وتعمل على محاربتها والوقوف في وجهها بكل وسيلة ممكنة.

وام/عمر السعيدي/عبدالناصر منعم

خطاب معالي الشيخ عبدالله بن بيه في مؤتمر التواصل الحضاري 2 – نيويورك – رابطة العالم الاسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين  والصلاة و السلام على سيدنا محمد النبي الخاتم وعلى إخوانه من النبيين.

أيها السادة و السيدات،

إنّه لمن دواعي سروري المشاركة في النسخة الثانية من مؤتمر العلاقات الأمريكية-الإسلامية في نيويورك، إن تجدد انعقاد هذا المؤتمر دليل على أهمية موضوعه الذي يستحق المزيد من العناية والبحث المعمق.

إنّ رابطة العالم الإسلامي بقيادة معالي الأمين العام الدكتور محمد عبدالكريم العيسى بتبنيها لهذه المبادرات النوعية عالية المستوى لتؤكد على دورها الريادي في مد الجسور بين الشعوب في الوقت الذي يعمل الكثيرون على تهديمها، وتقوم بنشر السلام في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات الخصام، ولا أدل على ذلك من حصول معالي الأمين مؤخراً على جائزة رائد عصرِ النهضة الأوروبية (جاليليو) بمدينة فلورنسا بإيطاليا، إن هذا الدور الريادي ليعبر أصدق تعبير عن المهمة الملقاة على عاتق أهل الأديان: ألا وهي إفشاء السلام بين الناس.

إنّ الدعوة للبحث عن المشترك ليست دعوة مثالية حالمة، ولا ضبابية واهمة، كلا، بل هي دعوة يسندها الشرع والعقل. لقد دعا القرآن الكريم المختلفين إلى البحث عن نقطة بداية للحوار، عن قاعدة للتفاهم، ”عن كلمة سواء“، قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}. ولقد حدد القران الوسيلة المناسبة للتوصل إلى هذه الكلمة السواء، إنه الحوار والمجادلة بالحسنى: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. إن الشريعة الإسلامية وكل الأديان في جوهرها لا تدعو إلى الفوضى ولا إلى العبث، إنها مشروع تعمير وليست مشروع تدمير، إنها طاقة للحياة والخير وليست للشر والدمار. إن  ميزان الشرع هو ميزان المصالح والمفاسد، يضعها في كفتيه، فيرجح الأصلح، ويدرأ المفسدة، فكما يقول ابن القيم: ”الشريعة مصلحة كلها، وعدل كلها، ورحمة كلها، وحكمة كلها، فما خرج عن المصلحة إلى المفسدة، وعن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، ومن الحكمة إلى العبث فليس من الشريعة في شيء“.

التحدي الذي يواجه الأفكار النبيلة يتمثل دائماً في تحويلها إلى مشاريع وأعمال على أرض الواقع، وإني لأحسب هذا المؤتمر وأعمال رابطة العالم الإسلامي بقيادة أمينها نماذجا تحتذى من العمل الجاد والسعي الدؤوب. ولقد قمنا في منتدى تعزيز السلم بعدة مبادرات في هذا الإطار سعينا من خلالها إلى تفعيل جوهر الأديان وإبراز دورها الإيجابي في خدمة البشرية. إننا نريد من الأديان وأهلها أن ينتقلوا من مبدأ الاعتراف إلى منهج التعارف القرآني: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. ولقد تحدثت إليكم من هذا المنبر عن بعض المناشط التي قمنا بها منتدى تعزيز السلم في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث الفضاء الرحب للتسامح والتواصل ، إحدى هذه المبادرات التي تنسجم مع سياق مؤتمرنا هي قافلة السلام الأمريكية التي استضفناها في أبوظبي وفي عاصمة المملكة المغربية الرباط في سنة ٢٠١٧، تتلخص فكرة القافلة في استضافة مجموعات من القيادات الدينية تمثل العائلة الإبراهيمية وإتاحة المجال لهم في التعارف فيما بينهم والتحاور في جو من المحبة والصراحة. الهدف أن ترجع القيادات الدينية إلى مجتمعاتها المحلية في الولايات الأمريكية لينقلوا الفكرة الصحيحة التي رأوها عن الأديان الأخرى. في هذا العام بحمدالله تطورت فكرة هذه القافلة لتصبح تحالفاً وحلفاً مقتبساً من السيرة النبوية الشريفة، لقد عقدنا في واشنطن بداية هذا العام بالتزامن مع إفطار صلاة الشكر مؤتمراً أعلنا فيه عن حلف الفضول أو حلف القيم المشتركة كما يمكن ترجمته، ولقد شرفتمونا بحضوركم وإسهامكم الفاعل.لقد استلهمنا الفكرة والاسم من ذلك الحلف الذي نشأ في مكة قبل البعثة و زكّاه الرسول صلى الله عليه وسلّم بقوله: {لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الإِسْلامِ لأَجَبْتُ}. ما هو هذا الحلف؟ إنه حلف مؤسس على القيم المشتركة من رد الظلم وإغاثة الملهوف والتعاون على الخير. إننا نرى أن هذا النوع من المبادرات قد يفتح باباً جديداً في العلاقات بين الأديان. إن حلف الفضول المعاصر الذي نقترحه يهدف إلى ثلاثة أهداف رئيسية:

