ارشيف ل February, 2009

حكم استخدام الآلاتِ القَرعِيَّةِ مع الأَناشِيدِ

السؤال
أَنا أَعمَلُ فِي شَرِكَةِ إنتاجٍ للفُنُونِ الإسلامِيَّةِ ونُدخِلُ أَحياناً الآلاتِ القَرعِيَّةِ عَلى أَناشِيدِنا. فَما حُكمُ ذَلِكَ؟
الجواب
لا بَأسَ بِذَلِكَ ـ إن شاءَ اللهُ ـ فَقَد جاء فِي الحَديثِ رَقصُ الحَبَشَةِ وزَفنُهُم فِي مَسجِدِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ وقَد أَقَرَّهُم رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ كَما جاءَ فِي الحَديثِ الصَّحِيحِ ولَمّا أَرادَ عُمَرَ أَن يَحصِبَهُم قالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ: إنَّهُم بَنِو أَرفِدَةَ.
وأَفهَمُ مِن هَذا أَنَّهُم يُحمَلونَ عَلى عادَتِهِم وعَلى أَعرافِهِم وأَنَّ الأَمرَ إذا لَم يَكُن فِيهِ حَرَجٌ شَرعِيٌّ فَلا مانِعَ مِنهُ.

ولِهَذا أَجازوا الضَّربَ عَلى الطَّبلِ فِي أَيامِ الأَعيادِ وفِي غَيرِها أَيضاً فَالكَراهَةُ فِي بَعضِ الحالاتِ لا تَنفِي مَشرُوعِيَّتَهُ. لِهَِِذا؛ إذا جَرَت عادَةٌ بِذَلِكَ وكانَ مِن شَأنِ ذَلِكَ أَن يُنَشِّطَ أَو أَن يَنفَعَ فَالأَمرُ واسِعٌ ـ إن شاءَ اللهُ ـ ولا حَرَجَ فِيهِ.

حُكمُ الاحتِفالِ بِعِيدِ المَولِدِ النَّبَوِيِّ

السؤال
ما حُكمُ الاحتِفالِ بِعِيدِ المَولِدِ النَّبَوِيِّ وما يَتَرَتَّبُ عَليهِ مِن أَعمالٍ كَعُمرَةِ المَولِدِ النَّبَويِّ وزِيادَةِ الطاعَاتِ فِيهِ؟

وإذا كانَ ذَلِكَ بِدعَةً فَما قَولُنا فِي كَلامِ ابنِ حَجَر رَحِمَهُ اللهُ فِي إقرارِهِ لِتِلكَ الاحتِفالاتِ؟

الجواب
هذه المَسألةُ ـ عِيدُ المَولِدِ النَّبَوِيِّ ـ مَسأَلَةٌ اختَلَفَ العُلَماءُ فِيها. فَمِن قائلٍ بأَنَّها بِدعَةٌ مَكرُوهَةٌ حَتَّى وصل البَعضُ إلى التَّحرِيمِ.ومِن قائلٍ إنَّها بِدعَةٌ مُستَحسَنَةٌ.

والخِلافُ يِرجِعُ فِي الأَصلِ إلى تَقسِيمِ البِدعَةِ فَهُناكَ مَن قالَ بِالبِدعَة المُستَحسَنَةِ وهُم الشّافِعِيَّةُ وعَلى رَأسِهِم العِزُّ بنُ عَبدِ السَّلامِ والقَرافِيُّ ـ وهوَ مالِكِيٌّ ـ لَكِنَّه قالَ بِهَذِهِ المَسأَلَةِ وفَصَّلَها تَفصِيلاً طَويلاً. جَعَلَ ما يَشمَلُهُ دَلِيلُ النَّدبِ ودَلِيلُ الاستِحبابِِ مُستَحَبّاً وما يَشمَلُهُ دَليلُ الوجُوبِ يَكُونُ واجِباً فِي البِدعَةِ وما يَشمَلهُ دَلِيلُ الكَراهَةِ يَكُونُ مَكرُوهاً، إلى آخِرِهِ.

فَجَعَلَ البِدعَةَ تَنقَسِمُ إلى خَمسَةِ أَقسامٍ. هَذا التَقسِيمُ أَيضاً لَم يَقبَلهُ بعضُ العُلَماءِ. فقالُوا: إنَّ البِدعَةَ إذا أطلقت فهِيَ بِدعَةٌ مُستَقبَحَةٌ وجَعَلوا قَولَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ نِعمَتِ البَدعَةُ هَذِه فِي صَلاةِ التَّراويحِ بِدعَةً لَفظِيَّةً.

وهَذا ما يَقُولُه تَقِيُّ الدِينِ بنُ تَيمِيَّةَ والشّاطِبِيُّ فِي كِتابِهِ ( الاعتِصامِ ).وكَثِيرٌ مِن العُلَماء مَن المالِكِيَّةِ والحنابِلَةِ يَتَّجِهُونَ هَذا الاتِجاهَ.

وقَضِيَّةُ المَولِدِ أَلَّفَ فِيها بَعضُ العُلَماءِ كَالسِيوطِيُّ تَأييداً وأَلَّفَ فِيها بَعضُ العُلَماءِ تَفنِيداً، فَلا أَرى أَن نُطِيلَ فِيها القَولَ وأن نُكثِرَ فِيها الجدل.

