ارشيف ل February, 2009

سماحة العلامةابن بيه: أسمعت الرئيس ما أرى انه قد يكون نافعا في هذه المرحلة

استقبل الرئيس الموريتاني سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله ، صباح اليوم الاثنين سماحة العلامة عبد الله بن بيه نائب رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، رئيس المركز العالمى للتجديد والترشيد.

وأكد العلامة عبد الله بن بيه فى تصريح صحفي بعد المقابلة ان هذا اللقاء، قبل ان يكون رسميا، “أخوي وودي مع صديق حميم ورئيس فاضل صالح”.

وقال “استمعت من الرئيس الى نصائح وآراء وتساؤلات وأسمعته ما أرى أنه قد يكون نافعا في هذه المرحلة”.

وأضاف: “العلاقة متميزة بيني وسيادة الرئيس، وتعود الى ازيد من أربعين سنة، حيث كنا دائما نلتقي كلما سمحت الفرصة بذلك”.

واكد انه تم التطرق الى عدد من المواضيع العالمية والفكرية والثقافية التي قال انه يتحرك من خلالها اسلاميا وعربيا وفي العالم بشكل عام.

بيان معالي العلامة عبدالله بن بيه حول الاعمال الإجرامية الأخيرة في موريتانيا

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه

لقد كان للحادث الذي وقع في 24 دجنبر الجاري شرق مدينة الآق والذي ذهب ضحيته أربعة فرنسيين أبرياء دخلوا بلادنا بشكل نظامي وقانوني حباً لأهلها ولأرضها وقع مؤلم ومؤسف لكثير من الموريتانيين في داخل موريتانيا وخارجها ولقد كان حادثاً مفاجئاً ليس للموريتانيين فقط ولكن لكل من عرف موريتانيا.

ولقد كان الموريتانيون بعيدين عن العنف وعن استعمال السلاح لسببين:

أولهما: فقه الموريتانيين في دين الإسلام دين السماحة والتسامح دين المسالمة والسلام.

ثانيهما: تلك البيئة الموريتانية المفتوحة والمتواصلة التي تجعل الفرد يخجل وتخجل أسرته وقبيلته من أن توصم بأن أحد أفرادها يرتكب جريمة -هذا من الناحية السيسولوجية-. إن ارتكاب هذا العمل أولاً مخالف لتعاليم دين الإسلام السمحة التي تحرم قتل النفس البشرية و لأن إزهاق الأنفس البرية جاء في شهر ذي الحجة الحرام والمسلمون يصدرون عن الحج.

وإعلان الحرب على الناس بدعوى الجهاد الزائف أمر لا يقره دين ولا عقل وهو تشويه للإسلام الحنيف وصد عن سبيله. وتشويه لمفهوم الجهاد الشريف وتحويله إلى مفهوم عصابات الجريمة المنظمة والاغتيالات والإفساد في الأرض.

ثانياً: أنه منابذ لمصالح البلاد والعباد ففي الوقت الذي تحاول موريتانيا حكومة وأحزاباً وشعباً أن توفر العيش الكريم لمواطنيها وفي الوقت الذي يتضامن العالم فيه بشكل رائع مع شعبنا ليقدم له المساعدة والعون لينهض من وهدة التخلف كما شهد له اجتماع نادي باريس.

وفي الوقت الذي ينعم فيه البلد بحرية غير مسبوقة لتقديم الأفكار والتعبير عن الرأي وممارسة الدعوة. تقوم عصابة جهلت أمر دينها وخرجت على قيم شعبها وتجافت عن مصالح بلدها ولم تكترث للعواقب الوخيمة لعملها والمئالات السيئة لتصرفاتها وهي مئالات ليس أقلها زرع الخوف في النفوس وإتاحة الفرصة للتدخل الأجنبي وتشويه سمعة البلد وهروب الاستثمارات التي من شروطها الأمن والسلم المدني بارتكاب هذه الجريمة النكراء.

إن على الجميع في هذا البلد قيادة وأحزاباً وشعباً أن يعبئوا أنفسهم لمحاربة هذا الخلل الفكري. وعلى العلماء والفقهاء بالخصوص أن يظهروا عوار هذا الفكر المنحرف الذي يحاول أن يزج بالبلاد في أقبية الفتنة المظلمة ويفرض على الأمة الخوف والقلق وعدم الاستقرار نسأله سبحانه وتعالى أن يكفينا ويكفي بلدنا وبلاد المسلمين والبشرية شر الفتن.

إن هذا التصرف بعيد عن الروح الموريتانية المتسامحة عبر التاريخ وبعيد عن فقه الموريتانيين في دينهم.

فعلى الموريتانيين جميعاً في الداخل والخارج أن ينددوا بهذه الجريمة قولاً وعملاً وأن يبصروا أبناءهم بخطورة هذه الأفكار الوافدة الدخيلة التي لا سند لها في ديننا ولا في قيمنا وضد مصلحة شعبنا وأمتنا.

 

عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيه

رئيس المركز العالمي للتجديد و الترشيد

العلامة بن بيه: نناشد القادة العرب أن يقوموا بواجبهم بإنقاذ هذه الأرواح البريئة والدماء التي تسفك بغير حق”. ونناشد الفلسطينيين ان يوحدوا صفوفهم

طالب الدكتور عبد الله بن بيه، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في تصريحات خاصة لـ”إسلام أون لاين.نت” بضرورة أن تتحقق مقدمات دعم غزة وأبرزها “الوحدة والتنسيق بين الحكام العرب”.

وأضاف بن بيه أن: “المطلوب من حكام الأمة هو أن ينقذوا إخوانهم عبر وسائل كثيرة، أبرزها المساعدات المالية أو العسكرية أو الدبلوماسية.. المهم هو ألا يتركوا هذه المجزرة والمذبحة تستمر في غزة”.

ولفت إلى أن العلماء لا يملكون سوى “أن يوجهوا نداء لحكامنا ليساعدوا غزة، خاصة أنه لا توجد حدود مفتوحة مع غزة لتقدم الشعوب من خلالها مساعدات.. نناشدهم أن يقوموا بواجبهم بإنقاذ هذه الأرواح البريئة والدماء التي تسفك بغير حق”.

وفي سياق متصل، وجه بن بيه رسالة للفلسطينيين قائلاً: “أدعو إخواننا الفلسطينيين أيضا لأن يتوحدوا لدمج كل حركات المقاومة في تنظيم واحد، فلا ينبغي أن يظلوا في حالة من التفرق”.

وأضاف: “عليهم أن يتوحدوا تحت راية واحدة وباسم واحد، وعلى العرب أن يعاونوهم أيضا باسم الشرع والعقل والمنطق، وباسم الأخوة العربية والإنسانية”.

العلامة ابن بيه: التنطع والغلوّ والتشدّد أول صفات المنحرفين

عبدالله الداني-جدة- عكاظ

اوضح الشيخ العلامة عبدالله بن بيه نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الصفات التي يعرف بها الارهابيون ولخصها في ثلاثة أمور حيث ذكر أنهم يتصفون بأخلاق يدينها الشرع وينكرها الشارع وهي : التنطع والغلو والتشدد.

وقال ابن بيه لقد نهى الإسلام عن التشدد في حديث أنس :” لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم”، ونهى الإسلام عن الغلو في الدين وهو المعبر عنه بالتطرف مستدلا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما عنه عليه الصلاة والسلام:” إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين”.

ونهى عن التنطع وهو كالغلو التجاوز للحدود في الأقوال والأفعال ففي حديث ابن مسعود:”هلك المتنطعون قالها ثلاثاً. هذه الألفاظ الثلاث تعني الابتعاد عن الاعتدال في الأفكار والأقوال وكل ذلك يخالف منهج الوسطية ويؤدي إلى التعصب والفتنة وهي مصطلحات يقابلها التطرف والأصولية .

