ارشيف ل December, 2010

إن مسائل التهاني لغير المسلمين، اختلف فيها الناس

السؤال
 محمود تراورى – جدة – جريدة الوطن 

هل يجوز تهنئة النصارى بأعيادهم ومناسباتهم وتعزيتهم في أحزانهم ؟

الجواب

الدكتور عبد الله بن بيه  قال لـ”الوطن”: إن مسائل التهاني لغير المسلمين، اختلف فيها الناس، وهناك من يرى جوازها، وأيدها الشيخ ابن تيمية في رسائله، وهي للمصلحة، وعلى هذا الأساس تكون التهنئة للمسيحيين جائزة، وهي من المسائل المختلف حولها، التي ينبغي ألا تثير التباغض والتدابر بين الناس.

ورأى ابن بيه أن المصلحة تكمن الآن في التحالف مع الذين يحكمون قيم الوئام والسلام وترك الخصومة، فالمطلوب الآن إنقاذ البشرية من ويلات الحروب.
وتابع العلامة ابن بيه: يقدر بعض الناس مصلحة قد لا يقدرها الآخر، فبعضهم لا يرى ما يمنع التهنئة بناء على انعدام الأدلة، وينادي باتساع الصدور، ومشكلتنا في العالم الإسلامي عدم اتساع الصدور للمسائل الخلافية.
وأضاف : نحن ننصح أن يتعلم الناس الاختلاف وأسباب الاختلاف، وهناك أسباب كثيرة منها ثبوت النص ومعقول النص ودلالة النص.
واستدل الدكتورابن بيه في دفوعاته بتزكية الرسول صلى الله عليه وسلم لحلف الفضول، وهو حلف عقد في الجاهلية قال عنه الرسول (لقد شهدت في دارعبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت. تحالفوا أن ترد الفضول على أهلها، وألا يعز ظالم مظلوما).

كما أن أغلب المفسرين فسروا آية (وتعاونوا على البر والتقوى) بأنها ليست مقتصرة على المسلمين فقط، متكئين على ما قبلها (لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى)، وعلينا كمسلمين أن نستوعب هذه المعاني، دون أن نقدم أي تنازل عن ديننا. ولا يعتبر ابن بيه من أقدم على تهنئة المسيحيين متنازلا عن دينه.

العلامة ابن بيه : لا حرج في تلبية دعوة غير المسلمين إلى أعيادهم وخصوصا في بلاد الأقليات

 

أيّد العلامة الدكتور عبدالله بن بيه رأي الشيخ قيس المبارك في شأن جواز تلبية دعوة غير المسلمين لحضور أعيادهم، مستشهداً برأي شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه القضية، مطالباً بإنزال الواقع الجديد على حياة المسلمين اليوم.

وكان رأي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ قيس المبارك في شأن تلبية دعوة غير المسلمين لحضور أعيادهم أثار جدلاً في الوسط الديني في السعودية، باعتباره لا يعبر عن رأي غالبية، ويخالف منهاجهم في التعامل مع قضايا الولاء والبراء والتعامل مع غير المسلم.

وكان المبارك قال: «إنه مباح إذا قُصد من ورائه إدخال الفرحة عليهم، وتأليف قلوبهم على الإسلام». ويبدو أن هذا الخلاف ليس وليد الأمس، فقبله بسنوات أعلن نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين الدكتور عبدالله بن بيه رأيه في جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، معززاً رأيه بتأييد ابن تيمية لهذا الرأي في رسائله، إذ قال: «إن تهنئة غير المسلمين مختلفٌ فيها بين العلماء. وفي مذهب الإمام أحمد ثلاث روايات بالمنع والكراهة والجواز. وهذه الرواية الأخيرة هي اختيار الشيخ تقي الدين بن تيمية لما في ذلك من المصلحة، وهي التي نختارها، فتجوز تهنئتهم وتعزيتهم وعيادة مرضاهم. نصَّ على هذه الروايات في هذه الحالات كلها المرداوي في الإنصاف، وما يذكر عن ابن تيمية في بعض الكتب الأخرى قد لا يتفق مع اختياراته الموثقة».

