ارشيف ل

كلمة العلامة عبدالله بن بيه في مؤتمر مكة المكرمة “بناء الجسور بين المذاهب الاسلامية”

كلمة معالي العلامة عبدالله بن بيّه في مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية-17-03-2024PDF

رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس منتدى أبوظبي للسلم

بمناسبة المؤتمر الدولي “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية”

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمدلله رب العالمين نحمده على رحمته لنا بالإسلام ونعمته علينا بالإيمانوتفضله علينا بالانتماء إلى دين سيد الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله الأبرار وصحابته الكرام.

 

صاحب السماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، مفتي عام المملكة العربية السعودية

صاحب المعالي والفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين     

أصحاب المعالي والفضيلة والسماحة،

أيها المشاركون كل باسمه وجميل وسمه،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

يطيب لي في البداية أن أتوجّه إلى أخي صاحب المعالي والفضيلة أمين عام رابطة العالم الإسلامي بالشكر والتقدير على الدعوة الكريمة للمشاركة معكم في هذا اللقاء الهامّ الذي يتميَّزَ بشرف الزمان، وقدسية المكان، وراهنية العنوان، فهو ينعقد في رحاب بيت الله الحرام قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، وفي شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، تحت رعاية كريمة منخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله فله الشكر والتقدير ولسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الشكر والتقدير كذلك. وهو أمر ليس بغريب ولا جديدعلى هذا البلد الذي خصّه الله برعاية الحرمين الشريفين والعناية بحجاجهومعتمريه من كل المذاهب الإسلامية والأعراق الإنسانية دون تفريق ولاتضييق.

 

واسمحوا لي بين يدي هذه الجلسة الافتتاحية أن أسهم بكلمات مختصرةحول موضوع مؤتمرنا هذا.

 

الحضور الكريم،

إن أهمية الوحدة ومكانتها بالنسبة للمجتمعات الإنسانية عامة والمجتمعات الإسلامية خاصة، أمر أجمع عليه العقلاء والعلماء. والوحدة مفهوم إسلامي عظيم، يشمل بسماحته جميع دوائر الوجود الإنساني، ويغطي جميع العلاقات الفردية والجماعية والدولية، فالإسلام هو دين التوحيد ودين الوحدة، وحدة الشعور والشعائر.

إن الآيات في تأصيل الألفة والحث على الوحدة كثيرة ومن ذلك قوله تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ”، وقوله سبحانه: “وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ”. أي قوتكم وجماعتكم ونصركم. وقوله عز وجل: ” وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ”، وقوله سبحانه: “أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ”.
فهذه أوامر بالاعتصام بحبل الله تعالى وإقامة دينه مقرونة بنواهٍ عن التفرق والنزاع مع التنبيه إلى النتائج الحتمية المتمثلة في الفشل الذي يعنى العجز عن الوصول إلى غاية هداية الخلق، وعمارة الأرض بالحق.

 

والأمر بالوحدة هو في حد ذاته نهي عن التفرق، كما أن النهي عن الفرقة هو أمر بالوحدة، كما قرره الأصوليون: 

والأمر بالشيء عن الضد زجر == والنهي عن شيء بضده أمر

 

إنّ هذه الوحدة لها أسسها الجامعة، ولها جسورها الممتدة من هذه الأسس والمؤدية إليها:

 

فالأساس الأول لهذه الوحدة هو شهادة التوحيد، شهادة أن لا إلهَ إلاَّ الله وأن مُحَمَّداً رَسُولُ الله.

فشهادة التوحيد هي المحطة الجامعة وهي أعلى درجات الوحدة التيتجمع كافة الطوائف والمذاهب الإسلامية على إله واحد، ورسول خاتم، وبهذه الشهادة تنبت شجرة الايمان، وعليها تبنى دعائم الإسلام، وبها ترجى النجاة في الآخرة، كما ورد في الحديث الصحيح ” أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ، مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِن قَلْبِهِ، أوْ نَفْسِه”، وجاء في الحديث “يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وفي قَلْبِهِ وزْنُ شَعِيرَةٍ مِن خَيْرٍ، ويَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وفي قَلْبِهِ وزْنُ بُرَّةٍ مِن خَيْرٍ، ويَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وفي قَلْبِهِ وزْنُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ”.

 

والأساس الثاني هو إقامة شعائر الإسلام الظاهرة التي يجتمع عليها المسلمون، كما جاء في الحديث الصحيح: ” مَن صَلَّى صَلَاتَنَا واسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذلكَ المُسْلِمُ الذي له ذِمَّةُ اللَّهِ وذِمَّةُ رَسولِهِ، فلا تُخْفِرُوا اللَّهَ في ذِمَّتِهِ”. ففي هذا الحديث تنبيه على أن “أمور الناس محمولة على الظاهر دون باطنها، فمن أظهر شعائر الدين أجريت عليه أحكام أهله ما لم يظهر منه خلاف ذلك”، كما ذكره الإمام بدر الدين العينيفي تعليقه على هذا الحديث في عمدة القاري شرح البخاري.

إن هذا الحديث يعتبر أصلاً جامعاً وبرهاناً قاطعاً على استصحاب ظاهر أحوال الناس دون البحث في ضمائرهم ولا التفتيش عن سرائرهم.

فهذه هي الأسس الجامعة التي تنمو على ضفافها أزهار المحبة، وتنبثق من خلالها روح الأخوة الإسلامية: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ”.

لكن كيف نصل هذه الأسس بجسور تجمع شمل الأمة وتلم شعثها؟

يمكن تصور عدد من الجسور الموصلة أو المعينة على الوصول إلى هذه الوحدة المنشودة والتعايش المرغوب.

 

 

 

الجسر الأول، أدب الخلاف وحسن التعامل مع المخالف، 

روي أن الامام أحمد كان يقول: (لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً).

 

إن الاختلاف من طبيعة الناس وفطرتهم، فلا زال البشر يختلفون في الإدراكات ويتباينون في التقديرات والأذواق وهكذا تختلف رؤاهم وتصوراتهم ومشاربهم ومصالحهم. 

 

أسباب الاختلاف:

ومعرفة أسباب الاختلاف يمكن أن تخفف من غلواء الخلاف، وتسهلالائتلاف، فإذا عرف السبب بطل العجب وارتفع الحرج. 

وقد اجتهد العلماء في حصر هذه الأسباب، فذكر الشاطبي عن ابن السيد أن أسباب الخلاف ثمانية وأكثرها يرجع إلى الألفاظ، ومنها ما يرجع إلى الثبوت كمسألة علل الرواية، ومسألة الاجتهاد والأقيسة. واعتبرها ابن رشد الحفيد ستة، وذكر ابن رجب أربعة أسباب والحقيقة أن الموضوع تعرض له الكثير من العلماء فأفاضوا فيه وأفادوا إلا أن بعضهم فصّل وبعضهم أجمل، ولعل الاختلاف يرجع باختصار إلى أربعة عناوين:

أولا-اختلاف في دلالات الألفاظ وضوحاً وغموضا واعتبارا ورداً.

ثانيا-اختلاف في أدلة معقول النص التي ترجع إلى مقاصد الشريعة قبولاً ورفضاً.

ثالثا-اختلاف في وسائل ثبوت النصوص الشرعية ودرجات الثبوت.

رابعا-اختلاف في ترتيب الأدلة عند التعارض في سلم الاحتجاج قوة وضعفا.

 

وإن اتساع الصدر للاختلاف السائغ بين أهل الحق، وحسن أدب الخلاف مع الجميع، لا ينافي التشبّث بما يؤمن به المرءُ ويعتقده، فليس تنازلا عن حقيقة أو تجافيا عن حقّ، بل هو من مقتضى الإيمان، فلا تناقض بين الإثنين ولا تجافي بين القبيلين. فالجدال بِالَّتِي هي أحسن مع المخالف في الدين أصل ثابت، فكيف مع الموافق في الدين، وهو جدال وحوار مع من لم يظلم بنص القرآن ومع من ظلم باعتبار كون لفظ “الا” الوارد في الآية بمعنى “الواو” أي “والَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ” كما يقول الشريف التلمساني في مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول، وهو أصل في اللغة العربية:

وإن تكن إلا بمعنى الواو::فاعطف بها في قول كل راو-، 

كما في شعر المخبل القريعي:

وَأَرى لَها داراً بِأَغدَرَةِ ال​​سيدانِ لَم يَدرَس لَها رَسمُ

إِلّا رَماداً هامِداً دَفَعَت​​عَنهُ الرِياحَ خَوالِدٌ سُحمُ

 

وهو ما تدل عليه السيرة النبوية في صلح الحديبية.

 

نماذج من الاختلاف الحميد:

ومن أمثلة الاختلاف الحميد ما ورد في ترجمة التابعي الجليل زر بن حبيش ” قال عاصم بن أبي النجود: كان أبو وائل عثمانيا، وكان زر بن حبيش علويا، وما رأيت واحدا منهما قط تكلم في صاحبه حتى ماتا، وكان زر أكبر من أبي وائل، فكانا إذا جلسا جميعا، لم يحدث أبو وائل مع زر – يعني: يتأدب معه لسنه”. وأحسب أن العثماني والعلوي في ذلك العصر لا تعني الانتقاص من أي من الخليفتين الراشدين، بل مجرد المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله عنهما. 

 

وقد قال الامام مالك للخليفة العباسي أبي جعفر المنصور حين أراد حمل الناس على الموطأ -وهو كتاب مالك وخلاصة اختياره في الحديث والفقه – لا تفعل يا أمير المؤمنين معتبراً أنَّ لكل قُطر علماءه وآراءه الفقهيةِ، وذلك حرصا من مالك على بقاء الامة على ما كانت عليه من تنوع في الآراءوالاجتهادات. 

 

وقال يونس الصدفي: (ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة).

 

ثانيا: مبدأ سد الذرائع وهو جسر من هذه الجسور، والأصل في سدالذرائع قوله تعالى: “وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ”. فالأمر قد يكون مطلوباً فإذا أدى إلى مفسدة سقط الطلب وحلمحله النهي. ذلك هو الأصل الأكبر لسد الذرائع الذي توسع فيه بعضالعلماء وبخاصة في المجالات الفقهية والفروعية وعلى الأخص الإمام مالكبن أنس والإمام أحمد بن حنبل، أما الشافعي وإن اشتهر عنه أنه لا يأخذبسد الذرائع فهو في الحقيقة يأخذ به فيما كان منصوصاً عليه أو كانإفضاؤه إلى المفسدة قطعياً. والنظر إلى المآلات فرع من فروع سد الذرائع. 