أولاً: لتأكيد ما تم حتى الآن من أعمال تمثل إرادة التعايش السعيد وبناء جسور الصداقة والمحبة بين رجال العائلة الإبراهيمية ونسائها، الذين آمنوا بالقيم المشتركة وبأن إعلاء قيمة الإنسان أهم برهان على ما يتشاركون فيه من قيم الإيمان.

ثانياً: لإظهار الدين كقوة للسلام والمحبة وعامل جذب بين المختلفين وليس عامل حروب وإثبات أن ذلك ممكن فعلاً، فديناميكية المحبة تتغلب على الكراهية، المحبة والسلام والصداقة هي رسالتنا إلى البشرية وهي شعارنا.

ثالثاً: أن نوسع آفاق مبدأ التعارف والصداقة والتعايش السعيد لتتحول إلى عمل إنساني ميداني لمساعدة المرضى والمحتاجين باعتبار ذلك من صميم موروثنا الديني.

إننا نؤمن بأن ذلك ممكن حين لا نيأس من روح الله ولا من بعضنا البعض كما في وصية سيدنا يعقوب لأبنائه: {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.

إن الإسهام في تقريب وجهات النظر بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة الأمريكية لهو أمر مطلوب لخدمة الجانبين بل لخدمة العالم أجمع. إن هذا البلد الكبير يعتبر حديثاً بالقياس إلى شعوب وبلدان العالم الإسلامي التي تمتد رقعتها لتشمل أجزاء كبيرة من قارات العالم القديم وفي وسطها المملكة العربية السعودية مهبط الوحي ومهد الرسالة ومكان الكعبة المشرفة قبلة المسلمين وتراث سيدنا ابراهيم مما أعطى المملكة دوراً مميزاً في التاريخ الإسلامي والبشري وهي الآن تتحمله بجدارة وكفاءة بقيادتها الحكيمة للعالم الإسلامي على مختلف الصُّعد إنسانياً تساعد الدول الفقيرة في الأزمات والكوارث وتقود جهود السلام وتكافح الإرهاب والتطرف أمنيّاً وثقافيّاً، و إن الولايات المتحدة منذ نشأتها تحمل الكثير من الشعارات التي لا تتناقض بل تتوافق مع ما يدعو إليه الإسلام، مثل مباديء الإيمان بالله والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. هذه المباديء وإن اختلف تفسيرها وتطبيقها من سياق لآخر إلا أنها تبقى قيماً حاكمة ومرجعية أخلاقية يمكن للجميع الرجوع إليها والاقتباس منها مع احترام كل طرف لتفسيرات وتطبيقات الطرف الآخر. إن مفهوماً كالحرية مثلاً يتسبب في كثير من سوء الفهم والنزاعات في العالم، وإن السبيل الوحيد لحل هذا الإشكال هو الحوار والتعارف. نحن المسلمون نؤمن بالحرية أيضاً ونُثمنها، لكن دون أن تكون وسيلة للتعدي على المقدسات ولا ذريعة لنشر الفوضى في المجتمعات.

إن العلاقات الإسلامية الأمريكية علاقات قديمة بقدم هذا البلد فمن المثبت تاريخياً امتلاك الرئيس جفرسون أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة لنسخة من المصحف الكريم وهو المعروف بمشاعره الإيجابية وترحيبه بكل الأديان بما فيها الدين الإسلامي الحنيف. وبمناسبة يوم كولمبوس الذي يحل بداية الأسبوع القادم فإن من المناسب أن تختم بقصة تظهر أصالة العلاقات الإسلامية الأمريكية، هذه القصة التي وردت في كتاب” تاريخ غزو المكسيك “ الصادر سنة ١٥٢١م وفي عدة مصادر أخرى، تروي أن البحار الإسباني رودريغو دي تريانا، أول من رأى أمريكا وهتف ليوقظ قبطانه كولمبوس وبقية البحارة: تييرا tierra، توفي بعد عودته مسلماً في المغرب، إنه لأمر في غاية الرمزية أن ينتمي أول من رأى هذه الأرض التي نحن فيها اليوم إلى الدين الإسلامي.