فَحاصِلُ الأَمرِ؛ أَنَّ مَن احتفل به فسرد سيرته صلى الله عليه وسلم وذكر بمناقبه العِطرة احتفالاً غير مُلتَبِس بِأَيِّ فِعلٍ مَكرُوهٍ مِن النّاحِيَةِ الشَرعِيَّةِ ولَيسَ مُلتَبِسَاً بِنِيَّةِ السُنَّةِ ولا بِنِيَّةِ الوجُوبِ فإذا فَعَله بِهَذِهِ الشُّروطِ التي ذَكَرتُ؛ ولَم يُلبِسه بِشَيءٍ مُنافٍ للشَّرعِ، حباً للنبي صلى الله عليه وسلم فَفِعلُهُ لا بَأسَ بِهِ ـ إن شاءَ اللهُ ـ وهو مُأجَورُ فقد ذَكَرَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَةَ، قالَ: إنَّهُ مَأجُورٌ على نيته؛ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي ( اقتَضاءِ الصِّراطِ المُستَقِيمِ ) أَمّا مَن تَركَ ذَلِكَ أيضاً يُرِيدُ بِذَلِكَ مُوافَقَةَ السُنَّةَ وخَوفاً مِن البِدعَةِ فَهَذا أَيضاً يُؤجَرُ ـ إن شاءَ اللهُ ـ فَالأَمرُ لَيسَ كَبِيراً ولَيسَ مُهَوِّلاً ولا يَنبَغِي أَن نَزِيدَ فِيهِ عَلى ما يَقتَضِيهِ الحالُ.

فَهُناكَ بَعضُ الأَقطارِ الإسلامِيَّةِ التي تَحَتَفِلُ بِالمولد وتَقُومُ بِبَعضِ الطّاعاتِ فِي الأَيّامِ المُفَضَّلَةِ واختَلَفَ العُلَماءُ فيها بَينَ مَن كَرِهَها وبَينَ مَن أَجازَها كَما ذَكَرَ كُلَّ ذَلِكَ الزَّقّاقُ فِي مَنهَجِهِ وغيره مِن كُتُبِ المالِكِيَّةِ الذِينَ أَفاضوا فِي هَذهِ المَسأَلةِ وفِي تَفصِيلِ البِدعَةِ وهَل المُحدَثاتُ بِدعَةٌ مكروهة أو أنها تنقسم إلى أقسام كما ذهب إليه القرافي، فَالمَسأَلَةُ فِيها خِلافٌ. وَنَظرَتُنا للمُصالَحَةِ بَينَ المُسلِمِينَ بِمُحاوَلَةِ تَحجِيمِ هَذهِ الخِلافاتِ هِيَ دائماً نَظرَةٌ مُيَسِّرَةٌ.

وهَذا التَّيسِيرُ لَيسَ مُنطَلِقاً مِن فَراغٍ فَهوَ تَيسِيرٌ يَرجِعُ للكِتابِ والسُنَّةِ وما أَمَرَ به النَّبِيُّ صَلى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ مِن إصلاحِ ذاتِ البَينِ. فَانطِلاقاً مِن المَقاصِدِ الأَصلِيَّةِ للشَرعِ؛ فإذا وجِدَ خِلافٌ مُعتَبَرٌ فِي مَسأَلَةٍ راعَينا ذَلِكَ الخِلافَ ولَيسَ ذَلِكَ تَمييعاً كَما يَزعُمُ البَعضُ ولَيسَ انحِلالاً.

بَل هوَ مُراعاةٌ لِخِلافٍ مُنضَبِطٍ بأَدِلَّةُ شَرعِية غير واضِحَةً فِي جانِبٍ ولَيسَت مُفَنِّدَةً للجانِبِ الآخَرِ تَفنيداً كافِياً. فَهيَ عِبارَةٌ عَن ظَواهِرَ؛ عِبارَةٌ عَن أَمرٍ لَم يَكُن مَعمُولاً بِهِ حَدَثَ عَمَلٌ بِهِ، البَعضُ أَقامَ الدَلِيلَ عَلى هَذا العَمَلِ والبَعضُ الآخَرَ نَفى هَذا العَمَلَ. فَنَقُولُ: كُلٌ ـ إن شاءَ اللهُ ـ عَلى خَيرٍ إذا لَم يَلبِس عَمَلَهُ بِظُلمٍ ويَلبِس عَمَلَهُ بِنِيَّةٍ غَيرِ صَحِيحَةٍ واللهُ سُبحانَهُ وتَعالى أَعلَمُ.

هل يجوز السؤال أين الله؟وهل هو عال فوق عباده؟ وهل هذا من التجسيم؟

السؤال
هَل يَجُوزُ أَن نَسألَ بِقَولِنا: أَينَ اللهُ؟ وهَل هُوَ عالٍ فَوقَ عِبادِهِ؟، أَم أَنَّ ذَلِكَ مِنَ التَّجسِيمِ والعِياذُ باللهِ؟.

وما مَوقِفُنا مِن القائلين بِعَدَمِ جَوازِ هَذا السُّؤالِ؟. وأَنَّ اللهَ جَلَّ جَلالُهُ مُنَزَّهٌ عَن كُلِّ مَكانٍ وأَنَّ مَن عَمِلَ ذَلِكَ فَهوَ مُجَسِّمٌ مُبتَدِعٌ؟.

الجواب
إنَّ اللهَ سُبحانَهُ وتَعالى وَصَفَ نَفسَهُ بِالعُلوِّ فَقالَ ( سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الأَعلى ) وقالَ ( هُوَ العَلِيُّ ) قالَ ( إنَّهُ العَلِيُّ القَدِيرُ ).

فَعُلوُّ اللهِ سُبحَانَهُ وتَعالى لا يَتَمارى فِيهِ أَحدٌ ولا يَجُوزُ لِمُسلِمٍ أَن يَقُولَ سِوى ذَلِكَ. أَمّا أَن تَقُولَ كَيفَ؟ فَهَذا لَيسَ مَطلوباً مِنكَ.

قَد وَرَدَ حَدِيثُ آحادٍ وهوَ أَنَّ أَمَةً جاءَ بِها سَيُّدها لِيعَتِقَها إلى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَليه وسَلَّمَ فَقالَ لَها: أَينَ الله؟.