ومحل إعمال سدّ الذرائع في بناء جسور الوحدة، هو إغلاق الباب أمام المفاسد العظيمة الواقعة من كلام بعض المسلمين فيبعضهم وبخاصة مع كثرة وسائل نشر المعلومات والتواصل وإذاعة مايؤدي إلى التنافر والتباغض، فالأولى في هذه الحال أن يكون مبدأ الألفةبين المسلمين مقدما، وسد ذريعة التنافر والتباغض مطبقا وفق النهيالنبوي الصريح الوارد في الحديث الصحيح “لاَ تقاطعوا ولاَ تدابروا ولاَ تباغضوا ولاَ تحاسدوا وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا”. 

 

الجسر الثالث هو القول اللين والشفقة على أهل الملة، وهذا الجسر يحمل المسلم على حسن الظن بالآخرين والتلطف في النصح ومحبة الخير للغير، قال تعالى مخاطبا نبيه عليه السلام: ” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”. 

وقد ورد في الحديث الضعيف أن فتن آخر الزمان يكون “اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ”، وفي ذلك تحذير من أثر الكلام وخطره وخاصة في زمن الفتن.

فالتلطف في القول وحسن الظن ولين الجانب والبحث للغير عن أقرب الأعذار أدعى لقبول النصح وأدوم للألفة.

 

 

الجسر الرابع: تفعيل الحوار

إن الحوار مؤصل من الشرع وهو مصلحة إنسانية؛ ولذا أمر به الباري عز وجل فقال “وجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” وبالحوار يتحقَّق التعارفوالتعريف، التعرف على الغير والتعريف بالنفس. وقد أَصّل الإسلام للحوار، وجعله مبدأ أساسياً للتواصل مع الآخر، القريب أو الغريب، المشابه أو المغاير.

وعُبِّر عن الحوار في القرآن والسنة بعبارات متعددة تشير كلها إلى غاية واحدة، هي الفهم والتفهم، واستخدام الكلام بدلاً عن الحسام، والسلام بدلاً عن الخصام.

 

الجسر الخامس: تعزيز قيمة التسامح

وقد وُصفت الشريعة بأنها حنيفية سمحة، كما قال عليه الصلاة والسلام:”بعثت بالحنيفية السمحة“، أي السهلة الميسّرة، حنيفية في التوحيد، سمحة في العمل، بعيدة عن التشدُّد، مرفوع فيها الحرج. ويعبّر عن التسامح في القرآن الكريم بأربعة مصطلحات: العفو والصفح والغفران والإحسان. 

 

ختاما، ومن خلال هذه الأدوات المتنوعة والجسور المتعددة يمكن أن نعبر إلى واحة التعايش الغناء وربوع الاخوة الفيحاء في ظلال الاسلام الوارفة ورحمته الشاملة.

 

وهذه الوحدة التي نتحدث عنها ليست وحدة طاردة بل تتعايش مع عموم البشر بمختلف أديانهم وأعراقهم على قاعدة المشتركات الإنسانية أو قاعدة المصالح التي بنى عليها العز بن عبدالسلام كتابه “قواعد الأحكام في مصالح الأنام”، وقال الشاطبي : “أن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معاً” والسعي في الخير والبر ونشر السلام وإعلاء كرامة الانسان: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ”، والتعارف بين الناس ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ”، وطبقاً لقانون المصالح والمفاسد الذي تشهد له عمومات الشريعة والسيرة النبوية الشريفة دون أن يعني ذلك تنازلاً عن العقيدة بل تنزيلاً للأحكام طبقا لسياقات الزمان والمكان.

ولعلنا نستذكر في الختام أبيات الإمام أبي محمد القاسم بن فِيرّهالشاطبي الذي تمثل روح هذا المؤتمر الجليل والتي يمكن أن نسميها بعنوان “دعوة للتسامح”: 

 

أَخي أَيُّهَا الْمُجْتَازُ نَظْمِي بِبَابِهِ … يُنَادَى عَلَيْهِ كَاسِدَ السُّوْقِ أَجْمِلَا
وَظُنَّ بِهِ خَيْراً وَسَامِحْ نَسِيجَهُ … بِالاِغْضاَءِ وَالْحُسْنَى وَإِنْ كانَ هَلْهَلَا
وَسَلِّمْ لإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إِصَابَةٌ … وَالاُخْرَى اجْتِهادٌ رَامَ صَوْباً فَأَمْحَلَا
وَإِنْ كانَ خَرْقُ فَادَّرِكْهُ بِفَضْلَةٍ … مِنَ الْحِلْمِ ولْيُصْلِحْهُ مَنْ جَادَ مِقْوَلاَ
وَقُلْ صَادِقًا لَوْلاَ الْوِئَامُ وَرُوحُهُ … لَطاَحَ الأَنَامُ الْكُلُّ فِي الْخُلْفِ وَالْقِلَا
وَعِشْ سَالِماً صَدْراً وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ … تُحَضَّرْ حِظَارَ الْقُدْسِ أَنْقَى مُغَسَّلاَ

 

وهذا مؤتمر الوئام والسلام، 

 

يسرني مرة أخرى أن أحيي جهود رابطة العالم الإسلامي بقيادة معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى في التقريب بين المسلمين ومد جسور الوحدة والتعايش فيما بينهم، كما أتمنى لمؤتمرنا الذي يجمع بين شرف المكان والمكانة النجاح والتوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الكلمة التأطيرية لمؤتمر الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية

   
 

الكلمة التأطيرية لمؤتمر الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية

 

 

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، حفظه الله

وزير التسامح والتعايش

أصحاب السمو، أصحاب المعالي، أصحاب السعادة، أصحاب السماحة والفضيلة،

أيها الحضور الكريم، كلٌّ باسمه وجميل وسمه،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

يطيب لي أن أرحّب بكم في هذا المؤتمر الذي يعقد تحت الرعاية الكريمة لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، وفي رحاب الإمارات العربية المتحدة، دولة العلم والمعرفة وبلد الأفكار والابتكار، وفضاء التسامح والإنسانية، ومنطلق دروب الخير، وملتقى محبي السلام والوئام تحت القيادة الرشيدة لصاحب السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظه الله.

سأوجز القول في هذه المقدمة التأطيرية في محاولة للإحاطة بموضوع المؤتمر من خلال التفكير في الأسئلة التالية:

  1. لماذا هذا المؤتمر؟
  2. ماذا نعني بالمستجدات؟
  3. ما هو الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية؟
  4. وكيف تتعامل المنهجية الفقهية مع المستجدات؟

 

أولا: لماذا هذا المؤتمر؟

إن الداعي إلى هذا المؤتمر هي الوتيرة السريعة والمطردة للابتكارات والمستجدات العلمية في مختلف المجالات وتعدّد الاستخدامات ذات الصلة بحياة الناس، وما يترتب على ذلك من حاجة الانسان فرداً أو مجتمعاً إلى معرفة الحكم الشرعي والأخلاقي للتعامل مع هذه الوسائل والمخترعات وفق منهج فقهي أقرب إلى الانضباط.

ولذلك جاء هذا المؤتمر ليسهم في بناء منهجية شرعية وأخلاقية منضبطة للتعامل مع المستجدات العلمية، من خلال المقاصد ومنظومة المصالح والمفاسد التي هي جسر العبور ودرب المرور بين الواقع المتبدّل والنّص المعلّل.

كما أنّ هذا المؤتمر يجمع المختصين الشرعيين بنظرائهم من المختصين في علوم الواقع في تلاقح للفُهوم وتلاقٍ للعلوم، محاولةً لإسناد الرأي الشرعي بتصور أفضل وفهم أدق للمسائل المستجدة، ولمشاركة علماء الطبيعة استفسارات علماء الشريعة، ليمكن الوصول من خلال ذلك كله إلى حكم شرعي أقرب لروح الشريعة وأوفق لأحوال النّاس.

وعلى مستوى كلّي أعلى، يأتي مؤتمرنا هذا إسهاما في بلورة الموقف الحضاري للمسلمين في إشكالات تهمّ الإنسانية جمعاء، على صعيد القيم، حيث يدور نقاش كوني اليوم حول الحاجة إلى الربط الواصب بين التطوّر العلمي وبين الأطر الأخلاقية التي تعلي من مكانة الانسان وتصون كرامته وتحمي حياته.

ونحن، كغيرنا، مطالبون بتقديم موقفنا، انطلاقا من إيماننا بأن ازدهار واستقرار الإنسانية لا يكفي في تحصيلهما توفُّر الأسباب والشروط التقنية، والاقتصادية، بل يستوجبان القدرةَ على إثراء الوجود بمضامين قيمية ومعانٍ سامية، ويتطلبان نظرة شاملة للحياة مبنية على التناغم بدل التصادم والتعاون بدل التنازع. وذلك كله يؤكد الحاجة إلى أطر أخلاقية تنير الطريق وتهدي السبيل.

وجل القضايا التي نناقش في هذا المؤتمر هي همّ إنساني لأن ما تطرحه من معضلات أخلاقية وعملية لا يختص بدين دون دين ولا بجنس دون جنس.

فعلى سبيل المثال، يثير الذكاء الصناعي قضايا فلسفية وقيمية تتعلّق حتى بمعنى أن نكون بشراً نحيا حياة كريمة. وفي هذا السياق، قام منتدى أبوظبي للسلم بعقد شراكة وتعاون مع كلية الحياة في الفاتيكان للعمل على تطوير منظومة أخلاقية وقيمية توجه ذلك المجال، لأنه همّ عالمي مشترك.

وهكذا فهذا المؤتمر أحد تلك الاستجابات لهذه المستجدات لكن من ناحية فقهية.

 

ثانيا: ماذا نعني بالمستجدات؟

الجدّة سمة هذا العصر وقيمته الجُلَّى ومبدأه الأساسي، فهو عصر التغيّرات المتدفّقة، والكشوفات المتوالية، عصر الانفجار المعرفي الكبير.

ولفرط توالي المستجدات وتعاقب المبتكرات، أصبح كلُّ جيل يكاد يعيش في عالم جديد مغاير في كثير من مناحيه لعالم سَلَفِهِ الأدْنَيْن، لا في سماته الجزئية التي أثارتها الكشوف العلمية والمخترعات الجديدة، وما أتاحته من إمكانات هائلة وتطورات مذهلة، غيّرت الحياة من الذرة إلى المجرة، بل وفي أبعاده الكلية كذلك، التي تطبع شتى مجالات الحياة ومختلف المظاهر والتجليات.