وختاماً أشكركم جميعاً وأتمنى لأعمال مؤتمرنا هذا التوفيق والنجاح.

…..

مؤتمر أمريكا والعالم الإسلامي، نيويورك 4 أكتوبر

العلامة ابن بيه : إن الشريعة الإسلامية وكل الأديان في جوهرها لا تدعو إلى الفوضى ولا إلى العبث

 

قال الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، إن الشريعة الإسلامية وكل الأديان في جوهرها لا تدعو إلى الفوضى.

وأضاف الشيخ عبدالله بن بيه، خلال كلمته في مؤتمر التواصل الحضاري بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، أن “الدعوة للبحث عن المشترك ليست دعوة مثالية حالمة ولا ضبابية واهمة، كلا.. بل هي دعوة يسندها الشرع والعقل”.

وأكد الشيخ عبدالله بن بيه أن القرآن الكريم دعا المختلفين إلى البحث عن نقطة بداية للحوار والبحث عن قاعدة للتفاهم.

وتابع الشيخ عبدالله بن بيه أن التحدي الذي يواجه الأفكار النبيلة يتمثل دائما في تحويلها إلى مشاريع وأعمال على أرض الواقع.

وأشار الشيخ عبدالله بن بيه إلى أن الإسهام في تقريب وجهات النظر بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة الأمريكية لهو أمر مطلوب لخدمة الجانبين بل لخدمة العالم أجمع.

وأوضح الشيخ عبدالله بن بيه أن رابطة العالم الإسلامي بتبنيها هذه المبادرات النوعية، في إشاره منه إلى مؤتمر التواصل الحضاري بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، تؤكد دورها الريادي في مد الجسور بين الشعوب

نص  خطاب العلامة عبدالله بن بيه في افتتاح مؤتمر التواصل الحضاري 2 في نيويورك

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين  والصلاة و السلام على سيدنا محمد النبي الخاتم وعلى إخوانه من النبيين.

أيها السادة و السيدات،

إنّه لمن دواعي سروري المشاركة في النسخة الثانية من مؤتمر العلاقات الأمريكية-الإسلامية في نيويورك، إن تجدد انعقاد هذا المؤتمر دليل على أهمية موضوعه الذي يستحق المزيد من العناية والبحث المعمق.

إنّ رابطة العالم الإسلامي بقيادة معالي الأمين العام الدكتور محمد عبدالكريم العيسى بتبنيها لهذه المبادرات النوعية عالية المستوى لتؤكد على دورها الريادي في مد الجسور بين الشعوب في الوقت الذي يعمل الكثيرون على تهديمها، وتقوم بنشر السلام في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات الخصام، ولا أدل على ذلك من حصول معالي الأمين مؤخراً على جائزة رائد عصرِ النهضة الأوروبية (جاليليو) بمدينة فلورنسا بإيطاليا، إن هذا الدور الريادي ليعبر أصدق تعبير عن المهمة الملقاة على عاتق أهل الأديان: ألا وهي إفشاء السلام بين الناس.

إنّ الدعوة للبحث عن المشترك ليست دعوة مثالية حالمة، ولا ضبابية واهمة، كلا، بل هي دعوة يسندها الشرع والعقل. لقد دعا القرآن الكريم المختلفين إلى البحث عن نقطة بداية للحوار، عن قاعدة للتفاهم، ”عن كلمة سواء“، قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}. ولقد حدد القران الوسيلة المناسبة للتوصل إلى هذه الكلمة السواء، إنه الحوار والمجادلة بالحسنى: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. إن الشريعة الإسلامية وكل الأديان في جوهرها لا تدعو إلى الفوضى ولا إلى العبث، إنها مشروع تعمير وليست مشروع تدمير، إنها طاقة للحياة والخير وليست للشر والدمار. إن  ميزان الشرع هو ميزان المصالح والمفاسد، يضعها في كفتيه، فيرجح الأصلح، ويدرأ المفسدة، فكما يقول ابن القيم: ”الشريعة مصلحة كلها، وعدل كلها، ورحمة كلها، وحكمة كلها، فما خرج عن المصلحة إلى المفسدة، وعن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، ومن الحكمة إلى العبث فليس من الشريعة في شيء“.