وقال الشيخ ابن بيه لـ «الحياة»: «رأيي في هذه المسألة هو في سياق الحديث عن الأقليات وأوضاعهم الخاصة، فعليهم أن يندمجوا في مجتمعاتهم بما لا يذيب شخصيتهم وهويتهم، وليس في هذا الأمر حدٌ معين، لأن الأعياد خرجت عن كونها دينية إلى أن أصبحت جزءاً من العلاقات الإنسانية».

وأوضح ابن بيه أن أمر المشاركة في هذه الأعياد معقود بـ «النية»، إذا لم يكن القصد مشاركة دينية، إنما من باب المصالح وتأليف القلوب. وأضاف: «ليس هناك نص من الشارع يحرم ذلك، لكن المشاركة في الطقوس أو الصلاة معهم هو الأمر المحرم الذي قد يُودي بصاحبه إلى الكفر».

ويرى ابن بيه أن مشاركتهم بالحضور وتقديم الهدية لهم هو «أمر جائز، كون مناسبات أعياد الميلاد خارجة من إطارها الديني»، لكن إهداء شجرة الميلاد بحسب رأيه «محرم، لأنه تشبه بهم».

ودعا العلامة عبدالله بن بيه علماء الأمة إلى «تحقيق المناط»، وهو إنزال الحكم على الواقع الجديد، فالمسلمون في فرنسا تحكمهم هوية «المواطنة» وليس الدين، مستشهداً بقول ابن القيم: «من لم يحقق المناط على الزمان والمكان فقد ضلَّ وأضلَّ».

Message to the People of Pakistan //رسالة الى الشعب الباكستاني

رسالة من العلامة عبد الله بن بيه الى الشعب الباكستاني والمسلمين في كل مكان لوقفوا النزيف في باكستان ويساعدوا في عودة الأمن والسكينة.

المشايخ ابن بيه والقرضاوي : الدعوات الى الغاء المواثيق الدولية فيها كثير من اللبس و المواثيق الدولية في مجملها لا شيء فيها

قال وزير العدل الموريتاني الأسبق الشيخ عبدالله بن بيّه: “هذه البيانات والدعوات إلي إلغاء العمل بالمواثيق الدولية والمعاهدات بين الأمم المتحدة وبين الدول فيها كثير من اللبس والمغايرة ، ولا نقاش حول أن الآيات التي تدعو إلي جهاد الكفار وقتالهم لاشك فيها“.
وأضاف: “هناك عشرات الآيات التي تقابلها تدعو إلي السلام، مثل قوله تعالي: ‘لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم’ ، وقوله تعالي: ‘يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعهود’ ، وقوله تعالي: ‘وإن جنحوا للسلم فاجنح لها’ وهذه الآية مكملة لآيات القتال ، وهي لا شك فيها أيضًا“.
وأردف ابن بيّه أنّ الحديث عن هذه القضية بهذه الصورة أمر يلبس علي العامة، وأنصاف المتعلمين ، فهذه المواثيق جاء الكثير منها بالسلام، ومعلومٌ أن دعوة الإسلام هي السلام، مشيرًا إلي أن النبي صلي الله عليه وسلم قبل التفاوض في صلح الحديبية. 

 

وفي سياق ذي صلة أعرب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي عن قناعته بأن المواثيق والعهود  السارية علي العالم كله، وبما فيها دول العالم الإسلامي والعربي، في مجملها لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية لأنها تتحدث عن تنظيم العلاقات بين الدول، والحفاظ علي حقوق الناس، وحقوق الدول.

وقال القرضاوي: “هناك أناس من المسلمين يرون أن الدول الكافرة لا يصح التعامل معها وفق تلك المواثيق والمعاهدات الدولية. إلا أن المواثيق الدولية في مجملها لا شيء فيها لأنها تتحدث عن تنظيم العلاقات بين الدول، إلا ما فيما يتعلق ببعض الموضوعات الخاصة. مثل موضوع المرأة، والإرث. وهذه البنود تحفظت عليها كثير من الدول الإسلامية ولم تطبقها، وما يتفق مع أحكام الشريعة فإننا نأخذ به، وما لا يتفق معها فإنه يرد، ولا يتم العمل بموجبه”.

ضوابط الترشيد ومتطلبات التجديد

محاضرة القاها العلامة ابن بيه في جامعة نواكشوط بتنسيق من رابطة علماء موريتانيا في الذكرى الخمسين للإستقلال.