والمستجدات عبارة عن منتج علمي له تأثير على الحياة سواء تعلق الأمر بالصحة الجسدية أو النفسية او المجال الأخلاقي أو النظام العام.

على أن الوعي بهذه الجدة، يقابله الوعي بالثَّبَات المتأصّل في طبيعة الوجود، فما تحت الشَّمْسِ من جديد، فكلّ جديد مهما كان بدعا وبدا أُنُفا، لا يعدو لدى التحقيق أن يكون صورة مستحدثة لحقيقة قديمة، لا سيما أن الذي يتوجّه إليه الخطاب وتتعلق به القيمُ إنما هو فعل الانسان.

 فهذه الأشياء مهما جدّت فإن الإنسان الذي هو مناط التكليف ومحلّ الخطاب، لا جديد فيه، ولا تبديل لكينونته البشرية، فهي هيَ في سَعتها وضيقها، ورخائها وقترها، وضروراتها وحاجاتها، في سموها للخير وجنوحها إلى الشر.

 

ثالثا: ما هو الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية؟

الاستيعاب الشرعي للواقع والمستجدات، مظهر من مظاهر الشريعة السمحة الحنيفية في كونيتها وشمولها لكل مظاهر الحياة، وهذا الاستيعاب الشرعي لا يقصد به التضييق على النّاس في حياتهم وإدخال المشقة عليهم والعنت في معايشهم، بل ديننا دين سعادة واطمئنان، فالحرج مرفوع والمشقة تجلب التيسير والأمر إذا ضاق اتسع، وفي الحديث عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” بعثت بالحنيفية السمحة” أي السهلة الميسرة، رواه أحمد في المسند، وذكره البخاري معلقا بقوله: باب الدين يسر وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أحبّ الدين إلى الله الحنيفية السمحة”[1]. وورد في مصنف عبد الرزاق تفسيره مرفوعاً بأنها الإسلام الواسع. فهذه الأحاديث تعطي للسماحة معنى اليسر والسهولة والسعة مما يدلّ على رفع الإصر والحرج والبعد عن الضيق والتشدّد.

وإنما يتحقق الاستيعاب من خلال خصائص تتسم بها الشريعة، تمنحها مرونة وقدرة على التعامل مع كل جديد في يسر وسهولة، فمن ذلك:

  • أصالة ورحابة دائرة المباح في الشريعة ومحدودية دوائر النهي وقد قرّر إمام الحرمين الجويني هذا المعنى في البرهان (إنَّ مَنْ تأمل قواعد الشريعة وجدها مترددة بين طرفين أحدهما محصور والآخر غير محصور، فالنجاسة محصورة والطهارة لا حصر فيها، والتحريم محصور والإباحة لا حصر لها، فالواقعة إذا تردّدت من الطرفين ووُجِدَتْ في شِقِّ الحَصْر فذلك، وإلا حُكم فيها بحُكْم الشِّقِّ الآخَر الذي أُعْفِيَ الحصر عنه). وهذا الكلام يعني ما قرره الفقهاء من أن الطهارة أصل في الأعيان، وأن الإباحة أصل في الأشياء والأعمال. واستدل المالكية على هذا الأصل بأنّ النص أتى بالمحرمات محصورة ثم فتح كما في قوله تعالى: (قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ).
  • قاعدة العفو: وذلك بإثبات مرتبة العفو، وهي مساحة خارجة عن الأحكام الخمسة لدى الشاطبي، قريبة من ما يعرف في القانون ب”الفراغ التشريعي”، وهو أصل يرجع إليه عند سكوت الشارع، وعدم ثبوت سبب أو قيام مانع. فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وحدّ حدودا فلا تعتدوها، وعفا عن أشياء رحمة بكم لا عن نسيان؛ فلا تبحثوا عنها”، وفي رواية أخرى: “وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته؛ فإنّ الله لم يكن ينسى شيئاً، ثم تلا هذه الآية: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيَّا﴾”.
  • قاعدة الملائمة وعدم المنافاة: ومعناها التمييز بين العبادات والمعاملات، فمجال العبادات ضيق ولا بد فيه من الملائمة فلا يستحدث في العبادات إلا ما شرع الله، ولكن في المعاملات والعادات يتوسع ما لا يتوسع في الأولى فيقبل كل ما لا ينافي الشرع وإن لم يأت فيه التنصيص عليه، وفي هذا المعنى يقول الشاطبي في الموافقات: القاعدة المستمرة في أمثال هذا التفرقة بين العبادات والمعاملات، فما كان من العبادات لا يُكتفى فيه بعدم المنافاة دون أن تظهر الملاءمة؛ لأن الأصل فيها التعبُّد دون الالتفات إلى المعاني، والأصل فيها ألا يقدم عليها إلا بإذن؛ إذ لا مجال للعقول في اختراع التعبُّدات؛ …وما كان من العاديات يُكتفى فيه بعدم المنافاة؛ لأن الأصل فيها الالتفات إلى المعاني دون التعبد، والأصل فيها الإذن حتى يدل الدَّليل على خلافه”.

 

ونخلص من ذلك إلى أن الاستيعاب الشرعي هو قدرة النظر الفقهي، بأصوله ومناهجه، على مواكبة مسيرة الحياة من خلال وصل المستجدات بحبل الدين، وإيجاد الحلول المناسبة، واقتراح الصيغ الملائمة، وهو الاستجابة الشرعية لإلحاح الواقع المتغير الباحث عن أجوبة عملية في قضايا متنوعة تمس حياة الأمة في شتى المجالات والميادين في وقت واحد وفي كل مكان، من خلال عملية مركّبة تربط في توازن دقيق بين النصوص الحاكمة والمقاصد الناظمة والمصالح اللازمة، وفي توازن بين الانضباط في الاستنباط وبين سعة الشريعة ويُسرها. 

 

رابعا: كيف تتعامل المنهجية الفقهية مع المستجدات؟

السؤال الأهم الذي يثيره الاستيعاب الشرعي هو سؤال كيف؟ كيف يتم هذا الاستيعاب وما هي أسسه ومنهجيته؟

شراكة الواقع:

ينطلق الفقيه في رحلة الاستنباط، من وعيه بأهمية الرّبط بين منظومة الدليل الشرعي وبين الواقع.

وذلك أن الأحكام الشرعية التكليفية بعد نزولها تظل معلقة حتى تتوفر أسبابها في وجود مشخّص هو الوجود الخارجي.

وبعبارة أخرى، خطاب الوضع هو البيئة الأصولية لإنزال الحكم، وهو الذي يحوط خطاب التكليف ويكلؤه، ولهذا كان خطاب الوضع بالمرصاد لخطاب التكليف، ليقيد إطلاقه، ويخصص عمومه، فقيام الأسباب لا يكفي دون انتفاء الموانع، ولن تُنتج صحة أو إجزاء دون توفر الشروط سواء كانت للوجوب، أو شروط الأداء أو الصحة، فلا بد من تحقيق المناط للتدقيق في ثبوت التلازم طرداً وعكساً.

ومن نصوص العلماء الدالة على هذا المعنى ما نقل عن العز بن عبد السلام من قوله: “يحدث للناس في كل زمان من الأحكام ما يناسبهم”، وقال تلميذه القرافي: “الجمود على النصوص أبداً ضلال وإضلال”، يقول ابن القيم: إن المفتي الذي يطلق حكما واحدا في كل حالة هو مثل طبيب له دواء واحد كلما جاء مريض أعطاه إياه، بل هذا المفتي أضر، ويضيف الشاطبي أن الرباني هو الذي ينظر في كل حالة ليقدم الحكم المناسب.

ذلك هو مبدأ تحقيق المناط وهو النمط الثالث من الاجتهاد الذي لا ينقطع مدى الدّهر، وبه يتحقّق التطابق الكامل بين الأحكام الشرعية وتفاصيل الواقع المراد تطبيقها عليه. ولذلك فإن الفقيه، فقيهَ النفس، هو صاحب البصيرة والبصر، الذي ينظر بعينين، عين على العصر وعين على الأصل، بالأولى يستلم المقدمة النظرية أو العلمية المعرفة بالواقع وهي صغرى قياسه، ومن الثانية يستلم المقدمة النقلية أو الكلية الشرعية وهي كبرى قياسه، ومن الاثنتين وما فيهما من حدّ وسط هو الوصف المؤثّر (العلة)، يتوصّل إلى النَّتيجة وهي الحكم الشرعي.

تلك هي الصورة النموذجية للنظر الفقهي لدى البحث عن حكم المستجدات، ويمكن تقسيمها إلى مرحلتين.

 

المرحلة الأولى: التشخيص والتوصيف:

حيث يتعرّف على الواقع تعرّفا موجّها بغاياته العملية، ويستلم المقدمة الأولى وهي المقدمة النظرية أو العلمية.

ويحتاج الفقيه في هذه المرحلة إلى رأي وعلم الخبير الذي هو العالم في العلوم الإنسانية أو الطبيعية.

والخبير يقدّم الواقع كما هو بكل تفاصيله وشياته ومن مختلف زواياه، ليكون النظر أكمل والإدراك أتمّ، فيتطلب كل العوارض والأعراض اللازمة أو شبه اللازمة للشيء، مستخرجا العناصر الأساسية التي قد تساعد الفقيه في بحثه عن الحكم، فيجيب على أسئلة كثيرة هي المفاتيح للتعامل، فما المستجد؟ وما خصائصه؟ وما الباعث عليه؟ هل من ضرورة أو حاجة؟ وهل من بدائل أخرى؟ ما هي مزاياه؟ وما هي مخاطره وأضراره؟

وحيث كان جلُّ المسائل المستجدة يؤول النظر فيها إلى قواعد المصالح، فإن المختص ينبغي أن يعنى كثيرا بتحقيق القول في مستوى الضرر والضرورة، فإنه قد تقرّر في الشرع أن الأصل في كل ما يضرُّ المنع، وبالعكس الأصل في كل ما لا ضرر فيه الجواز.