التحدي الذي يواجه الأفكار النبيلة يتمثل دائماً في تحويلها إلى مشاريع وأعمال على أرض الواقع، وإني لأحسب هذا المؤتمر وأعمال رابطة العالم الإسلامي بقيادة أمينها نماذجا تحتذى من العمل الجاد والسعي الدؤوب. ولقد قمنا في منتدى تعزيز السلم بعدة مبادرات في هذا الإطار سعينا من خلالها إلى تفعيل جوهر الأديان وإبراز دورها الإيجابي في خدمة البشرية. إننا نريد من الأديان وأهلها أن ينتقلوا من مبدأ الاعتراف إلى منهج التعارف القرآني: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. ولقد تحدثت إليكم من هذا المنبر عن بعض المناشط التي قمنا بها منتدى تعزيز السلم في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث الفضاء الرحب للتسامح والتواصل ، إحدى هذه المبادرات التي تنسجم مع سياق مؤتمرنا هي قافلة السلام الأمريكية التي استضفناها في أبوظبي وفي عاصمة المملكة المغربية الرباط في سنة ٢٠١٧، تتلخص فكرة القافلة في استضافة مجموعات من القيادات الدينية تمثل العائلة الإبراهيمية وإتاحة المجال لهم في التعارف فيما بينهم والتحاور في جو من المحبة والصراحة. الهدف أن ترجع القيادات الدينية إلى مجتمعاتها المحلية في الولايات الأمريكية لينقلوا الفكرة الصحيحة التي رأوها عن الأديان الأخرى. في هذا العام بحمدالله تطورت فكرة هذه القافلة لتصبح تحالفاً وحلفاً مقتبساً من السيرة النبوية الشريفة، لقد عقدنا في واشنطن بداية هذا العام بالتزامن مع إفطار صلاة الشكر مؤتمراً أعلنا فيه عن حلف الفضول أو حلف القيم المشتركة كما يمكن ترجمته، ولقد شرفتمونا بحضوركم وإسهامكم الفاعل.لقد استلهمنا الفكرة والاسم من ذلك الحلف الذي نشأ في مكة قبل البعثة و زكّاه الرسول صلى الله عليه وسلّم بقوله: {لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الإِسْلامِ لأَجَبْتُ}. ما هو هذا الحلف؟ إنه حلف مؤسس على القيم المشتركة من رد الظلم وإغاثة الملهوف والتعاون على الخير. إننا نرى أن هذا النوع من المبادرات قد يفتح باباً جديداً في العلاقات بين الأديان. إن حلف الفضول المعاصر الذي نقترحه يهدف إلى ثلاثة أهداف رئيسية:

أولاً: لتأكيد ما تم حتى الآن من أعمال تمثل إرادة التعايش السعيد وبناء جسور الصداقة والمحبة بين رجال العائلة الإبراهيمية ونسائها، الذين آمنوا بالقيم المشتركة وبأن إعلاء قيمة الإنسان أهم برهان على ما يتشاركون فيه من قيم الإيمان.

ثانياً: لإظهار الدين كقوة للسلام والمحبة وعامل جذب بين المختلفين وليس عامل حروب وإثبات أن ذلك ممكن فعلاً، فديناميكية المحبة تتغلب على الكراهية، المحبة والسلام والصداقة هي رسالتنا إلى البشرية وهي شعارنا.

ثالثاً: أن نوسع آفاق مبدأ التعارف والصداقة والتعايش السعيد لتتحول إلى عمل إنساني ميداني لمساعدة المرضى والمحتاجين باعتبار ذلك من صميم موروثنا الديني.

إننا نؤمن بأن ذلك ممكن حين لا نيأس من روح الله ولا من بعضنا البعض كما في وصية سيدنا يعقوب لأبنائه: {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.

إن الإسهام في تقريب وجهات النظر بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة الأمريكية لهو أمر مطلوب لخدمة الجانبين بل لخدمة العالم أجمع. إن هذا البلد الكبير يعتبر حديثاً بالقياس إلى شعوب وبلدان العالم الإسلامي التي تمتد رقعتها لتشمل أجزاء كبيرة من قارات العالم القديم وفي وسطها المملكة العربية السعودية مهبط الوحي ومهد الرسالة ومكان الكعبة المشرفة قبلة المسلمين وتراث سيدنا ابراهيم مما أعطى المملكة دوراً مميزاً في التاريخ الإسلامي والبشري وهي الآن تتحمله بجدارة وكفاءة بقيادتها الحكيمة للعالم الإسلامي على مختلف الصُّعد إنسانياً تساعد الدول الفقيرة في الأزمات والكوارث وتقود جهود السلام وتكافح الإرهاب والتطرف أمنيّاً وثقافيّاً، و إن الولايات المتحدة منذ نشأتها تحمل الكثير من الشعارات التي لا تتناقض بل تتوافق مع ما يدعو إليه الإسلام، مثل مباديء الإيمان بالله والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. هذه المباديء وإن اختلف تفسيرها وتطبيقها من سياق لآخر إلا أنها تبقى قيماً حاكمة ومرجعية أخلاقية يمكن للجميع الرجوع إليها والاقتباس منها مع احترام كل طرف لتفسيرات وتطبيقات الطرف الآخر. إن مفهوماً كالحرية مثلاً يتسبب في كثير من سوء الفهم والنزاعات في العالم، وإن السبيل الوحيد لحل هذا الإشكال هو الحوار والتعارف. نحن المسلمون نؤمن بالحرية أيضاً ونُثمنها، لكن دون أن تكون وسيلة للتعدي على المقدسات ولا ذريعة لنشر الفوضى في المجتمعات.