جهات ثلاث وتطرق ابن بيه للجهات الثلاث التي عليها مسؤولية مباشرة في الوقاية والعلاج من هذا الفكر الضال فهي الأسرة والمؤسسات التعليمية والإعلام.

وقال : أما الأسرة التي هي المحضن الأول المؤثر في سلوك الناشئة فلها دورها البارز في التنشئة الصالحة التي تحمي أبناءها من الإنحراف الفكري والسلوكي إذ من المعروف أن التصورات الفكرية هي محرك الأرادة التي سرعان ما تتحول إلى سلوك عملي يتجاوز الفكرة إلى الأثر الفعلي.

وأضاف قائلا: إن الأسرة تتحمل مسؤولية عظيمة عن إصلاح الخلل وسد الثغرات الفكرية التي يعاني فيها الشباب في عصر العولمة وتدفق الأفكار المثيرة والمثورة التي ترهق الأنفس وتعرض الجرائم وتمجد القتل والقتال.

وشدد ابن بيه على جانب الأسرة وقال إنه يتوجب على كل أسرة أن تعلم أولادها كيف يميزون بين الحق والباطل وبين الظلام والضياء .

فالأسرة لها دور كبير في الوقاية وفي العلاج عندما تستشعر من ابنها نفوراً عن المجتمع وبعدا عن الجماعة فعليها أن تسلكه في طريق الصواب وتستعين بالجهات المختصة لمعالجة وضعه قبل أن يفوت الأوان ويتيه في سراديب الظلام الحالكة.

واستعرض ابن بيه دورالمؤسسات التعليمية فقال: إن لها دورها الفاعل في بلورة التصورات التي تمثل مقدمة لنشوء الإرادة للافراد والجماعات فبقدر ما تكون هذه المؤسسات إيجابية وفعالة ورائدة بقدر ما تخرج جيلا من الرواد ومن الأفراد الإيجابين والعقلانيين ويكتسب طلابها المناعة الفكرية والنفسية،وبقدر فشل العملية التربوية ووجود خلل في إيصال الفكرة السليمة والمعلومة الصحيحة يكون الضياع والفشل حليف خريجيها مما يجعلهم أكثر عرضة لتقبل الأفكار المنحرفة والانخراط في سلك المغامرات الإجرامية والممارسات العبثية.

وقال إن على المنظومة التعليمية من الإبتدائي إلى الجامعي مروراً بالمعاهد الفنية مسؤلية ومهمة يمكن اختصارها في أنها مهمة التواصل مع عالم الطالب النفسي والوجداني. وتحدث ابن بيه عن الجهة الثالثة وقال إنها الصحافة الوطنية المكتوبة والمسموعة والمرئية إذ أن هذه الجهة معنية بالتعاطي اليومي مع الحدث تقديماً وتعليقاً وتوضيحاً وشرحاً وتوجيهاً.

ووصف دورها بالحاسم معللا ذلك بأن الخبر أصبح كالخبز اليومي للأفراد وقال: إلا أن وضع الصحافة الوطنية في غاية الصعوبة بسبب سيل الإعلام الجارف الذي يبث الغث والسمين والخبيث والطيب والإفتراء والحقيقة ، ووصفها ايضا بأنها مزيج يجعل المتلقي يعيش في دوامة من الإحباط وفي بعض الأحيان من المغالطات إلا أن ذكاء الصحافي وإخلاصه لدينه ووطنه وقدراته ومواهبه وخبراته تسعفه في التعامل مع جمهوره وضمان الفوز في حلبة المنافسة الإعلامية التي لا ترحم و هذه الجهات الثلاث باختصار شديد بالإضافة إلى منابر المساجد ومنصات النوادي الثقافية الفكرية يمكن أن تشكل منظومة متناغمة متعددة الوسائل والآليات متحدة الأهداف والغايات لإيصال الرسالة الصحيحة والتصور السليم إلى أذهان الشباب حتى يستقيم سلوكهم ويعتدل ميلهم ويرشد زايغهم ويهتدي ضالهم ،وأن ذلك هو الرهان الذي يجب أن نربحه لتربح الأمة وينجح الشباب.

واختتم ابن بيه حديثه بقوله:هناك جهتا إسناد هي المجامع الفقهية ومؤسسات الإفتاء التي عليها أن تدحض بالحجة والبرهان الفكر المنحرف والسلوك المتطرف وترد على فتاوى الباطل وسفسطة المفتي الخفي ،وأما الجهة الثانية : فهي الجهات التي لا يختلف دورها في هذه القضية عن مهمتها في كل قضايا الإجرام فوظيفتها حماية المجتمع من الإجرام والمجرمين بالبحث عن المجرم وجمع أدلة الجريمة وجلب المجرمين أمام القضاء.

العلامة ابن بيه في تصريحات خاصة لـ«الوطن» : أي بابا للفاتيكان إذا لم يتحاور مع العالم الاسلامي فإن مهمته ستكون فاشلة

كتب أحمد زكريا- الوطن الكويتية

كشف نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عبدالله بن بيه النقاب عن جهود تقوم بها مؤسسة آل البيت الملكية في الأردن لعقد لقاء يضم عددا من علماء المسلمين مع بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس في يونيو المقبل.

واعتبر بن بيه في تصريحات خاصةلـ«الوطن» أن أي بابا للفاتيكان إذا لم يتحاور مع العالم الاسلامي فإن مهمته ستكون فاشلة مشددا على أنه لا يمكن ان نتصور ان يكون هناك سلام من دون ان يكون هناك سلام بين المسلمين والمسيحيين.

وأوضح ابن بيه أن «مؤسسة آل البيت الملكية أرسلت بعض المفاوضين إلى الفاتيكان لعمل الترتيبات اللازمة لهذا اللقاء» معتبراً أنه «لايمكن الجزم بأن الحوار سيكون مجدياً».

وذكر بن بيه أنه «إلى الآن لم تظهر بوادر كافية للتعرف إلى النوايا الحقيقية لبابا الفاتيكان فيما يتعلق بالعلاقة مع المسلمين» مستشهداً ببعض التقارير الإعلامية التي ذكرت أن موقف بابا الفاتيكان أكثر حميمية من الطوائف غير الإسلامية.

العلامة ابن بيه: مايحدث في لبنان صراع سياسي يستنجد بالمذهبي

وصف العلامة الدكتور عبد الله بن بيه -النائب الأول لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- الوضع في لبنان بأنه “سيئ جدا”، محذرا من أنه يعوق اللبنانيين عن مواجهة القضايا الأساسية، سواء مع العدو الصهيوني أو في داخل لبنان.

ورفض العلامة ابن بيه في تصريحات لـ”إسلام أون لاين.نت” اعتبار ما يحدث في لبنان صراعا مذهبيا بين السنة والشيعة، وتابع مضيفا: “إنه صراع يستنجد بالمذهبية، فالأسباب ليست مذهبية، لكن الصراع يستنجد بمذهبيته، مما يزيد الأمور تعقيدا”.

وربط ابن بيه تأييده لفكرة إرسال وفد من العلماء إلى لبنان للتوسط لحل الأزمة بوجود مؤشرات حول “نتائج منتظرة”،

وأضاف مستدركا: “المنطقة الآن مشتعلة ولا نشعر ببوادر نتائج لمثل هذا المسعى”.