محاضرة بعنوان “ضوابط الترشيد ومتطلبات التجديد” في نادي الأحساء الأدبي

  العلامة ابن بيه يزور منطقة الأحساء لمدة 3 ايام ويحاضر في النادي الأدبي عن “التجديد” وضوابطه.

العلامة ابن بيه يزور منطقة الأحساء

 العلامة ابن بيه يزور منطقة الأحساء لمدة 3 ايام ويحاضر في النادي الأدبي عن “التجديد” وضوابطه.

ابن بيه : يتحدث في الشريعة والحياة عن الفقهاء وتقسيم العالم

 

ابن بيه : يتحدث في الشريعة والحياة عن الفقهاء وتقسيم العالم

 

 

 

 
القاهرة: مي محمود
 
أكد  الدكتور عبد الله بن بيه ـ نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ـ أن التقسيمات الفقهية للعالم اجتهاد فقهي توصيفي،  يقوم على واقع وليس توقيفا من الشارع إلا بقدر ما يتعلق ببعض الأحكام الشرعية ،  موضحا أن هذا التقسيم يعتمد على ظواهر من الكتاب والسنة ، وهو تقسيم وظيفي ، بمعنى  أنه يراعي وظائف العالم في ذلك الوقت ، أي يصف واقع العالم ؛  لذلك فهو وظيفي توصيفي ؛ ولهذا فهي  ظواهر وليست نصوصا قطعية من الشارع،وهذه الظواهر منها أمر الله ـ سبحانه وتعالى ـ  بالهجرة {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ..}[النساء:100] ترغيبه في الهجرة، ، والوعيد الذي كان في شأن المستضعفين الذين لم يهاجروا وبقوا مع الكفار ، واستثنى الله منهم أولئك الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا.
 
 
و في السنة بعض الأحاديث التي فيها “وليتحول وليتحولوا إلى دار المهاجرين”  وأن النبي “صلى الله عليه وسلم”  كان يأمر بذلك أمراء السرايا،و لكن القضية أساسا محتوى هذا المصطلح وبالتالي تطبيقات هذا المصطلح،  والتي  تظهر في قضية الإقامة في منطقة معينة من الأرض في مسألة الهجرة ، أي خروج من هذه المنطقة ، وفي معاملات أخرى يختلف العلماء في أحكامها، فهذا هو المضمون وهو مجال تطبيق هذا التقسيم.
 
 
مفهوم المصطلح  
وقال ابن بيه في  برنامج “الشريعة والحياة” الذي تعرضه قناة الجزيرة الفضائية بعنوان ” الفقهاء وتقسيم العالم ” : إن العلماء لهم اجتهادات متعددة حول مصطلح تقسيم العالم ، فبعضهم يقول:” دار حرب ودار إسلام ودار عهد” ، أي أن دور الكفر تنقسم إلى قسمين:  إلى دار حرب،  أهلها يحاربون،  وإلى دار عهد وأمان أو عهد وموادعة أو عهد وهدنة، يسمونها كل هذه الأسماء.  الأحناف عندهم الدار داران دار إسلام ودار حرب.
 
دار مركبة
وتابع : هناك دار مركبة عن الشيخ تقي الدين بن تيمية ، وهى دار لا دار حرب ولا دار إسلام،  فهي واسطة بين دار الحرب ودار الإسلام ، أو بين دار الكفر ودار الإسلام؛  لوجود جنود من التتار لم يكونوا مسلمين ، وإن كانت عبارة الفتوى قد يفهم منها غير ذلك،  ووجود شعب وجود ناس من المسلمين يقيمون في هذه الديار، فهذه الفتوى جعلت الدار مركبة.
 
و الدار المركبة وجهتها فريدة ؛ لأن العلماء جروا على دارين أو على ثلاث دور، والتقسيم سببه هو الأحكام المترتبة عليه ، هل تجب الهجرة من دار غير المسلمين إلى دار المسلمين؟ هل تجوز الإقامة في دار غير المسلمين؟ هل تجوز المعاملات الفاسدة التي لا تجوز شرعيا في هذه الديار كما هو مذهب الأحناف؟
 