وَرَدَ هَذا الحَدِيثُ؛ حَدِيثُ آحادٍ ولَم يَرِد فِي أَيِّ مَكانٍ آخَر أَنَّهُ صَلّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ سَأَلَ أَحَداً هَذا السُّؤالَ ولا أَنَّ أَحَداً مِنَ السَّلَفِ كان يَسأَلُ هَذا السُّؤالَ. فَمِثلُ هَذِهِ الأَسئلَةِ لَيسَت مَطلُوبَةً ولَيسَت مَرغُوبَةً.

فَعَلَيكَ أَن تَقرأَ آياتِ الإثباتِ وآياتِ النَّفيِ؛ آياتِ إثباتِ العُلوِّ كَما هِي وآياتِ النَّفي ( لَيسَ كَمِثلهِ شَيءٌ ) وأَلا تَخُوضَ فِي مِثلِ هَذا. هَذا لَيسَ مِنَ الأُمُورِ العَمَلِيَّةِ. إنَّ اللهَ يَسأَلُكَ عَن أَعمالِكِ ولا يَسأَلُكَ عَن ذاتِهِ يَومَ القِيامَةِ.

فَعَلَيكَ أَن تُؤمِنَ بِها فَهَذا مَذهَبُ سَلَفِ الأُمَّةِ الذي لا شَكَّ فِيهِ كَما يَقُولُ الطُوفِيُّ: مَذهَبُ الإمامِ أَحمَدَ وسائرُ عُلَماءِ أَعيانِ السَّلَفِ إمرارُها كَما هِيَ مَعَ السَّكُوتِ.

فَلا يَقُولُ أَحَدٌ شَيئاً كَما يَقُولُ أَبُو نُعَيمٍ شَيخُ البُخاريَّ، وذَكَرَ هَذا الحافِظ ابنُ كَثِيرٍ عِنَدَ تَفسِيرِ قَولهِ تَعالى فِي سُورَةِ الأَعرافِ ( ثُمَّ استَوى عَلى العَرشِ يُغشِي اللَيلَ النَّهارَ ) يَقُولُ: نُمِرُّها كَما هِيَ مَعَ تَنْزِيهِ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى عَمّا يَتَبادَرُ إلى الأَذهَانِ؛ هَذا كَلامُ أَبِي نُعَيمٍ شَيخِ البُخارِيِّ وشَيخِ الإمامِ أَحمَدَ وشَيخِ يَحيى بنِ معين.

فَالخِلافُ حَولَ هَذا وإثارَةُ الجَدَلِ حَولَ المَكانِ وحَولَ الزَّمانِ؛ هَذا أَمرٌ لَم يَكُن مِن صَنِيعِ السَّلَفِ وهوَ مُخالِفٌ لَما عَلَيهِ السَّلَفُ.

فَلا تَقُل شَيئاً، اقرَأها كَما هِيَ فَقَط. وعَلَيكَ أَن تُؤمِنَ كَما آمَنَ السَّلَفُ دُونَ زِيادَةٍ ولا نُقصانٍ. واقرَأ فِي الإثباتِ عُلوَّ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى فَأَنتَ تَقُولُ فِي صَلاتِكَ: سُبحانَ رَبِيَ الأعلى. واقرَأ فِي النَّفي ( لَيسَ كَمِثلهِ شَيءٌ وهوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ).
وهَذا المَطلُوب مِنكَ ولا تُجادِل فِي هَذا واللهُ أَعلَم.

رجل وهب لأبنائه دون بناته

السؤال
رَجُلٌ وَهَبَ أَرضاً واسِعَةً تَضُمُ الكَثِيرَ مِن المَزارِعِ لأَبنائهِ الذُكُورِ دُونَ الإناثِ.

وهوَ وَقتَها فِي كامِلِ أَهلِيَّةِ التَّصَرُّفِ. وبَعدَ وَفاتِهِ بَقِيَت الوَثائقُ مُفَرَّقَةً بَينَ الأبناءِ دُونَ أَن يُوَزِّعُوها. هَل يَجُوزُ لأَيِّ أَحَدٍ مِنَ الشُّركاءِ مَنعَ الآخَرِينَ مِن أَخذِ هَذِه الوَثائقَ لِدِراسَتِها ومَعرِفَةِ ما فِيها؟.

الجواب
بالنِسبَةِ لِما فَعَلَ الرَّجُلُ وأَنَّهُ مَلَّكَ أَولادَهُ دُونَ بَناتِهِ فَهَذا لا يَجُوزُ. وإن كانَ عِندَ بَعضِ العُلَماءِ تَمضِي هَذِهِ الهِبَةُ،

لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ نَهَى عَن الجَورِ فِي الهِبَةِ، أَلا يَجُورَ عَلى الأبناءِ. كَما فِي حَدِيثِ بَشِيرٍ والِدِ النُّعمانِ بنِ بَشِيرٍ فِإنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ لَمّا طَلَبَ مِنهُ أَن يَشهَدَ عَلى ذَلِكَ قالَ: إنِّي لا أشهَدُ عَلى جُورٍ.

فَلا يَجُوزُ لَهُ أَن يُعطِيَ بَعضَ أَولادِهِ وَيَحرِمَ الآخَرِينَ. بَلِ المَطلُوبُ مِنهُ أَن يُوَزِّعَ مالَهُ عَلى أَولادِهِ بِحَسَبِ التَّرِكَةِ؛ بِحَسَبِ تَوزِيعِ المِيراثِ. فَيُمكِنُ أَن يُعطِيَ للذَكَرِ مِثلَ حَظِّ الأُنثَيَينِ، هَذا لا مانِعَ مِنهُ. أَمّا أَن يَحرِمَ البَناتِ، فَحِرمانُ البَناتِ لا يَجُوزُ.

ولِهَذا؛ فَهَذِهِ الهِبَةُ يُمكِنُ أن يُذهَبَ إلى قاضٍ حَنبَلِيٍّ لِيُبطِلَها. طَبعاً؛ المالِكِيَّةُ سَيُمضُونَ الهِبَةَ لِبَعضِ الأَولادِ دُونَ البَعضِ وكَذَلكَ الشّافِعِيَّةُ. لَكِنَّ الحَنابِلةَ لا يُجِيزُونَ ذَلِكَ وهَذا هُو الأَقرَبُ للنَّصِ والأَولى.