دعا إلى حل مشكلة الفقر واحترام التنوع الحضاري والديني والثقافي

العلامة إبن بيه: محاربة «الإرهاب» تتطلب استراتيجية متكاملة ونشر ثقافة التسامح

 

طالب بن محفوظ ـ جدة

 

أكد نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور عبدالله بن بيه أن الحلول التي يمكن اقتراحها لمعالجة الإرهاب متعددة ويمكن أن تمثل إستراتيجية متعددة الأوجه ترتكز على إجراءات أمنية وثقافية ونفسية بالإضافة إلى الوسائل السياسية والاقتصادية حتى الإعلامية،

وقال: يمكن أن نحدد مجموعة من الضوابط للمشروع الإسلامي المقترح لمحاربة الإرهاب تتلخص في عدة نقاط أهمها: تحديد مفهوم الإرهاب والسلوك الإرهابي والتمييز بين الدفاع عن الأرض والعرض، وإبراز ثقافة التسامح الإسلامية وتصحيح المفاهيم المغلوطة في المنظومة المعرفية والتربوية، خاصة مفهوم الجهاد، حتى لا يختلط بمفهوم الإرهاب، والتأكيد على الشفافية في قضية الاتهام الموجه إلى الأفراد أو الدول واحترام حقوق الإنسان وسيادة الدول في هذا المجال لتكون الحرب على الإرهاب أكثر فاعلية، ومعالجة مشكلة الفقر واحترام حقوق الدول الفقيرة في النمو الذاتي، واحترام التنوع الحضاري والديني والثقافي للبشرية باعتباره عامل إثراء وانسجام وليس عامل تصادم وتباين، وتبرئة كل الديانات من وصمة الإرهاب وفي طليعتها الدين الإسلامي، والدعوة إلى حوار حضاري معمق، وضرورة معالجة الظلم في العالم، خاصة الظلم المسلط على الفلسطينيين، وتحديد الإصلاح المنشود دولياً ومحلياً و أن يكون إصلاحاً شاملاً، وإيجاد آليات تعاون أمني تنساب فيها المعلومات بشكل متبادل بين الدول.

وحدد بن بيه أسباب تفشي الإرهاب بقوله: الدلالة اللفظية لهذا المصطلح في الآيات القرآنية أن كلمة (رهب) وما اشتق منها من تعاريف وردت في القرآن في اثني عشر موضعاً كانت في معظمها تتعلق بالخوف والرهبة من الباري جلت قدرته، وإن كانت آية الأنفال المتعلقة بإعداد القوة لإرهاب العدو قد توحي بظلال قد يخالها بعضهم ذات صلة بالإرهاب المعاصر، إلا أن الأمر عند التأمل الواعي يدل على خلاف ذلك، لأن الإرهاب في سورة الأنفال هو من قبيل الردع أو ما يعرف في العصر الحديث بإستراتيجية التهيؤ بالقوة لحماية السلام، بالإضافة إلى أنه خطاب موجه إلى الدولة المسلمة وليس للأفراد أو الجماعات، أما مصطلح (الإرهاب) المتداول اليوم فينبغي البحث عن تعريفه انطلاقا من مصدره الأصلي الغربي على وجه الخصوص، وذلك أن مصطلح الإرهاب: terrorisme أول ما ظهر في ملحق الأكاديمية الفرنسية سنة 1798م لوصف حكومة الثورة الفرنسية التي كانت ترهب الشعب باسم الحرية والثورة، فكان الإرهاب وصفا لنظام حكم إلا أنه منذ نهاية القرن الثامن عشر أصبح المصطلح يتعلق بعنف صادر عن أفراد وجماعات خارجة على القانون، وقد عُرِّف دولياً للمرة الأولى في عصبة الأمم سنة 1934م بأنه عمل إجرامي يهدف إلى إثارة الرعب والخوف.

وماذا عن ميراث العنف لدى الآخرين؟

 

وما زالت الاتهامات الخاطئة توجه لصورة الاسلام الحضارية،ومن أبرز هذه الاتهامات أن الاسلام هو دين عنف في جوهره ، ودين قطيعة مع الآخر، اعتمادا على اقتطاعات غير موفقة من النصوص.

في السياق التالي نجلي الصورة، وأنه بالامكان قلب هذا المنهج ازاء الآخرين.

مع أن إسلامنا دين سلام وتسامح كما بينا جليا في المقال السابق.


ينبغي أن نقارن هذا بالنصوص التالية من العهد القديم لنرى كيف كان هذا الدين الحنيف رحمة للعالمين ففي التوراة مثلا تقسم الشعوب إلى قسمين: فبخصوص الفئة الأولى يطلب يهوه من شعبه أن يعرضوا عليهم شروطاً للسلام (سفر التثنية: إصحاح 10:20) فإذا قبلوا واستسلموا فعليهم أن يكونوا عبيداً لإسرائيل بالسخرة (التثنية: 20 ـ 11)


أما إذا لم يستسلموا لكم سلمياً وحاربوكم وبعد ذلك انتصرتم عليهم فاقلتوا كل رجالهم بحد السيف (التثنية:13 ـ 20)

أما «النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها» يأخذها المنتصر غنيمة (التثنية 20 ـ 14).


إلا أن هذا الاستعمال المصنّف والمدرّج لا ينطبق على الشعوب غير العبرانية المقيمة داخل أرض الميعاد.

فهؤلاء تحل عليهم اللعنة وهو مصطلح غالباً ما يترجم «بالحرمان» أو «الدمار المقدّس» أو «لعنة الدمار».


وفي سياق لاهوت سفر التثنية فإن إحلال اللعنة على جماعة إنما هو صنو للإبادة الكاملة لحياتهم الشخصية والاجتماعية والروحية. كما يقول الباحث الألماني توماس شفلن. قلت: ونحن نؤمن بالتوراة الأصلية كتاباً منزلا من عند الله تعالى فيه هدى ونور لكن ممارسات البشرية هي التي حرفت المضمون وأساءت التطبيق. لقد أقام الإسلام العلاقة مع المخالف في الدين، على المودة، والبر، ما لم يعتد علينا «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين» يقول ابن العربي المالكي: أي تعطوهم قسطاً من المال.


وأمر بالسلام: «وأَنْ تُقْرأَ السَّلامَ على مَنْ عَرَفْتَ ومَنْ لَمْ تَعْرِف». وهو جزء من حديث صحيح.


وهذه شهادات غربية منصفة عن ممارسة المسلمين:


يقول بحق توماس ارنولد: لو اختار الخلفاء المسلمون تنفيذ إحدى الخطتين ـ الإغراء أو الاستئصال ـ لاكتسحوا المسيحية بتلك السهولة التي أقصى بها فردندو وايزابلا دين الإسلام من الأندلس أو التي جعل بها الويس الرابع عشر المذهب البروتستانتي مذهباً يعاقب عليه متبعوه في فرنسا أو بتلك السهولة التي ظل بها اليهود مبعدين من إنجلترا طيلة ثلاثمائة وخمسين سنة».

ويكتب تاجر إنجليزي كان يعيش في تركيا القرن السادس عشر وتحديدا 1578 واسمه ريتشارد ستيير مقارنة بين معاملة الأتراك المسلمين للارثودكس وبين معاملة الإسبان الكاثوليك لهم قائلاً: وعلى الرغم من أن الأتراك بوجه عام شعب من أشرس الشعوب فقد سمحوا للمسيحيين جميعاً للإغريق منهم واللاتنيين أن يعيشوا محافظين على دينهم وأن يصرفوا ضمائرهم كيف شاءوا بأن منحوهم كنائسهم لأداء شعائرهم المقدسة في القسطنطينية وفى أماكن أخرى كثيرة جدا على حين أستطيع أن أكد بحق بدليل أثنتي عشرة سنة قضيتها في إسبانيا أننا لا نرغم على مشاهدة حفلاتهم البابوية فحسب بل إننا في خطر على حياتنا وممتلكاتنا».


ويقول الباحث الألماني توماس شفلين وهو يقدم صورة عن الإسلام ما يلي: لم يكن العنف فضيلة بحد ذاته بل كان الإسلام بالأحرى مسخراً لتهذيب العنف القبلي العربي بإخضاعه للقوانين الإلهية.


وكما أوضح غولدتسيهر (1850 ـ 1921) فإن مصطلح الجاهلية الذي كان يشير عادة إلى جهل المجتمع القبليّ قبل الإسلام له في الأساس معنى أوسع من ذلك وهو «الهمجية أي السلوك غير المتحضّر والمتهور والمتوحش لأولئك الأشخاص الذين لم يتأثروا بالوحي والرحمة الإلهيين».