إن العلاقات الإسلامية الأمريكية علاقات قديمة بقدم هذا البلد فمن المثبت تاريخياً امتلاك الرئيس جفرسون أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة لنسخة من المصحف الكريم وهو المعروف بمشاعره الإيجابية وترحيبه بكل الأديان بما فيها الدين الإسلامي الحنيف. وبمناسبة يوم كولمبوس الذي يحل بداية الأسبوع القادم فإن من المناسب أن تختم بقصة تظهر أصالة العلاقات الإسلامية الأمريكية، هذه القصة التي وردت في كتاب” تاريخ غزو المكسيك “ الصادر سنة ١٥٢١م وفي عدة مصادر أخرى، تروي أن البحار الإسباني رودريغو دي تريانا، أول من رأى أمريكا وهتف ليوقظ قبطانه كولمبوس وبقية البحارة: تييرا tierra، توفي بعد عودته مسلماً في المغرب، إنه لأمر في غاية الرمزية أن ينتمي أول من رأى هذه الأرض التي نحن فيها اليوم إلى الدين الإسلامي.

وختاماً أشكركم جميعاً وأتمنى لأعمال مؤتمرنا هذا التوفيق والنجاح.

هل تجوز عيادة غير المسلم والدعاء له ؟

السؤال : أنا مسلم من دولة غير إسلامية، هل يجوز لي أن أدعو الله لملك هذه الدولة أن يعافيه من المرض الذي أصابه الآن، وأن أزوره في المستشفى، وأوقع في سجل الزيارة، وأكتب في السجل: اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت؟ وجزاكم الله خيراً.

 

جواب العلامة عبدالله بن بيه :

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

بالنسبة لزيارة الملك غير المسلم في المستشفى فهذه الزيارة تسمى بعيادة المريض فإنها جائزة إن شاء الله؛ فقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم غلاماً يهودياً.

وفصَّل العلماء في وصف تلك العيادة هل هي للدعوة أو نحوها، فأجازها بعضهم إذا كانت للدعوة فقط.

والذي نختاره هو جواز عيادتهم للمصلحة، فهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وقد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية للمصلحة، ولا سيما إذا كان في هذه الزيارة مصلحة لكأيها السائل وللمسلمين.

وأن تدعو له بالشفاء لاستدامة المصالح ودرء المفاسد، بمعنى أن تدعو له ناوياً بشفائه أن تدوم مصالح المسلمين وتدرأ عنهم المفاسد إلى غير ذلك من الأغراض الصحيحة.

ويجوز أن تقول لغير المسلم: أهلاً وسهلاً كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية.. ذكر ذلك كله المرداوي في كتابه (الإنصاف)

فلا حرج عليك إن شاء الله بعيادة ملك بلادك غير المسلم لما في ذلك من تأليف القلوب ومن المصالح المترتبة على ذلك .

والله أعلم.

ماحكم صوم يوم عاشوراء؟

السؤال :

شيخنا الفاضل ماحكم صوم يوم عاشوراء ؟

الجواب :

ذكر ابن عبدالبر الإجماع على استحباب صوم ، و ذكر النووي الإتفاق عليه، و يستند ذلك لأحاديث الصحيحين عن ابن عباس و عائشة و أبي قتادة.

وإنتفاء (الفرض) لا يستلزم انتفاء (الفضل).

#وصايا العلامة عبدالله بن بيه  للحجاج #بعد_الحج 

#وصايا العلامة عبدالله بن بيه  للمسلمين الحججاج #بعد_الحج :

‏أوصيكم بالزاد الذي ترجعون به ، وبالعهد الذي ستُعاهدون به ربَّكم ، هو “عهد التوبة”.

‏⁧‫#عهد_التوبة‬⁩ : أن ينوي الإنسان أن يترك كل عمل سيء ، وهذا معنى: (وأتبِع السيئةَ الحسنة تمْحُها).