أمّا بِالنِسبَةِ للوَثائقِ؛ فَهَذِهِ الوَثائقُ هي حَقٌّ لِجَمِيعِ الوَرَثَةِ. لَيسَت حَقّاً لأَحَدٍ مِنهُم دُونَ الآخَرِ.

فَيَجِبُ عَلى القاضِي الذي تُقامُ الدَّعوى أَمامَهُ أَن يَطلُبَ مِمَّن يَتمَسَّكُ بِهَذهِ الوثائقَ مِنَ الوَرَثَةِ أَن يُقَدِّمَها إلَيهِ لأنَّها حَقٌ للجَميعِ ولا يجُوزُ لأَحَدٍ مِنهُم أَن يَحتَكِرَها دُونَ الآخَرِينَ واللهُ أَعلَمُ.

العمل في مصنع يصنع حلويات (شوكلا)لاعياد النصارى

السؤال
اشتَغَلتُ بَمَصنَعٍ بـ ( أُورُوبا ) يَصنَعُ ( الشُوكُولا ) الخاصَّةَ بأَعيادِ المَسِيحِيِّينَ وأنا بِحاجَةٍ لهَذا العَمَلِ ولَم أجِد غَيرهُ. فَما حُكمُ ذَلِك؟.
الجواب

يَجُوزُ ذَلِكَ مَعَ كَراهَةٍ. فَهَذِه ( الشُوكُولا ) التي يَصنَعُونَها لأعيادِهِم إذا كانَت عَلى شَكلِ حَيواناتٍ ونَحوِ ذَلِكَ كَأَرانِبَ فَهَذا عِندَ مالكٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى يَجُوزُ؛ الصُورَةُ التي لا بَقاءَ لَها إذا كانَت مِن مادَّةٍ لا تَبقَى فَإنَّها جائزَةٌُ مَعَ كَراهَةٍ.

فَنَقُولُ بِصِفَةٍ عامَّةٍ: يَطِيبُ لَهُ ـ إن شاءَ اللهُ ـ المالُ الذي حَصَلَ عَلَيهِ مِن ذَلكَ عَلى أن يَجتَنِبَ الصُورَ التي فِيها رَمزِيَّةٌ. بِمَعنى؛ الصُورُ التي تَرمُزُ إلى ما يُسمَّى ( بابا نويل ) أَي: أَبُّ المِيلادِ.

فَليَجتَنِب هَذِه الصُورَةَ الرَّمزِيَّةَ، أما الصورُ الأُخرى ـ إن شاءَ اللهُ ـ فنَقُولُ: لا بَأسَ بِها. بِمَعنى؛ أنَّها مَكرُوهَةٌ لَكِن بِالحاجَةِ؛ إذا كانَ يَحتاجُ إلى ذَلِك ويَحتاجُ للعَمَلِ فِيها فيُمكِنُ أَن يعمَل فِيها.

فَالمَسألةُ مَكرُوهةٌ فَقَط عِندَ مالكٍ كَما يَقُولُ ابنُ رُشدٍ في ( البَيانِ والتَّحصيلِ ).

فَالمَسألَة تَرجِعُ إلى الحاجَةِ فَإذا كانَ مُحتاجاً لا يَجِدُ عَمَلاً آخَرَ، فَيَستَفَيدُ مِن هَذا العَمَلِ ولا مانِع مِن ذَلِكَ. وإذا كان يَجِدُ عَمَلاً آخَرَ فعَليهِ أَن َيَرجِعُ إلى ذَلِكَ العَمَلِ لأَنَّ هَذا مِن بابِ الذَّرائعِ؛ مُحَرَّماتِ الذَّرائعِ أو مَكرُوهاتِ الذَّرائعِ. والأَمرُ واسِعٌ إن شاءَ اللهُ.

الزواج بغير المسلمة

السؤال
هَل يَجُوزُ للرَّجُلِ أَن يَتَزَوَّج بِامرَأَةٍ غَيرِ مُسلِمَةٍ؟
الجواب
نَعَم، إذا كانَت يَهُودِيَّةً أو نَصرانِيَّةً؛ إذا كانَت كِتابِيَّةً فَيجُوزُ لَه أَن يَتَزَوَّجَها. لا إشكالَ فِي ذَلِكَ.

هل تسقط الجمعة عن من ليس عنده إقامة ويخشى السلطات؟

السؤال
هَل تَسقُطُ الجُمُعَةُ بِأَيِّ حالٍ عَنّا إذا لَم يَكُن أَحَدُنا عِندَهُ إقامَةٌ فِي البَلَدِ خَشيَةَ أَن يَصطَدِمَ بِالسُلُطاتِ؟.

ويَكُونُ فِي عِلمِكُم أَنَّهُ إذا اصطَدَم بِالسُلُطاتِ فَلَيسَ هُناكَ مَخاطِِرَ كَبيرَةً سِوى أَن يَطلُبُوا مِنهُ شَيئاً يَسيراً.

الجواب
إذا كانَ المَطلُوبُ مِنهُ شِيئاً يَسيراً فَليَذهَب إلى الجُمُعَةِ.

أمّا إذا كانَ فِي ذَهابِهِ للجُمُعَةِ غَراماتٌ كَبِيرةٌ أو نَحو ذَلِكَ كَسِجنٍ فَهَذا يُسقِطُ الجُمُعَةَ ويَجُوزُ لَهُ أَن يُصَلِّيَ فِي بَيتِهِ.

حكم مصافحة الرجال للنساء

السؤال
هَل تَجُوزُ مُصافَحَةُ النِّساءِ للرِّجالِ بِحالٍ مِنَ الأَحوالِ؟.
الجواب
الأَصلُ أنَّ الرَّجُلَ لا يُصافِحُ المَرأَةَ. لَكِن؛ إذا كانَت عَجُوزاً فَمَذهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى أنَّ مُصافَحَتُها تَجُوزُ.