 
طبيعة الحياة
وأوضح أن  هذه الأحكام الشرعية المتعلقة بالدور كرست لهذا الانقسام ،  لكن السبب التاريخي هو أنه لم يكن العالم محكوما بمعاهدات ، حيث  كانت العلاقة بين الدول بل بين القبائل عندما بعث رسول الله “صلى الله عليه وسلم”  كانت هذه العلاقة إما  عداء أو  حرب أو غلبة أو  أن تغلب دولة دولة أخرى كما بين الروم وفارس،  أو أنها تخضع لها ، بمعنى  لا تقبل منها غير ذلك،  حيث  لم تكن الصدور متسعة في ذلك الوقت للإمبراطوريات إلا للقتال أو لغلبة أحد الطرفين  التي لا بد أن يكون مغلوبا والآخر يكون غالبا، فهذا الواقع الذي كان في حياة القبائل في حياة الدول المنظمة مثل الفرس والروم.
 
 
تقسيم تاريخي
ونوه : أن  هذا الواقع انعكس على واقع الفقه عندما أراد الفقهاء النظر في العالم في هذا الوقت فهو عالم من جهة إما أن يكون محاربا وإما أن يكون مسالما داخلا تحت حكم الإسلام بما يسمى بالذمة أو معاهدا وهذا له أحكامه الخاصة فيه، فهو تقسيم تاريخي يعتمد على ظواهر من النصوص ويعتمد على بعض التطبيقات المتعلقة بالأحكام الشرعية
 
 
 
جوانب الخلل
ونوه أن هناك خللا كبيرا في فتوى الدار المركبة ، كما  ذكر  شيخ الإسلام أن هذه الدار فيها معنيان،  وأنه يجب أن يعامل المسلم بما يستحقه ، وأن يعامل الخارج عن الشريعة بما يستحقه ويقاتل، لذلك  فالخلل هو أن نسخا مطبوعة من فتاوى ابن تيمية فيها “ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه”،  
واستطرد قائلا : والحقيقة عندما قرأتها لم أستسغها ، وقلت:  إن الصياغة والسياق لا يقتضيانه، بل يقاتل هذه هي يعامل، لأنه كيف تقول يقاتل بما يستحقه؟ القتال ليس فيه درجات، يقاتل يقاتل، ثم إن السياق يدل على وجود مصانعة ومعايشة بين الطرفين،  وهذا سياق فتواه؛  ولأجل هذه قلنا : إنه يعامل ، ولكن لحسن الحظ ، وجدنا ابن مفلح في كتابه “الآداب الشرعية” ينص على هذه الفتوى،  ويقول:  إن شيخ الإسلام قال : ويعامل، ويعامل الخارج عن الشريعة بما يستحق؛ لأن يقاتل فيها خطورة كبيرة تلقفها بعض الناس وترجمت في اللغات الأجنبية مع الأسف ، وقال : يُقاتل !! من الذي يقاتل مبني للمجهول، ثم من يقاتل؟ ثم ما هي درجة الخروج عن الشريعة التي تؤدي إلى المقاتلة؟ ومما يستحقه ؟ وما هو هذا الاستحقاق؟ إشكالات كبيرة ، ووجدت ابن مفلح ساق الفتوىـ  وهو تلميذ ابن تيمية ـ صحيحة ، وكذلك محمد رشيد رضا قبل قريب من مائة سنة ، وكذلك الفتاوى الأجوبة النجدية،  وفيها أيضا على الصحة، لم يبق لنا إلا أن نحصل على المخطوطة الموجودة في المكتبة الظاهرية في دمشق التي يمكن أن تبين الحقيقة في هذه المسألة؛  لأن  في الحقيقة “يقاتل” فيها خطورة كبيرة جدا ، وهذه الخطورة أثرت في بداية السبعينيات ، وبخاصة في بعض الكتابات التي تتحدث عن الدار ككتابات محمد خير هيكل الذي يتحدث عن الدار ويقول: إن دور الإسلام الآن هي كلها دور كفر وليست دور إسلام.
 
 
آثار العولمة
وأشار إلى أن هذا التقسيم لم يعد صالحا بسبب  المواثيق الدولية و العولمة التي لم يبق بلد الآن إلا وفيه مجموعة من المسلمين،  قلت أو كثرت،  والعلاقات التي تحكمهم مع السلطات الموجودة هي علاقات إنسانية علاقات بشرية علاقات فضاء تسامح، ولأجل هذا وانطلاقا من الرسالة النبوية التي هي رسالة شاملة كاملة للعالم كله “إني رسول الله إليكم جميعا”، فالعالم المعمورة هي إما أن تكون من أمة الإجابة ، وإما أن تكون من أمة الدعوة ، وكل أمة رسول الله “صلى الله عليه وسلم”  على اختلاف في من استجاب لهذه الدعوة ومن لم يستجب لها.
 