‏من الأعمال ⁧‫#بعد_الحج‬⁩ (علاقتنا بأنفسنا وربنا):

‏أذكار، زيادة العمل، تلاوة القرآن، وأن يتخذ لنفسه أورادًا، ولا يعجز

من الأعمال ⁧‫#بعد_الحج‬⁩ (علاقتنا بالناس): تخليص المال من الربا، وردّ أموال الناس، وردّ المظالم بينه وبين الناس

‏أن يبني ⁧‫#المسلم‬⁩ علاقته مع الناس على ⁧‫#الخُلق‬⁩ الحسن، “الكلمة الحسنة، والعمل الحسن” مع المسلم وغيره.

‬⁩

‏⁧‫#بعد_الحج‬⁩

العلامة عبدالله بن بيه : لا بد من ربط الحريات الدينية بالسلم الاجتماعي

قال الشيخ عبدالله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بدولة الإمارات، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، إنه لا بد من ربط عنوان الحريات الدينية بالسلم الاجتماعي، مشيراً إلى أنه من دون ضمان السلم لا حقوق ولا حريات مضمونة لأحد.

  جاء ذلك خلال مشاركة الشيخ ابن بيه على رأس وفد إماراتي رسمي في مؤتمر الحريات الدينية، الذي نظمته وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن يومي الأربعاء والخميس الـ25 والـ26 من يوليو الجاري بحضور وزراء على مستوى الخارجية والشؤون الدينية من بلدان عديدة، لديها عين المقاربات بشأن الحريات الدينية، بالإضافة إلى ممثلي المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية التي تهتم بالشأن الحقوقي والإنساني، وممثلين عن الناجين من الاضطهاد الديني في غير منطقة من العالم.

ويضم الوفد إلى جانب الشيخ ابن بيه، الشيخ حمزة يوسف نائب رئيس منتدى تعزيز السلم، عضو مجلس الإمارات للإفتاء، والدكتور محمد مطر الكعبي أمين عام منتدى تعزيز السلم، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في دولة الإمارات، والأستاذ خليفة مبارك الظاهري المدير التنفيذي لمركز “الموطأ” للدراسات والتعليم.

وتأتي مشاركة وفد الدولة برئاسة الشيخ عبدالله بن بيه في مؤتمر الحريات الدينية بواشنطن، تلبية لدعوة رسمية، تلقاها منتدى تعزيز السلم من وزارة الخارجية الأميركية.

 

واستقبل السفير المتجول للولايات المتحدة من أجل الحرية الدينية الدولية، سام براونباك، الشيخ ابن بيه والوفد المرافق على هامش المؤتمر. وبحث الجانبان سبل تعزيز التعاون المشترك والمبادرات المستقبلية، فيما يتعلق بدعم مشروع “منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة”، الذي يعمل منذ نحو 5 أعوام، انطلاقاً من أبوظبي على ترسيخ ثقافة التسامح وتعزيز قيم السلم والوئام في العالم.

وأعرب راونباك عن امتنانه وعظيم استحسانه لأنشطة “منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة” برئاسة الشيخ عبدالله بن بيه، وبخاصة عقب مشاركته في “مؤتمر واشنطن” الذي نظمه المنتدى في فبراير الماضي، حيث أطلق “حلف الفضول العالمي للتحالف بين الأديان”.

وأبدى استعداده لتقديم كل أشكال الدعم الممكن، مبديا حرصه الشديد على التعاون المفتوح مع المنتدى في كل ما يقوم به من مبادرات إنسانية تعمل على ترسيخ ثقافة التسامح وتعزيز السلم العالمي.

وتنظم وزارة الخارجية الأمريكية مؤتمر الحريات الدينية، بغرض تمكين المجتمع المدني، وبخاصة المنظمات العاملة في مجال الحرية الدينية من الدعم المالي المناسب. وهو أمر حيوي لتعزيز الحريات الدينية في العالم، حسب تعبير وزير الخارجية الأمريكي مارك بومبيو.

وتُعد حرية الدين أو المعتقد حق إنساني عالمي، تعترف به الحكومات وكافة المجتمعات حول العالم، كما تُعد الحرية الدينية ميزة اجتماعية، حيث أظهرت الأبحاث والدراسات أن الدول التي تحترم حرية الدين أو المعتقد هي أكثر من غيرها استقراراً وازدهاراً.

تعزية : في وداع شيخنا وبركتنا وقدوتنا – بقلم العلامة عبدالله بن بيه

عزاء في الفقيد الكبير العلامة  الحاج بن السالك ولد فحف

                                          بسم الله الرحمن الرحيم

بعد عمر معمور بالذكر والتذكير والقراءة والإقراء، مقيماً على المحجة البيضاء، يمضي شيخنا وبركتنا وقدوتنا اليوم على الطريق الميتاء، مودعاً بالدعاء والثناء، إنه العلامة الزاهد العابد البركة الشيخ الحاج بن السالك ولد فحف، من عمت بركته الأرجاء وانتفع بعلمه القرباء والغرباء، فنسأله سبحانه أن يسكنه فسيح جناته وينزله منازل الأولياء، وأن يديم نعمته بالعلم والبركة في الأبناء.