ورُبَّما أَنَّ السائلَ يَسألُ ـ وهوَ فِي بَلَدٍ إفرِيقِيٍّ ـ فَيَقُولُ: إنَّ عَدَمَ المُصَافَحَةِ يُؤَدِّي إلى حَرَجٍ وتُؤَدِّي إلى تَباغُضٍ ونَحوِ ذَلِكَ.

فَإذا كانَت تُؤَدِّي إلى ذَلِكَ فَيَجُوزُ لَهُ أن يُصافِحَ بَعِيداً عَن الشَّهوَةِ وبَعِيداً عَن الاهتِمام بِالمَرأَةِ.

أَمّا إذا كانَت جَمِيلةً أو كانَت هُناكَ شَهوَةٌ فَلا تَجُوزُ المُصافَحَةُ بِحالٍ مِن الأَحوالِ.

إذا ذكر عَلى الذبيحة اسماً مَعَ اسمِ اللهِ .

السؤال
هَل المُذَكِّي، إذا ذكَر عَلى البَهِيمَة اسماً مَعَ اسمِ اللهِ، تُؤكَلُ ذَكاتُه؟ مَثَلاً، إذا قالَ: بِسمِ اللهِ، بِسمِ الرَسُولِ.
الجواب
الجَوابُ عَلى هَذا أَنَّهُ لا يَنبَغِي ولا يَجُوزُ أَن يَذكُر غَير اسمَ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى عِندَ ذَكاتِهِ.

ولَكِن؛ هَل ذَكاتُهُ صَحِيحَةٌ أو باطِلَةٌ؟، إذا كانَ هَذا اللَفظُ لا يُرِيدُ بِهِ إشراكاً بِاللهِ سُبحانَهُ وتَعالى بَل كانَ فَقَط مِن نَوعِ التّبَرُّكِ فَيَنبَغِي أَن تَكُونَ ذَبِيحَتهُ مُباحَةً.

لَكن؛ يَنبَغِي عَلَينا أَن نَنصَحَهُ أَن نَقُولَ إنَّ هَذا المَحَلَّ لا يُضافُ فِيهِ شَيءٌ لاسمِ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى فَاللهُ سُبحانَهُ وتَعالى يَقُولُ ( ولا تَأكُلوا مِما لَم يُذكَرِ اسمُ اللهُ عَلَيهِ ) ولَكِن إذا لَم يُرِد إشراكاً فَإنَّنا لا نَتَجاوَزُ إلى حَدِّ اعتِبارِ أنَّ ذَبِيحَتَهُ غَيرَ مُباحَةٍ واللهُ أعلَمُ.

عن اللغة التي انزلت بها التََّوراةُ والإنجيِلُ والزَّبورُ

السؤال
التََّوراةُ والإنجيِلُ والزَّبورُ؛ بِأَيِّ لُغَةٍ نَزَلَت؟.
الجواب
التَّوراةُ نَزَلَت بِالعِبرِيَّةِ؛ عَلى تَقدِيرِ أَنَّ ما هوَ مَوجُودٌ الآنَ هوَ التَّوراةُ الأَصلِيَّةُ.

اليَهُودُ يَقُولُونَ: إنَّ مُوسى عَلَيهِ السَّلامُ كَسَّرَ الأَلواحَ. طَبعاً؛ فِي القُرآنِ اللهُ سُبحانَهُ وتَعالى يَقُولُ ( ولَمّا سَكَتَ عَن مُوسى الغَضَبُ أَخَذَ الأَلواحَ ). إذَن؛ بِالنِّسبَةِ لَنا الأَلواحُ لَم يُكَسِّرها، هُم يَقُولُونَ: كَسَّرَ الأَلواحَ واحتاجَ إلى أَن يَكتُبَ التَّوراةَ مَرَّةً أُخرى. لَكِنَّهُم أَيضاً يَقُولُونَ: إنَّ التَّوراة ضاعَت بِالكُلِّيَّةِ فِي زَمَنِ ما يُسَمَّى بالأَسرِ البابِليِّ وأنَّها كُتِبَت بَعدَ ذَلِكَ مِن أحَدِ أنبِياءِ بَني إسرائيل وأنَّهُ وَجَدَ مِنها نُسخَةً وأَنّهُ كَتبَها. عَلى كُلِّ حالٍ؛ يُوجَدُ تَحرِيفٌ كَثِيرٌ وتَبدِيلٌ فَي التَّوراةِ؛ هَذا أمرٌ لا شَكَّ فِيهِ لَكِنَّ الظاهِرَ أَنَّها نَزَلَت بِالعِبرِيَّةِ. وكَذَلِك الزَّبُورَ؛ فَإنَّ داودَ مِن أَنبِياءِ بَنِي إسرائيلَ.