 
 ثم إن هناك أحاديث تؤيد هذا فيما يتعلق بالهجرة في حديث فديك، وفديك هذا رجل أسلم ، ولكن قومه قالوا له “دن بما شئت وابق معنا”، أريد أن نهتم بكلمة “دن بما شئت”، الحرية الدينية، فلما توفرت له الحرية الدينية بقي مع قومه حتى وفد إلى النبي “صلى الله عليه وسلم”  فلما وفد إليه في سنة ست قال:  يا رسول .. يقال : إن المهاجر.. قال النبي “صلى الله عليه وسلم”:  “يا فديك أقم الصلاة وآت الزكاة واهجر السوء واسكن من أرض قومك حيث شئت”.
 
 
اختيار فقهي
وأوضح ابن بيه  أنه قال : من أرض قومك ، ولم يقل من دار قومك.  فالدار هي لغة تقال للأرض التي يسكنها الناس،  تقال للمنزل تقال للمسكن لكن الفقهاء أخذوها كمصطلح.  الشريعة لا تقول البلد،  وإنما تقول:  “البلاد” وتقول:” الدور” ، والدار لغة كل ما يسكن وكل ما ينزل به، لأن ً المصطلح نفسه هو اختيار فقهي، و لأن الدار سميت بها المدينة {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ..}[الحشر:9] ؛ لأنها كانت دار هجرة ، وهي ستظل ؛ ولذلك سماها عبد الرحمن بعد ذلك قال لعمر : “حتى ترجع لدار الهجرة” لكن هذا الاسم أو هذه العهدية التي ترجع إلى المدينة ليس لازما أن تعين بدار الإسلام، مكة سميت قرية {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ}[محمد:13] سماها قرية، سمى مكة قرية وهي أم القرى إذاً هذا الإطلاق وكونها قرية هذا لا يعطي حكما شرعيا.

التجديد الذي نريده للأمة نريده حافزا لا حاجزا


استضافت رابطة العلماء الموريتانيين العلامة الشيخ عبد الله ولد بيه المعروف بموسوعية علمه مساء الاثنين في ندوة فكرية بمدرج المعرفة بجامعة انواكشوط، تحت عنوان: “التجديد بين الدعوة والدعوى”


حضرت الندوة شخصيات رسمية عديدة من القطاعات ذات الصلة؛ من بينها وزير التعليم والأمينان العامان لوزارتي الشؤون الإسلامية والاتصال وشخصيات حزبية وإعلامية وعلمية.


وجاء هذا الحدث البارز بمناسبة تخليد مرور خمسين سنة على الاستقلال الوطني. ولأن الذكرى كبيرة فقد كان الحدث كبيرا أيضا وبمستوى تطلعات هذا الشعب المتعطش للعلم والعلماء، وفرصة نادرة لمعايشة نموذج شنقيطي أصيل في تواضع وموسوعية العلامة عبد الله ولد بيه.


“السفير” حرصا منها على رصد جديد الساحة الثقافية والعلمية لقرائها الكرام كانت في الموعد لحضور هذه الندوة.

 

الانطلاقة الفعلية لهذه الندوة كانت مع الكلمة الترحيبية التي ألقاها وزير التعليم الثانوي والعالي حيث قال: “إن العلامة قدم خدمات لا يمكن تجاهلها وأرشد الأمة إلى الدين الصحيح، وتمثل جهوده الآن معينا  يستقي منه الجميع من خلال مراكز الإفتاء العديدة والبرامج الإذاعية والتلفزيونية.. فكان علمه فيضا يزيل الجهل وينير الطريق”.. مشيرا في الأخير إلى التطور الذي شهدته الجامعة في السنوات الأخيرة في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز؛ وداعيا فضيلة العلامة إلى الدخول في شراكة مع قطاعه من خلال المركز الذي يرأسه.