ويصف مكاريوس وهو يشكو من معاملة البولنديين الكاثوليك للارثوذكس البولنديين بأنهم ملعونون وأنهم مردة الرجس وأن قلوبهم متحجرة وذلك بما أظهروه من قسوة في معاملة المسيحيين قائلاً: أدام الله بقاء دولة الترك خالدة إلى الأبد فهم يأخذون ما فرضوه من جزية ولا شأن لهم بالأديان سواء كان رعاياهم مسيحيين أم ناصريين يهودا أو سامرة أما البولنديون ـ الكاثوليك ـ الملاعين فلم يقنعوا بأخذ الضرائب والعشور من إخوان المسيح بل وضعوهم تحت سلطة اليهود الظالمين أعداء المسيح الذين لم يسمحوا لهم حتى بأن يبنوا كنائسهم ولم يتركوا لهم قسساً يعرفون أسرار دينهم».


وفي الأخير يجب أن ننبه على ثلاثة أمور ليتأملها المنصفون من الغربيين.


أولاً: أن الإسلام عند ظهوره لم تكن العلاقات بين دول العالم قائمة اعلى قانون القوة الذي يفترض العداء الدائم للآخر إذا لم يستسلم أو يتماهى مع القوى ديانة وثقافة وأعرافاً وتقاليد وأمام هذا الوضع كانت تعاليم الدين الإسلامي تدعو إلى السلام «وإن جنحوا للسلم فأجنح لها» وإقامة المعاهدات مع الخصوم «إلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ»


ثانياً: إن سنة الله عز وجل جرت في رسله وأنبيائه بتكليف بعضهم بما لا يكلف به البعض فمنهم من كلف بالدعوة إلى عبادة الله والوعظ والإرشاد وهذه كانت طبيعة دعوة عيسى عليه السلام وكانت طريقة نبينا عليه الصلاة والسلام طيلة 13سنة من أول دعوته فكان الأمر إلى أصحابه بالصبر والصفح فقتل بعضهم التعذيب بمكة وهاجروا إلى الحبشة ثم إلى المدينة ومن الرسل من كلف بالإضافة إلى الدعوة بإقامة دولة الحق ونزلت عليه شريعة مفصلة وأمر بتطبيقها في حياة الناس وهذه كانت سيرة موسى عليه السلام وكانت طبيعة رسالة نبينا عليه الصلاة والسلام بعد هجرته إلى المدينة وإقامة دولة الإسلام مما اقتضى الجهاد لرد العدوان ومعالجة المعتدى مع ما يترتب على ذلك من آليات الغاية منها سياسة البشرية بالعدل.


ثالثاً: إن جوهر الرسالة لا يحاكم على ضوء سلوك الأتباع وتصرفاتهم فسلوك حكام المسلمين تجاه الخصوم على مر التاريخ كان فيه الصواب والخطأ ونحن لا نبرئ تاريخنا إلا أن صوابه كان أكثر من خطئه وعدله كان أكثر من جوره وبخاصة إذا قورن بسلوك جيراننا المسيحيين في حروبهم على الإسلام سواء تلك الإبادة في الأندلس والحروب الصليبية التي دامت قرنين والحروب الاستعمارية التي امتدت ثلاثة قرون مما أجهض كل نهضة للعالم الإسلامي أو كما يقول الأبوان جوزف كوك ولويس غارديه عن الحروب الصليبية إنها حطمت انطلاق المسلمين الحضاري.


وهذه الحرب التي بدأت مع مطلع هذا القرن التي لا يعلم غاية نهايتها إلا الله تعالى في كل هذه الحروب سفك المسيحيون بشهادة مؤرخيهم دماء أعداد هائلة لا يمكن حصرها من المسلمين الأبرياء وكذلك من اليهود وبرهنوا عن همجية لا نظير لها في التاريخ إلا ما كان من حملة التتار على بغداد في فترة من التاريخ إلا أنهم لم يعتذروا للمسلمين كما اعتذروا لليهود فهل يمكن أن ننسب إلى عيسى عليه السلام ما ارتكبه المسيحيون ضد الإنسانية؟


هل لدى فخامة البابا الشجاعة التاريخية للاعتذار للمسلمين بدلا من تكرار الجدل البزنطي؟

وسنتابع مع بقية المقولات البابوية في حلقات مقبلة.

 


*المصدر:جريدة الشرق الأوسط(لخميـس 27 رمضـان 1427 هـ 19 اكتوبر 2006 العدد 10187)

 

 

أيّ عقل وأي عقلانية ؟

 

في غمرة هذا الحديث والجدل حول العقلانية والعقل، بين طالب لها، ومحذر منها، وناقد لفقدانها عن المسلمين، كما رشح من خطاب البابا الاخير، يحسن ان نتأمل في العقل ومكانته ومعناه وحدوده.

العقل عند الغربيين Raison من الكلمة اللاتينية Ratio في تعريف مبسط هو: ملكة خاصة بالإنسان من خلالها يمكن أن يفكر.


وهو أداة رقابة الخاطر وسيرورة حركة الفكر إلى القرار والحركة والباعث على الحركة والفعل.وهو أيضا مجموعة المبادئ وطرق التفكير التي تتيح صواب الحكم على الأشياء والآراء.


إنه من الكلمات غير المحددة المعنى كالحق والخير والشر وليس كالسواد والتمر والبر.

أما العقلانية التي يفسرها الغربيون: بأن الأشياء أصلها ترجع إلى أسباب معقولة. ويختلفون بعد ذلك بين قائل باستقلال العقل عن التجربة سواء كانت مطلقة كما ذهب إليه ديكارت وهو في هذا افلاطوني.

أو نقدية كما ذهب إليه كانت وهو مذهب يقابل المذهب التجريبي للمدرسة الانجليزية في القرن الثامن عشر مع جون لوك وهيوم.

وقد خاض المسلمون قبل الغربيين في هذا الخلاف منذ القرن الثاني الهجري الثامن الميلادي دون أن يضعوا حداً فاصلاً بين العقل والعقلانية فقال الشافعي إنه: قوة تمييز بين الأشياء وأضدادها.

وكان منهم من قال: إن العقل غريزة تلزم العلوم البديهية. وقال الآمدي: إنه العلوم الضرورية التي لا خلو لنفس الإنسان منها بعد كمال الآلة وعدم أضدادها. وهذا ما رأيناه عند ديكارت.


أما الغزالي: فالعقل عنده غريزي وضروري وهما: نظري وتجريبي. وترتب على هذا أن العقل هل هو متحد بالنسبة لجميع الناس لا يتفاوت بين شخص وآخر ولا بين شعب وآخر؟ هذا ما قال به الرازي وابن القشيري وغيرهما وهذا مذهب ديكارت من الغربيين الذي يقول: إن العقل هو أعدل الأشياء توزيعاً بين البشر. أما من قال بأنه تجريبي فقال بتفاوته بين الأفراد.

وقد جمع بعض العلماء بين ذلك باعترافهم بوجود ضربين مما يشار إليه بالعقل عقل غريزي وتجريبي بغض النظر عن الحقيقة والمجاز فالعقل يزيد بالتجارب وينقص.


هل للعقل حدود ؟


بعض الفلاسفة الغربيين يرون أنه لا حدود للعقل وتنازل البعض وقال: لا حدود للعقل إلا تلك الحدود التي يضعها العقل. ورأى بعضهم أن المتخيل يمثل حدود العقل. وقد قدم الفيلسوف كنت في «نقد العقل المجرد» امتداد وحدود هذا العقل.

لكن بعضهم اعترف بأن العقل الإنساني محدود بنهاياته واضطراره بمحيطه الجسدي المادي والاجتماعي الذي يفرض عليه اضطرارات تشير إلى محدوديته.