أمّا بالنِسبَةِ لِعيسى؛ فَلا يُعرفُ هَل اللُغَةُ التي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِها هِيَ الآرامِيَّةُ أو أَنَّها العِبرِيَّةُ، هَذا الأَمرُ لَيسَ مَحسُوماً تارِيخيّاً، هَل هِيَ الآراميَّةُ أو العِبرِيَّةُ؟. بِالإضافَةِ إلى أَنَّ الأَناجيلَ المَوجُودَةَ الأَربَعَةَ هِي أَناجيلُ كُتِبَت بَعدَ عِيسى بِفَترَةٍ طَوِيلَةٍ. بحَيثُ إنَّهُ مِنَ الصَعبِ أَن نَقُولَ: إنَّ هَذا هُوَ الذي نَزَلَ عَلى عِيسى وهوَ الذي قَال عِيسَى. بَعضُ الحَوارِيّينَ كَتَبُوا أَناجِيلَ مِثلَ إنجَيلِ ( لُوقا ) وإنجِيلِ ( بُطرُسْ ) وإنجِيلِ ( مَرقُصْ ) وإنجِيلِ ( يُوحَنَّا ) وهَذِهِ الأَناجِيلُ الأَربَعَةُ كُتِبَت بَعدَ عِيسى عَليهِ السَّلامُ. وبِالتّالي؛ فَلا يُعرَفُ هَل كُتِبَت بالآرامِيَّةِ وهَل اللُغَةُ التي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِها هِيَ الآرامِيَّةُ أو العِبرِيَّةُ؛ اللهُ أَعلَمُ. والآنَ أَصبَحَتِ الأَناجِيلُ مَكتُوبَةً بِلُغاتٍ أُخرى بَعدَ أَن حُوِّلَت إلى اللاتَينِيَّةِ ثُمَّ بِالإنجلِيزِيَّةِ مِثلَ إنجِيلِ ( جيمْسْ ). إذَن؛ الأناجِيلُ مَكتُوبَةٌ بِلُغاتٍ أُخرى غَيرِ اللُغاتِ القَديمِةِ التي كانَت مَكتُوبَةً بِها.

من أَخَذَ مالاً مِن بَنكٍ مِن دَولَةٍ غَربِيَةٍ، ولا يَستَطِيعُ سَدادَهُ ُوحُكمُ مالِ غَيرِ المُسلِمِ

السؤال
شَخصٌ أَخَذَ مالاً مِن بَنكٍ مِن دَولَةٍ غَربِيَةٍ، ولا يَستَطِيعُ سَدادَهُ لِكَثرةِ الزّيادَةِ السَّنَوِيَّةِ. فَكَيفَ تَكُونُ تَوبَتُهُ؟

وما حُكمُ مالِ غَيرِ المُسلِمِ؟.

الجواب
بِالنِسبَةِ للسُّؤال الأوَّل: إذا لَم يَستَطِع سَدَادَ هَذِهِ الدُّيُونِ فَإنَّها تَبقى فِي ذِمَّتِهِ.

وأَمّا التّوبَةُ؛ فَعَليهِ أَن يَستَغفِرَ اللهَ سُبحانَهُ وتَعالى وأَن يَندَمَ عَلى ما صَنَعَ وأن لا يَعُودَ إلَيهِ.

أمّا بِالنِسبَةِ للسُّؤال الثّاني: وهوَ مالُ غَيرِ المُسلِمِ. فَمالُ غَيرِ المُسلِمِ لا يَجُوزُ الاعتِداءُ عَلَيهِ؛ لا بِغِشٍّ ولا بِخَدِيعَةٍ ولا بِسَرِقَةٍ. لأَنَّ التَّأشِيرَةَ التي يَأخُذُها لِدُخُولِ هَذِهِ البِلادِ هِيَ عِبارَةٌ عَن عَقدِ أَمانٍ.

وعَقدُ الأَمانِ يُنافِي أَخذَ مالِ الغَيرِ بِطَرِيقَةٍ لَيسَت مُتَّفِقَةً مَعَ قَوانِينِ البَلَدِ. فَلا يَأخُذُهُ إلاّ بِطِيبِ نَفسِهِ. فَإذا أَعطَاهُ شَيئاً بِطِيبِ نَفسِهِ أَو حَصَلَ عَلَيهِ بِمُبايَعَةٍ أَو مُعامَلَةٍ؛ هَذا لا مانِعَ مِنهُ.

أَما أَن تَأخُذَ أَموالَ النّاسِ وتَتَحايَلَ عَلَيها بِسَبَبِ أنَّهُم غَيرُ مُسلِمِينَ فَهَذا لا يَجُوزُ شَرعاً.

الزَّواجِ مِن الكِتابِيَّةِ التي تَدَّعِي المَسِيحَيَّةَ ولا تُطَبِّقُ ما جاءَ فِي دِيانَتِِها. و حُكمُ الزواجِ بِنِيَّةِ الطَلاقِ لِلَحُصولِ عَلى الإقامَةِ ؟ وهَل هَذِهِ النيَّةُ جائزَةٌ؟

السؤال
أَنا طالبٌ مُورِيتانِيٌّ فِي دَولةِ أَلمانيا، أَتَشَرَّفُ بِسؤالِكُم عَن جَوازِ الزَّواجِ مِن الكِتابِيَّةِ الغَربِيَّةِ التي تَدَّعِي المَسِيحَيَّةَ ولا تُطَبِّقُ ما جاءَ فِي دِيانَتِِها.

وما حُكمُ الزواجِ بِنِيَّةِ الطَلاقِ لِلَحُصولِ عَلى الإقامَةِ فِي البَلَدِ؟ وهَل هَذِهِ النيَّةُ جائزَةٌ؟

الجواب
أَوَّلاً: يَجُوزُ أَن يَتَزَوَّجَ هَذِه الألمانِيَّةَ التي تُعتَبَرُ مَسيحِيَّةً حَتى لَو كانَت تُؤمِنُ بِأَنَّ عِيسى إلهٌ.

فَاللهُ سُبحانَهُ وتَعالى جَعَلَهُم أَهلَ كِتابٍ مَعَ أَنَّهُ جَلَّ وعَلى يَقُولُ ( لَقَد كَفَرَ الذينَ قَالُوا إنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ) ويَقُولُ (لَقَد كَفَرَ الذينَ قَالُوا إنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابنُ مَريَمَ).

فَبِالرَغمِ مِن ذَلِكَ فَإنَّهُم تُرِكُوا عَلى ما هُم فِيهِ وهُم أَهلُ كِتَابٍ، فَيَجُوزُ الزَّواجُ مِنها؛ هَذا أَمرٌ لا إشكالَ فِيهِ.

أَمّا الأَمرُ الثّاني: فَهوَ الزَّواجُ بِنِيَّةِ الطَلاقِ. الزَّواجُ بِنِيَّةِ الطَلاقِ صَحِيحٌ عَلى ما ذَهَبَ إليهِ جُمهُورُ العُلَماءِ كالشّاطِبِيِّ وابن العَرَبيِّ.