بعده تناول الكلام العلامة حمدا ولد التاه الأمين العام لرابطة العلماء الموريتانيين مرحبا بالعلامة ولد بيه ومثمنا حضوره؛ لينتقل ميكرفون الندوة إلى فضيلة المحاضر عبد الله ولد بيه الذي بدأ قائلا:

“يطيب لي أن أوجه برقيات خاطفة بعد أن كان رأيي أن أكتفي بالحمد واترك الحضور يتحدثون؛ لكن الزملاء رأوا غير ذلك فاستجبت لهم.

الكلمة الأولى إلى معالي وزير التعليم العالي والثانوي الذي فاجأني بتكريمه لي بحضور هذه المحاضرة.

الكلمة الثانية إلى العلماء الذين أرادوا تكريمي بصحبتي دنيويا وأرجو أن تكون أخروية كذلك، وإن كنت قد حظيت بالتكريم في الخارج؛ لكن التكريم في أرضي له وضعه، وبالتالي فهو يشعر العود أنه ليس من الحطب.

الكلمة الثالثة أشكر رئيس الجمهورية على تكريمي أمس، وأرجو أن يوفق الله قادة البلاد لكل خير.

أما بخصوص موضوع المحاضرة فإنه موضوع تأصيلي من الصعب النزول به إلى اللغة المفهومة عموما؛ لكونه متخصصا.. فالتجديد بين الدعوة والدعوى يعني أن العالم الإسلامي يغوص في غمرة من الأفكار وتارة من الحيرة، فهو يواجه أوضاعا عالمية غير مسبوقة وانسدادا في طرق الخروج منها؛ وهي ناشئة في النفوس وليس لها وجود خارجي، وهي التي على المستوى الفردي أو الجماعي أوجدت هذا الوضع، ولهذا لم يكن من قبيل الصدفة أن يقول المولى عز وجل: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} إن التجديد الذي نتطلع إليه تجسده المنظومة الفكرية التي تحكم المفاهيم في نطاق الأسرة الإسلامية، والمسلمون لهم معيارهم.

ودعونا نقترب من الموضوع من حيث تعريفه وضوابطه لنقول إن التجديد مفهوم إسلامي؛ ولذا جاء في الحديث أن الله يبعث لهذه الأمة من يجدد لها دينها على رأس كل مائة سنة؛ لكن العلماء لم يكونوا متفقين على مضمون التجديد.. فهو ليس من المصطلحات المحددة كالبيع وغيره، والتجديد هو لفظ عربي: جدد الشيء جعله جديدا، وقد استعمل في الجاهلية في بيت واحد لزهير بن أبي سلمى.

ومنها ما يتعلق بالتجديد في النفوس، كتجديد التصوف حيث جاء في مسند الإمام أحمد جددوا إيمانكم..

وهو يتعلق بتجديد المناهج التي تحكم فكر الإنسان، وتتلخص في نوعين: الاستنباط والانضباط؛ لكيفية واقع الإنسان المتغير وحياة الإنسان للمواءمة بين المقدس وأفعال الإنسان، وهذا النوع من التجديد أطلق العلماء على القائم به اسم مجدد، وأول من أتى به هو الشافعي في كتبه في وقت يعج فيه العالم بعلماء كبار ولم ينكروا عليه، وكان متقبلا عند الغالبية كأصحاب مالك والحنفية.. وقد كتب عن كيفية استنباط الأحكام من القرآن.

والدعوة إلى التجديد هي دعوة مشروعة لمواكبة التغيرات التي لا حصر لها، فكيف نتعامل مع هذه الوقائع؟ وما هي التحركات التي نعمر بها هذا الكون؟

إن الدعوى على نوعين: دعوى تتعلق بالشخص ودعوى تتعلق بالموضوع. ودعوى التجديد ما تزال قائمة؛ وفي كل قطر هناك علماء أشير إليهم بقيامهم بتجديد ما في الظروف التي عاشوها؛ لكن الدعوى باقية في وسائل التجديد، وقد رأيت فيها طريقة خاصة تعتمد المنهج الأرسطي؛ فالفلسفة اليونانية عبارة عن ظروف إنسانية.. وبالتالي فهي أوعية تضع فيها ما تشاء. وقد تعامل معها السلف نقدا وتقويما..