لعل ذلك ما يعنيه الفيلسوف المغربي المعاصر طه عبد الرحمن عندما يحذر من العقل بواسطة العقل من اجل العقل. وبالنسبة لنا معشر المسلمين ومن يؤمن برسالة سماوية فإن العقل له سقف حيث تكون دائرة الوحي، وهو فضاء ميتافيزيقي فوق سقفه.

ومع ذلك فإن العقل يتعامل مع هذه الدائرة في نطاق الاستحالة العقلية والجواز والوجوب العقليين. وهذا النطاق عندنا معشر المسلمين يجب فيه عدم التعارض فما أحاله العقل لا يجيزه الوحي وما يوجبه العقل يوجبه الوحي.

والجائز وهو حيز الإمكان قد يقرره الوحي وقد ينفيه حيث يكون الحكم في هذه المنطقة للوحي دون اعتراض من العقل الذي يتدخل في منطقة الاستحالة والوجوب ويسلم للوحي في حيز الإمكان.


هذا في ما يتعلق بمجال العقائد حيث يعتبر العقل دليلاً منتجاً منشأ أما في مجال التشريع فينبغي أن نفرق بين فضائين فضاء المعاملات الذي يرجع إلى مصالح البشر حيث يسير العقل إلى جانب الوحي في تكامل وانسجام اختلف العلماء في وصفه فرأى بعض أن الشرع إذا ثبت يقدم على المصلحة التي يقتضيها العقل ورأى البعض الآخر أن الشرع قد فوض للعقل في اعتبار المصالح أساساً للتشريع مع اتفاق الطرفين على أن العقل يظل دليلاً مستكشفاً لا غنى عنه.


أما الفضاء الثاني وهو فضاء العبادات التعبدية التي ترتكز أساساً على الوحي فلا سلطان للعقل عليها. ومع ذلك فإنها كما يقول الفهري معقولة في الجملة وإن لم يعقل في التفاصيل كالصلاة ونحوها


 

 

 

*بالتعاون مع جريدة الشرق الأوسط (  الخميـس 18 شـوال 1427 هـ 9 نوفمبر 2006 العدد 10208 )

 

 

الفتوى: الحاجة والضرورة (1 ـ 2)

 

عطفاً على المقالتين السالفتين في الفتوى أردنا أن نردفها بتوضيح لمفهوم اضطربت فيه الفتوى ولم يحقق أي فريق فيه الدعوى، وهو علاقة الحاجة بالضرورة.

ومنذ فترة وفقهاء المجامع الفقهية يتنازعون التحليل والتحريم في قضايا مردها عند السبر إلى إلحاق الحاجة بالضرورة تارة وانفكاكها عنها تارة أخرى، وقد أدليت بدلوي في ذلك الجدال ببحثين في ندوتين إحداهما في جدة والأخرى بالكويت. 


إذ أن إعمال الحاجة في الأحكام أصبح من المشتبهات التي لا يعلمها كثير من الناس، أضف إلى ذلك أن أكثر القضايا الفقهية المعاصرة سواءً تلك التي وقع البت فيها من طرف المجامع أو تلك التي لا تزال منشورة أمامها ترجع إلى إشكالية تقدير الحاجة وتقدير الحكم الذي ينشأ عنها: هل تلحق بالضرورة فتعطي حكمها أو لا تلحق بها..

سواءً كانت قضايا طبية تتعلق بعلاج العقم مثلاً أو الإجهاض ، أو قضايا اقتصادية تتعلق بالعقود الجديدة من إيجار ينتهي بالتمليك أو تأمين بأنواعه ، أو أحكام الشركات والأسهم وعقود التوريد والشروط الجزائية الحافزة على الوفاء بمقتضى العقد أو أداء الديون لما آل إليه الأمر في قضايا التضخم ما يعني أن تحديد علاقة الحاجة بالضرورة أصبح مفتاحاً لاقفال معضلة المعاملات الفقهية في العصر الحديث بالإضافة إلى أهمية هذا الموضوع في فقه الأقليات. 


فلنبدأ بتعريف الضرورة. ثم بتعريف الحاجة.


الضرورة لغة: قال الفيروز آبادي في القاموس ممزوجاً بشرحه: «والاضطرار الاحتياج إلى الشيء» وقد «اضطر إليه» أمر «أحوجه وألجأه فاضطر ـ بضم الطاء ـ بناؤه، افتعل جعلت التاء طاء لأن التاء لم يحسن لفظه مع الضاد «والاسم الضرة» بالفتح. 


قال دريد بن الصمة:


وَتُخرِجُ مِنهُ ضَرَّةُ القَومِ جُرأَةً……… وَطولُ السُرى دُرِّيَّ عَضبٍ مُهَنَّدِ


أي تلألؤ عضب. 

وفي حديث علي رضي الله عنه رفعه أنه نهى عن بيع المضطر. 


قال ابن الأثير: وهذا يكون من وجهين أحدهما أن يضطر إلى العقد من طريق الإكراه عليه، قال: «وهذا بيع فاسد لا ينعقد، والثاني أن يضطر إلى البيع لدين ركبه أو مؤنة ترهقه فيبيع ما في يده بالوكس للضرورة، وهذا سبيله في حق الدين والمروءة أن لا يبايع على هذا الوجه، ولكن يُعان ويُقرض إلى الميسرة أو تُشترى سلعته بقيمتها فإن عقد البيع مع الضرورة على هذا الوجه صح ولم يفسخ مع كراهة أهل العلم له». 


ومعنى البيع هنا الشراء أو المبايعة أو قبول البيع.


وقوله عزَّ وجلَّ «إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه ان الله غفور رحيم» أي فمن أُلجئ إلى أكل الميتة وما حرم وضيّق عليه الأمر بالجوع وأصله من الضرر وهو الضيق. 


«والضرورة الحاجة» ويجمع على الضرورات «كالضارورة والضارور والضاروراء»، الأخيران نقلهما الصاغاني وأنشد في اللسان على الضارورة:

أََثيبي أَخا ضَارورَةٍ أَصفَقَ العِدى عَلَيهِ وَقَلَّت في الصَديقِ أَواصِرُه

وقال الليث: الضرورة اسم لمصدر الاضطرار تقول حملتني الضرورة على كذا وكذا. 

قلت: فعلى هذا الضرورة والضرة كلاهما اسمان فكان الأولى أن يقول المصنف كالضرة والضرورة ثم يقول وهي أيضاً الحاجة الخ كما لا يخفى.

وفي حديث سمرة يجزئ من الضارورة صبوح أو غبوق. أي إنما يحل للمضطر من الميتة أن يأكل منها ما يسد الرمق من غداء أو عشاء وليس له أن يجمع بينهما. و«الضَرَرُ» محركة «الضيق» يقال مكان ذو ضرر أي ذو ضيق. 

وإنما ذكرت هذا النص على طوله ليستبين القارئ الشيات اللغوية التي كانت ـ وبدون شك ـ عاملاً من عوامل تفاوت أقوال الفقهاء في معنى الضرورة. 

وقد يكون من المطلوب أن ينبّه إلى بعض الألفاظ التي وردت في هذا النص لتعريف الضرورة وهي الاحتياج والحاجة والإلجاء والضيق وما يكون حافزاً لها من دين يركب المضطر أو مؤنة ترهقه أو إكراه يجبره أو جوع يلجؤه أو أعداء يصفقون عليه كل هذه المعاني التي أشار إليها أهل اللغة وهي معانٍ تشير إلى الشدة والحرج هي التي دندن حولها الفقهاء كما سترى.


*المصدر:جريدة الشرق الأوسط

(الخميـس 26 جمـادى الاولـى 1427 هـ 22 يونيو 2006 العدد 10068)

 

الحج : عِبَر وتأمّلات

إن الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة كما جاء في الحديث الصحيح: “بُني الإسلام على خمس ..إلى قوله وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً“.

 

وهو واجب بالكتاب والسنة قال تعالى: ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً).

وقال عليه الصلاة والسلام : “يا أيها الناس كُتب عليكم الحج فحجّوا“.