ومنشأ الصّعوبة هنا هو التباسُ المصالح بالمفاسد، فما من مصلحة إلا وفيها مفسدة في وجه من الوجوه، ولا توجد مفسدةٌ عريةٌ من مصلحة من وجه، كما يقول الشاطبي، فالعبرة بالغلبة، فما كانت المصلحة فيه أغلبَ اعتبر مصلحةً، وما كانت مفسدتُه أغلبَ اعتبر مفسدةً. فالنظر المطلوب من المختصّ هو الموازنة بين المصلحة والمفسدة أو بين مصلحتين أو مفسدتين، وقد يُسمى هذا النوع بارتكاب أخف الضررين أو اعتماد أصلح المصلحتين، أو درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. فكلّ تلك الموازنات تدخل في تحقيق المناط، الذي يقوم الخبير بصياغة مقدمته الأولى.

 

المرحلة الثانية: المعالجة الفقهية:

فمن خلال التشخيص والتوصيف يدلف الفقيه إلى المحطة الثانية وهي محطة التّكييف والمعالجة الفقهية، حيث يضع اسما وعنوانا شرعيا على الحدث الواقعي ليصيره حدثا فقهيا وشرعيا، فالتكييف عملية معقدة تمكّن الفقيه من إسناد اسم إلى شيء أو حالة، ليتسنّى له بإثر ذلك أن يُلزم المسند إليه أحكاما أو قِيَماً.

نجاح هذه الخطوة يتمثل في العثور على العنوان الشرعي المناسب من ضمن لفيف كبير من العناوين والمفاهيم الشرعية، وفق هندسة دقيقة، هي صناعة الفقيه الخاصة التي بها يصير فقيها.

وفي هذه المرحلة يحتاج الفقيه إلى استنفار أدوات الاجتهاد ومولدات الأحكام الجزئية عن طريق إثارة ونثر مكنونات الكليات التي ارتضتها الأمة أسساً لاستنباط الأحكام من النصوص في مختلف دلالاتها، من منطوق النص وإشارته، ومن خارج النص في أروقته كمفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة، وحول النص في جاذبية مقاصده وقواعده من قياس بل أقيسة واستصحاب حكم العقل المبقي على نفي التكليف وفي ضوء المصالح المعتبرة والمرسلة وظلال الاستحسان والذرائع سداً وفتحاً والعوائد والأعراف المشروعة تحت سقف المقاصد الثلاثة الكبرى بصفتها الكلي الأعلى الذي لا كلي وراءه كما يقول الشاطبي والقواعد الخمسة التي بني عليها الفقه كله.

 

الخاتمة:

من خلال هذه المنهجية المقترحة للموائمة بين خبرة الخبير وفقه الفقيه تولد الأحكام الشرعية وتنبثق القيم الأخلاقية، محققة لمصالح الإنسان في العاجل والآجل، أفرادا ومجتمعات.

وبهذه المنهجية نسائل المواضيع المطروحة على جدول أعمال المؤتمر، مسائل الغذاء والدواء ونوازل الفضاء والذّكاء، وهي قائمة لا تدعي الحصر ولا تروم الاستيعاب، وإنما هي نماذج أردناها دالة على ما وراءها، ومشيرة إلى ما خلفها، وإنما القصد والغاية هو البعد المنهجي.

فتطورات الذكاء الاصطناعي امتزجت فيها المصالح والمفاسد والاضرار والمنافع ولم يتبين فيها الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.

أما سؤال الرحم المستعارة، فالتبست فيها المفاهيم وغاب فيها الانتماء واختلطت فيها قواعد البر والقرابات التي جعلها الله سياجا يحفظ كينونة الانسان كما في قوله تعالى ” وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ…”

وحليب الأطفال الخداج، تدور مسألته بين الحاجة وخشية الافضاء البعيد إلى المحرمية، وغياب اليقين حول أفضليته أو مساواته لأنواع الحليب الأخرى مما يحدده خبراء الصحة والتغذية.

أما اللحوم المستنبتة، فما كان منها من حيوان مذكى تنفع فيه التذكية أو من النبتات أو المعادن فلا إشكال فيه، وما كان من سواها، فأمره يرجع إلى قاعدة الفرق بين الابتداء والانتهاء. فقد يكون حكم الابتداء مخالفاً لحكم الانتهاء عند الضرورة الفقهية (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ).

وفي مسائل الفضاء، التقدير للأوقات، والاتجاه للقبلة، والطهارة كل تلك القضايا يسعف في التعامل معها قاعدة (الأمر إذا ضاق اتسع).

تلك بعض الاشكالات التي يثيرها النظر الفقهي الأخلاقي في مثل هذه النماذج التي أردناها مُلمعة إلى ما ورائها منبهة بإشارتها إلى القضايا التي على مؤتمركم هذا أن يناقش منهجية التعامل معها.

وختاما، فما ذكرته آنفا ليس المقصود منها تقديم فتوى جاهزة ولا رأيا شرعياً محررا وإنما هي إشارات وإثارات وتذكرة وذكرى (فإن الذكرى تنفع المؤمنين).

أجدّد الشكر لكم جميعا، على تلبية الدعوة، وأتمنى لأعمال مؤتمرنا هذا النجاح والتوفيق ولضيوفنا مقاما سعيدا وأوبا حميدا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[1] – وخرجه في الأدب المفرد

«الإمارات للإفتاء الشرعي» يستعد لإطلاق مؤتمر «المستجدات العلمية»

   
     
ناقش مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، خلال اجتماعه الثالث للعام 2023 برئاسة معالي العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس المجلس، استعدادات المجلس لإطلاق مؤتمره السنوي الثاني للمستجدات العلمية.
وتم خلال الاجتماع، الذي حضره الدكتور عمر حبتور الدرعي، المدير العام، عضو المجلس، وبمشاركة أصحاب الفضيلة الأعضاء، استعرض جملة من المواضيع، منها على الخصوص توحيد نصاب زكاة التمور على مستوى الدولة تحقيقاً لدور المجلس في تقديم الفتوى الموثوقة والمؤصلة، إضافة لعدد من الموضوعات التي أدرجت على جدول الاجتماع. وتوجه معالي العلامة الشيخ عبدالله، في بداية الاجتماع، بالشكر إلى القيادة الرشيدة للدولة على دعمها الكبير للمجلس للقيام بمهامه وتنفيذ اختصاصاته. وعن المؤتمر السنوي الثاني للمجلس، قال معاليه: «لقد سرتني أخبار الاستعدادات التحضيرية لهذا اللقاء العلمي المهم والذي سيعقد برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، مرحباً بالاستجابة الطيبة من العلماء والمفكرين المشاركين والمستكتبين في مجال القضايا الشرعية والفكرية التي سيناقشها المؤتمر». وأعرب عن أمله بأن يتم خلال هذا المؤتمر تحقيق مجموعة من الأهداف، والتي من أهمها أن يكون مستهلاً لمرحلة من البرامج والمبادرات النوعية التي ترسخ مكانة المجلس كمؤسسة شرعية وفكرية بارزة على المستوى المحلي والعالمي، والوصول إلى تشخيص علمي لمجموعة من القضايا المستجدة التي يطول الجدل في معرفة حقيقتها، وبالتالي الحكم عليها.
يشار إلى أن المجلس سيعقد مؤتمره العلمي الثاني خلال الربع الأخير من العام الجاري، كما سيعقد المجلس مؤتمراً صحفياً الشهر المقبل للإعلان عن عنوان المؤتمر وأهم المحاور التي سيناقشها، وأهم الشخصيات المحلية والعالمية التي ستشارك فيه.

رئيس هيئة علماء المسلمين، د.⁧‫محمد العيسى‬⁩ يقوم بزيارةٍ أخويةٍ لمعالي الشيخ عبدالله بن بيّه

   
     

‏في إطار زيارته للعاصمة المغربية الرباط لافتتاح مؤتمر رابطة الجامعات الإسلامية المستضاف من منظمة الإيسيسكو ، والاحتفاء ببلوغ فرع متحف السيرة النبوية في الرباط ثلاثة ملايين زائر:
‏معالي الأمين العام، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ د.⁧‫محمد العيسى‬⁩ يقوم بزيارةٍ أخويةٍ لمعالي رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي الشيخ عبدالله بن بيّه، في منزله بالعاصمة الرباط.
‏وفي سياق اللقاء سلَّم الشيخُ ابن بيه الشيخَ العيسى مجلدات مؤتمر:”فقه الطوارئ: معالم فقه ما بعد جائحة كورونا”، الذي نظّمه وقتَها مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي‬⁩.

 

حلف الفضول يشكل فريقا للمصالحات والوساطات..

أعلنت مؤسسة حلف الفضول الجديد، عن تشكيل فريق للوساطات والمصالحات مهمته التفاعل الحيوي مع الأحداث التي يمكن للدبلوماسية الدينية أن تسهم فيها بدور إيجابي.

   

 

جاء ذلك في الاجتماع الذي عقدته المؤسسة في الرباط يومي 3 و4 أغسطس/آب بدعوة من الشيخ عبدالله بن بيّه، رئيس منتدى أبوظبي للسلم، الذي تدارس المجتمعون خلاله عدداً من القضايا المتعلقة بجهود تعزيز السلم والتعايش حول العالم، ومن ضمنها تكوين فريق للمصالحات والوساطات، وكذلك الدعوة إلى احترام المقدسات والرموز الدينية.

وأوضح الشيخ عبدالله بن بيّه، أن من المهم النظر في ابتكار آلية تسمح للقيادات الدينية بالتدخل الإيجابي لمحاولة الإسهام في إيجاد حلول للنزاعات حول العالم، منطلقة من الأمر الإلهي: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير)، وبروح الإطفائي الذي يسعى إلى إطفاء الحريق قبل السؤال عمن أشعله أو الحكم عليه أو وصفه أو وصمه بأي جرم، مركزاً أولا على إطفاء الحريق وإيقاف القتل والقتال قبل الحكم على الأعمال والأفعال.

ويأتي هذا الاهتمام تجسيدا لمبادئ حلف الفضول الجديد الموقع في عام 2019 في أبوظبي، والذي دعا ميثاقه إلى ضرورة انخراط رجال الدين في نشر السكينة وتعزيز السلم ووقف الصراعات ودعم روح الوئام والإخاء بين البلدان والشعوب والثقافات.

   

 

وبيّن بن بيه أنه يمكن من خلال جهود حلف الفضول، وبالتعاون مع غيره من الشركاء، أن يصل للناس صوت الحياة وصوت الحكمة للإسهام في منع انزلاق بني البشر إلى أتون الحرب والفناء.