وتعتمد نظرية أرسطو هذه على رباعية مكونة من المادة والصورة والغاية والفاعل؛ فاخترت هذا المنهج ولما نشرت الكلمات الأولى من هذا الموضوع قال العديدون: إنك نكصت عن طريق الآخرين!

والتجديد إما أن يكون في إحدى هذه المسائل الأربع، والنظر في كيفية تجديدها.

وفي هذا الإطار فقد عرف الشافعي بمذهبيه -القديم والجديد- وشهد العالم العربي في ماضيه تشيعا وتنوعا في الآراء، وكانت رسالة الشافعي تبحث عن إثبات أدلة للأحكام وإثبات أحكام الأدلة.

ولأن الوقت لن يتسع للخوض في التفاصيل أعود إلى الصورة التي يكتسب بها الشيء ماهيته؛ فمادة أصول الفقه هي هذا، والصورة هي مجال التجديد ومجرى سوابقه؛ وهي عبارة عن التركيب والتبويب والتلقيب، وليست هذه الألفاظ سجعية؛ بل لا بد من الوقوف عليها (كل على حدة) فالتركيب من أمثلته القياس، والتبويب يعني تصنيفا لصورة المادة، والتلقيب من أمثلته الاستحسان؛ فكيف نجدد في هذا ولماذا نحن بحاجة للتجديد؟

هنا أشير إلى كلمات إمام الحرمين الجويني المتوفى في حدود 470 هجرية، الذي قال إن النبي ينسخ شريعته الذي يليه وهذا نوع من التجديد؛ وفي شريعة الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم كان العلماء يضعون من العلوم ما هو بمثابة التجديد”.

وأضاف أن “الغاية كانت بين أيديهم نصوصا محددة، ثم عنت لهم متغيرات وجدوا لها نصوصا لا تخرج عن الشريعة. والآن فإن الواقع الذي نعيشه تغير من أخمص قدمه حتى رأسه على صعيد الاقتصاد والسياسة والعلاقات الدولية والنظم السياسية.. فهل تلك القضايا تتسم بخاصية الثبوت؟

وللخروج بأحكام تجديدية تواكب هذه التطورات يمكن اعتماد محاور ثلاثة تتلخص في:

1-   دلالات الألفاظ.

2-   معقول النص.

3-   تنزيل النصوص على الواقع.

وهنا أدعو الطلاب والعلماء إلى الوقوف عليها، حيث يمكن أن نتعامل معها من خلال وضع اللفظ ومن ثم نخلص لمرحلة الاستعمال الذي قد يكون وحيا أو إنسانيا.

ففي مجال دلالات الألفاظ التي تعني حمل اللفظ على عدة أوجه -والذي هو من فعل المتلقي- نورد هنا بعض أمثلة الخلاف في الحمل؛ فالظاهرية يقولون -على سبيل المثال– في رضا البكر: إذنها صماتها؛ أما لو باحت به صراحة فيبطل النكاح!.

أما المعتزلة فيقولون إن قوله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} أي جعله فقيرا؛ فيما يذهب التكفيريون إلى استعمال كلمة الكفر على غير محمولها الصحيح الذي هو لغة الجحود.. وجعلهم ذلك يقطعون قطعا كاملا في مسألة التكفير التي هي استباحة لدماء الناس تتعلق بالتفسير الخاطئ للآيات القرآنية المتحدثة عن الكفر والتولي.

والدلالات القطعية على العموم قليلة في اللغة؛ سواء في المجالات العقدية أم الفقهية”.

وبعد معرفة تفسير الألفاظ انتقل الشيخ ولد بيه إلى التعليل “وهو المرحلة الثانية بعد القراءة؛ ثم لماذا؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم  نهى أن يبيع أحدنا ما لم يقبض. ونحن في هذه الأيام نشتري سيارة ونبيعها قبل أخذها. وقد أجاز الشافعي وأحمد بيع المستقر، ومالك قال إنه لا يجوز في الطعام، وهذا يوسع مجال المعاملات حاليا؛ وهذا التعليل يحكمه ثلاثي يوناني أيضا هذه المرة؛ وهو: من الكلي إلى الجزئي ومن الجزئي إلى الكلي ومن الجزئي إلى الجزئي، فهو قياس تمثيل، ويحكم معلولية النص في كل الفقه الإسلامي، وإن كان هناك خلاف مع ابن تيمية؛ فالمصالح المرسلة وسد الذرائع تعليل بكلي. وبدون التعامل مع الاستقراء والاستنباط فنحن لا نستطيع أن نصل إلى إحياء لمضمون النص.