 

فهو عبادة من أجلّ العبادات، وهي من ملة أبينا إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء، وخليل الرحمن. قال تعالى موجّهاً الخطاب لإبراهيم عليه السلام (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فجّ عميق).

 

وورثته الأمة المحمدية فكان الركن الخامس، وقد شرع في العام الخامس من الهجرة كما يقول ابن سعد في طبقاته؛ إذ إن وفادة ضمام بن ثعلبة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كانت سنة خمس؛ إذ علمه فرائض الدين ومنها:”أن تحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً“.

 

فهو شعيرة من شعائر الدين وفريضة من فرائضه، من أنكر وجوبه- بشروطه- على المسلم يخرج من الملة الإسلامية بإجماع علماء الأمة.

وقد وعد الله سبحانه وتعالى بالأجر الجزيل من يأتي به على ما ينبغي قائماً بواجباته ومتصفاً بآدابه الرفيعة، ومن أهم المثوبات التي يرجع بها الحاج مغفرة الذنوب، والتجاوز عن الخطايا لقوله عليه الصلاة والسلام: “من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه“.

وليس غرضنا من هذا المقال المختصر بيان أنساك الحج الثلاثة، ولا أركانه الأربعة التي لا تقوم ماهيته دونها، ويبطل عند فقدها أو أحدها كالإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة و”السعي” على خلاف.

وليس الغرض بيان أحكام الحج و واجباته التي تنجبر بالفدية أو بالهدي. ولا إيضاح محظورات الإحرام ولا غيرها من المكروهات أو السنن والمستحبات.

ولكننا نحاول إلقاء الضوء على بعض المعاني السامية التي تستوقف المتأمل في هذه الشعيرة.

 

إن موسم الحج مناسبة عظيمة للأمة الإسلامية وفريدة في نفس الوقت لا يوجد لها نظير لدى أمم العالم كله منذ أقدم التاريخ، إنها مؤتمر عالمي رائع. ولهذا فيمكن بحق أن تعتبر من خصائص هذه الأمة ومميزاتها التي لا يشاركها فيها غيرها.

1- إن أول شيء يلفت انتباه المرء عندما يفكر في هذه المناسبة هو مظهر العالمية الذي يتجلى بأنصع صوره؛ إذ تتجمع أعداد هائلة تتجاوز المليونين من كل الجنسيات، تتكلم بكل اللغات، وتمثل كل الأعراف والألوان، لا يجمعها إلا رباط الإيمان ووشيجة العقيدة.

إنها العولمة الطوعية والاختيارية التي لا تفرضها سلطة ولا دولة كبرى.

 

2- الوحدة التي تستعلي على كل العصبيات القومية والخلافات المذهبية والنزاعات السياسية.

إنها وحدة تتمظهر في وحدة الشعور والشعار والمشاعر والشعائر. إنها ألفاظ أربعة مشتقة من جذر واحد هو جذر “شعر”.

فما هو مرادنا بهذه الألفاظ “المصطلحات”؟ وما علاقتها بالحج؟

– الشعور: إن شعور الحجيج هو شعور واحد، هو الافتقار إلى الخالق الباري العظيم والخضوع له .

– أما شعارهم فهو الملابس البيضاء والتلبية.

– أما الشعائر فهي أعمال الحج التي يقوم بها الجميع بهيئة واحدة، من إحرام ووقوف بعرفات، ونزول بمنى، ورمي للجمرات، وطواف إلى آخره .

– أما المشاعر فهي الأماكن التي يغشاها الحجيج لتأدية الشعائر، فعرفة مشعر، والمزدلفة ” المشعر الحرام ” ومنى ومكة كلها مشاعر؛ لأنها مكان أداء الشعائر.

 

3- المساواة التي تذوب فيها الامتيازات والأبهة؛ فلا فرق بين غني وفقير، وملك و سوقة، ولا بين رئيس ومرؤوس، فهم يلبسون ملابس لا يزيد ثمنها على بضعة ريالات، ويقيمون في خيم منى المنضدة في طراز واحد، وعلى طريقة موحدة، يرفعون نفس الحصيات من مزدلفة ليرموا بها الجمار بمنى.

إن هذه المعاني تعمق لدى المسلم الشعور بالتضامن والتعاون مع إخوانه. ولكنه تنطبع في ذهنه صورة الوحدة الإنسانية على حقيقتها، فيعود بشخصية إيمانية ملؤها التواضع وحب الخير للآخرين.

إن هذا الجمع العظيم يحتاج إلى رعاية فائقة لكي يؤدي مناسكه في جو من السكينة والطمأنينة والرخاء النفسي والمادي أيضاً.

وهنا يمكن أن نقدر المسؤولية العظمى التي يضطلع بها إمام المسلمين في الديار المقدسة وحكومته؛ إذ إن الحج من العبادات التي لا يمكن ممارستها إلاّ في ظل سلطة شرعية مهيبة وولاية معتبرة؛ لأن الحج مناسبة يجتمع فيها الناس من كل حدب وصوب، يريد خيارهم العبادة، ويبحث شرارهم عن التخريب، وفي كل زمن خيار وأشرار. ولولا تلك السلطة لذهب الأخيار ضحايا الأشرار، وضاعت شعيرة الحج بالكلية؛ لأنه لا سكينة مع الخوف، ولا خشوع مع القلق، وقد كان عليه الصلاة والسلام يحث على السكينة والطمأنينة؛ ففي حديث جابر الطويل الذي وصف فيه حج النبي صلى الله عليه وسلم أنه عليه الصلاة والسلام كان يشير على الناس بيده السكينة السكينة.( رواه مسلم)

 

ولهذا فإن أمن الحاج يعتبر أمراً لا غنى عنه، وهنا يجب الاعتراف بما تقوم به حكومة خادم الحرمين لتوفير جو من الأمن والطمأنينة؛ مما يمثل ثابتاً من الثوابت التي قامت عليها هذه المملكة منذ عهد الملك عبد العزيز كما شهد به المؤرخون؛ إذ يقول شكيب أرسلان في رحلته: أما الأمن فقد توفر في أيام ابن سعود إلى حد لا يتطلع فيه متطلع إلى مزيد، وإنما يرجو دوام هذه النعمة”.

ذلك هو الثابت الأول من ثوابت المملكة في خدمة الحرمين الشريفين، وهو الأمن.

أما الثابت الثاني فهو العمارة التي تجاوزت كل التوقعات؛ وقد كان مشروع خادم الحرمين لتوسعة الحرمين يمثل أكبر توسعة في التاريخ؛ إذ أصبحت مساحة الحرم المكي الشريف بعد التوسعة (328000)متراً مربعاً، ليتسع ويستوعب أعداداً متزايدة.

وتضاعفت مساحة الحرم النبوي عشرات المرات مع تزويده بكافة معطيات التقنية الحديثة.

وكان تنفيذ مشروع الخيام المضادة للحريق قمة تسخير التكنولوجيا لخدمة حجاج بيت الله الحرام.

أضف إلى ذلك توفير كل البنى التي تريح الحاج كسلسلة الفنادق التي تحف الحرمين الشريفين والمنتشرة في المدينتين المقدستين.

 

إنها أعمال جليلة نسأله تعالى أن يديم على هذه البلاد العافية، وأن يزيدها من سوابغ نعمه،

وأن يوفق القائمين عليها لكل خير، وأن يجزيهم أفضل الجزاء .

أي الوظيفتين أختار؟!

السؤال
كنت أعمل بإحدى الشركات الخليجية الكبرى، وكان من ضمن أعمالي مراجعة وتنقيح الاتفاقيات البنكية بين شركات المجموعة والبنوك والتي كانت أغلبها تتضمن معاملات ربوية!