وذَكَرُوا أَنَّ هَذا مَذهَبُ جَماهِيِرِ العُلَماءِ، وهُوَ الصَحِيحُ مِن مَذهَبِ مالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَن يَتَزَوَّجَ وهو يَنوِي الطِّلاقَ؛ فَهُنا أَيضاً لا إَشكالَ فِي ذَلِكَ بشرط أن لا يصرح بذلك في العقد.

المَسأَلَةُ الثّالثَةُ: هوَ أنَّهُ تَزَوَّجَ بِنِيَّةِ الحُصُولِ عَلى الإِقَامَةِ فِي أَلمانيا. وهَذا أيضاً لا مانِعَ مِنهُ؛ فَقَد جاءَ فِي الحَدِيثِ أَنَّ المَرأَةَ تُنكَحُ لِمالِها ولِجَمالِها ولِحَسَبِها. فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ذَكَرَ أَسباباً غَيرَ السَّبَبِ الأَصلِيِّ للزَّواجِ وهوَ سَبَبُ الإقامَةِ والتَناسِلِ.

فَهُناكَ ما يُسَمّى بِالأَسبابِ التابِعَةِ أَو المَقاصِدِ التّابِعَةِ كَما سَمّاها الشّاطِبِيُّ.

وقَال الشاطِبِيُّ فِي:(المُوافَقاتِ ): لا مانَعَ مِن أَن يَتَزَوَّجَ لأَيِّ سَبَبٍ مِن هَذِهِ الأَسبابِ التابِعَةِ. فَالإقامَةُ تُعتَبَرُ سَبَباً تابِعاً؛ وإن كانَ التّابِعُ الآنَ أَصبحَ مُتَصَدِّراً فِي القَصدِ، فَإنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ. طَبعاً؛ هُناكَ قَراراتٌ لِلمَجلِسِ الأُورُوبيِّ لا تُجِيزُ أَو تَرفُضُ ذَلِكَ بِناءاً عَلى المَصالِحِ أَو المَفاسِدِ التي قَد تَتَرَتبُ عَلى ذَلِكَ.

فَنَحنُ نَقُولُ لَهُ: الحُكمُ الشَّرعِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَن يَتَزَوَّجَ لِطَلَبِ الإقامَةِ.

المُلاحَظَةُ الأَخيرَةُ: هوَ أَنَّ ما يُعَكِّرُ عَلى هَذا هوَ أَن هَذا قَد يُظهِرُ المُسلِمينَ بِمَظهَرٍ غَيرِ لائقٍ عِندَ الغَربِيينَ. بِالتّالِي؛ فَهَذِه المَرأَةَ قَد كَانَت تَحسِبُ عَلى أنَّها تُقِيمُ مَعَ هَذا الزَّوجِ وأَنَّ الزَّواجَ بَينَهُما سَيستَمرُّ بَينَما هوَ لَم يَكُن يُرِيدُ ذَلِكَ. ولِهَذا؛ فَنَحنُ نَنصَحُ إذا لَم تَكُن هُناكَ ضَرُورَةٌ أَن يَكُونَ الزَّواجُ بِنِيَّةِ الاستِمرارِ، ولا أَقوُلُ التَّأبِيدَ لأَنَّ الزَّواجَ عِندَنا فِي الإسلامِ لَيسَ بِنِيَّة التَّأبِيدِ؛ لَيسَ زَواجاً مَسِيحِيّاً عَلى حَدِّ عِبارَةِ ابن العَرَبِيِّ. بِخاصَّةٍ؛ إذا رَغِبَت هَذِهِ الزَوجَةُ فِي البَقاءِ مَعَهُ والإقامَةِ مَعَهُ لأَنَّ مِثلَ هَذا النَّوع مِن الزَّواج يُشَوِّهُ صُورَةَ الإسلامِ والمُسلِمِينَ فِي أَعيُنِ النَّاس وهوَ أَمرٌ لا يَجُوزُ مَعَ الاعتِباراتِ التي ذَكَرناها وهوَ أنَّهُ لا مانِعَ شَرعاً مِن الزَّواجِ بِنِيَّة الطَّلاقِ؛ لا مانِعَ شَرعاً مِن الزَّواجِ بِنِيَّةِ طَلَبِ الإقامَةِ، كُلُّ هَذِهِ لا مانِعَ مِنها مِنَ الناحِيَةِ الشَّرعِيَةِ. يُضافُ إليها فَقَط؛ هَذِهِ المَفسَدَةُ التي يَجِبُ أَن نَتَجَنَّبَها. واللهُ يُوَفِّقُنا ويُوَفِّقُهُ.

هل يجوز لمن في مرض الموت ان يؤثر بعض الورثة على بعض لضعف حالهم

السؤال
رَجُلٌ مَرِيضٌ بِمَرَضٍ عُضالٍ، ويَقُولُ الأَطِبَّاءُ أَنَّهُ قَد يَمُوتُ قَرِيباً. وهوَ يُفَكِّرُ فِي أَن يَهَبَ مُعظَمَ مِيراثِهِ إلى قِسمٍ مِنَ الوَرَثَةِ لأَنَّهُ يُقَدِّرُ أَنَّهُم أَضعَفُ أَو أَقَلُّ حِيلَةً مَن وَرَثَةٍ آخَرِينَ.

هَل يَجُوزُ لَهُ أَن يَهَبَ هَكَذا مَقادِيرَ كَبِيرَةً مَن مالَهِ لِوَرَثَتِهِ؟

أَم هَل يَجُوزُ لَهُ شَرعاً أَن يَستَرضِي الوَرَثَةَ الآخَرِينَ ويَأخُذَ مِنهُم تَعَهُّداً بِالتَّنازُلِ عَن أَنصِبَتِهِم لِلآخَرِين؟ تَعَهُّداً مَكتُوباً مَثَلاً؟.