وهذه أبيات تعزية من محبه والمعتز بقربه:

إلى رحمة الرَّحمن ذي الرَّحَماتِ

مضى شيخُنا الميمونُ ذو البَركاتِ

مضى غيرَ مَقْلِيِّ المُقام مُودَّعاً

بحُسن ثناءِ النّاس والدَّعواتِ

لقد كان نبراساً جَلا كلَّ ظُلمةٍ

عن افئدةٍ غُلفٍ من الظُّلُماتِ

فأحيا مَواتاً من قُلوبٍ مريضةٍ

وأحيا من الأحكامِ كلَّ مُمَاتِ

لدى الحاج تُقْضى كلُّ حاجٍ لطالبٍ

لِعِلْمٍ ومن يسعى لدَفْعِ شَكاةِ

فقد كان فينا سالكاً وابنَ سالكٍ

طريقةَ أسلافٍ نَمَوْهُ هُداةِ

سَيَذْكُرهُ صَوْمُ الصَّياهِد قائظا

ويَذْكُرُه القرآنُ في السَّبَراتِ

فَصَبْرا مُريديهِ فأبناءُ شَيْخِنا

وكلُّ قَبيلِ الشَّيْخِ في النَّفَحاتِ

لَهُمْ بَرَكاتٌ قد توارثَ سِرَّها

  أكارِمُ من مَسُّومةَ السَّرَواتِ

صلاةٌ على المختارِ مَن في وَفاتِه

عَزاءٌ لكلّ الخَلْقِ في الوَفَيَاتِ

 

عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه

العلامة ابن بيه يدعو إلى «مأسسة» منظومات الإفتاء في الدول الإسلامية

كلمة معالي العلامة عبد الله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي     مقدمة عن الفتوى وأهميتها - كلمة عن الواقع والوعي به       - والوسطية وروحها  مهمة المجلس - تصنيف القضايا    - مراحل معالجة القضايا  - نبذة عن مؤهلات المفتي الذي نحتاجه        - ميزان الفتوى          - منهجية للتعامل

  • أبوظبي – وام

أكد العلامة عبدالله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء أن فوضى الفتاوى بوابة الإرهاب الأولى، داعياً إلى مأسسة منظومة الإفتاء على مستوى الدول الإسلامية لمكافحة أي فتاوى بتشريع القتل أو استباحة الدماء.

وقال: إن إنشاء «مجلس الإمارات للإفتاء» يعزز تجربة الدولة في التسامح ومكافحة فكر التطرف والإرهاب وقطع الطريق أمام الفتاوى الشاذة أو المنحرفة داعياً العالم الإسلامي إلى الإجماع على أدوات وممارسات من شأنها تعطيل وتحييد فتاوى الإرهاب.

وأكد أهمية تحويل الاجتهادات إلى عمل مؤسسي في مختلف الدول الإسلامية لقطع الطريق أمام المتطرفين وحملة الفكر المأزوم بكل أطيافه، مضيفاً «علينا كمجتمعات مسلمة تعزيز أدواتنا في مواجهة فتاوى الإرهاب وتصويب انحراف مسار الفتوى الذي صار السلاح الأكثر تأثيراً في يد مشرعي الإرهاب والجماعات الباطنية».

إجماع

وأوضح أن ذلك التفعيل يتطلب إجماعاً مذهبياً تتفق فيه المرجعيات الدينية على وضع تصور واضح وثابت حيال تلك الشبهات تتوحد عبره فتاوى تجريم وتحريم الإرهاب وقتل الأنفس على مستوى الدول الإسلامية.

وأشار إلى أن الجماعات الداعمة للإرهاب استقطبت العديد من المغرر بهم بالاعتماد على شبهات متعلقة بالتفسير المشوه لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فيما تعمدوا اجتزاء نصوص الآيات والأحاديث وإنزالها في غير منازلها لخدمة مآربهم الفاسدة.

ووصف بن بيه جهود تصويب مسار الإفتاء في العالم العربي بـ «العلاج المثالي» للتعامل مع التطرف كتدخل علاجي ووقائي استباقي.. مشيراً إلى أن إعلاء قيمة الإفتاء وإنهاء تطفل المأزومين والمتشددين عليه عبر المنابر المختلفة سيكون بداية لنهاية ثقافة تبرير العنف والكراهية والإرهاب.