ولهذا انصرفت من العمل بعد حوالي عامين لعمل آخر، إلا أنني فوجئت أن العمل عبارة عن مدير للقسم القانوني بأحد المكاتب ومهام الوظيفة هي تأسيس الشركات، وتقديم الاستشارات، ومن ضمن الشركات التي يقوم القسم بتأسيسها؛ بنوك ربوية، وإسلامية، وكذلك شركات تعمل في أنشطة محرمة شرعا، كبيع الخمور، أو المراقص …إلخ،

هل عملي الحالي حلال أم حرام وماذا أفعل؟

الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد…

فعلى السائل أن يحاول الرجوع إلى الشركة التي تركها، فهي أفضل بكثير من عمله الحالي، لأن عمله الحالي ذريعة للربا، وذريعة الحرام فيه واضحة، لأن المؤسسة تقوم بتأسيس شركات تمارس أنشطة، محرمة كبيع الخمور، وإنشاء المراقص، فلهذا إن استطاع أن يرجع إلى تلك الشركة الخليجية التي خرج منها والتي تقوم بتنقيح اتفاقيات فهذا أولى من الشركة التي هو فيها الآن.

ولهذا ننصحه بالبحث عن عمل حلال في بنك إسلامي، أو في شركة إسلامية، أو في وظيفة لا تباشر عملية، الربا حتى ولو كانت قد تُتَّخَذُ ذريعة أو وسيلة بعيدة شيئاً ما عن الربا، أما هذا العمل الحالي فإن الذريعة فيه قريبة جداً، ومعلوم أن الذريعة كلما كانت أبعد كانت درجةُ النهي أخف، ودرجة النهي هنا أوجه، وبخاصة في العمل الثاني، الذي يقوم به الآن، ونحن ننصحه بالبحث عن عمل آخر، وأن لا يقيم على هذا العمل، نسأل الله لنا وله التوفيق وللمسلمين جميعاً.

إعادة نشر الصور الساخرة بنبينا مطموسة!

السؤال
أنا صحفي قمت بإعداد صفحة كاملة في صحيفتي التي تصدر باللغة الإنجليزية، نشرت فيها تقريراً متكاملاً عن الغضب الذي ساد الشارع الإسلامي من جراء الرسوم الدنمركية، التي حاول بها أعداء الدين الإساءة لسيد البشر -صلى الله عليه وسلم- كما نشرت في ذات الصفحة مقتطفات مما قيل إعجابا ومديحاً في رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من قبل كبار المستشرقين، والغربيين، والزعماء،

وفي ذات الصفحة دمجت ثلاثة من الرسومات الدنمركية سيئة الصيت بعد تصغيرها جداً، في إطار واحد وغطيتها بعلامة (x) كبيرة الحجم تغطي معظم أجزاء الرسومات التي في الإطار والذي لا يزيد مقاسه عن (7×9 سم) تقريباً، بينما مقاس الصفحة من الحجم الكبير.

إعادة نشر تلك الرسوم المصغرة بعد شطبها وتحقيرها كان في معرض الرد على الإساءات التي يحاول الرسامون أن يلصقوها برسول الله –صلى الله عليه وسلم- المنزه عن ذلك. اتهمت في عقيدتي، وسجنت لمدة 12 يوماً،

وأحيلت القضية للمحكمة، ولا أدري ما الله فاعل بي؟ فهل ما فعلته يستوجب العقاب؟

أم أنه جائز بحكم أنه جاء في معرض الرد على الإساءة لا بغرض الإساءة؟

الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد…

فنقول لهذا الأخ السائل: إن عليه أن يتجنب مواضع التهم، وكما جاء في الحديث: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك” أخرجه الترمذي (2518)، وغيره.

وهو بنشره لهذه الرسوم عرض نفسه للتهم، وجعل نفسه في وضع المتهم، فهذه الرسوم يغار عليها المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، فلماذا يقوم إذاً بنشرها مرة ثانية؟ حتى على افتراض حسن نيته.

وينبغي أن نصدقه فيما قال وأنه إنما نشرها بحسن نية، ولكن مع ذلك ما كان ينبغي له أن ينشرها، فهو يعرف أن السبب في ثورات المسلمين وفي غضبهم هو: رسم هذه الرسوم، وأنها أساءت إلى سيد الخلق، وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم، فلماذا يعيد نشرها؟ ويقول: إنه يعيد نشرها دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم!

ولكن دفاعاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا تعد نشرها، عليك أن تنشر سوى ذلك فنشرك لما ذكره كبار المستشرقين في جانب النبي صلى الله عليه وسلم هذا شيء طيب. وبصفة عامة أرى أن المحكمة يمكن أن تصدقك فيما قلت، وأن تقبل عذرك، وتقبل توبتك، وما أعربت عنه من الأسف على ما بدر منك، وعليك أن لا تعود إلى ذلك.

ثم وصية أخيرة: عليك أن لا تستقوي بأعداء الدين على أهل الدين، حتى لو أنزلت بك المحكمة حكماً لا تراه عادلاً، فلا تلجأ إلى غير المسلمين، فإن لجوءك إلى غير المسلمين يجعلك في خانة المنافقين، واصبر على قومك حتى ولو رأيت أن الحكم ليس عادلاً بحقك، أو رأيت أن الحكم يجور عليك، ويذكر في هذا المقام أن كعب بن مالك –رضي الله عنه- في الفترة التي كان النبي –صلى الله عليه وسلم- أمر بهجرانه فيها –جاءه كتاب من ملك غسان النصراني يدعوه فيه إلى أن يلتحق بهم فرمى هذه الرسالة في النار، لأن إيمانه كان قويا جداً، وقال: حتى هؤلاء يطمعون في هذا منى، ثم تقبل الله توبته وتاب عليه.

المهم أن تعتبر بقوة إيمانك حتى ولو رأيت أن الحكم بحقك لم يكن بالصواب لأنك تعرف من نفسك كما بينت في رسالتك أنك صادق وإنما أردت الدفاع، ولكن تم عرضه بطريقة الخطأ. والطريق الذي سلكت ليس هو الطريق الصحيح فإن نشرك حتى مع علامة (X) ونحو ذلك فيه إيعاز باهتمامك بهذه الرسوم وتقديمك لها، ربما أدى إلى حث الناس على شراء هذه الجريدة بالإنجليزية التي يقرؤها الغربيون، فهذا يعني فيه أشياء تسمح بالاتهام، فعليك على كل حال أن تواجه القضية بشجاعة؛ وأن تعلن أنك إنما أردت خيرا وإذا فهم سوى ذلك، فإنك تتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وتستغفره، وتصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم.

حكم الخلع

السؤال
طلقها زوجها من أسابيع قليلة ثم أرجعها ، وترغب في طلب الخلع ، وقال لها : ( لن أقع في نفس الأخطاء وهي عدم الإنفاق ، وعدم إسكاني ؛ لأنها هي التي كانت تدفع كل شئ )

ولا تريد أن تعيش تواصل العيش معه ، وتريد أن تعرف هل من حقه أن لا يعطيها الخلع ؟

الجواب
إن الزوج عليه أن ينفق على زوجته ، وإذا طلبت الخلع بعد أن أنفق عليها فإن للزوج أن يقبل أولاً يقبل ،هذا مذهب جمهور العلماء ،وهو أن الزوج ليس ملزماً بقبول طلب المرأة للخلع ، لكنه يستحب له أن يقبل إذا طلبت منه ذلك ، وألا يمسكها وهي كارهة ، ثم إذا أصرت على الطلب الخلع فعلى القاضي أن يتدخل للنظر في المتسبب في الشقاق من الزوج أو الزوجة ،

وأن يبعث حكمين للنظر في شأنهما ، يقول الله سبحانه تعالى : ( فأبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريداً إصلاحاً يوفق الله بينهما ) – النساء / 35 ؛

فمسألة الحكمين مسألة مهمة في الشريعة ، فإذا ظهر أن الضرر ناشئ من قبل الزوج أوقعا الطلاق ، وإذا ظهر ناشئ من قبل الزوجة طلباً منها أن تلتزم بآداب الزوجية ، فإذا لم يقع بينها صلح فإن القاضي يطلب من الزوج أن يقبل خلعها .