الجواب
الأَصلُ أَنَّ الإِنسانَ إِذا كانَ فِي مَرَضِ المَوتِ، لا يَجُوزُ لَهُ أَن يَهَبَ شَيئاً مِن مالِهِ.

لأَنَّهُ أصبَحَ فِي حَالَةٍ مِن الحَجرِ عِندَ كَثِيرٍ مِنَ العُلَماءِ. بِالإضافَةِ إلى ذَلِكَ؛ فَإنَّهُ لا يَجُوزُ لَهُ أَن يُؤثِرَ بَعضَ الوَرَثَةِ عَلى الآخَرِينَ. ومَعَ ذَلِكَ؛ فَيَجُوزُ لَهُ أَن يَطلُبَ مِن بَقِيةِ وَرَثَتِهِ أَن يَهَبُوا جُزءاً مِن المِيراثِ لهَؤلاءِ الوَرَثَةِ الضِّعافِ.

فَالسَّبِيلُ الصَّحِيحُ فِي هَذا؛ أَن يَستَرضِيَ الآخَرِينَ وأَن يَطلُبَ مِنهُم أَن يَتَخَلَّوا عَن بَعضِ نَصِيبِهِم لِلوَرَثَةِ الضِّعافِ.

فَإذا هُم فَعَلُوا ذَلِكَ بَعدَ مَوتِهِ فَقَد بَرُّوا وقََد أَصابُوا. وإذا هُم لَم يَفعَلُوا فَلا حَرَجَ عَليهِم فِي ذَلِكَ لأَنَّ تِلكَ الهِبَةَ لَيسَت مُلزِمَةً ما دامَت لَم تُحَزْ ـ إلا عِندَ مَالِكٍ الذي يَقُولُ بِلُزُومِها وأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُم أَن يَقُومُوا عَلَيهِم بِدَعوى لِتَحصِيلِ تِلكَ الهِبَةِ التي وَهَبُوهُا لَهُم ـ لأَنَّها هِبَةٌ كانَت مُعَلقَةً بِمَوتِهِ، وبِالتالي فَإنَّها لَيسَت لازِمَةً إلا إذا أَحَبَّ الوَرَثَةُ بَعدَ مَوتِهِ إمضاءَ ذَلِكَ التَّعَهُّدَ فَذَلِكَ هُوَ الأَولى والأَفضَلُ واللهُ أَعلَمُ.

هل تجزِئ الجمعة خَلفَ إمَامٍ لا يَأتي بِالخُطبَةِ الثّانِيةِ بِالعَرَبِيةِ؟

السؤال
فَضِيلةُ الشَّيخِ؛ أَنا مُورِيتانيٌّ مُقِيمٌ فِي ( أَنغُولا ) في العاصِمَةِ تَحدِيداً ولَيسَ بِها سِوى مَسجِدٍ واحِدٍ. وهَذا المَسجِدُ إمَامُهُ أَحياناً يَقرَأُ الخُطبَةَ الثّانِيةَ يُتَرجِمُ فِيها الأُولى بِلُغَةِ البَلَدِ وهيَ البُرتُغالِيةُ، فَلا يُسمَعُ فِي الخُطبَةِ الثّانِيةِ بِالعَرَبِيةِ سِوى ما فِي الأُولى مِن آياتٍ و أَحادِيثَ.

السّؤالُ هُنا: هَل تُجزِئُ الجُمُعَةُ خَلفَ إمَامٍ لا يَأتي بِالخُطبَةِ الثّانِيةِ بِالعَرَبِيةِ؟.

الجواب
الإجابَةُ الأولَى: الأَصلُ أَن تَكونَ الخُطبَتَانِ بِاللُغَةِ العَرَبِيةِ، وهَذا مَذهَبُ جُمهُورِ العُلَماءِ.

لَكِنَّ أَبا حَنِيفةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى يُجِيزُ أَن تَكونَ الخُطبةُ بِاللُغةِ الأَعجَميةِ. ولِهَذا فَلا مَانِعَ مِن الصَّلاةِ مَعَ هَذا الإمامِ وبِخاصَّةٍ إذا كانَ أَهلُ البَلَدِ لا يُحسِنُونَ اللُغَةَ العَرَبِيةَ.

إلا أَنَّنا نَنصَحُ الإمامَ أَن يَقرأَ كَلِماتٍ باللُغةِ العَرَبِيةِ في الخُطبَةِ الثّانِيةِ مِن مِثالِ ( اذكُرُوا اللهَ يَذكُركُم ) وَ ( استَغفِرُوا اللهَ العَظِيمَ إنَّهُ كانَ غَفَّاراً ) ونَحوِ ذَلِكَ.

فهَذِهِ الكَلِماتُ قَد تُزِيلُ الكَرَاهَةَ أَو تُزِيلُ الخِلافَ والشُّبهَةَ التِي فِي هَذِهِ المَسأَلَةِ. ونَسألُ اللهَ لَنا ولَك التَّوفِيقَ.

حكم ايجاد حصة التربية البدنية في مدارس البنات

السؤال
ماحكم ممارسة النساء للرياضة واضافة حصة خاصة بالتربية البدنية في مدارس البنات؟
الجواب
فالأمر ظاهره الجواز اذا لم يكن هناك جو اختلاط بالرجال وفي المدرسة وحدهن والرياضة مطلوبة لاصلاح الجسم والعقل معاً ومن شأنها تمكين الانسان من القيام بمهماته بقدرة فائقة وهي مطلوبة اذا لم يكن هناك مانع شرعي كأن يختلي بالمرأة رجل اجنبي او يستلزم الامر ان تخلع ملابسها بصورة تخدش الحياء .

وينبغي عدم  التوسع في قاعدة سد الذرائع وأن نبتعد عن التضييق على الناس بالذرائع التي ليست سوى نوع من الوهم والوسوسة واذا عارضت مصلحة فإنها لا تكون معتبرة.