وفيما يخص التنزيل فمنذ ما يقارب 30 سنة بدأنا في المجتمعات الإسلامية نتعايش مع آلاف القضايا نعايش آلاف القضايا الجديدة.. مثل ما يتعلق ببطاقات الائتمان والبورصات والتضخم، ومسائل المواطنة والولاء والدساتير والبرلمانات.. وهي مسائل جديدة أفرزتها متغيرات الحياة؛ فهل يصلح أن نفتي فيها بنصوص وضعت في القرون الأولى!

فعلى سبيل المثال مسألة تولي المرأة -التي هي اليوم في رئاسة بعض الدول أو على رأس حكوماتها- تطرح بإلحاح دراسة رفع الإثم عن الأمة بالنظر إلى متغيرات الأوضاع الراهنة، والواقع في ذلك مسألة مهمة.

والتجديد الذي نريده للأمة نريده حافزا لا حاجزا، تنطلق فيه الأمة إلى الخلق والإبداع في وئام. ولعل الورشات التي قيم بها توفق في عملها. وعلى الشعب أن ينطلق في العمل لينشئ لا ليهدم؛ فالعالم العربي يموج بألوان من الحيرة الكبيرة.. يكاد ينطبق عليها الحديث القائل: إذا رأيت شحا متبعا وهوى مطاعا..

فالتجديد يكون بالعمل والخلق السوي؛ وهو أمر مهم جدا، وعلى الطالب –والمتعلم- أن ينقل الأشياء بأمانة؛ فهناك تساهل للتجاوز، فلا بد من تعليم احترام الكلم والمال ونبذ الفواحش، والنساء إذا كن يردن التقدم فعليهن التقدم بالأخلاق الحميدة والمروءة.. فعلى المرأة العمل والبناء ومعها الشريعة.

وختاما أقول إن مجدد هذا العصر لن يكون عالما واحدا؛ بل سيكون التجديد عمل جماعة في عصرنا هذا”.

تقرير عن محاضرة “التجديد” في جامعة نواكشوط

احتضنت جامعة انواكشوط محاضرة بعنوان “التجديد بين الدعوة والدعوى” نظمتها رابطة العلماء الموريتانيين احتفالاالمخلدة بالذكرى الخمسين للاستقلال الوطني القاها العلامة الشيخ عبد الله بن بيه.

العلامة عبد الله بن بيه يحاضرفي جامعة نواكشوط تحت عنوان “التجديد”

 

 احتضنت جامعة انواكشوط مساء اليوم الاثنين محاضرة تحت عنوان “التجديد بين الدعوة والدعوى” منظمة من طرف رابطة العلماء الموريتانيين في اطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين للاستقلال الوطني القاها العلامة الشيخ عبد الله بن بيه.

وابرز وزير التعليم الثانوي والعالي السيد احمد ولد باهيه في كلمة ترحيبية المنزلة العلمية الكبيرة محليا وعالميا للشيخ المحاضر، حيث ارشد الامة بالفهم الصحيح للنصوص الشرعية الامر الذي تتنزل فيه هذه المحاضرة.
وبدوره أثنى الامين العام للرابطة الشيخ حمدا ولد التاه على المحاضر، مثمنا دوره العلمي المتميز.
واشار الى أن المحاضرة تمثل جلسة علمية توجيهية وارشادية وان ما يدرك جله لايترك كله.
ثم قسم العلامة ابن بيه عرضه الى عدة محاور تضمنت مفهوم التجديد وادواته والتطبيقات المتعلقة بالفكر وعلاقة ذلك بالمجتمع الاسلامي.
وقال ان التجديد في الاسلام يتعلق بعدة مواضيع منها احياء ما اندثر من السنن مشيرا الى ان الاستنباط هو مجال التجديد يضاف الى ذلك مصطلح الانضباط وهذا النوع هو الذي اعتبر العلماء صاحبه مجددا .
وجرى تقديم المحاضرة بحضور رئيس الجامعة والامينين العامين لوزراتي الاتصال والشؤون الاسلامية وشخصيات ثقافية علمية وجمع غفير من طلاب العلم والمعرفة.