فمذهب جماهير العلماء أن قبول الخلع ليس واجباً على الزوج ، وأن حديث ثابت بن قيس حينما أمره النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بطلاق زوجته التي طلبت الخلع ، وقال : ( أتردين عليه حديقته ؟) ، فقالت : نعم ، فأمره أن يفارقها ، صحيح البخاري (5273) ، إنما ذلك على سبيل الندب والاستحباب ، وليس على سبيل الوجوب…

حُكمِ ستر الوَجهِ والكَفَّينِ

السؤال
ما قَولُ الشَيخِ فِي حُكمِ تَغطِيَةِ الوَجهِ والكَفَّينِ؟.
الجواب
تَغطِيَةُ الوَجهِ والكَفَّينِ مَسأَلَةٌ مِن المَسائلِ التي اختَلَفَ العُلَماءُ فِيها واختَلَفَ فِيها الصَّحَابَةُ. فَكانَ ابنُ مَسعُودٍ يَرى ذَلِكَ وكانَت عائشَةُ لا تَرى ذَلِك. والخِلافُ يَرجِعُ إلى تَفسِيرِ قَولِهِ تَعالى: ( ولا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظَهَر مِنها )

فَذَهَبَ بَعضُ الصَّحابَة إلى أَنَّ الوَجهَ والكَفَّينِ مِما ظَهَرَ مِن الزِّينَةِ وذَهَبَ بَعضُهُم إلى أَنَّ ما ظَهَرَ مِنها هُوَ ما يَظهَرُ فَوقَ اللِباسِ. بِمَعنى؛ أَنَّ الجَسَدَ الذي يَراهُ الإنسانُ بَعدَ أَن تَكُونَ المَرأَة قَد لَبِسَت كامِلَ ثِيابِها فَما يُرى مِن وَراءِ السَّترِ هُو الظّاهِرُ. ثُمَّ اختَلَفَ العُلَماءُ بَعدَ ذَلِكَ بَعدَ عَصرِ الصَّحابَةِ فِي المَسأَلَةِ. فَذَهَبَ جُمهُورٌ مِنهُم إلى أَنَّ الوَجهَ والكَفَّينِ لَيسا بِعَورَةٍ وهَذا مَذهَبُ مالكٍ والشّافِعيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وهوَ رواية عَن الإمامِ أَحمَدَ. قُيِّدَ عَلى الصَّحِيحِ فِي هَذِهِ المَذاهِبِ إذا لَم تُخشَ الفِتنَةُ.

فَإذا خُشِيَتِ الفِتنَةُ فَاختَلَفَ العُلَماءُ عَلى قَولَينِ لِمَن يُجِيزُونَ الكَشفَ عَن الوَجهِ والكَفَّينِ. بَعضُهم قالَ أَنَّ عَلى الرَجُلِ أَن يَغُضَّ بَصَرَهُ ولا يَجِبُ عَلى المَرأَةِ أَن تُغَطِّي وَجهَها وهَذا قَولُ القاضِي عياضٍ مِن المالِكِيَّةِ مُحتَجّاً بِحَديثِ الخَثعَمِيَّةِ التي جاءت إلى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ والنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ فكانَ يَصرِفُ وَجهَ الفَضلِ ولَم يَأمُرها بِتَغطِيَةِ وَجهِها.

وذَهَب جَمهَرَةٌ إلى أَنَّ المَرأَة تُغَطِّي وَجهَها إذا خِيفَتِ الفِتنَةُ؛ أَي خِيفَت شَهوَةٌ يَقَعُ مِن وَرائها فِعلٌ مُحَرَّمٌ.

فَالمَسأَلَةُ مَسأَلَةٌ خِلافِيَّةٌ. الصَحِيحُ عَن مَذهَبِ الإمامِ أَحمَدِ أَنَّ المَرأَة يَجِبُ عَلَيها أَن تُغَطِّيَ وَجهَها وَكَفَّيها بِحَضرَةِ الأَجانِبِ. فَفِي البِيئاتِ التي يُغَطَّى فِيها الوَجهُ والكَفَّينِ؛ نَحنُ نُفتِي بِتَغطِيَةِ الوَجهِ والكَفَّينِ.

وفِي بِيئاتٍ أُخرى؛ نَحنُ نَشكُرُ المَرأَةَ إذا غَطَّت رَأسَها، إذا فَعَلت الحَدَّ الأَدنى. فَالمَسأَلَةُ لَيسَت حَرباً شَعواءَ. ونَحنُ لَدينا مَشاكِلَ كَثِيرةً ومُهِمّاتٍ أَكبَرُ مِن هَذِهِ القَضايا الفَرعِيَّةِ الخِلافِيَّةِ.

فَعلى الدُعاةِ جَزاهُم اللهُ خَيراً أَن يَصرِفوا جُهدَهُم فِي قَنَواتٍ نافِعَةٍ، أَن يَصرِفُوا جُهدَهُم فِي أَمرٍ يَنفَعُ هَذِهِ الأُمَّةِ، يَجمَعُها عَلى الخَيرِ لا يُفَرِّقُها. فَالخِلافُ فِي الفُرُوعِ. بِخاصَّةٍ؛ إذا كانَ خِلافاً مُعتَبَراً مِن عَهدِ أَصحابِ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ، خِلافٌ يَعتَمِدُ عَلى نُصُوصٍ مِن الكِتابِ والسُنَّةِ وعَلى تَفسِيرٍ وتَأوِيلٍ فَهوَ خِلافٌ مَقبُولٌ وغَيرُهُ مُطَّرَحٌ.

ولا يُنسَبُ مَن يَقُولُ بِهِ إلى رِقَّةِ الدِّينِ ولا ضَعفِ المُرُوءَةِ. بَل يُعتَرَفُ أَنَّهُ قَولٌ مُحتَرَمٌ ورَأيٌ مَقبُولٌ إن شاء اللهُ.

هذا الذي نُوصي بِهِ ونَوَدُّ أَن يَتَنازَلَ بَعضُ الذِينَ يَرَونَ هَذِهِ الآراءِ لِيَفهَمُوا الخِلافَ فِي هَذهِ المَسأَلَة. وأَلا يُكَفِّرَ بَعضُهُم بَعضاً وأَلا يُفَسِّقَ بَعضُهُم بَعضاً وأَلا يُبَدِّعَ بَعضُهُم بَعضاً.

فَالأَمرُ فِيهِ سَعَةٌ واللهُ سُبحانَهُ وتَعالى ما جَعَلَ عَلَينا فِي الدِّينِ مِن حَرَجٍ ( وما جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّينِ مِن حَرَجٍ ).

أَن تَقُولَ للمَرأَة فِي أُورُوبا مَثَلاً أَن تُغَطِّيَ وَجهَها وَكَفَّيها، وبالتّالِي أَن تَدخُلَ فِي صِراعٍ بِسَبَبِ تَغطِيَةِ الوَجهِ والكَفَّينِ مَعَ الشُّرطَةِ ومَع الجَوازاتِ فِي المَطارِ فِي ( بارِيسْ ) أَو فِي ( لَندَنْ )، هَذا لا يَجُوزُ؛ هَذِهِ فَتوى جِداً خارِجَةٌ عَن مَقاصِدِ الشَّرِيعَةِ. فِي هَذا الوَضعِ؛ عَليها أَن تَجلِسَ في أَرضِها فِي بِلادِها لِتُغَطِّيَ وَجهَها وكَفَّيها.

أَمّا إذا خَرَجَت عَن بِلادِها فَتَغطِيَتُها لِوَجهِها وكَفَّيها يُؤَدِّي إلى فِتنَةٍ أَكبَرَ مِن التي يُؤَدِّي إلَيها لَو كَشَفَت عَن وَجهِها وكَفَّيها واللهُ سُبحانَهُ وتَعالى أَعلَمُ وأَحكَمُ.