وفي هذا السياق، أشاد المجتمعون بقرار مجلس الأمن رقم 2686 الصادر في يونيو/حزيران من هذه السنة بمبادرة من دولة الإمارات، والذي شدد على المساهمة الإيجابية للمبادرات الرامية إلى تعزيز التسامح، ورحب بالجهود التي تبذلها القيادات الدينية لتعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان.

ميثاق حلف الفضول الجديد تم توقيعه عام 2019 في العاصمة أبوظبي، ليكون استكمالاً للوثائق والإعلانات التي سبقته، حيث أكد الميثاق على إعلاء الفضائل والقيم المشتركة، ووقع عليه مئات القادة والمنظمات الدينية.

وكان الحلف قد أعلن مطلع العام الجاري عن إنشاء مؤسسته وافتتاح مكتبه في العاصمة الأمريكية واشنطن، ليكون منصة تسهم في تفعيل ميثاق حلف الفضول والانتقال به من حيز التنظير إلى واقع التجسيد من خلال أنشطتها المتنوعة وبرامجها الخلاّقة.

العلامة ابن بيه : هدفنا وأمنيتنا أن يسهم هذا الملتقى في إطفاء نيران الحروب المشتعلة،وإيقاف دوامة القتل المستشرية، والصلح بين الأطراف المتنازعة.

   
     

قال الشيخ عبد الله بن بيَّه، رئيس منتدى أبو ظبي للسلم، إن الهدف من تنظيم اللقاء التشاوري لعلماء الساحل والسودان، اليوم الاثنين بنواكشوط، هو توفير “منصة للتباحث والنقاش وفضاء للتفكير الإيجابي في حل الأزمات”.

وأضاف العلامة ابن بيَّه في افتتاح اللقاء التشاوري أن “التفكير في هذا الملتقى أتى ضمن سياقين مختلفين؛ السياق الأول مجدول يدخل في عمل هذا الملتقى منذ نشأته، والآخر سياق طارئ ومستعجل، وهما سياق دول الساحل وسياق الوضع في السودان”.

وأوضحَ العلامة ابن بيَّه أن اللقاء كان مجدولًا لنقاش الأوضاع في الساحل و”جاءت الأحداث المؤسفة في السودان، فاستشرى القتل والقتال وسالت الدماء”، مشيرًا إلى أنهم ارتأوا أن “من الواجب الإسهام ولو بجهد المقل”.

وقال العلامة عبدالله بن بيَّه إن هذا الجهد يبدأ بـ”اللقاء مع إخواننا وأشقائنا السودانيين، وبرفقة علماء الساحل ودول جوار السودان، للتشاور حول ما يجري والتباحث حول ما يمكن الإسهام به، في هذا الشأن”.

وأكد العلامةعبدالله بن بيَّه أن “الملتقى علمائي وليس ملتقى سياسيًا”.

وحول الهدف من الملتقى، قال الشيخ عبد الله بن بيَّه: “نود أن يوفر هذا الملتقى لعلماء ووجهاء وخبراء الساحل والسودان، فرصة للتباحث حول الأوضاع الحاصلة في مناطقهم، والتشاور حول أفضل السبل لمعالجتها”.

وخلص إلى أن منتدى أبو ظبي للسلم يعمل على “توفير منصة للتباحث والنقاش، وفضاء للتفكير الإيجابي في حل الأزمات”. وأضاف: “لا نحتكر الحقيقة ولا نقدم حلولا جاهزة، بل نود فقط أن نستمع وأن نشارك إخواننا للبحث في هذه القضايا”، وفق تعبيره.

وافتتح اللقاء التشاوري اليوم الاثنين، على أن يختتم غدا الثلاثاء، وهو منظم من طرف “المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم”، إحدى مبادرات منتدى أبو ظبي للسلم.

وانعقد اللقاء التشاوري تحت رعاية الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وحضرته وفود من دول الساحل وأفريقيا، يتقدمها وزير الأوقاف المصري.

كما ألقى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد كلمة مسجلة خلال حفل افتتاح اللقاء التشاوري.

البيان الختامي للقاء التشاوري لعلماء الساحل والسودان بنواكشوط

   
   
 
 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد،

فإن ما تشهده قارتنا من أزمات وحروب، وما تعيشه الآن في أجزاء منها، وخاصة دول الساحل والسودان، يذكر بشرور الحرب وبشاعتها وخطورة آثارها وتبعاتها،

واعتبارا للمستجدات الأخيرة على الساحة السودانية المتمثلة في الاقتتال الدائر هناك. وبما أن صوت الحرب علا فوق صوت السلم والحوار،

وانطلاقا من قناعتنا أن الحرب لا يمكن أن تكون حلا،وأن سفك الدماء لا يزيد الأوضاع إلا تعقيدا، ونظرا إلى أن أحداث أزمة السودان تتدهور بشكل مؤسف، والأزمات الحاصلةَ في بعض دول الساحل مستمرة ومأساوية، ولا تزيدها الأيام إلا اشتعالا، وتكاد بسببها تضيع أجيال كاملة،

وسعيا إلى جعل السلم البساط الذي تطرح عليه كل الاختلافات من أجل الحل المرضي للجميع بالتعاون والحوار وتقديم التنازلات الإيجابية. واستباقا لأي هزات ارتدادية ونزاعات متلاحقة في أجزاء أخرى من القارة،

واستشعارا للحاجة إلى تكامل الجهود، كلّ من موقعهودائرة تأثيره، للإسهام في جهود السلم والمصالحة،

واستثمارا للخبرة التي راكمها المؤتمر الإفريقيلتعزيز السلم في دوراته ولقاءاته وأنشطته الماضية، والتي شارك فيها عدد من الرؤساء والزعماء الأفارقة ومئات من العلماء والرؤساء والوزراء والخبراء وقادة المجتمع المدني، واستكمالا للعمل الذي تم القيام به خلال السنوات الفارطة،

انعقد في نواكشوط اللقاء التشاوري الأول لعلماء الساحل وجمهورية السودان تحت شعار: ﴿وَأَصْلِحُواذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾، يومي: 01-02 ذي الحجة 1444هـ الموافق لـ 19-20 يونيو 2023م، تحت الرعاية السامية لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وبدعم سخي من دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وبرئاسة معالي الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى أبوظبي للسلم.

وقد شارك في اللقاء جمع غفير من العلماء والوزراء والخبراء الأفارقة، وخاصة من دول الساحل والسودان،ضمّ عددا كبيرا من القيادات الدينية والفكرية والسياسية المختلفة في الدول المعنية.

وافتتح اللقاء بكلمة لمعالي الوزير الأول المهندس محمد ولد بلال ولد مسعود، كما شارك في الجلسة الافتتاحية إلى جانب العلامة عبد الله بن بيه معالي الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في جمهورية مصر العربية ومعالي السيد موسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ومعالي السيد حسين إبراهيم طه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي وسعادة السفير رشاد حسين سفير الحريات الدينية في الولايات المتحدة.

وشهدت جلسات اللقاء على مدى يومين مداخلات ومناقشات معمقة لأهم قضايا الوضع الراهن في دول الساحل وجمهورية السودان، كما قدمت مقترحات للمساهمة في معالجة أزمة السودان ودول الساحل، وبعد تداول الآراء والأفكار، وتأسيسا على منطلقات المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، خلص اللقاء إلى ما يلي:

أولا: المبادئ 

1- إن النفس البشرية مصونة محفوظة شرعا بمحكمات النصوص ومنها قوله سبحانه وتعالى: “ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق”.
2- إن حفظ النفوس من أهم مقاصد الدين الإسلامي، قال الله تعالى: “مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ”.
3- إن السنة النبوية الشريفة حذرت من خطورة الاقتتال الداخلي بين المسلمين، وقال صلى الله عليه وسلم ” لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ”.
4- إن وحدة الصف وتماسك المجتمع ضرورة حث الدين على مراعاتها، قال تعالى:” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”، وقال سبحانه ” وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ”.
5- إن العدل والرحمة والحكمة والمصلحة هي القيم الأربع الكبرى التي تتأسس عليها كل العلاقات، وقد قال سبحانه: “إن الله يأمر بالعدل والإحسان”، وقال: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، وقال: “ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا”، وقال: “إنا لا نضيع أجر المصلحين”.
6- إن الوساطة وإصلاح ذات البين أقصر الطرق إلى التوافقات، وقد قال سبحانه: “لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس”، وقال تعالى: “إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم”.

ثانيا: التوصيات

وقد وصل المشاركون إلى جملة من المقترحات والتوصيات:

1- تشكيل فرق عمل لمتابعة الوضع في الدول المعنية، والسهر على تنفيذ مخرجات هذا اللقاء التشاوري، وتطوير ما قدم فيه من أفكار وتصورات، وقد خول المشاركون المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم للعمل على ذلك.
2- دعوة المجتمع الدّولي إلى احتضان هذه المبادرة، وتبني توصياتها التي تعزّز الجهود الحالية للسلام. 
3- حث القيادات الدينيّة على القيام بالتوعية بأهمية تحقيق السلم ونبذ خطاب الكراهية والاقتتال ونشر دعوة المصالحة بين الناس، ودعوة الأطراف المتصارعة، إلى تغليب المصلحة العامة والحفاظ على الأوطان.
4- القيام بعمل مستعجل لمساعدة اللاجئين والمهجرين من هذه الدول، من خلال تأمين الملاذ الآمن والاحتياجات الطبية والغذائية لهم. 
5- إنشاءُ وتنظيم قوافل للسلام، يقودها الأئمةُ والقيادات المجتمعية من مختلف العرقيات والقبائل، ليكونوا رسل وئام وسلام في المناطق التي تعاني من الحروب الأهلية والصراعات الدموية.
6- دعم المبادرات المحلية التي يقودها الأهالي على مستوى القرى والمدن لوقف إطلاق النار والمصالحةوتوسيع هذا النموذج الإيجابي في باقي مناطق الصراع.
7- تعزيزُ وتفعيلُ دور الشباب والنساء في بناء السلم المحلي، والإسهام في رسم السياسات وبناء الشراكات، لتعزيز استقرار المجتمعات وحفظ السلم فيها،
8- وضع إطار شامل لتنسيق جهود السلام ومبادرات المصالحة وإنشاء لجنة دائمة للحوارات والمصالحات من علماء الساحل والسودان.

 

ويطيب للمشاركين في ختام اللقاء التشاوري للساحل والسودان أن يعبروا عن صادق شكرهم وجميل ثنائهم لحكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية على رعايتها الكريمة، ويرفعوا أسمى عبارات الامتنان والعرفان إلىفخامة الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزوانيعلى كريم العناية وجميل الرعاية، التي حظي بها ضيوف هذا اللقاء. ويتوجهون بالشكر إلى القائمين على المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم على جهودهم المتميزة في انجاح أعمال اللقاء.

 

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

وحرّر بنواكشوط في 2 ذي الحجة 1444هـ الموافق لـ 20 يونيو 2023م.

 

كلمة معالي الشيخ عبد الله بن بيه في الملتقى التشاوري للساحل والسودان

   
     

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الخاتم،

وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدّين

كلمة معالي الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه

في الملتقى التشاوري للساحل والسودان

يومي 20،19 يونيو 2023م، في نواكشوط

معالي السيد محمد ولد بلال، الوزير الأول بالجمهورية الإسلامية
الموريتانية،
معالي الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف بجمهورية مصر العربية،
أصحاب المعالي والفضيلة، كل باسمه وجميل وسمه،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


يسعدني في مستهّل كلمتي أن أتقدم باسم الحاضرين بجزيل الشكر للحكومة
الموريتانية بقيادة فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني حفظه الله على
استضافتها لهذا الملتقى التشاوري لعلماء الساحل والسودان ولكم معالي
الوزير الأول على تشريفكم فعاليات انطلاقته.
كما أشكر القيادة الرشيدة بدولة الإمارات العربية المتحدة وعلى رأسها
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله،
على دعمها المتواصل لجهود الخير والسلام.
والشكر موصول لكم ضيوف المؤتمر من علماء ووجهاء الساحل والسودان
على تلبية الدعوة، متمنياً لكم مقاما سعيداً وأوبا حميداً.
الحضور الكريم،
اسمحوا لي بين يدي هذه الجلسة أن أسهم بكلمات موجزة في تأطير هذا
اللقاء، وذلك من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
لماذا هذا اللقاء؟ ما الذي نرجوه منه؟ وكيف نحقق ذلك؟
بالنسبة للسؤال الأول، فإن التفكير في هذا الملتقى أتى ضمن سياقين
مختلفين، أحدهما طبيعي ومجدول، والأخر طارئ ومستعجل، وهذان
السياقان هما سياقا الساحل والسودان. وفي حين كان اللقاء مجدولاً


بشكل مسبق لتدارس أحوال دول الساحل والتباحث حول المبادرات
والمقترحات لمعالجة أزماتها، جاءت الأحداث المؤسفة في السودان
واستشرى القتل والقتال وسالت الدماء، وحينئذ ارتأينا أن من الواجب
الاسهام -ولو بجهد المقل- في اللقاء بإخواننا وأشقائنا السودانيين وبرفقة
علماء الساحل ودول جوار السودان، للتشاور حول ما يجري والتباحث
فيما يمكن الاسهام به في هذا الشأن. وهكذا كانت الدعوة لهذا اللقاء
بين العلماء!
وبين السودان والساحل وبقية اشقاءهم العرب والأفارقة من أواصر
القربى والنسب ووشائج العلائق ما يحفز على التواصل ويساعد على
التعاون.
ثانياً، نود أن يوفر هذا الملتقى لعلماء ووجهاء وخبراء السودان كما علماء
ووجهاء دول الساحل فرصة للتباحث حول الأوضاع الحاصلة في
مناطقهم والتشاور حول أفضل السبل لمعالجتها. ونحن حريصون أن
يكون هذا الملتقى منصة للتباحث والنقاش، وفضاء للتفكير الإيجابي في
حل الأزمات.


ومنتدى أبوظبي للسلم -وفرعه المؤتمر الافريقي لتعزيز السلم- تجمع علمائي
مهمته دعوة الناس إلى السلم وإلى العافية والبحث عن وسائل
المصالحات والموائمات والملائمات لا يشتم أحدا ولا يخاصم طرفا إنه
بمنزلة الإطفائي الذي يطفأ الحريق قبل أن يسأل عمن أضرم النار.
ثالثاً، نرى أنه من خلال التعرف على الوضع الراهن ومسببات الأزمة،
ومن خلال الحوار وتقديم الرؤى والأفكار، والمناقشة الجادة للمقترحات
والتوصيات يمكن أن يخرج المشاركون بنداء للسلام وحقن الدماء
وتغليب المصلحة العامة، كما يمكن من خلال ذلك أن يصلوا إلى صيغة
توافقية لمبادرة للوساطة والمصالحة بين المتخاصمين.
وإذا كانت أزمة السودان طارئة، وأحداثها تتدهور بشكل مؤسف، فإن
الأزمات الحاصلة في بعض دول الساحل مستمرة ومأساوية، ولا
تزيدها الأيام الا اشتعالا. إنها دوامة عنف وقتل ونهب لم يتوقف منذ
عقد من الزمن، وتكاد بسببه تضيع أجيال كاملة من دولنا الشقيقة، لم
تحظ بالتعليم المناسب ولا العمل اللائق وتنكبتها الدورات التنموية
الحاصلة في باقي أركان المعمورة، في أزمات تفتات فيها جماعات مسلحة
على مجتمعاتها باسم الدين والدين من فعلها براء.


وإذا أضيفت هذه الازمة الطارئة على تلك الازمات المستمرة، زادت
متاعب قارتنا الافريقية وهناً على وهنٍ. كما يمكن أن يؤدي استمرار هذه
الازمات -لا قدر الله- إلى هزات ارتدادية ونزاعات متلاحقة في أجزاء
أخرى من القارة، لم تزل حتى الآن بِمَنْأىً عن التوترات الراهنة، وهو
ما يقتضي من الجميع تعاونا واسهاما في حلها، والتخفيف من آثارها.
وفي السودان كما في الساحل، نرى أن المبادرات الرامية لحل الازمات
لابد أن تكون محلية، يقودها أبناء البلد فـ”هل مكة أدرى بشِعابها”;،
وبالتالي يكون دورنا هو مباركة هذه الجهود، والدعم بما نستطيع
لإنجاحها.
كما نعي تماما، أن كثيراً من هذه الأزمات، مركب ومعقد، ولا يمكن
بسهولة إرجاعها إلى عامل واحد، لكن ذلك لا ينبغي أن يثني عزمنا
عن محاولة الإسهام في حلها، مركزين على السلم وإيقاف القتل والقتال
كنقطة ارتكاز، وحجر أساس، ولبنة أولى يبني عليها كل شيء آخر.
أخيرا، بقيت ثلاث كلمات للتذكير والتنبيه،
أما الأولى، فتذكير بما جاء عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم
من التحذير من إزهاق الأرواح وقتل الأنفس البريئة،

6
قال تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ
نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا
أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا )، وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تَرْجِعُوا بَعْدِي
كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) وقال عليه السلام (إذا التقى
المسلمان بسيفهما فالقاتل، والمقتول في النار، قيل يا رسول الله، هذا
القاتل فما شأن المقتول؟ قال: لأنه كان حريصًا على قتل صاحبه)
وأما الثانية، فالتذكير بنبذ العصبية للعرق أو القبيلة، فقد قال صلى الله
عليه وسلم ( لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا
لأبيضَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أبيضَ: إلَّا بالتَّقوَى، النَّاسُ من آدمُ،
وآدمُ من ترابٍ)، وقال في حادثة الأوس والخزرج:( يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ،
اللَّهَ اللَّهَ، أبِدَعْوى الجاهِلِيَّةِ وأنا بَيْنَ أظْهُرِكُمْ..) وقال في حديث آخر
(دَعُوها فإنَّها مُنتنةٌ);.
والثالثة في الحث على الصلح والوساطة بين المتنازعين،
قال سبحانه وتعالى ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا
فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ
فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)


وقال عز وجل( لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ
مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ
فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا);.
وقال تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن
كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) وهي الآية التي اتخذها ملتقاكم شعاراً لهذا اللقاء.
وقال صلى الله عليه وسلم في سبطه الامام الحسن بن علي رضي الله
عنهما (ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين);،
وكان ما أخبر به الصادق المصدق صلى الله عليه وسلم من الموقف
العظيم الذي وقفه سبطه رضب الله عنه حين أصلح بين فئتين عظيمتين
من المسلمين، حقنا للدماء وصونا لهم من الفناء.
فهذه أمور ثلاثة نذكر بها أنفسنا وأهلنا في الساحل والسودان، لعلها تجد
آذانا صاغية وقلوبا واعية.
إننا بمنهجية الإطفاءيين لا نتهم طرفا أو آخر، وإنما نهتم أولاً وقبل كل
شيء، بكيفية إطفاء الحريق وإنقاذ الضحايا، كيفية إقناع أطراف
الصراع بإيقاف النار ووقف القتل. إننا ندعو الأطراف جميعا إلى
الجنوح إلى السلم، ووقف إراقة الدماء المعصومة، وانتهاك الحرم المصونة،


والتمسك بقيم السودان الأصيلة، قيم الصبر والسلم، والحلم والعلم، قيم
الضيافة والكرم.
إن هدفنا وأمنيتنا أن يسهم هذا الملتقى في إطفاء نيران الحروب المشتعلة،
وإيقاف دوامة القتل المستشرية، والصلح بين الأطراف المتنازعة، وتبيين
الرأي الشرعي وتقديم بدائل للحرب في النزاعات الحاصلة.
ولقد صدق العبّاس بن مرداس السلمي رضي الله عنه حين قال:
السَّلْمُ تأْخُذُ منها ما رَضِيتَ به***وَالْحَرْبُ يَكْفِيكَ مِنْ أَنْفَاسِهَا جُرَعُ

أيها الحضور الكريم،
إن الأمة اليوم محتاجة إلى تنزل السكينة والطمأنينة في النفوس،
والسكينة وضع نفسي يجعل المرء يزن الأمور بميزان العقل والحكمة،
وتحمله على استشعار معاني الرحمة والرأفة والتقوى،
والسكينة مفتاح النجاح، ولذلك امتن الله بها على نبيه صلى الله عليه
وسلم وعلى صحابته الكرام في اللحظات الحرجة، قال تعالى: ( ;إِذْ يَقُولُ
لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ) وقال جلا وعلا( ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ)
وقال سبحانه وتعالى: ( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ )،
فلنبتهل جميعا إلى المولى سبحانه أن يمن علينا وعلى أمة نبينا صلى الله عليه
وسلم وعلى العالم بسكينة تثمر طمأنينة تحلُّ في النفوس، وأملا يعمر
القلوب ومحبة للخير وسلاما مبذولا للعالم.
نسأل الله أن يحفظ الأوطان، وينشر الأمن والأمان، ويصلح الأعمال،
ويحقق الآمال، وأن يجعل اجتماعنا اجتماع خير وأن يكلله بالنجاح
والتوفيق. وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته.

     

رسالة معالي الشيخ عبد الله بن بيه إلى المؤتمر البرلماني في مراكش.

   
     

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الخاتم، وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين

 

كلمة معالي الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه

المؤتمر البرلماني بشأن الحوار بين الأديان: العمل معا من أجل مستقبلنا المشترك

13 – 15 يونيو 2023م، مراكش

سعادة رئيس الاتحاد البرلماني الدولي

سعادة الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي

أصحاب المعالي والسعادة، أصحاب السماحة والفضيلة،

أيها الحضور الكريم،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

اسمحوا لي بين يدي هذه الكلمة الموجزة، أن أتوجّه بجزيل الشكر للقائمين على هذا المؤتمر الدولي على الدعوة التي وجهتموها الي للمشاركة في هذا اللقاء الهامّ. والشكر موصول للمملكة المغربية المحروسة على رعايتها الكريمة لفعاليات هذه الدورة في مدينة مراكش التاريخية.

الحضور الكرام،

نجتمع اليوم لنتحدّث عن العمل المشترك من أجل السلام، عن المشترك الإيماني والإنساني الذي يجمعنا، عن المبادئ التي يمكن أن تمثل أسسا لمبادراتنا وإطارا لجهودنا، مبادئ التعاون بدل التنازع، وقيم السلام محل الحرب، والمحبة مكان الكراهية والوئام بدل الاختصام.

إننا في منتدى أبوظبي للسلم من عاصمة التسامح والتعايش نشارككم الاهتمام بهذه الموضوعات والانشغال بهذه القضايا، التي كانت حاضرة في مؤتمرات ولقاءات متعددة بين علماء المسلمين وبين نظرائهم وزملائهم من مختلف الديانات السماوية والثقافات والفلسفات الإنسانية. تدور كلها حول السلام والتعايش والتسامح ولهذا فإن عنوان مؤتمرنا هذا ” العمل معا من أجل مستقبلنا المشترك”، عنوان يدخل في صلب عملنا ولبّ اهتماماتنا. وذلك أن العمل من أجل مستقبلنا المشترك-مستقبل البشرية على هذا الكوكب- مهم وملح، وفي نفس الوقت لا يمكن أن يتم إلا من خلال تعاون الجميع. كما أن هذا العمل والتعاون ينبغي أن يبدأ من الآن، أي من الحاضر، حلاً للتحديات الراهنة، ومعالجة للأزمات الساخنة.

وبالتالي فإن العمل من أجل مستقبلنا المشترك مهمة الجميع وواجب سائر مكونات المجتمع، وفي ذلك يمكن أن يكون للبرلمانيين كما للقادة الدينين، دور مؤثر في بناء المستقبل المنشود، والاسهام في ضمان حياة أفضل لجميع البشر. وإذا كانت الوسائل والصلاحيات التي يتمتع بها كل من البرلمانيين والقادة الدينين مختلفة، فإن المقاصد العليا التي ينشدونها، والأهداف الكلية التي يسعون اليها متحدة، وهي رفاه الشعوب وضمان السلام والاستقرار في مجتمعاتهم وفي العالم كله.

وهكذا، فإذا كانت الغايات متفقة، فإن كل تعاون في سبيل تحقيقها مطلوب ومرحب به، وفق أطر عمل كل جانب، وضمن دائرة تأثير كل فريق.

الأخوة والأخوات،

لقد برز دور القيادات الدينية في العقود الأخيرة من خلال عملها الدؤوب لإيجاد فرص للسلام وذلك من خلال جهود نظرية وعملية. أما النظري منها فيتعلق بتأكيد دعوة الدين إلى السلام وأن الدين في أصله دعوة للسلم، وهذا يستبطن الرد على النظريات التي تعتبر أن السلام لا يمكن أن يكون دائما ومستمرا الا باستبعاد الدين من الحياة العامة وتربط بشكل تلقائي بين الدين والعنف، ليكون ذلك أساسا للدعوة إلى المفاصلة بين الدين والدنيا كحلٍّ وحيد لإرساء أسباب التسامح والتعايش في المجتمع.

وهكذا قامت القيادات الدينية من مختلف الأديان بجهود لتبرهن على أن الدين قوة سلام، من خلال العودة إلى نصوصهم المقدسة ليستثيروها وإلى تراثهم ليستمدوا منه الأسس المتينة للتسامح والتعايش ويستلهموا النماذج المضيئة التي يسهم إحياؤها في إرساء قيم الخير والسلام في نفوس معتنقي الديانات، لأنّه بالرجوع إلى النصوص وإلى التأويل المناسب والمقارب يمكننا التصدي لمروجي الكراهية والعنف.

وفي هذا السياق أصدرت وثائق لها وزنها. وهي مواثيق ووثائق تقوم على تشجيع مبادئ الكرامة الإنسانية، كما تدعو في الوقت نفسه إلى مبادئ التسامح والسلم والرحمة والتضامن، فتؤسس بذلك لنموذج متوازن من التسامح المهذب والحرية المسؤولة والمواطنة الإيجابية والاقتصاد الإيجابي المتضامن. ومن ذلك على سبيل المثال الوثائق والإعلانات التي أصدرناها في منتدى ابوظبي للسلم منفردين أو مع شركائنا الدوليين.

ومع ذلك فإن السؤال الملح الآن هو كيف نحمي الانسان من الانسان، كيف نعزز فيه قيمة التسامح والتعايش بدل الشح والتغالب، وقيمة التواضع بدل الكبرياء، وقيمة الحب بدل الكره والبغضاء، كيف نُعلي فيه قيمة الإحسان والإيثار مع القريب والغريب. إن تنمية القيم في الانسان هي في نظرنا خير وسيلة وأجدى سبيل، لإطفاء الحروب التي تشتعل أولاً في القلوب والاذهان قبل أن تبدو للعيان.

تلك هي الرؤية التي تعمل وفقها دولة الامارات العربية المتحدة بحيث أصبحت تمثل نموذجا للتعايش السعيد إذ تعيش فيها عشرات الأديان والثقافات والأعراق المختلفة، ومئات الجنسيات في أمن وأمان ومودّة واحترام، كما احتضنت وثائق ومبادرات الحوار والسلام. 

المشاركون الأفاضل،

إن البشرية جمعاء تواجه اليوم أزمات وتحديات وجودية من حروب ومجاعات وأوبئة، وهو ما يقتضي من الجميع تعاونا واسهاما في حلها، والتخفيف من آثارها، كل حسب طاقته وضمن مجال عمله.

إننا نعتقد أن هناك مجالا واسعا، وأفقا كبيرا، للتعاون بين القادة الدينين والبرلمانيين في سياق تعزيز السلم وسيادة القانون والتعايش.

إن القادة الدينين لا يملكون الجيوش الجرارة، ولا الأسلحة الفتاكة، وإنما يملكون الكلمة الطيبة، تلك التي حملها الأنبياء والحكماء، إنها مثل شجرة طيبة، كما في القرآن الكريم:” أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ”.

إن القادة الدينين يقدمون أفكارا وقيما ومفاهيم أخلاقية قد تبدو للبعض طوباوية أو مثالية لكن البرلمانين بإمكانهم أن يجدوا في هذه الأفكار وتلك المُثُل والمبادئ ما لو تحول إلى قانون لكان فيه نفع الناس وإسعادهم وذلك هو الهدف الذي يسعى إليه الجميع.

إن مؤتمركم اليوم يمثل النواة لتحقيق هذه الغايات واللبنة الأساس في اتجاه تعاون أشمل من أجل الصالح العام.

وفي الختام، نرجو أن تلبي جهودنا المشتركة حاجتنا للتفاهم والتحاور والبحث عن المشتركات، وأن تكون بمثابة الدعوة العامة لجميع أصحاب النيات الطيبة أن يتحدوا من أجل المحافظة على شعلة الأمل في مستقبل أفضل لجميع البشر، متمنيا لمؤتمرنا هذا التوفيق والنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

     

المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم يعلن عن لقاء تشاوري لعلماء الساحل والسودان

     
   
  *المؤتمر الافريقي لتعزيز السلم*  

 

نظرا لما تعيشه دولة السودان من صراع عنيف بين أبناء الوطن الواحد منذ عدة أشهر، وما تشهده منطقة الساحل عموما من اضطراب واحتراب، وفشو للحركات الإرهابية، يعتزم المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم عقد لقاء تشاوري للقادة الدينيين والتقليديين في الساحل والسودان بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، تحت عنوان ﴿وأصلحوا ذات بينكم﴾، يومي 19، 20 يونيو 2023م تحت الراعية السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني حفظه الله ورعاه .

 

وتأتي الدعوة لهذا اللقاء في لحظة تقتضي منا جميعا روح المبادرة والسعي الجاد من أجل وقف الاقتتال، لأن التراخي يعني إتاحة الفرصة كل يوم بل كل ساعة لسفك المزيد من الدماء والدمار والتشريد الذي لا يقبله عقل ولا يرتضيه دين.

 

ان هذا اللقاء الذي يتوخى الخروج بنداء للسلام، ومبادرة إصلاح لوضع السلاح وتحكيم العقل، وبث روح السكينة والوئام، والتصدي للفكر المتطرف والعنيف، لا تحيُّزا لفئة أو انتصارا لطرف، بل إشفاقا ونصحا للجميع.

العلامةعبدالله بن بيه يلتقي وفدا من إندونیسیا

أبوظبي في 19 مايو / وام / بحث مـعالـي الـعلامـة عـبد الله بـن بـّیه رئـیس مجـلس الإمـارات لـلإفـتاء الشـرعـي، رئـیس مـنتدى أبـوظـبي للسـلم، رئـیس المجـلس الـعلمي الأعـلى ً لـجامـعة محـمد بـن زایـد لـلعلوم الإنـسانـیة، ووفـد رفـیع المسـتوى مـن أعـضاء الـبرلـمان ووزارة الـشؤون الـدیـنیة في جـمھوریـة إنـدونیسـیا، سـبل تعزيز الـتعاون لنشـر قـیم السـلم والـتسامـح فـي الـعالـم وتـعزیـز الشـراكـات بـین الـمؤسـسات ذات الـصلة فـي البلدين.

وتـطرق الـلقاء إلـى الـجھود الـتي یـبذلـھا مجـلس الإمـارات لـلإفـتاء الشـرعـي فـي ضـبط فـوضـى الـفتوى، وخـلق نـموذج لـتفاعـل الـفتوى مـع الـواقـع.

واطلع الوفد على جھود مـنتدى أبـوظـبي للسـلم فـي نشـر قـیم السـلم والـتعایـش وتـصحیح الـمفاھـیم وأعماله وأنشطته ومبادراته.. وأكـد الـوفـد عـلى أھـمیة تـعزیـز عـلاقـات الـتعاون الـدیـني والأكـادیـمي مـن خلال تشارك الخبرات وتبادل البعثات والتدریب ، ونقل الوفد تحيات فخامة جـوكـو ویـدودو رئـیس جـمھوریـة إنـدونیسـیا ونـائـبه مـعالـي أمـین مـعروف إلـى مـعالـي العلامة عبدالله بن بيه، معبریـن عـن الاعـتزاز بـالـعلاقـات الـودیـة بـین دولـة الإمـارات العربیة المتحدة وجمھوریة إندونیسیا.

حـضر الـلقاء مـن الـجانـب الإنـدونیسـي .. سـعادة حسـین بـاقـیس سـفیر إنـدونیسـیا لدى الـدولـة وسـعادة الـدكـتور قـمر الـدیـن أمـین الـمدیـر الـعام لإرشـاد الـمجتمع الإسـلامـي، وسـعادة الـدكـتور محـمد أدیـب عـبد الـصمد مـدیـر الـشؤون الـدیـنیة الإسـلامـیة، بجانب الـوفـد الـمرافـق.

كـما شـارك فـي الاجـتماع ..سـعادة الـسفیر الشـیخ الـمحفوظ بـن بـّیه الأمـین الـعام لـمنتدى أبـوظـبي للسـلم، وسـعادة الـدكـتور خـلیفة مـبارك الـظاھـري مـدیـر جـامـعة محـمد بـن زایـد لـلعلوم الإنـسانـیة وسـعادة الـدكـتور فـیصل سـلطان الـرمـیثي الـرئـیس الـتنفیذي لجامع ومركز الشیخ زاید بمدینة سولو بإندونیسیا .

مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي يوقع اتفاقية تعاون مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي

أبوظبي في 11 نوفمبر/ وام / وقَّع مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي التابع لديوان الرئاسة ومجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، مذكرة تفاهم للتعاون والتنسيق في عدد من المجالات، وتبادل الخبرات والتجارب بينهما في مجال تطوير منظومة الإفتاء الشرعي، وجودة مخرجاته، وضبط الفتاوى الشرعية بمنهجية علمية رصينة تراعي الواقع وتستشرف المستقبل، مع تعزيز العمل المشترك في مجال إزالة الشبهات والتكفير والتعصب المذهبي انطلاقًا من تعاليم ديننا الإسلامي السمح، وبما يتوافق مع القيم الإنسانية والحضارية.
وبحضور معالي العلامة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.. وقع مذكرة التفاهم من جانب مجمع الفقه الإسلامي معالي الدكتور قطب سانو أمين عام مجمع الفقه الإسلامي، ومن جانب مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي سعادة الدكتور عمر حبتور الدرعي مدير عام المجلس.
ونصَّت مذكرة التفاهم على تبادل الخبرات بين الجانبين في مجال الفتاوى الشرعية، والبحوث والدراسات الفقهية، وكذلك المطبوعات والإصدارات والمجلات العلمية الصادرة عن كل منهما، إضافةً إلى اقتراح المبادرات المشتركة لمواجهة الإساءة إلى المقدسات وأفكار التعصب والطائفية والتكفير، وتفكيك التغذية الفكرية للإرهاب والتطرف، مع تبادل الخبرات والمعلومات فـي مجال تجديد المحتوى الإفتائي، وتطوير المصادر الإفتائية والمدونات الفقهية، وتنسيق الجهود والمواقف على المستوى العالمي في المحافل والمنظمات الدولية ذات الصلة بالفتوى الشرعية، مع المشاركة فـي الندوات والمؤتمرات والفعاليات التي يقوم بها كل طرف بما يتوافق واختصاصاته.
وأكد سعادة الدكتور عمر حبتور الدرعي مدير عام المجلس أنَّ هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في عقد شراكات استراتيجية عالمية تنطلق من رؤية المجلس في “العالمية والاستباقية في الفتاوى الشرعي لترسيخ القيم الإنسانية”، وبما يتوافق مع سعيه الحثيث لبناء شراكات تعمل على تقديم الفتاوى الشرعية بطريقة حضارية تقوم على نشر الفضائل والتسامح واحترام الإنسان وإعلاء قيم الاعتدال والوسطية والانفتاح على ثقافات وشعوب العالم المختلفة.
من جانبه قال معالي الدكتور قطب سانو أمين عام مجمع الفقه الإسلامي الدولي “ سعيد بتوقيع هذه الاتفاقية مع مؤسسة إفتائية عريقة يرأسها العلامة المجدد الشيخ عبدالله بن المحفوظ بن بيه، ويتكون أعضاؤها من صفوة علماء دولة الإمارات العربيَّة المتحدة البارزين يتميزون بالتزام منهج الوسطية والاعتدال والتسامح والانفتاح وأغتنم هذه المناسبة الكريمة لأجزل الشكر الوافر لدولة الإمارات قيادة وشعبا على ما يحظى به المجمع من رعاية دائبة، ودعم متواصل سخي، كما أعظم التقدير لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي على ثقته الغالية في مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ورغبته الصادقة في تعزيز علاقات التعاون والتنسيق والشراكة معه بحسبانه تجسيدًا عمليًّا لمرحلة تاريخيَّة مهمة إيمانا من ولاة الأمر في العالم الإسلامي بكون الاجتهاد الجماعي الأقرب للصواب، والأوثق والأحكم”.

وأضاف “ إننا في المجمع نؤمن إيمانا صادقا بأن المجمع امتداد لمجالس الإفتاء، والمجالس الشرعية في العالم الإسلامي، وليس بديلا لأي منها، ولا منافسا لأي منها، ولكنه داعم ومؤيد لجهات الإفتاء الأخرى، ويسعى إلى تعزيز علاقات التعاون والتنسيق مع سائر المؤسسات الإفتائية المتميزة داخل العالم الإسلامي وخارجه، وذلك من أجل تجنب التناقض والتضاد في الآراء والفتاوى”.

نواكشوط.. اختتام فعاليات الملتقى الثالث للمؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم

تختتم اليوم الخميس، بالمركز الدولي للمؤامرات “المرابطون” في نواكشوط، فعاليات الملتقى الثالث للمؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، المنعقد تحت شعار”ادخلوا في السلم كافة”.

وكان المؤتمر الذي انطلقته فعالياته يوم الثلاثاء، تحت إشراف رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، قد شهد على مدى ثلاثة أيام ، محاضرات وندوات هامة، حيث ناقش المشاركون في هذا الملتقى مواضيع بينها “جغرافية الأزمات في القارة الإفريقية” و”الدولة الوطنية وتعزيز السلم” و”الحوار والمصالحة في بلدان القارة”، بحسب القائمين على المؤتمر.كما يتضمن المؤتمر ورشات عمل حول دور المؤسسات التعليمية في تعزيز السلم في إفريقيا وقضايا الهجرة غير النظامية

وشارك في هذا المؤتمر رؤساء وقادة أفارقة، إضافة إلى علماء و المفكرين، و رؤساء الجامعات، و المنظمات الدولية، و رؤساء الاتحادات الشبابية، و الفاعلات في المجال النسوي في القارة

منصور بن زايد يستقبل رئيس وأعضاء مجلس الإمارات للإفتاء

استقبل سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، اليوم في قصر الوطن، معالي العلامة عبدالله بن بيه رئيس “مجلس الإمارات للافتاء الشرعي”، وأعضاء المجلس.

 

واطلع سموه على أعمال وخطط “مجلس الإمارات للافتاء” الهادفة إلى نشر قيم الإسلام السمحة، وترسيخ ثقافة التعايش والتسامح في دولة الإمارات وحول العالم، انسجامًا مع توجيهات القيادة الرشيدة ورؤيتها السديدة في هذا المجال.

معالي الشيخ عبدالله بن بيه يستقبل وفدا من أوزبكستان

أبوظبي في 14 مارس / وام / بحث معالي العلامة عبدالله بن بيّه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس منتدى أبوظبي للسلم مع وفد من جمهورية أوزبكستان برئاسة معالي مظفر كاملوف مستشار الرئيس ..سبل التعاون لنشر قيم السلم والتسامح في العالم وتعزيز الشراكات بين المؤسسات ذات الصلة .
وتطرق اللقاء إلى الجهود التي يبذلها مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في ضبط فوضى الفتوى، وخلق نموذج لتفاعل الفتوى مع الواقع.واطلع الوفد على جهود منتدى أبوظبي للسلم في نشر قيم السلم والتعايش وتصحيح المفاهيم . وأكد كاملوف على أهمية تعزيز علاقات التعاون الديني والأكاديمي من خلال تشارك الخبرات وتبادل البعثات والتدريب. و نقل كاملوف تحيات فخامة رئيس جمهورية أوزبكستان إلى معالي العلامة عبدالله بن بيّه معبراً عن الاعتزاز بالعلاقات المميزة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية أوزبكستان.
وفي ختام اللقاء قدم معالي العلامة عبدالله بن بيّه لأعضاء الوفد عددا من إصدارات منتدى أبوظبي للسلم ومجلس الامارات للإفتاء الشرعي.
حضر اللقاء سعادة عبدالعزيز أقولوف، سفير جمهورية أوزبكستان لدى الدولة، وسعادة داوان بيك ماحسودوف النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدينية التابعة لمجلس الوزراء الأوزبكي، وسعادة جلال الدين حامراكولوف نائب رئيس إدارة مسلمي أوزبكستان . كما شارك في الإجتماع سعادة الشيخ المحفوظ بن بيّه الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسلم، وسعادة الدكتور خليفة مبارك الظاهري مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية بأبوظبي.