فى جولاته المكوكية يقوم العلامة الفقيه الشيخ ” عبد الله بن بيه ” بدور المرسخ للوجود الإسلامي في الغرب – فهو معروف فى الغرب بقيادته للأصوات التى تنادى بدمج المسلمين فى المجتمع الغربى مع الحفاظ على الهوية الإسلامية و كذلك استيعاب الغرب للمسلمين فى ظل بيئة يتهم فيها الإسلام أحيانا بالإرهاب و أحيانا أخرى بالتقوقع و الانغلاق , و لا يتوقف الامر عند ذلك بل يؤكد فضيلته فى كل محطاته الدولية على أهمية تكامل الحضارات و ليس صدامها كما يروج لها البعض و أهمية التفاهم مع الآخر , و من هذا المنطلق كانت زيارته للمملكة المتحدة فى إطار دعمه المتواصل للأقليات المسلمة فى الغرب .. حيث التقى الشيخ ” عبد الله بن بيه ” مع وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط و الكومنولث و الخارجية ” كيم هاولس ” و رئيس شرطة بريطانيا و العديد من الشخصيات المؤثرة فى المجتمع البريطانى بالإضافة الى محاضرات فى ” مجلس اللوردات البريطانى ” و ” وزارة الخارجية البريطانية ” و لقاءات تشاورية مع قيادات المسلمين فى بريطانيا .
لقاءات ونقاشات
شدد الشيخ ” عبد الله بن بيه ” نائب رئيس الإتحاد العالمى لعلماء المسلمين فى محاضرة هى الأولى من نوعها في البرلمان البريطاني على ضرورة التفاهم بين الشرق و الغرب بحكم التقارب الجغرافى و كذلك إسهامات الحضارتين و مدى التكامل الذى يجمع بينهما .
و أردف قائلا أن هناك تعريفات لكتّابٍ غربيين تقترب كثيراً من التعريف الإسلامي مع فروقات يسيرة بينهما ، و أفاد أن المشترك بينهما أن كل التشريعات و القوانين مبدأها و هدفها هو خدمة مصالح العباد و هذا الأمر مشترك بين جميع التشريعات مع اختلافها في تطبيقه ، ثم انتقل إلى القوانين و التشريعات في الإسلام فقال أنها تستند و لا شك إلى القرآن و السنة و أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان هو المرجع في القوانين في حياته الشريفة ، وأرد الشيخ قائلاً: بعد ذلك جاء الصحابة فبدئوا في سن القوانين مستعينا ً بالرأي عند فقد الدليل من الكتاب أو السنة ضارباً لذلك مثلاً بقضية أرض السواد أيام أمير المؤمنين عمر .
ثم انتقل في عجالة إلى مراحل الجمع و التدوين و مراحل التأويل و اختلاف المدارس بين من يقدم المقصد على النص و من يتمسك بحرفية النص ، مشيراً إلى أن في الإسلام استخداماً و تمكينا ً للجهد البشري في صناعة النصوص إذا لم يتعارض مع المباديء و المقاصد العليا للشريعة ، ختم الشيخ محاضرته بالتذكير أن القوانين الإسلامية كانت متقدمة و معتنية بحرية الفكر و المعتقد لدرجة أنها سمحت أن يكون هناك في داخل الدول الإسلامية محاكم للأقليات اليهودية و المسيحية و هو شيء لم يصله التشريع الغربي إلى الآن .. و أردف الشيخ زياردته بزيارة إلى مجلس اللوردات حيث كان في استقباله اللورد أحمد أحد أعضاء المجلس .
اجتماع مع رئيس الشرطة
” مرحبا بالضيف الكبير ” هكذا استقبل رئيس شرطة بريطانيا السير ” إيان بلير ( و هو أهم شخصية أمنية في بريطانيا ) , و بدأ رئيس شرطة بريطانيا فى عرض نشاطات الشرطة فى تقريب وجهات النظر مع المسلمين بجميع توجهاتهم و شرح لفضيلته دور الشرطة فى حماية شرائح المجتمع البريطانى و من بينهم المسلمين .. إلا ان الشيخ طلب منه خلق جو متكافئ بين هذه الشرائح و كذلك إشراك كافة عناصر المجتمع و عدم تهميشها , و لا يتوقف الامر على ذلك بل هناك ضرورة كبيرة لإبراز أهمية دور العائلة و جعلها ركيزة أساسية لحماية الشباب من التطرف او الانحراف .
و أضاف الشيخ قائلا فى اجتماع مطول مع رئيس الشرطة البريطانية ” ان الشرطة يجب ان تولى أهمية كبيرة فى الحوار مع الشباب و تثقيفهم لأن الشباب أساس العلاقة فى المجتمع ” .
الآلاف في ” أدب الاختلاف “
و فى محاضرة بعنوان ” أدب الإختلاف ” قام فيها الداعية الأمريكى المعروف حمزة يوسف بدور المترجم , حيث جمع اللقاء بين الشيخ عبد الله بن بيه و عدد كبير من المسلمين و غير مسلمين فى قاعة بقلب بريطانيا قال أحد الحضور انها امتلأت عن آخرها .. حيث بدأ الشيخ المحاضرة بالتذكير بأن الاختلاف هو من طبيعة الحياة و سنن الله في الكون ، فلكل شيء في الكون تميزه الذي يجعله منفردا ً ، و كما تختلف أذواق الناس و مشاربهم و ألوانهم فكذلك تختلف أفهامهم و آرائهم ، ثم عقب الشيخ بذكر أمثلة من اختلاف الصحابة و السلف وكيف أنه كان اختلافاً ” حميدا ً ” ، لما يتوافر في من صفاء للنفس و تخلص من حب الانتصار للهوى و بحث صادق ٍ عن الحق .بعد ذلك تحدث الشيخ عن أسباب اختلاف العلماء و رده أساسا ً إلى جملة أمور ٍ منها : الإختلاف في تأويل النص و فهمه ، و الاختلاف في الإسناد و المتن بالنسبة للحديث ، و تطبيق القواعد الفقهية إلى غير ذلك من العوامل التي يعرفها المختصون ، و ختم الشيخ محاضرته بنصيحة للمسلمين في بريطانيا باتساع الصدور و قبول الاختلاف الذي يسنده دليل و تعضده حجة ، و التماس العذر لبعضهم البعض حتى يتضامنوا مع بعضهم و ينفتحوا على غيرهم ، بعد ذلك فتح المجال للأسئلة و أجاب عنها الشيخ .
كما قام الشيخ الثلاثاء بزيارة للكلية الإسلامية في لندن و كان في استقباله إدارة الكلية و طلابها ، و قد قام الشيخ رفقتَهم بجولة تعريفية في مرافق الكلية ، و بعد ذلك ألقى الشيخ كلمة عن منهجية التعامل مع القرآن و أهمية استشعار عظمته ، ضارباً امثلة من تعامل سلف الأمة مع كتاب الله و اهتمامه بحفظه و معرفة معانية و إتقانه لفظا ً و معنى .
لقاء مثمر مع المدعى العام البريطانى
و فى لقاء وصف بالمثمر أكد الشيخ العلامة عبد الله بن بيه على أهمية ” فهم الغرب للمسلمين و للحضارة الإسلامية ” و ذلك فى مستهل زيارته للمملكة المتحدة و فى لقاءه مع المدعى العام البريطاني ” مايك أوبراين ” وهو أعلى شخصية قضائية في بريطانيا ) ” قال الشيخ بن بيه ” ان الجسور لا تبنى إلا بالحوار و فهم الآخـر ” و ضروري ان يبادر الغرب للتعرف على المسلمين و احتياجاتهم و الاعتراف الكامل بوجودهم و تأثيرهم فى المجتمع البريطاني .. و امتد الحوار مع ” أوبراين ” فى قضايا فرعية و أساسية حول المسلمين و ضرورة استيعابهم و تطوير العلاقة معهم ..
فى الختام مانشستر وليفربول
و فى ختام جولاته القى الشيخ بن بيه محاضرتين اخريين في ختام زيارته في كل من مانشستر و ليفربول شاركه فيها كل من الشيخ زيد شاكر والداعية الإسلامي حمزة يوسف حيث حث الشيخ المسلمين على تماسك بدينهم وهويتهم مع الاندماج في مجتمعهم البريطاني في نفس الوقت . موضحا ان الاسلام دين عالمي وانه يحث إتباعه على التفاعل الحضاري مع الحياة بعيدا عن الانغلاق والتزمت والعزلة.
و من هذه اللقاءات يتضح لنا أمرين : أولها إقبال الغرب على التعرف على المنهج الوسطى و قيادات التيار الإسلامي المعتدل , ثانيها خط سير هذا التيار هذا الخط الممثل فى تحركات بعض قياداته العالمية أمثال الشيخ القرضاوى و نائبه عبد الله بن بيه , و بلا شك لن تكتمل رغبة الغرب فى التعرف الكامل على المسلمين الا من خلال فكر قادتهم , و كذلك لن يكتمل اندماج المسلمين فى المجتمع الغربي إلا بإرشادات و توجهات هذه القيادات .