وأضاف «بذلك نكون قد عالجنا أصل المشكلة المتمثل في التحريف المتعمد والاجتزاء المقصود»، لافتاً إلى أهمية إعلاء قيمة الإفتاء وتصويب مساراته وتنقيته من شوائب الضلال وإغواء المغالين.

فتاوى

وفيما يختص بأدوار مجلس الإمارات للإفتاء أوضح أن المجلس سيتولى إصدار الفتاوى الشرعية في الدولة وفق المسائل والموضوعات المختلفة أو بناءً على طلب من الجهات الحكومية والمؤسسات والأفراد، وسيتولى الترخيص بممارسة الإفتاء الشرعي في الدولة، وتأهيل المفتيين وتدريبهم وتنمية مهاراتهم، إضافة إلى إصدار الدراسات والأبحاث الشرعية ذات الصلة، والإشراف على مراكز الفتوى في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.

العلامة عبدالله بن بيه: الأمة الإسلامية تحتاج لتأسيس فقه السلم

أكد الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، أن الأمة الإسلامية في حاجة ماسة إلى تأسيس “فقه السلم”، لأن فقدان السلم هو فقدان لكل الحقوق، بما فيها الحق في الوجود.

وأضاف بن بيه، في كلمته الافتتاحية، اليوم الخميس، في ندوة دولية بعنوان “في السلم وفي الحاجة إليه”، بتنظيم من منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، بالعاصمة المغربية الرباط، أن “السلام هو الحق الأول والمقصد الأعلى الذي يحكم على كل جزئيات الحقوق، وأن الاستقراء هو أوثق طريق لتأكيد المقصدية، ويمكننا أن نؤكد اليوم أنه لا مقصد يعلو مقصد السلم”.

وأوضح رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة أن “توصيات المنتدى دعت المثقفين إلى الانخراط في دعم رسالة هذا المنتدى، ودور الإسلام في تعزيز ثقافة السلم والتعايش في المجتمعات المسلمة والاستفادة من الحصيلة العلمية للبحث الأكاديمي الشرعي فيما يتعلق بفقه السلم والوئام والمصالحة”.

وأكد الشيخ عبدالله بن بيه، أن “ما تعيشه الأمة الإسلامية من احتراب، يوضح الحاجة الماسة إلى تأسيس فقه السلم، لذلك فإننا نراهن في هذه الندوة على أن تتحصل لدينا إسهامات علمية تؤصل لهذا الفقه، وتبين مغزاه، وتجلي أبعاده، وذلك ببيان شروط إمكانه كفقة قائم الذات، واستجلاء مكانته ضمن مقاصد الشريعة، وتأكيد قواعده المنظمة لجزئياته والمراعية لشروط تنزيله، كما نراهن على انخراط العلماء في التنظير لهذا الفقه وتأصيله”.

وأشار رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، إلى أن الانخراط العلمي الواعي يحتاج إلى أمرين أساسيين، وهما “تأصيل مفهوم السلم من النصوص والكليات الشرعية، لأن رسالتنا في هذا المشروع رسالة تأصيل بعلم وتنزيل بحلم واستشراف المستقبل بتبصر وحكمة، وكل دعوة لقيمة السلم أصيله في ثقافتنا، راسخة في ديننا، بل السلم هو الأصل والتدافع خادم له”.

وأكد أن “الأمر الثاني هو تنزيل السلم على محاله الشرعية المنضبطة إذ إن الكلام ليس كالكلام في التنزيل، وقديماً قال الفقهاء (الكلام قبل النازلة ليس كالكلام بعدها)”.

وتسلط هذه الندوة الضوء على مفهوم السلم وتأصيله الشرعي وتنزيله الفقهي، ودور الأديان في تعزيز السلم، والسلم في القانون الدولي، وفكرة السلم في التنظير الفكري الإنساني والفلسفي، إضافة إلى السلم في المقاربات النفسية والاجتماعية.

يذكر أن منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة منتدى عالمي أسسه الشيخ عبدالله بن بيه، وتحتضنه دولة الإمارت العربية المتحدة برعاية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان – وزير الخارجية والتعاون الدولي.

ويسعى المنتدى إلى تأكيد أوَّلِية السلم؛ باعتباره الضامن الحقيقي لسائر الحقوق، ويُسهم في إيجاد فضاء رحب للحوار والتسامح؛ كما يُعزِّز دوْر العلماء في نشر الفهم الصحيح، والمنهجية السليمة للتدين، ويُحيي قيَم الرحمة والحكمة والمصلحة والعدل.

ويشارك في الندوة مجموعة كبيرة من العلماء بينهم الدكتور محمد مطر الكعبي، الأمين العام لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة