ارشيف ل April, 2020

مواد متنوعة حول وباء كوفيد19

مجلس الإمارات للإفتاء: يَحْرُمُ تواجد مريض كورونا بالأماكن العامة.

التصور الإسلامي للتعامل مع الأوبئة

أسرة “حلف الفضول الجديد” تعلن تضامنها مع المتضررين من كورونا

الإمارات للإفتاء يعقد اجتماعه عن طريق الأتصال المرئي ويناقش خمسة مستجدات فقهية تتعلق بشهر رمضان.

فتوى في نازلة ( فيروس كوفيد – 19 (كورونا) ومايتعلق به من أحكام.

الأحكام الشرعية لبعض العبادات الرمضانية المتعلقة بمرض فيروس كوفيد – 19 (كورونا المستجد)

بالإيمان بالله والتراحم نتجاوز الأزمات

ما حكم تعجيل الزكاة بأكثر من شهر أو شهرين لتلبية احتياجات الظروف الراهنة؟

ما حكم الإفطار في رمضان للوقاية من مرض كورونا المستجدّ؟

 

 

مقدمة ابن رشد الأصولية – نظم وزيادات العلامة عبدالله بن بيه

  This image has an empty alt attribute; its file name is نظم-العلامة-الشيخ-عبدالله-بن-بيه-v12-pdf-791x1024-2.jpg  
 

النظم بي دي اف – PDF

 
     

ما حكم تعجيل الزكاة بأكثر من شهر أو شهرين لتلبية احتياجات الظروف الراهنة؟

ما حكم تعجيل الزكاة بأكثر من شهر أو شهرين لتلبية احتياجات الظروف الراهنة؟

الجواب:

في ظلّ الظروف الاقتصادية الحالية بسبب مرض كورونا يجوز تعجيل الزكاة وكذلك يجوز تعجيل زكاة الفطر لأول رمضان.

 

المستند الشرعي للفتوى:

الأصل أن تُؤدّى زكاة المال البالغ نصابًا عند حولان الحول عليه، ويجوز تعجيلها بعد ملك النصاب وقبل الحول باتفاق المذاهب الأربعة، وإنَّما اختلفوا في تحديد الزمن الذي يمكن أن تعجّل فيه:

فذهب المالكية: إلى جواز تقديمها قبل الحول بشهر ونحوه، قال ابن عبد البر في الاستذكار:” قال مالك وأصحابه: لا يجوز تعجيل الزكاة قبل الحول إلا بيسير، والشهر ونحوه عندهم يسير” الاستذكار (6/512).

وأجازت المذاهب الثلاثة الباقية تعجيل الزكاة بعام، وبعضهم بأكثر من ذلك.

قال السرخسي من الحنفية في المبسوط: ” تعجيل الزكاة عن المال الكامل الموجود في ملكه من سائمة أو غيرها جائز عن سنة أو سنتين أو أكثر” المبسوط (2/176).

وقال الخطيب الشربيني من الشافعية في مغني المحتاج: “ويجوز تعجيلها في المال الحولي قبل تمام الحول فيما انعقد حوله؛ لأن العباس رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عيه وسلم في تعجيل صدقته قبل الحول فرخص له في ذلك. رواه أبو داوود والترمذي وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ولأنه وجب بسببين وهما النصاب والحول فجاز تقديمه على أحدهما” مغني المحتاج (1/416).

وقال ابن قدامة من الحنابلة في المغني:” (ويجوز تقدمة الزكاة) وجملته: أنه متى وجد سبب وجوب الزكاة، وهو النصاب الكامل، جاز تقديم الزكاة” المغني (2/470).

وبناء على ما سبق: فإنَّه في ظلِّ الظروف الاقتصادية الحالية بسبب مرض كورونا؛ يؤخذ بقول الجمهور في جواز تعجيل الزكاة؛ بل قد يكون التعجيل في هذه الحالة هو الأفضل؛ وذلك لمساعدة الناس على قضاء حوائجهم الشديدة والمستعجلة، وعلى هذا يحمل إذن النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس رضي الله عنه: بأن يعجل زكاته كما في الحديث المذكور آنفًا.

وكذا الحكم في تعجيل زكاة الفطر في ظل هذه الظروف: فيجوز إخراجها من أول رمضان، وهو مذهب الشافعية؛ قال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب: (ويجوز تقديم الفطرة من أول شهر رمضان لأتها تجب بسببين: صوم شهر رمضان والفطر منه؛ فإذا وجد أحدهما جاو تقديمها على الآخر؛ كزكاة المال بعد ملك النصاب وقبل الحول. ولا يجوز تقديمها على شهر رمضان لأنه تقديم على السببين فهو كإخراج زكاة المال قبل الحول والنصاب) المهذب (1/ 303).

وننبه هنا: أنَّ الأصل في الزكاة -سواء كانت زكاة المال أو زكاة الفطر-أن تصرف داخل الوطن؛ لسد احتياجات الفقراء فيه – وعبر مؤسساته الرسمية المختصة كصندوق الزكاة – عملاً بما جاء في حديث ابن عباس رضي عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم… قال: “إن الله قد افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم ……” متفق عليه، البخاري رقم (1395) ومسلم رقم (19).

وما فضل عن حاجة المحتاجين في الدولة: فإنه تنبغي المبادرة في إرساله إلى ذوي الحاجة من المسلمين عبر المؤسسات الرسمية: مثل الهلال الأحمر الإماراتي، وغيرها.

مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي

رئيس المجلس

معالي العلامة الشيخ/ عبدالله بن بيه

سعادة الدكتور/ عمــــــــــــر الدرعي-عضواً               فضيلة الدكتــور/ أحمد الحداد-عضواً

فضيلة/ د. ســـــــــالم محمد الدوبي-عضــواً                فضيلة/ شــــــمَّــة يوسف الظاهري-عضواً               

فضيلة/ أحمد محمد الشـــــــــــــحي -عضواً                 فضيلة الدكتورة/ أماني لوبيس-عضواً

فضيلة/ د. عبدالله محمد الأنصاري-عضواً               فضيلة/ حـــمـــــــزة يوسف هانسن-عضواً

المستشار الدكتور/ إبراهيم عبيد آل علي-عضواً

ما حكم صلاة العيد في البيوت خلف إمام المسجد أو المذياع أو التلفاز أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

السؤال الرابع:

ما حكم صلاة العيد في البيوت خلف إمام المسجد أو المذياع أو التلفاز أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

الجواب:

في ظل الإجراءات الاحترازية الحالية، نفتي  بأن يصلي الناس العيدَ في بيوتهم، فرادى أو جماعات، بدون خطبة.

 

المستند الشرعي للفتوى:

صلاة العيد سنة مؤكدة عند مالك والشافعي وفرض كفاية عند أحمد وواجبة لدى الأحناف، والأصل فيها: أن تصلّى في المصليات، إلا في مكة المكرمة، واختار الشافعي صلاتها في المساجد مطلقًا، كما الأصل: أن تصلّى جماعةً، إلا أنَّ الجمهور اتفقوا على جواز صلاتها في البيوت عند وجود مانع أو عند فواتها؛ قال الخرشي في شرح مختصر خليل: “يستحب لمن فاتته صلاة العيد مع الإمام أن يصليها، وهل في جماعة، آو أفذاذًا؟ قولان” حاشية الخرشي وحاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (1/389).

وقال ابن قدامة في المغني: “وهو مخير، إن شاء صلاها وحده، وإن شاء صلاها جماعة” المغني لابن قدامة (2/190).

وننبه هنا إلى: أنَّ المراد بصلاتها جماعة في مثل هذه الظروف: أداؤها مع أهل بيته؛ كما قال ابن حبيب المالكي: “من فاتته العيد فلا بأس أن يجمعها مع نَفَر من أهله” شرح التلقين في الفقه المالكي (3/26)؛ لأنَّ الدعوة للتجمع في مثل هذه الظروف ولو للصلاة حرام شرعًا؛ لما فيها من تعريض حياة الناس للخطر والمهالك.

 

مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي

رئيس المجلس

معالي العلامة الشيخ/ عبدالله بن بيه

سعادة الدكتور/ عمــــــــــــر الدرعي-عضواً               فضيلة الدكتــور/ أحمد الحداد-عضواً

فضيلة/ د. ســـــــــالم محمد الدوبي-عضــواً                فضيلة/ شــــــمَّــة يوسف الظاهري-عضواً               

فضيلة/ أحمد محمد الشـــــــــــــحي -عضواً                 فضيلة الدكتورة/ أماني لوبيس-عضواً

فضيلة/ د. عبدالله محمد الأنصاري-عضواً               فضيلة/ حـــمـــــــزة يوسف هانسن-عضواً

المستشار الدكتور/ إبراهيم عبيد آل علي-عضواً

ما حكم إقامة صلاة الجمعة في البيوت أو خلف التلفاز والمذياع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي       (فيسبوك -إنستغرام … )؟

 

السؤال الثالث:

ما حكم إقامة صلاة الجمعة في البيوت أو خلف التلفاز والمذياع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي       (فيسبوك -إنستغرام … )؟

الجواب:

  • لا تصحُّ إقامة الجمعة في البيوت، ولا صلاتُها في البيوت اقتداءً بمن يصليها عبر البث المباشر.
  • يجب على الجميع صلاة الظهر في بيوتهم، بدلاً من صلاة الجمعة.
  • يجب على الجميع الالتزام بكل التعليمات الصحية والتنظيمية الصادرة عن الجهات المختصة في الدولة، بالإضافة إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع انتقال المرض وانتشاره، ولا يجوز شرعًا مخالفتها بأي حالٍ من الأحوال.

 

 

المستند الشرعي للفتوى:

للجمعة هيئتها المخصوصة المفارقة لهيئة الصلوات الخمسة، والتي إنَّما تقام عند حصولها وتسقط عند عدمها، فيحرمُ اللجوء إلى الصّور الشاذة الملفّقة المخالفة لجميع المذاهب، والتي لا تبرأ بها الذمة.

وقد جاءت الرخصة الشرعية بأداء الظهر بدلاً عن الجمعة عند وجود المانع من المجيء إلى المسجد بسبب المطر أو غير ذلك من الأعذار؛ ففي الصحيحين عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال لمؤذنه في يوم مطير: (إذا قلت أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، فلا تقل حيّ على الصلاة، قل: “صلوا في بيوتكم”، فكأن الناس استنكروا، قال: فعله من هو خير مني، إنّ الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشون في الطين والدحض) رواه البخاري برقم (901) ومسلم برقم (699)، فرخص لهم في ترك الجمعة وأداء الظهر بدلاً عنها.

كما نُذكّر بوجوب التقيّد بأوامر ولي الأمر بمنع الاجتماعات، وتوقيف الاجتماع لصلاة الجماعة والجمعة، لوجود العذر المانع من إقامتها؛ حفاظًا على حياة الناس وسلامتهم، والوقاية من انتشار المرض المعدي عند اجتماع الناس في المساجد أو غيرها؛ فإنَّ ضروري الحياة مقدّم على فروع ضروري الدّين وجزئياته.

مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي

رئيس المجلس

معالي العلامة الشيخ/ عبدالله بن بيه

سعادة الدكتور/ عمــــــــــــر الدرعي-عضواً               فضيلة الدكتــور/ أحمد الحداد-عضواً

فضيلة/ د. ســـــــــالم محمد الدوبي-عضــواً                فضيلة/ شــــــمَّــة يوسف الظاهري-عضواً               

فضيلة/ أحمد محمد الشـــــــــــــحي -عضواً                 فضيلة الدكتورة/ أماني لوبيس-عضواً

فضيلة/ د. عبدالله محمد الأنصاري-عضواً               فضيلة/ حـــمـــــــزة يوسف هانسن-عضواً

المستشار الدكتور/ إبراهيم عبيد آل علي-عضواً

ما حكم صلاة التراويح في البيوت خلف إمام المسجد أو المذياع أو التلفاز أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

ما حكم صلاة التراويح في البيوت خلف إمام المسجد أو المذياع أو التلفاز أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

الجواب:

في ظل الإجراءات الاستثنائية الحالية، ووضعية الوباء الذي يهدّد أرواح الناس وصحتهم، نُفْتي بأن يصلّيَ الناسُ التراويح في بيوتهم فرادى أو جماعات حيث يؤمُّ الرّجل أهل بيته بما يحفظ من القرآن الكريم أو بالمصحف.

أو جماعات يؤم الرجل أهل بيته، بما معه من القرآن الكريم، أو بالقراءة من المصحف الشريف.  

المستند الشرعي للفتوى:

في ظلّ الإجراءات الاحترازية الحالية التي أدّت إلى إغلاق المساجد مؤقتاً لا يتحقق المطلوب من متابعة الإمام والائتمام به؛ فلذلك نفتي: بأن يصلي الناس في بيوتهم فرادى أو جماعات يؤم الرجل أهل بيته، بما معه من القرآن الكريم، أو بالقراءة من المصحف الشريف.  

إلا أنَّه في الظروف العادية يصحُّ أن تؤدى صلاة التراويح في البيوت جماعة أو فردى بلا خلاف بين أهل العلم، كما يصحُّ فيها الاقتداء بالإمام من خلال التقنيات الحديثة التي تنقل الصورة أو الصوت، بشرط أمن انقطاع البث إبّان الصلاة عادةً، وذلك أخذًا بالصحيح من مذهب الإمام مالك في جواز الاقتداء بالصوت دون الرؤية وبالرؤية دون الصوت، وعدم اشتراط اتصال الصفوف، حيث يصحُّ الاقتداء بالإمام مع وجود حاجز أو مسافة بينه وبين المؤتمّ، ما دامت إحدى وسيلتَيْ الارتباط مضمونةً وهي الرؤية أو السماع مع مراعاة اتحاد الزمان والمكان (أي المدينة الواحدة).

فقد جاء في المدونة أنَّه قال: (وقال مالك: لو أن دورًا محجورًا عليها صلى قوم فيها بصلاة الإمام في غير الجمعة فصلاتهم تامة؛ إذا كان لتلك الدور كوى أو مقاصير يرون منها ما يصنع الناس والإمام، فيركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فذلك جائز، وإن لم يكن لها كوى ولا مقاصير يرون منها ما تصنع الناس والإمام إلا أنهم يسمعون الإمام فيركعون بركوعه ويسجدون بسجوده؛ فذلك جائز) المدونة (1/175-176)، وقال خليل في المختصر: (واقتداء به -أي بمسمع – أو برؤية وإن بدار) مختصر خليل (1/41).

مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي

رئيس المجلس

معالي العلامة الشيخ/ عبدالله بن بيه

سعادة الدكتور/ عمــــــــــــر الدرعي-عضواً               فضيلة الدكتــور/ أحمد الحداد-عضواً

فضيلة/ د. ســـــــــالم محمد الدوبي-عضــواً                فضيلة/ شــــــمَّــة يوسف الظاهري-عضواً               

فضيلة/ أحمد محمد الشـــــــــــــحي -عضواً                 فضيلة الدكتورة/ أماني لوبيس-عضواً

فضيلة/ د. عبدالله محمد الأنصاري-عضواً               فضيلة/ حـــمـــــــزة يوسف هانسن-عضواً

المستشار الدكتور/ إبراهيم عبيد آل علي-عضواً

 

 

ما حكم الإفطار في رمضان للوقاية من مرض كورونا المستجدّ؟

السّؤال الأول: ما حكم الإفطار في رمضان للوقاية من مرض كورونا المستجدّ؟

الجواب:

–       يجوز للمصاب بفيروس كورونا أن يفطر عندما تظهر عليه الأعراض الأولى للمرض، أما إذا أخبره الطبيب أن الصوم سيفاقم مرضه فإن الصوم حينئذ يصبح غير جائز ويتعيّن عليه الفطر.

–       يجوز للكوادر الطبية التي تشرف على المرضى (من أطباء وممرضين ومسعفين ونحوهم)، الذين يمثلون الخط الأمامي في مواجهة هذا الوباء أن يفطروا في أيام عملهم؛ إن كانوا يخافون أن يؤدي صومهم إلى ضعف مناعتهم أو تضييع مرضاهم.

–     يرخص لكبار السن الذین یعانون من الأمراض المزمنة أو الأمراض التنفسیة أو يشق عليهم الصوم بالإفطار في رمضان

–       يجب على الجميع قضاء عدد الأيام التي أفطروها بعد رمضان وبعد زوال عذر الإفطار.

–       المعتمدُ في تحديد مستوى المرض وخطورته، على أهل الخبرة من الأطباء والجهات الحكومية المختصّة. 

–       أما غير المرضى وذوي الأعذار (أي: المريض، والمسافر، وكبير السن الهرم الذي يشق عليه الصيام ويكتفي بالإطعام، وصغير السن غير المخاطب) فهم على حكمهم المعلوم من وجوب الصيام؛ امتثالاً لقول الله سبحانه وتعالى: “فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” سورة البقرة، آية رقم: 185.

 

المستند الشرعي للفتوى:

الصيام شعيرة من أعظم الشعائر التي يتقرب بها إلى الله تعالى، وهو أحد أركان الإسلام ومظهر من مظاهر استسلام المسلم لأمر الله تعالى وامتثال أوامره في الظاهر والباطن، والترقي في مدراج الإحسان بالانقطاع عن الشهوات الحسية والمادية.

قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” سورة البقرة، آية رقم: 183. ويفيد معنى: “كُتِب” في الآية الوجوب، والصيام الواجب على كلّ مكلف هو صيام شهر رمضان لقوله تعالى: ” فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” سورة البقرة، آية رقم: 185.

وقد رخّص تعالى لذوي الأعذار بالإفطار في شهر رمضان وأمرهم بالقضاء في غيره من شهور السنة فقال: “وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ” سورة البقرة، آية رقم: 184.

ولرمضان هذه السنة خصوصيته، حيث يحلّ على العالم وهو يواجه انتشار فيروس كورونا المستجد الذي فشا فشوا عظيمًا فأصاب الملايين من الناس، وحصد أرواح الآلاف، وهو وباء جديد ما زالت البحوث العلمية لم تحط بعد بجميع جوانبه وخصائصه، كأسباب انتشاره، ومدد كمونه، وأنماط ظهور أعراضه.

كل ذلك يستوجب تجديد النظر في بعض أحكام الصيام، والمصير إلى الرخص والأخذ بالأخفِّ، بإعمال مقصد التيسير النّاظم لكل مناحي الشريعة، كما دلّت عليه النصوص الكثيرة منها: قوله تعالى:”لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهاَ” سورة البقرة، آية رقم: 286، وقوله: “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” سورة الحج، آية رقم:87، وقوله: “يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَـانُ ضَعِيفاً” سورة النساء، آية رقم: 28، وقوله: “مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” سورة المائدة، آية رقم: 6.

وفي الحديث:”…بُعِثتُ بالحَنِيفية السمحة…” مسند برقم: أحمد266، وفيه “يسروا ولا تعسروا…” رواه البخاري برقم : (69) ومسلم برقم: (1734)، وحديث: “إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين”، رواه البخاري برقم :(220)، والنسائي برقم: (56)، وأحمد في مسنده برقم: (7799) واللفظ له، وحديث: “ما خُيِّرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُما أَيْسَرُ من الآخَرِ إلاّ اخْتَار أَيْسَرَهُما مَا لَمْ يُكنْ إِثْمًا؛ فَإنْ كَانَ إِثْماً كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ” رواه البخاري برقم :(6126) واللفظ له، ومسلم برقم: (2327)، كما جاء في الحديث :”إنَّ الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه” رواه ابن حبان في صحيحه برقم :(354).

وهذا المقصد العام، جاء التنصيص على اعتباره في باب الصوم، بقوله تعالى “فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يريد بكم العسر” سورة البقرة، آية رقم: 185.

فقد أسقط الشارع وجوب الصوم عن المريض والمسافر؛ وقال العلماء: إنَّ للمريض مرضًا خفيفًا أن يفطر، ويندب له الفطر إذا كان فيه عليه مشقة؛ قال ابن يونس: “قال في المجموعة عن أشهب في مريض لو تكلّف الصوم لقدر عليه أو الصلاة قائمًا لقدر إلا أنه بمشقة وتعب: فليفطر ويصلّ جالسًا، ودين الله يُسْرٌ، قال مالكٌ رأيتُ ربيعة أفطر في مرض لو كان غيره لقلتُ يقوى على الصوم، وإنما ذلك بقدر طاقة الناس” مواهب الجليل لشرح مختصر خليل (3/383).

فالمريض لا يخلو من أربع حالات:

  • إمَّا أن يكون مرضه شديدًا يضرُّ بالنفس أو يؤدي إلى الهلاك أو يقاربه؛ فهذا أجمع العلماء على سقوط الصوم عنه.
  • وإمَّا أن يكون مرضه خفيفًا يمكن معه الصوم بدون مشقة وبدون أن يؤثر على المرض بزيادة أو تأخر برء أو نشوء مرض جديد؛ فهذا يجب عليه الصوم عند الجمهور خلافًا لجماعة من العلماء.
  • وإمَّا أن يكون مرضه متوسطًا يمكن معه الصوم بمشقة؛ فيجوز لصاحبه الإفطار، ويندب له الأخذ بالرخصة.
  • وإمَّا أن يكون المريض يخشى إن هو صامَ زيادة مرضه أو تأخُّر برئه أو حدوث علّة أخرى فيه؛ فالأرجح أنَّه: يجب عليه الإفطار، ومن باب أولى الذي يخشى تلفًا: كتعطيل حاسة أو عضو أو أذى شديدًا.

كما ألحقوا بالمريض كذلك الصحيح الخائف من حدوث المرض خوفًا غالًبا؛ وهذا قول في المذهب المالكي، تخريجًا على الرخصة في التيمم، جاء في حاشية العدوي على شرح الخرشي للمختصر: “تنبيه: أَفْهَمَ قولهُ بمرض أنَّ خوف أصل المرض ليس حكمه كذلك وهو كذلك على أحد القولين، إذ لعله لا ينزل به، والآخر يجوز، أقول: حيث كان يرجع لأهل المعرفة أو غير ذلك فيظهر أن الراجح أنّه كذلك” حاشية العدوي (1/452).  

وهو مذهب أبي حنيفة؛ فقد قال ابن عابدين في حاشيته عند قول صاحب الدر: (وصحيح خاف المرض) ما نصه: “(أي: بغلبة الظن، فما في شرح المجمع من أنه لا يفطر محمول على أنَّ المراد بالخوف مجرد الوهم، كما في البحر والشّرنبلالية) ” رد المحتار على الدر المختار (2/422)، كما نقل ابن عابدين عن علماء الأحناف: أنّ التمريض عذر مبيح للفطر فقال: “قوله: (خاف الزيادة) أو إبطاء البرء أو فساد عضو. بحر. أو وجع العين أو جراحة أو صداعًا أو غيره، ومثله ما إذا كان يمرض المرضى. قهستاني ط[1]:  أي بأن يعولهم ويلزم من صومه ضياعهم وهلاكهم لضعفه عن القيام بهم إذا صام” رد المحتار على الدر المختار (2/422).

ومذهب الإمام أحمد بن حنبل، قال ابن قدامة: “فَصْلٌ: وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى الْمَرَضَ بِالصِّيَامِ، كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ زِيَادَتَهُ فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ خَوْفًا مِمَّا يَتَجَدَّدُ بِصِيَامِهِ، مِنْ زِيَادَةِ الْمَرَضِ، وَتَطَاوُلِهِ، فَالْخَوْفُ مِنْ تَجَدُّدِ الْمَرَضِ فِي مَعْنَاهُ” المغني (6/202).

 

مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي

رئيس المجلس

معالي العلامة الشيخ/ عبدالله بن بيه

سعادة الدكتور/ عمــــــــــــر الدرعي-عضواً               فضيلة الدكتــور/ أحمد الحداد-عضواً

فضيلة/ د. ســـــــــالم محمد الدوبي-عضــواً                فضيلة/ شــــــمَّــة يوسف الظاهري-عضواً               

فضيلة/ أحمد محمد الشـــــــــــــحي -عضواً                 فضيلة الدكتورة/ أماني لوبيس-عضواً

فضيلة/ د. عبدالله محمد الأنصاري-عضواً               فضيلة/ حـــمـــــــزة يوسف هانسن-عضواً

المستشار الدكتور/ إبراهيم عبيد آل علي-عضواً

الأحكام الشرعية لبعض العبادات الرمضانية المتعلقة بمرض فيروس كوفيد – 19 (كورونا المستجد)

فتوى مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي

رقم (13) لسنة 2020م

الأحكام الشرعية المتعلقة ببعض المستجدات الفقهية

لمرض فيروس كوفيد – 19 (كورونا المستجد)

بتاريخ: (25/08/1441هـ) الموافق: (19/ 04/2020م)

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فإنَّ مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في اجتماعه الأول لسنة 2020م المنعقد يوم الأحد الواقع  في: (25/08/1441هـ)، والموافق: (19/04/2020م) قد استعرض بعض المستجدات الفقهية المتعلقة بالأوضاع الراهنة لمرض فيروس كوفيد -19 (كورونا المستجد)؛ وقد ناقشها المجلس في اجتماعه وأصدر بشأنها الفتاوى الآتية:

 

السّؤال الأول:

ما حكم الإفطار في رمضان للوقاية من مرض كورونا المستجدّ؟

الجواب:

–       يجوز للمصاب بفيروس كورونا أن يفطر عندما تظهر عليه الأعراض الأولى للمرض، أما إذا أخبره الطبيب أن الصوم سيفاقم مرضه فإن الصوم حينئذ يصبح غير جائز ويتعيّن عليه الفطر.

–       يجوز للكوادر الطبية التي تشرف على المرضى (من أطباء وممرضين ومسعفين ونحوهم)، الذين يمثلون الخط الأمامي في مواجهة هذا الوباء أن يفطروا في أيام عملهم؛ إن كانوا يخافون أن يؤدي صومهم إلى ضعف مناعتهم أو تضييع مرضاهم.

–     يرخص لكبار السن الذین یعانون من الأمراض المزمنة أو الأمراض التنفسیة أو يشق عليهم الصوم بالإفطار في رمضان

–       يجب على الجميع قضاء عدد الأيام التي أفطروها بعد رمضان وبعد زوال عذر الإفطار.

–       المعتمدُ في تحديد مستوى المرض وخطورته، على أهل الخبرة من الأطباء والجهات الحكومية المختصّة. 

–       أما غير المرضى وذوي الأعذار (أي: المريض، والمسافر، وكبير السن الهرم الذي يشق عليه الصيام ويكتفي بالإطعام، وصغير السن غير المخاطب) فهم على حكمهم المعلوم من وجوب الصيام؛ امتثالاً لقول الله سبحانه وتعالى: “فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” سورة البقرة، آية رقم: 185.

 

المستند الشرعي للفتوى:

الصيام شعيرة من أعظم الشعائر التي يتقرب بها إلى الله تعالى، وهو أحد أركان الإسلام ومظهر من مظاهر استسلام المسلم لأمر الله تعالى وامتثال أوامره في الظاهر والباطن، والترقي في مدراج الإحسان بالانقطاع عن الشهوات الحسية والمادية.

قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” سورة البقرة، آية رقم: 183. ويفيد معنى: “كُتِب” في الآية الوجوب، والصيام الواجب على كلّ مكلف هو صيام شهر رمضان لقوله تعالى: ” فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” سورة البقرة، آية رقم: 185.

وقد رخّص تعالى لذوي الأعذار بالإفطار في شهر رمضان وأمرهم بالقضاء في غيره من شهور السنة فقال: “وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ” سورة البقرة، آية رقم: 184.

ولرمضان هذه السنة خصوصيته، حيث يحلّ على العالم وهو يواجه انتشار فيروس كورونا المستجد الذي فشا فشوا عظيمًا فأصاب الملايين من الناس، وحصد أرواح الآلاف، وهو وباء جديد ما زالت البحوث العلمية لم تحط بعد بجميع جوانبه وخصائصه، كأسباب انتشاره، ومدد كمونه، وأنماط ظهور أعراضه.

كل ذلك يستوجب تجديد النظر في بعض أحكام الصيام، والمصير إلى الرخص والأخذ بالأخفِّ، بإعمال مقصد التيسير النّاظم لكل مناحي الشريعة، كما دلّت عليه النصوص الكثيرة منها: قوله تعالى:”لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهاَ” سورة البقرة، آية رقم: 286، وقوله: “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” سورة الحج، آية رقم:87، وقوله: “يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَـانُ ضَعِيفاً” سورة النساء، آية رقم: 28، وقوله: “مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” سورة المائدة، آية رقم: 6.

وفي الحديث:”…بُعِثتُ بالحَنِيفية السمحة…” مسند برقم: أحمد266، وفيه “يسروا ولا تعسروا…” رواه البخاري برقم : (69) ومسلم برقم: (1734)، وحديث: “إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين”، رواه البخاري برقم :(220)، والنسائي برقم: (56)، وأحمد في مسنده برقم: (7799) واللفظ له، وحديث: “ما خُيِّرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُما أَيْسَرُ من الآخَرِ إلاّ اخْتَار أَيْسَرَهُما مَا لَمْ يُكنْ إِثْمًا؛ فَإنْ كَانَ إِثْماً كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ” رواه البخاري برقم :(6126) واللفظ له، ومسلم برقم: (2327)، كما جاء في الحديث :”إنَّ الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه” رواه ابن حبان في صحيحه برقم :(354).

وهذا المقصد العام، جاء التنصيص على اعتباره في باب الصوم، بقوله تعالى “فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يريد بكم العسر” سورة البقرة، آية رقم: 185.

فقد أسقط الشارع وجوب الصوم عن المريض والمسافر؛ وقال العلماء: إنَّ للمريض مرضًا خفيفًا أن يفطر، ويندب له الفطر إذا كان فيه عليه مشقة؛ قال ابن يونس: “قال في المجموعة عن أشهب في مريض لو تكلّف الصوم لقدر عليه أو الصلاة قائمًا لقدر إلا أنه بمشقة وتعب: فليفطر ويصلّ جالسًا، ودين الله يُسْرٌ، قال مالكٌ رأيتُ ربيعة أفطر في مرض لو كان غيره لقلتُ يقوى على الصوم، وإنما ذلك بقدر طاقة الناس” مواهب الجليل لشرح مختصر خليل (3/383).

فالمريض لا يخلو من أربع حالات:

  • إمَّا أن يكون مرضه شديدًا يضرُّ بالنفس أو يؤدي إلى الهلاك أو يقاربه؛ فهذا أجمع العلماء على سقوط الصوم عنه.
  • وإمَّا أن يكون مرضه خفيفًا يمكن معه الصوم بدون مشقة وبدون أن يؤثر على المرض بزيادة أو تأخر برء أو نشوء مرض جديد؛ فهذا يجب عليه الصوم عند الجمهور خلافًا لجماعة من العلماء.
  • وإمَّا أن يكون مرضه متوسطًا يمكن معه الصوم بمشقة؛ فيجوز لصاحبه الإفطار، ويندب له الأخذ بالرخصة.
  • وإمَّا أن يكون المريض يخشى إن هو صامَ زيادة مرضه أو تأخُّر برئه أو حدوث علّة أخرى فيه؛ فالأرجح أنَّه: يجب عليه الإفطار، ومن باب أولى الذي يخشى تلفًا: كتعطيل حاسة أو عضو أو أذى شديدًا.

كما ألحقوا بالمريض كذلك الصحيح الخائف من حدوث المرض خوفًا غالًبا؛ وهذا قول في المذهب المالكي، تخريجًا على الرخصة في التيمم، جاء في حاشية العدوي على شرح الخرشي للمختصر: “تنبيه: أَفْهَمَ قولهُ بمرض أنَّ خوف أصل المرض ليس حكمه كذلك وهو كذلك على أحد القولين، إذ لعله لا ينزل به، والآخر يجوز، أقول: حيث كان يرجع لأهل المعرفة أو غير ذلك فيظهر أن الراجح أنّه كذلك” حاشية العدوي (1/452).  

وهو مذهب أبي حنيفة؛ فقد قال ابن عابدين في حاشيته عند قول صاحب الدر: (وصحيح خاف المرض) ما نصه: “(أي: بغلبة الظن، فما في شرح المجمع من أنه لا يفطر محمول على أنَّ المراد بالخوف مجرد الوهم، كما في البحر والشّرنبلالية) ” رد المحتار على الدر المختار (2/422)، كما نقل ابن عابدين عن علماء الأحناف: أنّ التمريض عذر مبيح للفطر فقال: “قوله: (خاف الزيادة) أو إبطاء البرء أو فساد عضو. بحر. أو وجع العين أو جراحة أو صداعًا أو غيره، ومثله ما إذا كان يمرض المرضى. قهستاني ط[1]:  أي بأن يعولهم ويلزم من صومه ضياعهم وهلاكهم لضعفه عن القيام بهم إذا صام” رد المحتار على الدر المختار (2/422).

ومذهب الإمام أحمد بن حنبل، قال ابن قدامة: “فَصْلٌ: وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى الْمَرَضَ بِالصِّيَامِ، كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ زِيَادَتَهُ فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ خَوْفًا مِمَّا يَتَجَدَّدُ بِصِيَامِهِ، مِنْ زِيَادَةِ الْمَرَضِ، وَتَطَاوُلِهِ، فَالْخَوْفُ مِنْ تَجَدُّدِ الْمَرَضِ فِي مَعْنَاهُ” المغني (6/202).

 

 

السؤال الثاني:

ما حكم صلاة التراويح في البيوت خلف إمام المسجد أو المذياع أو التلفاز أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

الجواب:

في ظل الإجراءات الاستثنائية الحالية، ووضعية الوباء الذي يهدّد أرواح الناس وصحتهم، نُفْتي بأن يصلّيَ الناسُ التراويح في بيوتهم فرادى أو جماعات حيث يؤمُّ الرّجل أهل بيته بما يحفظ من القرآن الكريم أو بالمصحف.

 

المستند الشرعي للفتوى:

في ظلّ الإجراءات الاحترازية الحالية التي أدّت إلى إغلاق المساجد مؤقتاً لا يتحقق المطلوب من متابعة الإمام والائتمام به؛ فلذلك نفتي: بأن يصلي الناس في بيوتهم فرادى أو جماعات يؤم الرجل أهل بيته، بما معه من القرآن الكريم، أو بالقراءة من المصحف الشريف.  

إلا أنَّه في الظروف العادية يصحُّ أن تؤدى صلاة التراويح في البيوت جماعة أو فردى بلا خلاف بين أهل العلم، كما يصحُّ فيها الاقتداء بالإمام من خلال التقنيات الحديثة التي تنقل الصورة أو الصوت، بشرط أمن انقطاع البث إبّان الصلاة عادةً، وذلك أخذًا بالصحيح من مذهب الإمام مالك في جواز الاقتداء بالصوت دون الرؤية وبالرؤية دون الصوت، وعدم اشتراط اتصال الصفوف، حيث يصحُّ الاقتداء بالإمام مع وجود حاجز أو مسافة بينه وبين المؤتمّ، ما دامت إحدى وسيلتَيْ الارتباط مضمونةً وهي الرؤية أو السماع مع مراعاة اتحاد الزمان والمكان (أي المدينة الواحدة).

فقد جاء في المدونة أنَّه قال: (وقال مالك: لو أن دورًا محجورًا عليها صلى قوم فيها بصلاة الإمام في غير الجمعة فصلاتهم تامة؛ إذا كان لتلك الدور كوى أو مقاصير يرون منها ما يصنع الناس والإمام، فيركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فذلك جائز، وإن لم يكن لها كوى ولا مقاصير يرون منها ما تصنع الناس والإمام إلا أنهم يسمعون الإمام فيركعون بركوعه ويسجدون بسجوده؛ فذلك جائز) المدونة (1/175-176)، وقال خليل في المختصر: (واقتداء به -أي بمسمع – أو برؤية وإن بدار) مختصر خليل (1/41).

 

السؤال الثالث:

ما حكم إقامة صلاة الجمعة في البيوت أو خلف التلفاز والمذياع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي       (فيسبوك -إنستغرام … )؟

الجواب:

  • لا تصحُّ إقامة الجمعة في البيوت، ولا صلاتُها في البيوت اقتداءً بمن يصليها عبر البث المباشر.
  • يجب على الجميع صلاة الظهر في بيوتهم، بدلاً من صلاة الجمعة.
  • يجب على الجميع الالتزام بكل التعليمات الصحية والتنظيمية الصادرة عن الجهات المختصة في الدولة، بالإضافة إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع انتقال المرض وانتشاره، ولا يجوز شرعًا مخالفتها بأي حالٍ من الأحوال.

 

 

المستند الشرعي للفتوى:

للجمعة هيئتها المخصوصة المفارقة لهيئة الصلوات الخمسة، والتي إنَّما تقام عند حصولها وتسقط عند عدمها، فيحرمُ اللجوء إلى الصّور الشاذة الملفّقة المخالفة لجميع المذاهب، والتي لا تبرأ بها الذمة.

وقد جاءت الرخصة الشرعية بأداء الظهر بدلاً عن الجمعة عند وجود المانع من المجيء إلى المسجد بسبب المطر أو غير ذلك من الأعذار؛ ففي الصحيحين عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال لمؤذنه في يوم مطير: (إذا قلت أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، فلا تقل حيّ على الصلاة، قل: “صلوا في بيوتكم”، فكأن الناس استنكروا، قال: فعله من هو خير مني، إنّ الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشون في الطين والدحض) رواه البخاري برقم (901) ومسلم برقم (699)، فرخص لهم في ترك الجمعة وأداء الظهر بدلاً عنها.

كما نُذكّر بوجوب التقيّد بأوامر ولي الأمر بمنع الاجتماعات، وتوقيف الاجتماع لصلاة الجماعة والجمعة، لوجود العذر المانع من إقامتها؛ حفاظًا على حياة الناس وسلامتهم، والوقاية من انتشار المرض المعدي عند اجتماع الناس في المساجد أو غيرها؛ فإنَّ ضروري الحياة مقدّم على فروع ضروري الدّين وجزئياته.

 

السؤال الرابع:

ما حكم صلاة العيد في البيوت خلف إمام المسجد أو المذياع أو التلفاز أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

الجواب:

في ظل الإجراءات الاحترازية الحالية، نفتي  بأن يصلي الناس العيدَ في بيوتهم، فرادى أو جماعات، بدون خطبة.

 

المستند الشرعي للفتوى:

صلاة العيد سنة مؤكدة عند مالك والشافعي وفرض كفاية عند أحمد وواجبة لدى الأحناف، والأصل فيها: أن تصلّى في المصليات، إلا في مكة المكرمة، واختار الشافعي صلاتها في المساجد مطلقًا، كما الأصل: أن تصلّى جماعةً، إلا أنَّ الجمهور اتفقوا على جواز صلاتها في البيوت عند وجود مانع أو عند فواتها؛ قال الخرشي في شرح مختصر خليل: “يستحب لمن فاتته صلاة العيد مع الإمام أن يصليها، وهل في جماعة، آو أفذاذًا؟ قولان” حاشية الخرشي وحاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (1/389).

وقال ابن قدامة في المغني: “وهو مخير، إن شاء صلاها وحده، وإن شاء صلاها جماعة” المغني لابن قدامة (2/190).

وننبه هنا إلى: أنَّ المراد بصلاتها جماعة في مثل هذه الظروف: أداؤها مع أهل بيته؛ كما قال ابن حبيب المالكي: “من فاتته العيد فلا بأس أن يجمعها مع نَفَر من أهله” شرح التلقين في الفقه المالكي (3/26)؛ لأنَّ الدعوة للتجمع في مثل هذه الظروف ولو للصلاة حرام شرعًا؛ لما فيها من تعريض حياة الناس للخطر والمهالك.

 

السؤال الخامس:

ما حكم تعجيل الزكاة بأكثر من شهر أو شهرين لتلبية احتياجات الظروف الراهنة؟

الجواب:

في ظلّ الظروف الاقتصادية الحالية بسبب مرض كورونا يجوز تعجيل الزكاة وكذلك يجوز تعجيل زكاة الفطر لأول رمضان.

 

المستند الشرعي للفتوى:

الأصل أن تُؤدّى زكاة المال البالغ نصابًا عند حولان الحول عليه، ويجوز تعجيلها بعد ملك النصاب وقبل الحول باتفاق المذاهب الأربعة، وإنَّما اختلفوا في تحديد الزمن الذي يمكن أن تعجّل فيه:

فذهب المالكية: إلى جواز تقديمها قبل الحول بشهر ونحوه، قال ابن عبد البر في الاستذكار:” قال مالك وأصحابه: لا يجوز تعجيل الزكاة قبل الحول إلا بيسير، والشهر ونحوه عندهم يسير” الاستذكار (6/512).

وأجازت المذاهب الثلاثة الباقية تعجيل الزكاة بعام، وبعضهم بأكثر من ذلك.

قال السرخسي من الحنفية في المبسوط: ” تعجيل الزكاة عن المال الكامل الموجود في ملكه من سائمة أو غيرها جائز عن سنة أو سنتين أو أكثر” المبسوط (2/176).

وقال الخطيب الشربيني من الشافعية في مغني المحتاج: “ويجوز تعجيلها في المال الحولي قبل تمام الحول فيما انعقد حوله؛ لأن العباس رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عيه وسلم في تعجيل صدقته قبل الحول فرخص له في ذلك. رواه أبو داوود والترمذي وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ولأنه وجب بسببين وهما النصاب والحول فجاز تقديمه على أحدهما” مغني المحتاج (1/416).

وقال ابن قدامة من الحنابلة في المغني:” (ويجوز تقدمة الزكاة) وجملته: أنه متى وجد سبب وجوب الزكاة، وهو النصاب الكامل، جاز تقديم الزكاة” المغني (2/470).

وبناء على ما سبق: فإنَّه في ظلِّ الظروف الاقتصادية الحالية بسبب مرض كورونا؛ يؤخذ بقول الجمهور في جواز تعجيل الزكاة؛ بل قد يكون التعجيل في هذه الحالة هو الأفضل؛ وذلك لمساعدة الناس على قضاء حوائجهم الشديدة والمستعجلة، وعلى هذا يحمل إذن النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس رضي الله عنه: بأن يعجل زكاته كما في الحديث المذكور آنفًا.

وكذا الحكم في تعجيل زكاة الفطر في ظل هذه الظروف: فيجوز إخراجها من أول رمضان، وهو مذهب الشافعية؛ قال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب: (ويجوز تقديم الفطرة من أول شهر رمضان لأتها تجب بسببين: صوم شهر رمضان والفطر منه؛ فإذا وجد أحدهما جاو تقديمها على الآخر؛ كزكاة المال بعد ملك النصاب وقبل الحول. ولا يجوز تقديمها على شهر رمضان لأنه تقديم على السببين فهو كإخراج زكاة المال قبل الحول والنصاب) المهذب (1/ 303).

وننبه هنا: أنَّ الأصل في الزكاة -سواء كانت زكاة المال أو زكاة الفطر-أن تصرف داخل الوطن؛ لسد احتياجات الفقراء فيه – وعبر مؤسساته الرسمية المختصة كصندوق الزكاة – عملاً بما جاء في حديث ابن عباس رضي عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم… قال: “إن الله قد افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم ……” متفق عليه، البخاري رقم (1395) ومسلم رقم (19).

وما فضل عن حاجة المحتاجين في الدولة: فإنه تنبغي المبادرة في إرساله إلى ذوي الحاجة من المسلمين عبر المؤسسات الرسمية: مثل الهلال الأحمر الإماراتي، وغيرها.

 

 وفي الختام: يدعو المجلس جميع المسلمين إلى الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء وكثرة الاستغفار، فإن الاستغفار يرفع البلاء ويزيد من القوة، كما في قوله تعالى حكاية عن هود على نبينا وعليه الصلاة والسلام: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم) سورة هود آية 52، نسأل الله تعالى أن يديم لطفه وحفظه وعافيته على دولة الإمارات، بمن فيها وما فيها، قيادة وشعبا، وأن يرفع هذا المرض عن المسلمين والعالم أجمعين، والله تعالى أعلم.

 

 

مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي

رئيس المجلس

معالي العلامة الشيخ/ عبدالله بن بيه

سعادة الدكتور/ عمــــــــــــر الدرعي-عضواً               فضيلة الدكتــور/ أحمد الحداد-عضواً

فضيلة/ د. ســـــــــالم محمد الدوبي-عضــواً                فضيلة/ شــــــمَّــة يوسف الظاهري-عضواً               

فضيلة/ أحمد محمد الشـــــــــــــحي -عضواً                 فضيلة الدكتورة/ أماني لوبيس-عضواً

فضيلة/ د. عبدالله محمد الأنصاري-عضواً               فضيلة/ حـــمـــــــزة يوسف هانسن-عضواً

المستشار الدكتور/ إبراهيم عبيد آل علي-عضواً

[1]  ط: حاشية الطحطاوي على الدر.

 

الإمارات للإفتاء يعقد اجتماعه عن طريق الأتصال المرئي ويناقش خمسة مستجدات فقهية تتعلق بشهر رمضان.

ناقش مجلس الإمارات للإفتاء الإمارات للإفتاء الشرعي في اجتماعه الذي عقد عبر الاتصال المرئي في يوم الأحد الموافق 19/04/2020 العديد من المستجدات الفقهية المتعلقة بمرض فيروس كوفيد – 19 (كورونا المستجد) داعيًا إلى اغتنام فرصة الصيام لشكر الله تعالى على نعمه والدعاء بالخير لدولتنا المباركة وقيادتنا الرشيدة التي وفرت مسحًا طبيًا لجميع المواطنين والمقيمين والزائرين يعرف به الصحيح من السقيم والعليل من السليم، وقد ناقش المجلس تحت رآسة معالي  الشيخ عبدالله بن بيه خمسة مستجدات فقهية يحتاج النَّاس لمعرفة الحكم الشرعي خاصةً مع اقتراب شهر رمضان المبارك.

فقد أفتى المجلس بوجوب الصيام على الأصحاء المكلفين بوجوب الصيام؛ امتثالاً لقول الله تعالى :”فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” سورة البقرة، آية رقم :185، كما أجاز المجلس للمصاب بفيروس كوفيد – 19 (كورونا المستجد) أن يفطر عندما تظهر عليه الأعراض الأولى للمرض، أمَّا إذا أخبره الطبيب أنَّ الصوم سيفاقم مرضه فإنَّه يجب عليه الفطر في هذه الحالة، على أنَّ المعول عليه في تحديد مستوى المرض وخطورته هم أهل الخبرة من الأطباء والجهات الحكومية المختصَّة، وقد رخَّص المجلس في فتواه للكوادر الطبية الذين يمثلون الخط الأمامي في مواجهة هذا الوباء: أن يفطروا في أيام عملهم إن كانوا يخافون أن يؤدي صومهم إلى ضعف مناعتهم أو تضييع مرضاهم؛ مستندًا في ذلك إلى مقاصد الشرع الحنيف وأقوال الأئمة من العلماء الراسخين.

وفي الفتوى الثانية التي أصدرها: ناقش المجلس صلاة التراويح في البيوت خلف إمام المسجد أو عبر البث المباشر من المذياع أو التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث بيَّن المجلس: أنَّه في ظلِّ الإجراءات الحالية ووضعية الوباء الذي يهدد أرواح النَّاس وصحتهم؛ فإنَّ على الناس أن يصلوا التراويح في بيوتهم فرادى أو أن يؤم الرجل أهل بيته بما يحفظ من القرآن الكريم أو من خلال القراءة من المصحف.

وقد تحدث المجلس عن صلاة العيد فيما لو استمرت الظروف الحالية: فقد بيَّن المجلس في الفتوى الثالثة التي صدرت عنه بأنَّ على الناس في مثل هذه الحالة أن يصلوا العيد في بيوتهم فرادى أو جماعة مع أهل بيتهم دون خطبة للعيد، وقد نصَّ العلماء على ذلك في كتبهم وهو قول جمهور العلماء؛ وقد نبَّه المجلس إلى الحذر من الدعوة إلى التجمع في مثل هذه الظروف؛ لما فيه من تعريض حياة النَّاس للخطر والمهالك، وأنَّ مثل هذه الدعوات حرامٌ شرعًا.

وجاءت الفتوى الرابعة للتأكيد على عدم صحة صلاة الجمعة في البيوت أو اقتداءً بمن يصليها عبر البث المباشر: وأنَّه يجب على الجميع صلاة الظهر في بيوتهم ظهرًا بدلاً عن الجمعة، حيث إنَّ للجمعة هيئة مخصوصة تقام عند حصولها وتسقط عند عدمها، ويحرم اللجوء إلى الصور الشاذة الملفقة المخالفة لجميع المذاهب والتي لا تبرأ بها الذمة، وذكَّر المجلس بوجوب التقيد بأوامر وليِّ الأمر بمنع الاجتماعات وتوقيف صلاة الجماعة والجمعة لوجود العذر الشرعي المانع من إقامتها؛ حفاظًا على حياة النَّاس وسلامتهم وللوقاية من انتشار المرض المعدي عند اجتماع النَّاس في المساجد؛ ذلك أنَّ ضروري الحياة مقدمٌ على ضروري الدِّين وجزئياته.

وحول أحكام زكاة المال وزكاة الفطر: فقد بيَّن المجلس في الفتوى الخامسة التي أصدرها أنَّه يجوز تعجيل الزكاة بل قد يكون تعجيلها هو الأفضل في مثل هذه الظروف التي نمرُّ بها؛ فقد أذن النبي  لعمه العباس أن يعجل زكاته (رواه أبو داوود والترمذي، وقال الحاكم: إسناده صحيح)؛ لمساعدة النَّاس على قضاء حوائجهم الشديدة والمستعجلة، كما يجوز تعجيل زكاة الفطر لأول رمضان؛ كما نصَّ على ذلك عددٌ من العلماء.

وذكَّر المجلس: أنَّ الأصل في الزكاة – سواءٌ كانت زكاة المال أو زكاة الفطر – أن تصرف داخل الوطن لسد احتياجات الفقراء فيه؛ وأن يتم تقديمها للفقراء في داخله؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما :”أنَّ النبي  … قال :”إنَّ الله افترض عليهم صدقة في أموالهم؛ تؤخذ من أغنيائهم؛ فتردُّ في فقرائهم” رواه البخاري (1395) ومسلم (19)،  مع إمكانية الاستعانة بالمؤسسات الرسمية والجمعيات الخيرية المختصة في جمع الزكاة وإيصالها إلى مستحقيها كصندوق الزكاة وغيره.

وأمَّا ما فضل عن حاجة المحتاجين في الدولة: فإنَّه تنبغي المبادرة في إرساله إلى ذوي الحاجة من المسلمين عبر المؤسسات الرسمية مثل الهلال الأحمر الإماراتي وغيره من الجمعيات الخيرية المرخصة.

وفي ختام الاجتماع: دعا مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي عموم المسلمين للالتجاء إلى الله بالدعاء وكثرة الاستغفار ، واستغلال شهر رمضان بالطاعات والقربات ومد يد العون للفقراء والمحتاجين، والتعامل مع الظروف التي نمرُّ بها بإيجابية وتفاؤل، مع الدعاء بأن يديم لطفه وحفظه وعافيته وتوفيقه على دولة الإمارات بمن فيها وما فيها قيادة وشعبًا، وأن يرفع هذا المرض عن المسلمين والعالم أجمعين.

أسرة “حلف الفضول الجديد” تعلن تضامنها مع المتضررين من كورونا

أصدر حلف الفضول الجديد الذي يقع مقره الرئيسي في واشنطن بياناً أعلن من خلاله الموقعون على هذا الحلف تعاطفهم وتضامنهم مع كل المتضررين من جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، وأشادوا بكل الجهود المبذولة للتخفيف من أضرار هذا الوباء وبخاصة ما تقوم به طواقم الرعاية الطبية من أطباء وممرضين ومتطوعين، منوهين بجهود العلماء والباحثين في المختبرات والجامعات متمنين لهم التوفيق في الوصول للدواء وللقاح في أقرب وقت.

ودعا البيان المؤمنين في العالم للتأمل في عدة نواحِ من بينها: هشاشة الإنسانية أمام ما يمكن أن ينزل بها، وضرورة التجائها إلى القوة والرحمة الإلهية، لاستلهام التوفيق والسداد في إيجاد طرق تتجاوز بها المحن والأزمات..و التفاؤل بأن هذه الجائحة ستنجلي بإذن الله.

وأكد البيان أن هذه الكوارث تشعرنا بضرورة الوحدة الإنسانية وأنه لا سبيل لإنقاذ بعضنا دون إنقاذ الجميع.. وعليه دعا البيان إلى مزيد من التعاون ما بين الدول النامية والأقل نموا لمكافحة هذه الجائحة.

ولفت البيان الى انه في هذه الظروف الحرجة يتعمق شعورنا بأننا أعضاء أسرة واحدة، هي الأسرة الإنسانية التي تتشارك في بيت واحد هو كوكب الأرض؛ هكذا تعلمنا الأزمة وهكذا تعلمنا الديانات حقيقة مناصرة الضعفاء في مجتمعاتنا مثل الفقراء والمحتاجين للطعام والمأوى.

وأوصى البيان أتباع أديان العائلة الابراهيمية وغيرهم الى ضرورة الامتثال التام للإرشادات والتعليمات الطبية والحكومية التي تضمن حفظ النفوس وتصون المصالح العامة.

وتضرع الموقعون إلى الله سبحانه وتعالى أن يرفع الغمة ويفك هذه الأزمة، وأن يرحم أهل الأرض ويوفقهم إلى الصبر والشكر، وإلى التراحم فيما بينهم والتعاون على البر والتقوى.

 

وقد صرح معالي الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس المبادرة أن تعاليم أديان العائلة الإبراهيمية تهتم بمصالح العباد في المعاش وفي المعاد ودعا معاليه الى مساعدة الدول الضعيفة والشعوب التي تحتاج إلى الإغاثة الطبية أو الغذائية العاجلة.

وأشار في هذا الصدد الى أن دولة الإمارات قدمت أروع الأمثلة في ذلك، كما أصبحت مثالاً يُشاد به في تضامنها وتعاطفها مع المحتاجين في أنحاء العالم، ودعا الجميع الى التعاون والتضامن لتجاوز هذه الجائحة والتحلي بالفضائل الانسانية التي تؤدي الى التعايش السعيد بين سكان هذا الكوكب الذي نعيش فيه.

يذكر أن الميثاق المؤسس لحلف الفضول الجديد تم التوقيع عليه في شهر ديسمبر الماضي بأبوظبي وقد حظي هذا الميثاق بترحيب كبير حيث وقع عليه ما يناهز/ 1000 / شخصية من المسؤولين الحكوميين وممثلي ديانات العائلة الإبراهيمية وغيرهم ورجال الفكر والإعلام من أكثر من/ 90 /دولة حول العالم معتبرين أن هذا الميثاق يشكل خطوة مهمة لنقل المبادرات الدينية الى مستوى التضامن العالمي لبناء عقد أخلاقي تعيش فيه الإنسانية متضامنة ومتعاونة في ظروف الكوارث كما في ظروف الرخاء.

 

بيان تضامن من أسرة حلف الفضول الجديد

 

في هذه الأيام الحرجة التي تعيشها البشرية، يتقدم موقعوا حلف الفضول الجديد برسالة تعاطف وتضامن مع كل المتضررين بجائحة كورونا وبرسالة إشادة لكل من يقومون بجهود للتخفيف من أضرارها وبخاصة طواقم الرعاية الطبية من أطباء وممرضين ومتطوعين، وننوه بجهود العلماء والباحثين في المختبرات والجامعات وندعو لهم بالتوفيق في الوصول في أقرب وقت للدواء واللقاح.

 

إن المؤمنين في هذه اللحظة الاستثنائية مدعوون للتأمل في عدة نواحٍ:

 

أولاً: نحن محتاجون لأن نتأمل في هشاشة الإنسانية أمام ما يمكن أن ينزل بها، وضرورة التجائها إلى القوة والرحمة الإلهية، مستلهمة منها التوفيق والتسديد في إيجاد طرق تتجاوز بها المحن والأزمات،

 

ثانياً: إن هذه الظروف رغم صعوبتها تجدد الأمل الذي نشعر به كمؤمنين في رحمة الله سبحانه وتعالى ورأفته بعباده. هذا الأمل المنبثق من الإيمان بالله يجعلنا نتفاءل بأن هذه الأحداث والكوارث ستنجلي وأن الإنسانية برحمة الله ستعود إلى عبادة الله والإبداع وإعمار الأرض، 

 

ثالثًا: إن هذه الكوارث تشعرنا بضرورة الوحدة الإنسانية والتذكر بأن مصيرنا مصير أهل السفينة، مصير متحد ومترابط وأنه لا سبيل لإنقاذ بعضنا دون إنقاذ الجميع ودون التعاون مع الجميع، وعليه ندعو لمزيد من التعاون مابين الدول النامية والأقل نموا لمكافحة هذه الجائحة، 

 

رابعاً: إن فعل الخير وبذل المعروف والتضامن هو السبيل لإنقاذ البشرية، ففي هذه الظروف الحرجة، يتعمق شعورنا بأننا أعضاء أسرة واحدة هي الأسرة الإنسانية التي تتشارك في بيت واحد هو كوكب الأرض، هكذا تعلمنا الأزمة وهكذا تعلمنا الديانات حقيقة مناصرة الضعفاء في مجتمعاتنا مثل الفقراء والمحتاجين للطعام والمأوى،

 

خامساً: إن هذا الفايروس الذي لا يعترف بحدود ولا يميز بين الأعراق ولا بين الفقراء والأغنياء، هو فرصة لنا لنعيد الاعتبار لقيم المساواة بين البشر ونتذكر تعاليم أديان العائلة الإبراهيمية التي ترى في كل نفسٍ مهما كانت الإنسانية بأجمعها، وتطلب إحياءها وإنقاذها من الأوبئة والإضطهاد والحروب،

 

سادساً: وبما أننا في خضم أعياد دينية كبيرة مثل أعياد الفصح عند اليهود والمسيحيين ومقبلين على شهر رمضان المبارك عند المسلمين، فإننا نوصي باتباع الإرشادات والتعليمات التي تضمن حفظ النفوس وتصون المصالح العامة،

 

ختاماً، نسأل الله سبحانه أن يرفع الغمة ويفك هذه الأزمة، وأن يرحم أهل الأرض ويوفقهم إلى الصبر والشكر وإلى التراحم فيما بينهم والتعاون على البر والتقوى.

 

بالإيمان بالله والتراحم نتجاوز الأزمات

 

 
  بالإيمان بالله والتراحم نتجاوز الأزمات  
  د.عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيه  

 

«فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» صدق الله العظيم.

تواجه البشرية في هذه الآونة إحدى الكوارث الشاملة التي عمت العالم والتي يقف أمامها في حيرة ولكن أيضاً في محاولة لمواجهتها. ولعل من المبكر أن يقدم الإنسان نتائج وعبراً من هذه الحادثة التي لا تزال ملء السمع والبصر. لكن ربما بصفة عامة يمكن أن نلاحظ الحاجة إلى هبة ضمير عالمية للتأكيد على وحدة المصير الإنساني وعلى الأخوة الإنسانية وعلى التضامن.

إن التعاطف أمر تزكيه الفطرة الإنسانية، لأن الإنسان، في وقت الأزمات، يتجدد شعوره بالانتماء إلى الأسرة الإنسانية، وبأن حياة نفس واحدة كحياة جميع الناس، وخسارتها كخسارة جميع الناس، فهذه حقيقة واحدة لا يتغير جوهرها بالكثرة ولا بالقلة. وهي حقيقة قرآنية «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً».

إن الديانات السماوية، وفي مقدمتها الدين الإسلامي، لا يقتصر طلب الإحسان فيها على المؤمنين، بل يشمل غيرهم من أبناء البشر، بل كل الأحياء «في كُل ذي كبِد رطبة أجرٌ» كما جاء في الحديث الصحيح. وتلك هي الاستعارة الجميلة لاستحقاق كل المخلوقات الحية العطف ومساعدتها على استبقاء الهدية الربانية التي هي الحياة.

فمجرد أن هذا الكائن يحمل بين جنبيه كبداً، فإنه محل تعاطف ورأفة، فالقطط والحيتان وأنواع الحيوان، وعلى رأس الهرم الإنسان، هم سكان هذه المعمورة وهم الأهل والجيران. وإن الاختلاف في الدين، كما يتوهم البعض، لا يقف عائقاً دون هذا التعاطف والتعاون في النكبات والأزمات.

لأن الحياة هي نفس الحياة والإنسان هو نفس الإنسان وآلامه وآماله هي نفس الآلام والآمال.

ونحن المسلمين، بما شرعه ديننا الإسلامي الحنيف السمح، جديرون بأن نبرز هذه القيم الفاضلة والمثل السامية. تلك رسالتنا ورسالة الأديان السماوية من عهد آدم إلى النبي الخاتم.

إننا نحتاج إلى وقفة تضامن مع الدول الضعيفة والشعوب التي تحتاج إلى الإغاثة الطبية أو الغذائية العاجلة، وقفة تتسامى عن حسابات السياسة والعلاقات الدولية إلى سقف التعاطف والترابط الإنساني. وقد ضربت دولة الإمارات العربية المتحدة المثال العملي على ذلك حيث سارعت بتقديم يد العون شرقاً وغرباً، مجسدة التضامن الذي تدعو له الأديان والأخلاق النبيلة.

إن هذه الجائحة تنبهنا إلى حاجة الكون إلى ربط الصلة بالسماء. إن الإنسان وهو يقف متحيراً أمام هول الحدث، ومتسائلاً عن أسبابه، يطرح مجموعة من الأسئلة.

وهي أسئلة تتعلق بالبحث عن سنن الكون، كيف حدث هذا الوباء وكيف يتعامل الإنسان مع هذه الأوبئة بإنتاج اللقاحات والعلاجات الملائمة، واستشراف حدوثها، والابتعاد عن المناطق الموبوءة. وليس في هذه الأسئلة شيء ينافي الاعتراف بقدرة الباري جل وعلا وقدره، بل هو كما قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب: «نَفِرُّ مِن قَدَرِ اللَّهِ إلى قَدَرِ اللَّهِ».

بل إن الإسلام يحث على البحث العلمي للتوصل للدواء. وفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ.

إن هذا الحديث أصل عظيم، ودعوة إلى تعلم الطب والبحث عن الدواء، فهو يؤكد وجود دواء لكل داء، فإذا كان الإنسان على يقين من وجود دواء للأمراض العضالية، فضلاً عن الأمراض الأخرى، فعليه أن يستقصي بحثاً، فهو لا يبحث عن شيء معدوم، لكن عن شيء موجود لم يكتشف بعد، وهذه بشرى وأمل للباحثين. وقد جمع هذا الحديث الكريم بين اتجاهين، أولهما يشير إلى مجهود الإنسان في قوله عليه الصلاة والسلام: «فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ»، وثانيهما: الاتكال على الله سبحانه وطلب التوفيق منه لأنه خالق الأشياء والهادي بمنه إلى المكتشفات، وذلك في قوله «بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ»، فالإنسان يجتهد ويبحث ويستمد التوفيق من القوة العليا الممدة والملهمة.

إن الأديان السماوية يجب أن تكون حاضرة في هذا التأمل البشري في خضم هذه الجائحة لتقديم الأمل والحث على التضامن والتحلي بالأخلاق الإنسانية التي تؤدي إلى التعايش السعيد بين سكان هذا الكوكب الذي نعيش فيه.

وفي الوقت الذي تجتاز فيه البشرية هذا الامتحان الصعب، فإن أتباع الأديان مدعوون للتعاون مع الجهات الرسمية في احترام التعليمات الطبية، وبخاصة ونحن نستقبل مواسم دينية كبرى.

ختاماً، ندعو إلى الدعاء والتضرع والاستنجاد بالقوة وباللطف والرحمة الإلهية. ونسأل الله سبحانه أن يرفع الغمة ويفك هذه الأزمة، وأن يرحم أهل الأرض، ويوفقهم إلى الصبر والشكر، وإلى التراحم فيما بينهم، والتعاون على البر والتقوى.

رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي